سنوات السينما

المخرج عثمان سمبان
المخرج عثمان سمبان
TT

سنوات السينما

المخرج عثمان سمبان
المخرج عثمان سمبان

عثمان سمبان... السينمائي الذي وضع أفريقيا على الخارطة

في التداول هذه الأيام نسخة مرممة من فيلم المخرج السنغالي عثمان سمبان «ماندابي» (Mandabi) الذي أنجزه سنة 1968 كثاني فيلم روائي له وأول فيلم سنغالي بالألوان.
لاحقاً ما أخرج سلسلة من الأعمال الأفريقية الجيدة (حتى ولو تنوعت) من بينها «إميتاي» (1971) و«سيدو» (1977) و«معسكر ثياروي» (1988) وجلها عرض في دورات مهرجان قرطاج وغزا شاشات الفن والتجربة في باريس وسواها. سمبان، بذلك وإلى جانب إدريسا ودرا أوغو (المولود في بوركينا فاسو) في مقدمة من وضع السينما الأفريقية على الشاشات العالمية.
أفلام عثمان سمبان ووجهت بمشاكل سياسية في بلده كما في فرنسا. داخلياً، اعتبر المسؤولين وبعض المثقفين السنغاليين أن المخرج لا يكترث لعرض التقدم الذي أحرزته البلاد خلال السبعينات والثمانينات بل انغمس في طرح المشاكل الواقعية. في فرنسا، حيث تعرضت بعض أعماله للمنع مرحلياً، وجده المنتقدون بالغ الانتقاد لفرنسا عبر نبشه تبعات الإرث الاستعماري لها في السنغال.
ولد المخرج في مطلع سنة 1923 وتوفي سنة 2007. ترعرع في قرية ساحلية وبدأ كتابة الروايات من سنة 1958 (الأولى بعنوان «الحمال الأسود») وكل رواياته تلتقي في إدانة العنصرية والفقر كما الحال مثلاً في تلك الرواية الأولى التي تقع أحداثها في مدينة مرسيليا حيث يعامل الأفريقيون والعرب والمهاجرين الآخرين بقسوة وعبودية. اهتماماته الكتابية شملت أحداثاً تقع خارج فرنسا (التي هاجر إليها وعمل في مصنع سيتروان للسيارات حيث اشترك في قيادة إضرابين على الأقل) وخارج السنغال كما الحال في «داكار - نايجر لاين». وكانت له مواقف ضد الاستعمار الفرنسي للجزائر وضد الحرب الأندو - صينية في منتصف الخمسينات.
عندما أم الإخراج السينمائي (لقبته ذا لوس أنجليس تايمز بـ«أب السينما الأفريقية») نقل اهتماماته السياسية ذاتها. إلى حد بعيد كان سياسياً يخرج الأفلام أكثر مما كان مخرجاً يوفر مواضيع سياسية. لكن قراره كان فني الجوهر على أي حال. وجد سمبان أن الطريقة الأفضل لعرض قضاياه هي السينما. أفلامه الأولى ركيكة حيث لم يكن لديه نماذج يتعلم منها وربما لم يرغب في الاستعارة رغم وقوفه على أفلام أميركية ولاتينية في هذا الاتجاه.
«ماندابي» يصور حال رجل يعيش حياة متواضعة مع زوجتيه في ضواحي مدينة داكار وحياته تتعرض للتغيير عندما يستلم مبلغاً من المال جاءه من قريب يعيش في فرنسا. هذا المدخل يؤدي بالفيلم لعرض مشاكل في البنية الاجتماعية بأسرها. المال، على تواضعه، يخفق في تطوير الرجل وحياته ويتحول إلى معضلة تبحث عن حل وسط طبقات من الفساد الفردي والاجتماعي. الحل الذي يرتئيه الفيلم، ولو ببعض الهروب من موقف واقعي، هو قيام الرجل برد المبلغ لأنه لن يستطيع تحمل تبعات ما قد يصيبه من متغيرات يجهل نتائجها.


مقالات ذات صلة

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.