مالي... حلبة صراع بين باريس وموسكو

شهدت 4 رؤساء و3 انقلابات عسكرية خلال أقل من 10 سنوات

مالي... حلبة صراع بين باريس وموسكو
TT

مالي... حلبة صراع بين باريس وموسكو

مالي... حلبة صراع بين باريس وموسكو

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالأمس، أن عملية «برخان» العسكرية التي يخوضها جيش بلاده في منطقة الساحل الأفريقي، بما فيها جمهورية مالي، ستنتهي في غضون أسابيع، لتتحول وفق «تغيير عميق» إلى تحالف دولي لمكافحة المتطرفين في المنطقة. وأوضح ماكرون خلال مؤتمر صحافي: «في نهاية المشاورات (...) سنبدأ تغييرا عميقا لوجودنا العسكري في منطقة الساحل»، مؤكدا نهاية «برخان» وإبدال ما سماه تحالفا دوليا يضم دول المنطقة بها.
لقد بدأ التدخل العسكري الفرنسي في منطقة الساحل في يناير (كانون الثاني) 2013، بعملية «سيرفال» لطرد تنظيم «القاعدة» من شمال مالي، لتتحول في أغسطس (آب) 2014 إلى عملية «برخان» التي يبلغ قوامها 5100 جندي فرنسي وتنشط في دول الساحل الخمس، موريتانيا ومالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو. ومما ذكره ماكرون إنه في غضون أسابيع ستعلن عن آليات وأجندة لإنهاء هذه العملية العسكرية، وتحويلها إلى قوة دعم للجيوش المحلية الراغبة في ذلك. وكان قد سبق للرئيس الفرنسي أن أعلن خلال العام الماضي رغبته في تقليص عدد القوات الفرنسية الموجودة في الساحل الأفريقي لمحاربة الجماعات الإسلامية المسلحة. كذلك هدد ماكرون بالانسحاب من مالي بعد الانقلاب الذي وقع فيها نهاية مايو (آيار) الماضي. وفي أي حال، يأتي هذا القرار في ظل تصاعد تيار مناهض للوجود العسكري في مالي وبعض دول غرب أفريقيا، ومطالب متصاعدة في مالي، بالذات، بضرورة التعاون العسكري مع روسيا.
عندما انقلب ضباط من الجيش في مالي على الرئيس الانتقالي، نهاية مايو (أيار) الماضي، خرجت مظاهرة مؤيدة لتحركهم، كان في مقدمتها شاب يرفع لافتة تطالب برحيل فرنسا التي تنشر 5100 جندي في البلد لمحاربة الإرهاب، ولكن الشاب المتحمس يقترح إبدال روسيا بفرنسا، لأنه مقتنع بأن مالي عاجزة عن الوقوف وحدها، وعليها أن تختار الوصي عليها من بين القوى العظمى.
مالي، التي تحمل اسم واحدة من أعرق الإمبراطوريات التاريخية في غرب أفريقيا، استقلت عن فرنسا عام 1960. ولكن منذ ذلك الوقت عجز الماليون عن إقامة مشروع «الدولة الوطنية»، بسبب الانقلابات العسكرية والحروب الأهلية، والفشل في تحقيق الوحدة الوطنية بين الجنوب الذي تقطنه قبائل الماندينغ الأفريقية، والشمال الذي يقطنه الطوارق والعرب. ومنذ 2012 دخلت مالي في منعرج خطير، حين سيطر تنظيم «القاعدة» على ثلثي مساحة البلاد في الشمال، وبدأ يزحف نحو العاصمة باماكو في الجنوب. حينها قاد ضباط من أصحاب الرتب المتوسطة انقلاباً عسكرياً أطاح بالرئيس الراحل أمادو توماني توري، لتدخل البلاد في مرحلة انتقالية قادها الرئيس ديونكوندا تراوري، الذي استغاث في شهر يناير (كانون الثاني) 2013 بالرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند، طالباً منه التدخل عسكرياً لمنع سقوط العاصمة باماكو في أيدي الإرهابيين، فأطلق هولاند عملية «سيرفال» العسكرية، التي ما تزال مستمرة حتى اليوم تحت اسم «برخان».
طيلة هذه السنوات كان الفرنسيون يتحدثون عن تكاليف بشرية ومادية باهظة للحرب على الإرهاب في مالي، ويعلنون بين الفينة والأخرى نيتهم الانسحاب، بيد أنهم في النهاية رفعوا عدد جنودهم من 3500 جندي عام 2013. ليصل عام 2020 إلى أكثر من 5100 جندي، ونجح الفرنسيون في تصفية عشرات القادة البارزين في «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، من أبرزهم أمير التنظيم عبد المالك دروكدال.
وخلال شهر سبتمبر (أيلول) 2013 نصّب الماليون إبراهيم بابكر كيتا رئيساً جديداً للبلاد، وكانت مهمته الأولى هي حل المعضلة الأمنية. غير أنه لم ينجح في ذلك رغم أن الماليين أعادوا انتخابه عام 2018، وبعد مرور سنتين من ولايته الثانية و7 سنوات من حكمه، نفد صبر الماليين حين أدركوا أنه بدّل الحرب على «القاعدة» في جبال وعرة بأقصى الشمال، بالمواجهة في وسط البلاد وفي الجنوب. ودخل «تنظيم داعش» المنطقة بقوة، وتكرّس الشرخ الاجتماعي والعرقي في البلاد، وانهار الاقتصاد، فخرجت مظاهرات وبدأ عصيان مدني.
لقد اقترنت معارضة الرئيس كيتا بالموقف المعادي لفرنسا، لأن كيتا في نظر أغلب الماليين هو الرئيس الذي جلبه الفرنسيون، كما أن فشله في تحقيق الأمن هو فشل للجيش الفرنسي. وبالتالي، فإن الانقلاب الذي أطاح بكيتا في أغسطس (آب) الماضي، رافقته مطالب صريحة بطرد القوات الفرنسية. إلا أن فرنسا عارضت انقلاب أغسطس، ودعت الضباط الذين قادوه إلى تسليم الحكم للمدنيين والعودة إلى الوضع الدستوري. وعندها قرر الجيش تعيين رئيس مدني انتقالي، هو باه أنداو، على أن يكون زعيم الانقلاب الكولونيل أسيمي (هاشمي) غويتا، نائباً للرئيس الانتقالي، وحُددت مهلة 18 شهراً لتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في البلاد.
ولكن عند منتصف المسافة، بعد مرور 9 أشهر من هذه المهلة، وقعت الانتكاسة. إذ قرر الوزير الأول، بموافقة من الرئيس الانتقالي، يوم الاثنين 24 مايو (أيار) الماضي مباشرة بعد عودة الرئيس من زيارة إلى باريس، إعفاء وزيري الدفاع والأمن الوطني من منصبيهما، وهما ضابطان من أبرز قادة انقلاب أغسطس الماضي. على الإثر، وقع انقلاب جديد، وصفه وزير الخارجية الفرنسي بأنه «انقلاب داخل انقلاب»، أما الرئيس إيمانويل ماكرون فقد هدّد بسحب قواته من مالي، وأعلن رسمياً تعليق التعاون العسكري «مؤقتاً» مع الجيش المالي. واليوم، يتحدث الماليون عن محاولة باريس قلب الطاولة على ضباط محسوبين على موسكو، حين أوعزت إلى الرئيس الانتقالي بإقالتهم من الحكومة، وإبعادهم عن مركز اتخاذ القرار، لكن الضباط كانوا أسرع منه... فأقالوا الرئيس وتحكّموا في مقاليد الحكم.

حلبة الصراع
لم يعد الصراع بين باريس وموسكو في أفريقيا جنوب الصحراء صراعاً خفياً، خاصة بعدما أصبحت روسيا اللاعب الأقوى في جمهورية أفريقيا الوسطى، التي علقت باريس المساعدات التي كانت تقدم لها وأوقفت التعاون العسكري معها، في أعقاب اتهام حكومتها بـ«التواطؤ» في حملة معلومات مضللة ضد باريس تدعمها روسيا. ويعتقد الصحافي الموريتاني موسى ولد حامد، المدير الناشر لصحيفة «بلادي» الناطقة باللغة الفرنسية، أن «روسيا تحاول منذ سنوات دخول أفريقيا جنوب الصحراء، وقد اقتربت بالفعل من أن تنتزع جمهورية أفريقيا الوسطى من النفوذ التقليدي الفرنسي. وعلى الرغم من وجود قاعدة عسكرية فرنسية في هذا البلد، فإن مَن يباشر الحياة السياسية والأمنية هم الروس وأعوانهم، وهناك أكثر من 3 آلاف مقاتل من مجموعة فاغنر (الأمنية) الروسية».
ويرى الصحافي الموريتاني، المتابع لتطور الأحداث في أفريقيا منذ أكثر من عقدين، أن «لدى روسيا خطة محكمة لزيادة نفوذها في أفريقيا، وخاصة مناطق النفوذ الفرنسي». ويؤكد أن التحرك الروسي أخذ أبعاداً دبلوماسية وعسكرية وأمنية، حتى إعلامية، وهو يقوم على استغلال أخطاء الفرنسيين وتحريك مشاعر عدوانية تجاه فرنسا، عبر إحياء ذكريات حقبة الاستعمار.
في المقابل، من المؤكد أن الفرنسيين لن يخسروا معركة النفوذ في هذه المنطقة بسهولة، وهذا ما يؤكده الباحث السياسي المالي الدكتور فاكابي سيسوكو، الذي يعتبر أن الماليين الذين يطالبون بطرد القوات الفرنسية «يتجاهلون أن فرنسا ترسل أبناءها للموت في مالي منذ نحو 10 سنوات، إنها لا تفعل ذلك من أجل عيون الماليين، وإنما لحماية مصالحها».
أما الناشطة السياسية الشابة آدام ديكو، التي تقود جمعية شبابية لترسيخ قيم المواطنة والديمقراطية في مالي، فتعتقد أن «فرنسا لن تتنازل عن مالي، لأنها بوابة تسعى الدول العظمى دخول المنطقة عبرها، وفرنسا تريد التحكم في هذه البوابة».
لكن ولد حامد يرى أن إدارة الرئيس ماكرون في «وضعية حرجة ومأزق حقيقي»، ويفسر ذلك بأن «فرنسا مقبلة على انتخابات رئاسية في غضون عام، وهو ما يحد من الخيارات أمام ماكرون، فلا يمكنه التصرف كما يحلو له»، ومن جهة أخرى «تعرضت السياسات الفرنسية في الساحل لضربة قوية بعد مقتل الرئيس التشادي إدريس ديبي، وما أعقبه من انقلاب عسكري وأوضاع غير مستقرة، في بلد كانت تراهن عليه فرنسا في حربها على الإرهاب».
وتابع الصحافي الموريتاني أن «خروج تشاد من المشهد وضع الفرنسيين في ورطة، لأن مالي وبوركينا فاسو والنيجر ليست دولاً قادرة على أن تكون حليفة في الحرب على الإرهاب. وأكبر مشكلة واجهت الفرنسيين منذ تدخلهم العسكري هي أن مالي نفسها غير موجودة، ولم تنجح في أن تكون شريكاً في هذه الحرب، فهي لا تملك جيشاً ولا سلطة سياسية ثابتة تتمتع بالشرعية. أما موريتانيا فهي البقعة الهادئة الوحيدة في المنطقة، لكن بؤر التوتر تحيط بها من كل جانب».
وهكذا أصبح المستقبل غامضاً أمام مشروع مجموعة دول الساحل الخمس، الذي أسس برعاية فرنسية عام 2014. وهو ما يعقد الأمور أكثر بالنسبة لفرنسا. بل إن الأوضاع ساءت أكثر حين برز التيار المعادي لفرنسا، وتغلغل في الشارع المالي. وهو ما يفسره الصحافي الموريتاني بأنه «موقف نابع من اعتقاد الماليين بأن فرنسا موالية لحركات الطوارق في الشمال، التي تطالب بالانفصال».

حضن «الدب الروسي»
الشاب قاسم كوليبالي يقود حالياً مبادرة سياسية شبابية لدعم الانقلاب الأخير في مالي، وهو ينشط من أجل تدخل عسكري روسي في مالي، مبرراً ذلك بأن «روسيا ستكون شريكاً أفضل لنا. علاقاتنا معها قديمة جداً، ولكن يجب إعادة إحيائها، ووضعها في نفس مستوى التعاون الذي يربطنا مع الشركاء الآخرين، وخاصة فرنسا». ويضيف كوليبالي أنه نظّم رفقة مجموعة من الشباب «المتطوّعين» حملات إعلامية وجولات ميدانية من أجل «شرح الوضع الجيو استراتيجي الصعب الذي توجد فيه مالي، كما وجّهنا رسائل إلى السفارة الروسية في باماكو، وأجرينا اتصالات مع العاملين فيها، لإقناع موسكو بضرورة التحرك جدياً لمساعدة مالي».
وخلال النقاشات التي يجريها كوليبالي مع الماليين في الشوارع، ومع وسائل الإعلام المحلية، فإنه يستحضر موقف الزعيم الاستقلالي الراحل موديبو كيتا، أول رئيس لدولة مالي بعد استقلالها عن فرنسا عام 1960. وكان موديبو كيتا اشتراكياً حتى النخاع، وربطته علاقات قوية مع الاتحاد السوفياتي، وحصل من موسكو على تمويلات كبيرة خلال حقبة الستينات، على حد تعبير قاسم كوليبالي. وفي الوقت ذاته يهاجم كوليبالي الفرنسيين، فيقول: «من الواضح أننا لم نحقق أي نتائج إيجابية من التعاون مع فرنسا والاتحاد الأوروبي. وبعد مرور 10 سنوات تقريباً على الوجود العسكري الفرنسي في الأراضي المالية، الوضع يزداد سوءاً، ولا يمكننا أن نستمر في هذا التوجه»، بل إنه يتفاءل أكثر حين يقول إن «الشراكة مع روسيا من شأنها أن تسرّع في القضاء على الإرهاب».
في المقابل، الناشط السياسي بصيرو بن دومبيا، لديه وجهة نظر مختلفة، إذ يقول: «لا أعتقد أن مغادرة فرنسا ستنهي الإرهاب، حتى مجيء روسيا لن ينهيه. الأزمة أعمق من ذلك، ولكن يجب أن ندرك أنه في مجال التعاون العسكري لا شيء مجاني. وروسيا التي ترتفع المطالب بدخولها إلى مالي، هي التي تدخّلت في سوريا لمنع سقوط نظام بشار الأسد، وهي تدخلت عبر شركات أمنية خاصة، ولم تطلق رصاصة ولا صاروخاً إلا وهناك فاتورة ستدفع مقابله، إنهم تجّار ولا يعطون بالمجّان».
في هذا السياق، يوضح الصحافي الموريتاني موسى ولد حامد أن «روسيا مختلفة عن بقية القوى العظمى الحاضرة في أفريقيا، فهي لا تبحث عن الثروات أو الخيرات أو المواد الأولية، بل تبحث عن سوق لبيع الأسلحة، ومالي تمثل واحدة من أكبر هذه الأسواق في أفريقيا». وهذا ما يعني أن توطين الإرهاب في مالي ومنطقة الساحل، يخدم روسيا أكثر من القضاء عليه. ثم يتابع، أن روسيا والصين «قدمتا أكبر خدمة لقادة انقلاب باماكو، حين اجتمع مجلس الأمن الدولي للحديث عن انقلاب مالي، ولم يتمكن من اتخاذ أي قرار ضد الانقلابيين، بسبب روسيا والصين. وهذا ما أثار الشكوك حول العلاقة بين الانقلابيين وموسكو، خاصة أن هناك من يشير إلى ضباط شباب، من قادة الانقلاب الأخير، تربطهم علاقات وطيدة بروسيا... وسعى عدد منهم لإبرام صفقات سلاح مع موسكو، كانت مثار جدل واسع في الإعلام الفرنسي والمالي».
ورغم الدعوات المتزايدة بضرورة انسحاب فرنسا ودخول روسيا إلى مالي، يرفض المحامي المالي عمر كوناري ذلك السيناريو، فيعلّق: «أنا لست مع الانسحاب المفاجئ للقوات الفرنسية، كما أنني لست مع مجيء مفاجئ وفوضوي للقوات الروسية. موقفي هو أن يكون هناك تفكير معمق للتوصل إلى مخرج يوافق عليه الجميع، مع رفض الخضوع لضغط الشارع». ويقدم المحامي وجهة نظر بدأت تتردد كثيراً في الشارع المالي، وهي إمكانية التعايش بين باريس وموسكو في مالي، ضمن إطار تحالف دولي لمحاربة الإرهاب. ويوضح المحامي أن «الأراضي المالية شاسعة، وفي حين يوجد الفرنسيون والأوروبيون في الشمال والشرق، يمكن لروسيا أن تتدخل عسكرياً في الجنوب أو الغرب... وهذا مهم لمحاربة الإرهاب».
ختاماً، وباختصار، ما يخشاه الماليون هو العودة دوماً إلى المربع الأول. فخلال أقل من 10 سنوات مرّ على البلد 4 رؤساء، و3 انقلابات عسكرية، واقتراعان رئاسيان. وفي كل مرة، عادت الأمور أسوأ مما كانت عليه، وثمة أصوات قليلة تدعو إلى البحث عن «خلل بنيوي» يجب تصحيحه، داعية إلى «إعادة تأسيس» الدولة وفق عقد اجتماعي جديد. هذا على الأرجح ما يراه الماليون، إلا أن القرار سينتظر حسم الصراع بين «الديك الفرنسي» و«الدب الروسي» و«التنّين الصيني» في صحراء مالي الغنية بالعواصف.

أرض مالي الملغّمة!
> مالي التي تحولت إلى ساحة لصراع القوى العظمى، ينتظرها «مستقبل غامض» حسب رأي الصحافي الموريتاني موسى ولد حامد، وبالتالي فإنها لن تكون شريكاً جاداً لأي طرف دولي، سواء كان فرنسا أو روسيا، وإنما قد تكون ساحة للصراع أو سوقاً للبيع.
ويضيف ولد حامد: «لا أعتقد أن الماليين قادرون على الخروج من هذه الأزمة في المنظور القريب، لأنها أزمة داخل كثير من الأزمات. فالبلد يعاني معضلة في التماسك الاجتماعي، وتشكلت هويات صغرى أقوى من الهوية الوطنية. وبالتالي أصبحت الأرضية في مالي ملغّمة، والسلطة المركزية فاقدة للشرعية وغير مستقرة، والطبقة السياسية هشة، والجيش غير موجود، إنها دولة يمكن وصفها بالفاشلة».
ولكن ولد حامد يعتقد أن أخطر ما تواجهه مالي في المستقبل القريب هو «غياب شخصيات سياسية محورية قادرة على أن تجمع الناس، ما عدا الإمام محمود ديكو الذي لا يثق فيه الفرنسيون، ولكنهم قد يضطرون للقبول به، مع أنه لا يملك خطة للخروج بمالي من هذه الوضعية».
أما الناشطة السياسية الشابة آدام ديكو، التي تقود جمعية شبابية لترسيخ قيم المواطنة والديمقراطية في مالي، فتتمسك بالأمل وتعتقد أن الشرط الأول للخروج بمالي من هذه الوضعية هو «احترام المهلة المحددة للفترة الانتقالية، لأن ما نخشاه هو بقاء الانقلابيين في الحكم». وتضيف أن «الفترة الانتقالية ليس مطلوباً منها أن تحل جميع مشكلات مالي، لأن الإصلاح عملية تتطلب الوقت».
ومن جانبه، لا يولي الدكتور فاكابي سيسوكو أي اهتمام للمدة الزمنية للفترة الانتقالية، بل يعتقد أن تنظيم انتخابات شفافة وديمقراطية هو الأهم، ويقول في هذا السياق: «حين نشاهد عسكريين قادرين على اقتحام المجال السياسي بهذه الطريقة، وإقالة رئيس انتقالي هم من اختاروه، وفق آليات هم من وضعوها... فما هو الضامن أنهم لن يعودوا في نهاية الفترة الانتقالية لتغيير قواعد اللعبة من جديد، فيقلبوا نتائج الانتخابات الرئاسية حين يهزم مرشحهم؟ وما هو الضامن بأنهم لن يقرروا في النهاية تمديد الفترة الانتقالية بطريقة أحادية ببساطة، لأنهم يملكون السلاح؟».



فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟
TT

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية، بقيادة ميشال بارنييه، في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)، على رأس الحكومة الجديدة. يأتي قرار التعيين في الوقت الذي تعيش فيه فرنسا أزمة برلمانية حادة بسبب غياب الأغلبية وهشاشة التحالفات، مما يضفي على الحياة السياسية جواً من عدم الاستقرار والفوضى. كان هذا القرار متوقَّعاً حيث إن رئيس الوزراء الجديد من الشخصيات المعروفة في المشهد السياسي الفرنسي، والأهم أنه كان عنصراً أساسياً في تحالف ماكرون الوسطي وحليف الرئيس منذ بداية عهدته في 2017. تساؤلات كثيرة رافقت إعلان خبر التعيين، أهمها حظوظ رئيس الوزراء الجديد في تحقيق «المصالحة» التي ستُخرِج البلاد من الأزمة البرلمانية، وقدرته على إنقاذ عهدة ماكرون الثانية.

أصول ريفية بسيطة

وُلِد فرنسوا بايرو في 25 مايو (أيار) عام 1951 في بلدة بوردار بالبرينيه الأطلسية، وهو من أصول بسيطة، حيث إنه ينحدر من عائلة مزارعين، أباً عن جدّ. كان يحب القراءة والأدب، وهو ما جعله يختار اختصاص الأدب الفرنسي في جامعة بوردو بشرق فرنسا. بعد تخرجه عمل في قطاع التعليم، وكان يساعد والدته في الوقت ذاته بالمزرعة العائلية بعد وفاة والده المفاجئ في حادث عمل. بدأ بايرو نشاطه السياسي وهو في سن الـ29 نائباً عن منطقة البرانس الأطلسي لسنوات، بعد أن انخرط في صفوف حزب الوسط، ثم رئيساً للمجلس العام للمنطقة ذاتها بين 1992 و2001. إضافة إلى ذلك، شغل بايرو منصب نائب أوروبي بين 1999 و2002. وهو منذ 2014 عمدة لمدينة بو، جنوب غربي فرنسا، ومفتّش سامٍ للتخطيط منذ 2020.

شغل بايرو مهام وزير التربية والتعليم بين 1993 و1997 في 3 حكومات يمينية متتالية. في 2017 أصبح أبرز حلفاء ماكرون، وكوفئ على ولائه بحقيبة العدل، لكنه اضطر إلى الاستقالة بعد 35 يوماً فقط، بسبب تورطه في تحقيق يتعلق بالاحتيال المالي. ومعروف عن فرنسوا بايرو طموحه السياسي، حيث ترشح للرئاسة 3 مرات، وكانت أفضل نتائجه عام 2007 عندما حصل على المركز الثالث بنسبة قاربت 19 في المائة.

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف (إ.ب.أ)

شخصية قوية وعنيدة

في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون: كيف ضغط رئيس (الموديم) على إيمانويل ماكرون»، كشفت صحيفة «لوموند» أن رئيس الوزراء الجديد قام تقريباً بليّ ذراع الرئيس من أجل تعيينه؛ حيث تشرح الصحيفة، بحسب مصادر قريبة من الإليزيه، أن بايرو واجه الرئيس ماكرون غاضباً، بعد أن أخبره بأنه يريد تعيين وزير الصناعة السابق رولان لوسكور بدلاً منه، واستطاع بقوة الضغط أن يقنعه بالرجوع عن قراره وتعيينه هو على رأس الحكومة.

الحادثة التي نُقلت من مصادر موثوق بها، أعادت إلى الواجهة صفات الجرأة والشجاعة التي يتحّلى بها فرنسوا بايرو، الذي يوصف أيضاً في الوسط السياسي بـ«العنيد» المثابر. ففي موضوع آخر نُشر بصحيفة «لوفيغارو» بعنوان: «فرنسوا بايرو التلميذ المصاب بالتأتأة يغزو ماتنيون»، ذكرت الصحيفة أن بايرو تحدَّى الأطباء الذين نصحوه بالتخلي عن السياسة والتعليم بسبب إصابته وهو في الثامنة بالتأتأة أو الصعوبة في النطق، لكنه نجح في التغلب على هذه المشكلة، بفضل عزيمة قوية، واستطاع أن ينجح في السياسة والتعليم.

يشرح غيوم روكيت من صحيفة «لوفيغارو» بأنه وراء مظهر الرجل الريفي الأصل البشوش، يوجد سياسي محنّك، شديد الطموح، بما أنه لم يُخفِ طموحاته الرئاسية، حيث ترشح للرئاسيات 3 مرات، و«لن نكون على خطأ إذا قلنا إنه استطاع أن يستمر في نشاطه السياسي كل هذه السنوات لأنه عرف كيف يتأقلم مع الأوضاع ويغيّر مواقفه حسب الحاجة»، مذكّراً بأن بايرو كان أول مَن هاجم ماكرون في 2016 باتهامه بالعمل لصالح أرباب العمل والرأسماليين الكبار، لكنه أيضاً أول مع تحالف معه حين تقدَّم في استطلاعات الرأي.

على الصعيد الشخصي، يُعتبر بايرو شخصية محافظة، فهو أب لـ6 أطفال وكاثوليكي ملتزم يعارض زواج المثليين وتأجير الأرحام، وهو مدافع شرس عن اللهجات المحلية، حيث يتقن لهجته الأصلية، وهي اللهجة البيرينية.

رجل الوفاق الوطني؟

عندما تسلّم مهامه رسمياً، أعلن فرنسوا بايرو أنه يضع مشروعه السياسي تحت شعار «المصالحة» ودعوة الجميع للمشاركة في النقاش. ويُقال إن نقاط قوته أنه شخصية سياسية قادرة على صنع التحالفات؛ حيث سبق لفرنسوا بايرو خلال الـ40 سنة خبرة في السياسة، التعاون مع حكومات ومساندة سياسات مختلفة من اليمين واليسار.

خلال مشواره السياسي، عمل مع اليمين في 1995، حيث كان وزيراً للتربية والتعليم في 3 حكومات، وهو بحكم توجهه الديمقراطي المسيحي محافظ وقريب من اليمين في قضايا المجتمع، وهو ملتزم اقتصادياً بالخطوط العريضة لليبيراليين، كمحاربة الديون وخفض الضرائب. وفي الوقت ذاته، كان فرنسوا بايرو أول زعيم وسطي يقترب من اليسار الاشتراكي؛ أولاً في 2007 حين التقى مرشحة اليسار سيغولين رويال بين الدورين الأول والثاني من الانتخابات الرئاسية للبحث في تحالف، ثم في 2012 حين صنع الحدث بدعوته إلى التصويت من أجل مرشح اليسار فرنسوا هولاند على حساب خصمه نيكولا ساركوزي، بينما جرى العرف أن تصوّت أحزاب الوسط في فرنسا لصالح اليمين.

ومعروف أيضاً عن رئيس الوزراء الجديد أنه الشخصية التي مدّت يد المساعدة إلى اليمين المتطرف، حيث إنه سمح لمارين لوبان بالحصول على الإمضاءات التي كانت تنقصها لدخول سباق الرئاسيات عام 2022، وهي المبادرة التي تركت أثراً طيباً عند زعيمة التجمع الوطني، التي صرحت آنذاك قائلة: «لن ننسى هذا الأمر»، كما وصفت العلاقة بينهما بـ«الطيبة». هذه المعطيات جعلت مراقبين يعتبرون أن بايرو هو الأقرب إلى تحقيق التوافق الوطني الذي افتقدته الحكومة السابقة، بفضل قدرته على التحدث مع مختلف الأطياف من اليمين إلى اليسار.

ما هي حظوظ بايرو في النجاح؟رغم استمرار الأزمة السياسية، فإن التقارير الأولية التي صدرت في الصحافة الفرنسية توحي بوجود بوادر مشجعة في طريق المهمة الجديدة لرئيس الوزراء. التغيير ظهر من خلال استقبال أحزاب المعارضة لنبأ التعيين، وعدم التلويح المباشر بفزاعة «حجب الثقة»، بعكس ما حدث مع سابقه، بارنييه.

الإشارة الإيجابية الأولى جاءت من الحزب الاشتراكي الذي عرض على رئيس الوزراء الجديد اتفاقاً بعدم حجب الثقة مقابل عدم اللجوء إلى المادة 3 - 49 من الدستور، وهي المادة التي تخوّل لرئيس الحكومة تمرير القوانين من دون المصادقة عليها. الاشتراكيون الذين بدأوا يُظهرون نيتهم في الانشقاق عن ائتلاف اليسار أو «جبهة اليسار الوطنية» قد يشكّلون سنداً جديداً لبايرو، إذا ما قدّم بعض التنازلات لهم.

وفي هذا الإطار، برَّر بوريس فالو، الناطق باسم الحزب، أسباب هذا التغيير، بالاختلاف بين الرجلين حيث كان بارنييه الذي لم يحقق حزبه أي نجاحات في الانتخابات الأخيرة يفتقد الشرعية لقيادة الحكومة، بينما الأمر مختلف نوعاً ما مع بايرو. كما أعلن حزب التجمع الوطني هو الآخر، وعلى لسان رئيسه جوردان بارديلا، أنه لن يكون هناك على الأرجح حجب للثقة، بشرط أن تحترم الحكومة الجديدة الخطوط الحمراء، وهي المساس بالضمان الصحّي، ونظام المعاشات أو إضعاف اقتصاد البلاد.

يكتب الصحافي أنطوان أوبردوف من جريدة «لوبنيون»: «هذه المرة سيمتنع التجمع الوطني عن استعمال حجب الثقة للحفاظ على صورة مقبولة لدى قاعدته الانتخابية المكونة أساساً من كهول ومتقاعدين قد ترى هذا الإجراء الدستوري نوعاً من الحثّ على الفوضى».

كما أعلن حزب اليمين الجمهوري، على لسان نائب الرئيس، فرنسوا كزافييه بيلامي، أن اليمين الجمهوري سيمنح رئيس الحكومة الجديد شيئاً من الوقت، موضحاً: «سننتظر لنرى المشروع السياسي للسيد بايرو، ثم نقرر». أما غابرييل أتال، رئيس الوزراء السابق عن حزب ماكرون، فأثنى على تعيين بايرو من أجل «الدفاع على المصلحة العامة في هذا الظرف الصعب».

أما أقصى اليسار، الممثَّل في تشكيلة «فرنسا الأبية»، إضافة إلى حزب الخضر، فهما يشكلان إلى غاية الآن الحجر الذي قد تتعثر عليه جهود الحكومة الجديدة؛ فقد لوَّحت فرنسا الأبية باللجوء إلى حجب الثقة مباشرة بعد خبر التعيين، معتبرة أن بايرو سيطبق سياسة ماكرون لأنهما وجهان لعملة واحدة.

فرانسوا بايرو يتحدث في الجمعة الوطنية الفرنسية (رويترز)

أهم الملفات التي تنتظر بايرو

أهم ملف ينتظر رئيس الوزراء الجديد الوصول إلى اتفاق عاجل فيما يخص ميزانية 2025؛ حيث كان النقاش في هذا الموضوع السبب وراء سقوط حكومة بارنييه. وكان من المفروض أن يتم الإعلان عن الميزانية الجديدة والمصادقة عليها قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024، لولا سقوط الحكومة السابقة، علماً بأن الدستور الفرنسي يسمح بالمصادقة على «قانون خاص» يسمح بتغطية تكاليف مؤسسات الدولة وتحصيل الضرائب لتجنب الشلّل الإداري في انتظار المصادقة النهائية. أوجه الخلاف فيما يخّص القانون تتعلق بعجز الميزانية الذي يُقدَّر بـ60 مليار يورو، الذي طلبت الحكومة السابقة تعويضه بتطبيق سياسة تقشفية صارمة تعتمد على الاقتطاع من نفقات القطاع العمومي والضمان الاجتماعي، خاصة أن فرنسا تعاني من أزمة ديون خانقة حيث وصلت في 2023 إلى أكثر من 3200 مليار يورو. الرفض على المصادقة قد يأتي على الأرجح من اليسار الذي يطالب بإيجاد حل آخر لتغطية العجز، وهو رفع الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء. وكان فرنسوا بايرو من السياسيين الأكثر تنديداً بأزمة الديون، التي اعتبرها مشكلة «أخلاقية» قبل أن تكون اقتصادية؛ حيث قال إنه من غير اللائق أن «نحمّل أجيال الشباب أخطاء التدبير التي اقترفناها في الماضي».

الملف الثاني يخص نظام المعاشات، وهو ملف يقسم النواب بشّدة بين اليمين المرحّب بفكرة الإصلاح ورفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، إلى اليسار الذي يرفض رفع سنّ التقاعد، معتبراً القانون إجراءً غير عادل، وبالأخص بالنسبة لبعض الفئات، كذوي المهن الشاقة أو الأمهات.

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت قد شهدت حركة احتجاجات شعبية عارمة نتيجة إقرار هذا القانون، وبالأخص بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن غالبية من الفرنسيين معارضة له. صحيفة «لكبرس»، في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون ماذا كان يقول عن المعاشات» تذكّر بأن موقف رئيس الوزراء بخصوص هذا الموضوع كان متقلباً؛ فهو في البداية كان يطالب بتحديد 60 سنة كحّد أقصى للتقاعد، ثم تبنَّى موقف الحكومة بعد تحالفه مع ماكرون.

وعلى طاولة رئيس الوزراء الجديد أيضاً ملف «الهجرة»؛ حيث كان برونو ريتيلو، وزير الداخلية، قد أعلن عن نصّ جديد بشأن الهجرة في بداية عام 2025، الهدف منه تشديد إجراءات الهجرة، كتمديد الفترة القصوى لاحتجاز الأجانب الصادر بحقهم أمر بالترحيل أو إيقاف المساعدات الطبية للمهاجرين غير الشرعيين. سقوط حكومة بارنييه جعل مشروع الهجرة الجديد يتوقف، لكنه يبقى مطروحاً كخط أحمر من قِبَل التجمع الوطني الذي يطالب بتطبيقه، بعكس أحزاب اليسار التي هددت باللجوء إلى حجب الثقة في حال استمرت الحكومة الجديدة في المشروع. وهذه معادلة صعبة بالنسبة للحكومة الجديدة. لكن محللّين يعتقدون أن الحكومة الجديدة تستطيع أن تنجو من السقوط، إذا ما ضمنت أصوات النواب الاشتراكيين، بشرط أن تُظهر ليونة أكبر في ملفات كالهجرة ونظام المعاشات، وألا تتعامل مع كتلة اليمين المتطرف.

إليزابيث بورن (أ.ف.ب)

بومبيدو

دوفيلبان

حقائق

رؤساء الحكومة الفرنسيون... معظمهم من اليمين بينهم سيدتان فقط


منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958، ترأَّس حكومات فرنسا 28 شخصية سياسية، ينتمي 8 منها لليسار الاشتراكي، بينما تتوزع الشخصيات الأخرى بين اليمين الجمهوري والوسط. ومن بين هؤلاء سيدتان فقط: هما إيديت كريسون، وإليزابيث بورن.هذه قائمة بأشهر الشخصيات:جورج بومبيدو: ترأَّس الحكومة بين 1962 و1968. معروف بانتمائه للتيار الوسطي. شغل وظائف سامية في مؤسسات الدولة، وكان رجل ثقة الجنرال شارل ديغول وأحد مقربيه. عيّنه هذا الأخير رئيساً للوزراء عام 1962 ومكث في منصبه 6 سنوات، وهو رقم قياسي بالنسبة لرؤساء حكومات الجمهورية الخامسة. لوران فابيوس: ترأَّس الحكومة بين 1984 و1986. ينتمي للحزب الاشتراكي. شغل منصب وزير المالية، ثم وزيراً للصناعة والبحث العلمي. حين عيّنه الرئيس الراحل فرنسوا ميتران كان أصغر رئيس وزراء فرنسي؛ حيث كان عمره آنذاك 37 سنة. شغل أيضاً منصب رئيس الجمعية الوطنية. تأثرت شعبيته بعد محاكمته بوصفه مسؤولاً عن الحكومة في قضية الدم الملوّث الذي راح ضحيته أكثر من 4 آلاف فرنسي. كما تكرر اسمه في مفاوضات الملف النووي الإيراني.جاك شيراك: إضافة لوظيفته الرئاسية المعروفة، ترأَّس جاك شيراك الحكومة الفرنسية مرتين: المرة الأولى حين اختاره الراحل فاليري جيسكار ديستان وكان ذلك بين 1974 و1976، ثم إبان عهدة الرئيس فرنسوا ميتران بين 1986 و1988. شغل مناصب سامية، وتقلّد مسؤوليات عدة في مؤسسات الدولة وأجهزتها، حيث كان عمدة لمدينة باريس، ورئيس حزب التجمع الجمهوري اليميني، ووزيراً للزراعة.دومينيك دوفيلبان: شغل وظيفة رئيس الحكومة في عهدة الرئيس جاك شيراك بين 2005 و2007، وكان أحد مقربي الرئيس شيراك. كما شغل أيضاً حقيبة الخارجية ونال شعبية كبيرة بعد خطابه المعارض لغزو العراق أمام اجتماع مجلس الأمن في عام 2003. حين كان رئيس الوزراء، أعلن حالة الطوارئ بعد أحداث العنف والاحتجاجات التي شهدتها الضواحي في فرنسا.فرنسوا فيون: عيّنه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في منصب رئيس الوزراء بين 2007 و2012، وهو بعد بومبيدو أكثر الشخصيات تعميراً في هذا المنصب. شغل مناصب وزارية أخرى حيث كُلّف حقائب التربية، والتعليم، والشؤون الاجتماعية، والعمل. أصبح رسمياً مرشح حزب الجمهوريون واليمين والوسط للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017، وأُثيرت حوله قضية الوظائف الوهمية التي أثّرت في حملته الانتخابية تأثيراً كبيراً، وانسحب بعدها من الحياة السياسية.