انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»

تضم آلاف الدارسين في مناطق خارجة عن سيطرة دمشق

نص قرار جامعة إدلب
نص قرار جامعة إدلب
TT

انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»

نص قرار جامعة إدلب
نص قرار جامعة إدلب

أعلن رئيس جامعة إدلب الدكتور أحمد أبو حجر، مؤخراً، عن قرار يمنع فيه إنشاء وتشكيل مجموعات طلابية مختلطة ذكوراً وإناثاً على مواقع التواصل الاجتماعي «مهما كان السبب»، الأمر الذي قوبل بانتقاد شديد من طلاب وطالبات شمال غربي سوريا.
واقترح القرار إقامة المجموعات الطلابية المنفصلة للذكور والإناث كل على حدة «على أن يتم ذلك بإشراف وموافقة اتحاد الطلبة في الجامعة ورئاسة الجامعة، حيث يتعرض المخالفون للمساءلة القانونية».
تساءل مجموعة من الطلاب عن نوع المساءلة القانونية وأبدوا استياءهم من القرار بقولهم إنه «قرار تعسفي وغير لائق بمستوى جامعي»، وإنه ينبع عن «تعصب ويجب على جامعة إدلب أن تسعى إلى قرارات أكثر نفعاً وفائدة لهم كتخفيض القسط الجامعي».
وتتراوح تكاليف الدراسة في جامعة إدلب بين 150 إلى 250 دولاراً أميركياً للتعليم النظامي وبين 250 إلى 600 دولار أميركي للتعليم الموازي للعام الدراسي الواحد.
وأكدت الطالبة فاطمة موقفها السلبي من القرار بقولها إنه «لا يحق لأحد أن يسلب حرية أحد بهذه الطريقة المستفزة بحجة منع الاختلاط، فبالنهاية هي منصات تعليمية غايتها الوحيدة هي الإجابة عن استفسارات الطلاب ولا يحق اتخاذ أي قرار دون توضيح السبب».
كما لاقى هذا القرار موجة من السخرية والاستهزاء والتهكم عند مجموعة من الطلاب والناشطين، وقالوا إن القرار «له تبعات ثقافية ونفسية، ولا يجب أن ينحصر التفكير ضمن هذا الصندوق الضيق، فإذا كان القصد من باب الآداب العامة فهي شأن تربوي عائد إلى كل أسرة، وإذا كان من باب الحلال والحرام فهو يسيء إلى الثقافة الإسلامية في مجتمعنا والمجتمعات المختلفة».
لكن عبد الرحمن كان من مؤيدي القرار، وقال إن الاختلاط «لا يأتي بخير، وإنه يجب أن نحافظ على معتقداتنا بالانضباط بالقوانين في ظل هذا الانحلال الذي خلفته الحرب، وما تبعه من فساد وجهل لنحارب بالعلم والقانون».
وقال آخرون إن هذه الموجة ما قامت إلا أن لبثت مثل الكثير من موجات الغضب التي تعتبر ردة فعل طبيعية لأي قرار غير صائب وغير مناسب وسرعان ما تنتهي وتقتصر على إبداء الرأي دون أي نتائج.
قبل عام، كانت هناك قرارات تطالب بالالتزام بالزي المحدد ويمنع دخول أي طالبة أو عاملة للدوائر التربوية والجامعية والحكومية من دون النقاب، وتم تكليف عدد من الداعيات للمراقبة والتفتيش على الأبواب كافة، لكن يتم التخفيف من هذه الظواهر اعتقاداً أن هناك تغييرات سياسية قادمة.
يذكر أن جامعة إدلب حكومية مستقلة تابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي التابعة لحكومة الإنقاذ السورية، تم إنشاؤها في عام 2015 - 2016 عندما تمت السيطرة عليها بشكل كامل من قبل قوات المعارضة وانسحاب قوات النظام، وبسبب نقص المستوى التعليمي في مناطق المعارضة السورية وصعوبة انتقال الطلاب من محافظة إدلب إلى باقي جامعات سوريا.
وبحسب إحصاءات عن الموقع الرسمي للجامعة، تم استقبال أكثر من 4500 طالب وطالبة خلال العام الدراسي 2015 – 2016 وكان عدد الكادر التدريسي 94 من حملة الدكتوراه والماجستير.
وفي عام 2016 – 2017، وصل العدد إلى أكثر من 6500 طالب وطالبة من مختلف الكليات والمعاهد. والعدد الكلي للكادر التعليمي وصل إلى 113 من حملة الدكتوراه والماجستير.
وفي العام 2017 – 2018، وصل العدد لأكثر من 10500 طالب وطالبة، وعدد الكادر التدريسي 155 من حملة الدكتوراه والماجستير. وكان يمكن أن تستقبل الجامعة ضعف هذا العدد من الطلاب، ولكن الحالة المادية الضعيفة للشعب السوري بشكل عام أثرت على عودة الكثير من الطلاب إلى الجامعة، ورغم كل الصعوبات والظروف المحيطة من كل جانب سواءً كانت المؤثرة على الطلاب أو الكادر التدريسي والإداري، فوصل عدد الطلاب في العام الدراسي الحالي إلى ما يزيد على 15000 طالب وطالبة، وبلغ عدد الكادر التدريسي بين حملة الماجستير والدكتوراه ما يزيد على 250، والكادر الإداري يزيد على 170.
وإلى الآن لم تحصل جامعة إدلب على أي اعتراف رسمي للشهادات الصادرة عنها من أي جهات دولية. كما أن حكومة الإنقاذ لا تدعم جامعة إدلب، وأن رواتب العاملين فيها من هيئة تدريسية وكادر إداري تعتمد على أقساط الطلاب بالنسبة الأكبر، وأن الطالب إذا لم يستوف الرسوم المطلوبة منه قد يتعرض للفصل من الجامعة حتى ولو كان في قاعة الامتحان.
وعدم وجود البدائل يفرض على الطالب القاطن في إدلب أن يلتحق فيها، حيث إنها أفضل الموجود اقتصادياً، مقارنة مع الجامعات الخاصة مثل جامعة الشمال الخاصة وجامعة الشام العالمية وجامعة أكسفورد، حيث يصل القسط السنوي لبعض الأقسام إلى نحو 2000 دولار أميركي وما فوق.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.