استمرار اتهامات التعطيل بين «التيار» و«المستقبل»

احتجاجات وقطع طرقات بمستوعبات القمامة في بيروت أمس (إ.ب.أ)
احتجاجات وقطع طرقات بمستوعبات القمامة في بيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

استمرار اتهامات التعطيل بين «التيار» و«المستقبل»

احتجاجات وقطع طرقات بمستوعبات القمامة في بيروت أمس (إ.ب.أ)
احتجاجات وقطع طرقات بمستوعبات القمامة في بيروت أمس (إ.ب.أ)

تراوح الأزمة الحكومية في لبنان مكانها إثر تعثر مبادرة رئيس البرلمان نبيه بري وعودة السجالات بين الأفرقاء المعنيين، وتحديداً «التيار الوطني الحر» ورئاسة الجمهورية من جهة، و«تيار المستقبل» ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من جهة أخرى.
وبعد حرب «بيانات المصادر» بين الطرفين التي طغت يوم أول من أمس، على الأجواء، استمرت أمس الاتهامات المتبادلة بالتعطيل، فيما قالت مصادر مطلعة على المباحثات لـ«الشرق الأوسط» إن الاتصالات شهدت أمس جموداً بعد السجالات المسائية «لكن لا يمكن القول إن مبادرة الرئيس بري سقطت بحيث إنه لم يعلن أي طرف عن رفضه لها أو إيقافها»، معتبرة أنه «في الساعات المقبلة سيظهر إلى ما ستؤول إليه الأمور».
واتهم أمس النائب في «الوطني الحر» ماريو عون الحريري، بالعرقلة، وقال في حديث إذاعي: «كل الاجتماعات والمشاورات التي تحصل تكون إيجابية ومثمرة، لجهة تأكيد ضرورة تشكيل حكومة، لكنها تصطدم بأجواء سلبية من الرئيس المكلف الذي لا يرغب في التجاوب مع أي مبادرة ربما لأسباب خارجية»، مضيفاً: «الموضوع ليس عُقدة وزيرين (في إشارة إلى الوزيرين المسيحيين من خارج حصة رئيس الجمهورية) إنما هناك عراقيل يضعها الرئيس المكلف أمام أي جهود للتشكيل، لأنه لا يريد تأليف حكومة». وقال: «لا أرى أي حل في المدى المنظور، ونحن ذاهبون إلى مزيد من الانهيارات إذا ما بقيت الأمور على حالها».
في المقابل، اتهم أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري، النائب جبران باسل بالانفصام السياسي، وكتب الحريري في تغريدة له على «تويتر» قائلاً: «تعريف الانفصام السياسي: فريق يصرّح كل يوم بأنه لا يريد المشاركة في الحكومة وبأنه لن يُعطيها الثقة، ثم يضع كل يوم بالأصالة عن نفسه وبالوصاية عن غيره شروطاً ومواصفات للحكومة... مُعترض بالفطرة ويريد أن يفصّل الحكومة على قياس معارضته، فاهم الموضوع بشكل خطأ».
في موازاة ذلك انتقد «لقاء الجمهورية» الذي يرأسه رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، السباق على الحصص الوزارية، وقال في بيان له: «الإفراط في الشعبوية على حساب المنطق، ما يضاعف الضرر وخيبات الأمل»، مؤكداً أن «الحلول موجودة دائماً لكن الإرادة غير حاضرة، تنتظر مصلحة من هنا وحصة من هناك».
وسأل اللقاء: «ماذا يمكن أن يفعل الوزير المسيحي الإضافي لإنقاذ لبنان حتى يستفحل الخلاف على مرجعية تسميته، ويؤخر تشكيل الحكومة، على الرغم من تسليم الغالبية بأن الحكومة بأكملها غير قادرة على تقديم الإصلاح المطلوب في غياب السيادة الناجزة وفي عدم اعتماد سياسة خارجية محايدة تسهر على ترميم علاقات لبنان بالمجتمعين العربي والدولي؟».
واعتبر «لقاء الجمهورية» أنه «بدلاً من التفتيش عن حلول شعبوية غير مضمونة الشرعية دولياً وقانونياً، بات لزاماً على قيادة (حزب الله) الإعلان عن الالتزام الجدي لتحييد لبنان عن صراعات المحاور والاستعداد لوضع جدول زمني للتخلي عن السلاح وترك الدولة تبسط سيادتها على كامل أراضيها، كمدخل رئيسي لكل الإصلاحات».
بدوره، وصف المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، تأليف الحكومة بـ«طبخة البحص»، لأن المعنيين بهذا الأمر لا يبحثون عن مصلحة الناس، ولا يهمهم مصير البلد، ولا يعنيهم هذا الواقع المرير والمذلّ، ولا كل هذا الفقر الذي يؤشر إلى انفجار اجتماعي أصبح قريباً، حسبما قال في خطبة صلاة الجمعة. وأضاف: «البطالة تزحف نحو آخر بيت، والانحدار نحو القعر سريع ومخيف، وأزمة المحروقات قد تحرق البلد من دون بنزين، وطوابير الذل أسوأ من صاعق تفجير، والجوع يلتهم بقية الأمن، واحتكار الدواء والغذاء أخطر عدوان يمارسه خونة الداخل، والشح في مادة المازوت سبب رئيسي لدمار ما تبقى من القطاع الصناعي والزراعي، وانهيار الليرة حوّل الأسواق إلى جهنم، ولعبة وقف الدعم دون داعم إغاثي بمثابة إطلاق النار على رؤوس الناس؛ كل هذه الصورة القاتمة، تحت إشراف طبقة سياسية همها مصالحها واحتكارها، همها السلطة والتسلط والعدوان اليومي على الناس، وتدمير ما تبقى من مؤسسات الدولة، وهي مستمرة في إحراق البلد، وإيصال اللبنانيين إلى بئس المصير، على الرغم من كل الجهود الخيرة والمبادرات المباركة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».