الحكومة اليمنية: الحوثيون يرفضون فتح مطار صنعاء رغم الضمانات

قالت إنها قدمت تنازلات... وتمسكت بالمبادرة السعودية

وزير الخارجية اليمني لدى لقائه وزيرة الخارجية البلجيكية في بروكسل (الخارجية البلجيكية)
وزير الخارجية اليمني لدى لقائه وزيرة الخارجية البلجيكية في بروكسل (الخارجية البلجيكية)
TT

الحكومة اليمنية: الحوثيون يرفضون فتح مطار صنعاء رغم الضمانات

وزير الخارجية اليمني لدى لقائه وزيرة الخارجية البلجيكية في بروكسل (الخارجية البلجيكية)
وزير الخارجية اليمني لدى لقائه وزيرة الخارجية البلجيكية في بروكسل (الخارجية البلجيكية)

أكدت الحكومة اليمنية تمسكها بالمبادرة السعودية لوقف النار في البلاد من دون تجزئة، ملمحة في الوقت نفسه إلى تعثر المساعي العمانية الرامية إلى إقناع الميليشيات الحوثية بهذه المبادرة المنسجمة مع الخطة الأممية التي تتضمن وقفاً شاملاً للنار، مع تدابير إنسانية واقتصادية تمهد للعودة إلى استئناف مفاوضات الحل السياسي.
تأكيد الحكومة اليمنية جاء في بيان لوزارة الخارجية بالتوازي مع الأنباء التي تواردت عن تعنت الحوثيين إزاء الوساطة العمانية بعد أسبوع من وجود وفد من البلاط السلطاني في صنعاء، حيث تريد الجماعة المدعومة من إيران تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية واقتصادية من بوابة الملفات الإنسانية بعيداً عن الموافقة على الوقف الشامل لإطلاق النار.
وفي حين عد بيان الحكومة اليمنية استمرار الميليشيات في استهداف المدنيين في مدينة مأرب الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المفخخة «استهتاراً كبيراً بالجهود التي تبذل لوقف الحرب وإحلال السلام في اليمن»، قالت إن «السلام الحقيقي لا يأتي بالرغبات والأماني، بل بالمواقف المسؤولة».
وأوضح البيان أن الحكومة اليمنية «تؤكد للجميع أن موقفها من موضوع فتح المطار هو موقف إيجابي وثابت بما يخدم المواطنين بقدر ثباتها في منع استخدامه كمنصة عسكرية لقتل الشعب اليمني».
وبخصوص ميناء الحديدة، أكدت الحكومة اليمنية أنها «لم تغلق ميناء الحديدة بل علقت الآلية المتفق عليها بعد نهب الحوثي لكل الإيرادات، وأن ما تطالب به هو تأمين هذه الإيرادات وضمان وصولها إلى الموظفين المدنيين وبالسعر العادل للمواطنين».
وإذ ثمن البيان اليمني كل الجهود التي بذلها ويبذلها المبعوثان الأممي والأميركي والجهود المخلصة من سلطنة عمان، أكد تمسك الحكومة بالمبادرة السعودية واعتبارها «كلاً لا يتجزأ»، حيث «إن وقف إطلاق النار ووقف استهداف المدنيين من الرجال والنساء والنازحين والأطفال (...) والتوقف عن إطلاق الصواريخ والطيران المسير على المنشآت المدنية والمساجد وسجون النساء (...) هو شأن ومطلب إنساني باعتبار أن احترام حق الحياة للناس جميعاً هو أصل العمل الإنساني وجوهره».
وأضاف البيان الذي بثته المصادر الرسمية «أن فتح الطرقات وضمان حرية الحركة للمواطنين ورفع الحصار عن المدن، وعلى رأسها مدينة تعز يقع في قلب القضايا الإنسانية، وهو من القضايا الأساسية التي تضعها الحكومة في مقدمة أولوياتها».
وفي تلميح إلى تعثر الجهود العمانية لإقناع الجماعة الحوثية بالخطة الأممية للسلام، أكدت الحكومة اليمنية لمواطنيها «ولكل العالم أن الميليشيات الحوثية ترفض فتح مطار صنعاء إلا بشروطها». وقالت إنها «قدمت تنازلات كافية وضامنة للسفر الآمن لكل المواطنين، وليس لتحويل هذا المطار لمنفذ خاص لتقديم الخدمات الأمنية والعسكرية واستقدام الخبراء».
يشار إلى أن الأسابيع الماضية شهدت حراكاً دولياً وأممياً واسعاً في مسعى لتحريك رواكد الأزمة اليمنية وإسناد الخطة الأممية التي وضعها المبعوث مارتن غريفيث، وصولاً إلى إيفاد سلطنة عمان مسؤولين إلى صنعاء لإقناع زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي بالخطة، وانتهاء بزيارة غريفيث إلى طهران للغرض ذاته، إلى جانب التحركات الدبلوماسية التي يقودها وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك لتشكيل ضغوط دولية وإقليمية على الجماعة الانقلابية.
ويوم أمس، أفادت المصادر الرسمية بأن بن مبارك بحث مع «مفوض الحماية المدنية والمساعدات الإنسانية للمفوضية الأوروبية جانيز لينارسك، الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها الميليشيات الحوثية»، مؤكداً حرص الحكومة في بلاده على التخفيف من المعاناة والأزمة الإنسانية.
ونفى وزير الخارجية اليمني للمسؤولين الأوروبيين ادعاءات الحوثيين عن وجود حصار على المساعدات الإنسانية والوقود، وأشار «إلى الاتفاق الذي عقدته الحكومة برعاية المبعوث الأممي لضمان تخصيص الإيرادات الجمركية لشحنات الوقود لتصرف لرواتب موظفي القطاع العام في الحديدة وفي المناطق الأخرى، وهو الاتفاق الذي نقضته هذه الميليشيات وقامت بنهب هذه الموارد وتسخيرها للمجهود الحربي».
ونقلت وكالة «سبأ» عن بن مبارك قوله إن «الميليشيات الحوثية تحاول تضليل المجتمع الدولي بافتعال وخلق أزمة للمشتقات النفطية في المناطق الخاضعة لسيطرتها وادعاء أن هناك حصاراً على دخول الوقود والمشتقات النفطية؛ وهي الادعاءات التي تفندها بوضوح الإحصائيات في عدد من التقارير الدولية والتي تؤكد أن كميات الوقود في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات لم تتوقف، وأنها تغطي الاستخدام المدني والإنساني».
وأضاف أن «الأزمة الإنسانية الحقيقية التي تحاول الميليشيات الحوثية غض نظر الإعلام والمجتمع الدولي عنها هي تلك الأزمة الناتجة بسبب عدوانها المستمر على مدينة مأرب التي تضم ما يقارب أربعة ملايين يمني نصفهم من النازحين الهاربين من بطش وطغيان هذه الميليشيات».
وعلى وقع طلب الحكومة اليمنية من الاتحاد الأوروبي الضغط على الميليشيات الحوثية للجنوح نحو السلام واغتنام المبادرات الأممية والمساعي الدولية والإقليمية، كان وزير الخارجية الأميركي صرح، الخميس، بأن بلاده «ستواصل الضغط على الحوثيين لقبول وقف إطلاق النار والمشاركة في مفاوضات حقيقية لحل الصراع»، مشيراً إلى قيام واشنطن بفرض عقوبات على شبكة من الشركات الوهمية والوسطاء الذين يدعمون الحوثيين بالتنسيق مع «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني.
ويقدر مراقبون يمنيون أن إرغام الحوثيين على القبول بأي خطة سلام لا بد أن يأتي من طهران، في حين يرجحون أن الدور العماني لن يكون له أثر على صعيد إنجاح الخطة الأممية ما لم تحصل الجماعة على مكاسب سياسية، مثل إطلاق يدها في عائدات موارد ميناء الحديدة والتحكم في وجهات السفر من مطار صنعاء دون قيود.
الجدير بالذكر أن الحكومة الشرعية ترحب بجهود السلام الأممية والدولية وتدعو إلى وقف شامل للقتال باعتباره مدخلاً لحل كل القضايا الإنسانية، بحسب ما جاء في تصريحات وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك خلال تحركاته الأخيرة إقليمياً ودولياً.
من جهته، أظهر زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي في أحدث خطبه عدم اكتراثه بالمقترح الأممي والمساعي الدولية لا سيما الأميركية، داعياً أتباعه إلى حشد مزيد من المقاتلين وجمع مزيد من الأموال للاستمرار في الحرب. ورهن الحوثي حدوث أي سلام، برفع القيود عن المنافذ التي تتحكم بها جماعته بما فيها مطار صنعاء وموانئ الحديدة، بعيداً عن الوقف الشامل للحرب، كما رهنها بتخلي تحالف دعم الشرعية عن الحكومة المعترف بها دولياً، بحسب ما فهم من مجمل خطابه.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».