«رسائل غزل» من دمشق إلى السويداء يقابلها وجهاء دروز بقائمة مطالب

لقاء في السويداء بين وجهاء المدينة ومسؤولين سوريين (الشرق الأوسط)
لقاء في السويداء بين وجهاء المدينة ومسؤولين سوريين (الشرق الأوسط)
TT

«رسائل غزل» من دمشق إلى السويداء يقابلها وجهاء دروز بقائمة مطالب

لقاء في السويداء بين وجهاء المدينة ومسؤولين سوريين (الشرق الأوسط)
لقاء في السويداء بين وجهاء المدينة ومسؤولين سوريين (الشرق الأوسط)

بدأت دمشق بإرسال «رسائل غزل» إلى السويداء التي اشترط وجهاء فيها «رفع أيدي أجهزة الأمن عن العصابات»، ذلك بعد ظهور تحركات مناهضة للنظام السوري في المحافظة السويداء جنوب سوريا، كان آخرها قبيل الانتخابات الرئاسية في سوريا، تمثلت بشعارات وعبارات رافضة للانتخابات، إذ زار اللواء حسام لوقا مدير إدارة المخابرات العامة فرع أمن الدولة في السويداء في 24 الشهر الماضي، حيث دعا الأخير مشايخ العقل ووجهاء المحافظة وبعض قادة الفصائل لزيارة الفرع، والعمل لإيجاد حلول للمشكلات العالقة في السويداء.
وسبق زيارة حسام لوقا، رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس، إلى محافظة السويداء، 23 الشهر الماضي، مع فريق حكومي مشكل من ثلاثة عشر وزيراً، وتقديم 5 مليارات ليرة سورية لمشاريع وإصلاح الخدمات في المحافظة، مع وعود بأن المشاكل الأمنية التي ترهق سكان المحافظة، ستكون من أولويات النظام بعد انتهاء مرحلة الانتخابات الرئاسية.
وأعلن الجناح الإعلامي لحركة «رجال الكرامة» أحد أبرز الفصائل المحلية المستقلة في السويداء لـ«الشرق الأوسط» أنه بعد المساعي الأخيرة على محاولة النظام السوري حلحلة الملفات والتقرب من محافظة السويداء، «لا يمكن الحديث عن وجود مفاوضات حقيقية مع النظام لحل ملفات المنطقة حتى الآن. هناك اجتماعات بين الحين والآخر بين مسؤولين من النظام ووجهاء وزعماء ورجال دين من السويداء، يتم خلالها نقاش أوضاع المحافظة والقضايا المعقدة فيها، دون تقديم أي حلول للملفات العالقة في المحافظة»، مضيفاً حتى الآن ورغم مرور سنوات على المشكلات التي تعاني منها السويداء «لم يتم طرح أي حل مجدٍ وفعال من قبل السلطة السورية، ذلك نتيجة تعامي دمشق عن العلاقة بين الأجهزة الأمنية التابعة في السويداء بالعصابات التي أوصلت المحافظة إلى حالة من الانفلات وعدم الاستقرار الأمني، مما أفضى إلى عدم حل ملفات المحافظة المرتبطة ببعضها، على العكس أدى ذلك إلى تعقيد الملف أكثر، إضافة إلى استحالة فصل الملف الأمني عن الوضع المعيشي الخانق الذي يعيشه السوريون في ظل فساد إداري مستشري في السويداء وغيرها من المحافظات السورية». وقال: «حل المشكلات المختلفة في السويداء يحتاج لإرادة حقيقة ونوايا سليمة، وحلول ليست بالبعيدة عن الواقع الهش والمتأزم في المحافظة».

إطلاق معتقلين
واستبعد المصدر أن يطالب النظام السوري أن تكون جميع الفصائل المحلية في السويداء ضمن صفوف قواته وممولة ومجهزة من قبله مع بقائها بعملها وقواتها ضمن السويداء، و«هذا ما ترفضه أيضاً الكثير من الفصائل المحلية، لاعتبارات كثيرة أولها أن هناك فصائل مثل (حركة رجال الكرامة) ترفض الاعتقالات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية لأبناء السويداء، وتساهم بأي طريقة لإطلاق سراح المحتجزين بشكل تعسفي، وباعتبار أن السلطات التنفيذية والعسكرية وأذرعها ما زالت موجودة في السويداء ولا تحتاج لفصائل تساعدها، لأن عملها وأهدافها تبتعد إلى حد ما عن أهداف الفصائل المحلية، وتلجئ بعض الأفرع إلى الاستعانة ببعض الفصائل التي هي بالغالب تابعة لها بشكل غير معلن، وهي تشكيلات معروفه في المحافظة بصلتها مع الأجهزة الأمنية، ولا تشكل قوة حقيقة قادرة على ضبط الأوضاع في المحافظة».
بالنسبة لدور الفصائل المحلية بالسويداء في حل المشكلات الأمنية، أوضحت الحركة أن «الفصائل المحلية لا يمكن أن تأخذ دورها الحقيقي في ظل دعم بعض الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري للعصابات التي أرهت السويداء، وسهلت عملها، إضافة لوجود شروخات عائلية ومناطقية في مجتمع السويداء، تقف حاجزاً أمام الحلول التي تراها الفصائل المحلية، ولكن يبقى السبب الأساسي والحقيقي لتواضع دور الفصائل المحلية هو عدم تعاون حقيقي للسلطة معها».
وتقول «حركة رجال الكرامة» إنها داعمة لأي خطوة فيها توحيد للصفوف والأهداف مع جميع مكونات المجتمع في السويداء دون استثناء، «شرط وجود الأيادي النظيفة والنوايا الصادقة التي تعكسها الأفعال لا الأقوال»، وأنهم لا يقفون «ضد بدء الحلول الأمنية في المحافظة، لكن المشكلات كثيرة ومتكاثرة، إذا بقيت على حالها، وأول خطوة لقبول الحلول، برفع الأجهزة الأمنية الغطاء عن العصابات (عصابات القتل والخطف وإثارة الفتن)، إضافة إلى ضبط ومحاسبة الفساد والمفسدين، وإبعاد يدهم عن الدوائر العسكرية والمدنية في المحافظة، ولا بد أن تكون المحاسبة حقيقة وغير مؤقتة كما يحصل دائماً، حيث جرى عادة أن أفراد هؤلاء العصابات يخرجون من الحبس أو الحجز بعد فترة وجيزة جداً من خلال الأموال أو المحسوبيات، وأنه لا يمكن إغفال ارتباط الوضع المعيشي وتحسينه من أهم المشكلات التي تعانيها السويداء».
وتشكلت الفصائل المحلية في السويداء منذ عام 2011 مع اندلاع الحرب في سوريا، وبقيت هذه الفصائل محافظة على اتخاذ موقف محايد من الأزمة السورية رافضة الانحياز لأي طرف. كما رفضت منذ بدايتها التجنيد الإجباري لشباب المحافظة في جيش النظام السوري، واعتقال شباب السويداء في أفرع النظام، ولم تقف ضد الملتحقين طوعاً بقوات النظام والجيش، وهي تشكيلات غير مسجلة لدى صفوف قوات النظام السوري وغير موجهة من قبله، ولا تتفق مع حالة تشكيلات النظام كاللجان الشعبية والدفاع الوطني وغيرها بالقتال معه في الجبهات على كل الأرض السورية، ويقتصر نشاطها في محافظة السويداء ضد أي تهديد يحيط بها وبأبنائها حتى من النظام نفسه.

غياب روسي
وأكد الناشط ريان معروف المسؤول عن موقع «السويداء 24» الإخباري لـ«الشرق الأوسط» غياب الدور الروسي في المرحلة الأخيرة التي يروج لها النظام السوري بالبدء بحل المشكلات والملفات العالقة بالسويداء، وأنه لا يوجد لهم أي دور جديد فيما يتعلق بالمساعي الأخيرة في المحافظة، لكن كان لهم بعض المبادرات ذات التأثير المحدود في نهاية العام الماضي 2020. لم تتعدَ إجراء تسوية للمطلوبين للأفرع الأمنية والفارين من الخدمة العسكرية وكان تطبيقها جزئي، وتخللها الكثير من الخروقات، موضحاً أن اللواء حسام لوقا التقى بتاريخ 24 مايو (أيار) الماضي مع العديد من الوجهاء ورجال الدين من بينهم مشايخ العقل الثلاثة، والأمير «لؤي الأطرش» والأمير «يحيى عامر»، في السويداء، وأعرب لوقا أنه «مكلف من أعلى المستويات في دمشق بإعداد دراسة عن الملف الأمني في المحافظة واقتراح حلول للمشكلات الأمنية التي تعاني منها المحافظة، وكانت طروحات ممثلي المحافظة متباينة، منها اقتراحات لحل أمني باستخدام القوة ضد ما وصفوهم بالمخربين، ومشكلة السلاح المنفلت، ومنهم من تحدث عن ضرورة إيجاد حلول اقتصادية وأخرى للوضع المعيشي المتردي بالدرجة الأولى قبل التفكير بأي عملية أمنية، وكان هناك اقتراحات كتأجيل إداري لمدة سنة لجميع المتخلفين عن الخدمة على غرار محافظة درعا، والعمل على تسويات حقيقة».
وأشار نشطاء إلى أن النظام «استجاب لمطالب السويداء بتحييد اللواء كفاح الملحم رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية عن ملف السويداء الأمني، بعد أن تكررت الشكاوى من مشيخة عقل الطائفة الدرزية ومسؤولي النظام في المحافظة، ضد المسلحين المحليين الذين أجروا تسويات مع جهاز الأمن العسكري الذي يشرف عليه الملحم، وانضموا بعقود مدنية للمخابرات العسكرية وهم يتبعون لعصابات أو فصائل مسلحة تساهم بشكل كبير بالانفلات الأمني، واتهامه بممارسة دور سلبي؛ أدى لتفاقم المشكلات الأمنية في المحافظة».
واعتبروا أن الحل يجب أن ينبثق من نظر أبناء المحافظة لإيجاد تسوية عامة في مجمل الملفات، وأن «تكون حمايتها بمشاركة أبنائها، خاصة بعد واقعة هجمات (داعش) على السويداء 25 يوليو (تموز) 2018، وما أظهرته من قوة أبناء المحافظة في الدفاع عن أرضهم، وإذا تخلى النظام أو روسيا عن ذلك فحقهم طلب الحماية الدولية، في حال تعرضهم لأعمال إرهابية متكررة، لا سيما مع الاتهامات التي وجّهها زعماء الطائفة حينها للنظام السوري، بتسهيل دخول عناصر التنظيم من جنوب دمشق ونقلهم من حوض اليرموك بدرعا إلى منطقة بادية السويداء».
وحاولت السويداء ذات الغالبية الدرزية خلال سنوات الحرب في سوريا النأي بنفسها خارج دائرة الصراع المعقد؛ لكنها عانت ويلات أخرى من مخلفات الحرب، وتشهد توترات بين فترة وأخرى، بسبب النزاعات المحلية وانتشار السلاح والجرائم وعمليات الخطف بهدف الحصول على فدية. ويتهم الأهالي النظام بـ«السماح بهذا الانفلات وتشجيع الجريمة، بهدف كسر شوكة محافظة السويداء، التي حاول أهلها تجنب الانخراط الكامل في الحرب».



المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)

تجتمع المعارضة الصومالية في ولاية غوبالاند التي تشهد خلافات حادة مع الحكومة الفيدرالية بمقديشو، وسط توترات سياسية متصاعدة حول الانتخابات المباشرة واستكمال الدستور.

هذا الاجتماع، الذي يستمر من 17 إلى 20 ديسمبر (كانون الأول)، يراه خبير في الشأن الأفريقي والصومال تحدث لـ«الشرق الأوسط» أقرب إلى «محطة سياسية ذات تأثير محدود، ما لم يتمكن من تجاوز الانقسامات الداخلية والتوترات مع الحكومة وتقديم خطاب وطني جامع يستجيب لتطلعات الشارع الصومالي في الاستقرار والأمن والديمقراطية».

وتحتضن مدينة كيسمايو، العاصمة المؤقتة لولاية غوبالاند، الوفود المشاركة في مؤتمر المعارضة؛ فيما استقبل الأمين العام لمنتدى الإنقاذ الصومالي المعارض، محمد آدم كوفي، وزير الداخلية في غوبالاند، محمد إبراهيم أوغلي، وعدداً من المسؤولين بإدارة الولاية، بحسب ما نقله الموقع الإخباري «الصومال الجديد».

وأوضح أوغلي في تصريحات إعلامية، الثلاثاء، أن المؤتمر سيركز على وضع اللمسات الأخيرة على هيكل مجلس مستقبل الصومال وتحليل الوضع السياسي الذي تمر به البلاد.

وقال كوفي في تصريحات وقتها إن مؤتمر كيسمايو سيناقش قضايا مهمة في ظل المرحلة السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد.

وتستضيف الولاية هذا المؤتمر، الذي لم تعلق عليه مقديشو، بعد نحو 10 أيام من إعلان رئيس برلمان غوبالاند، عبدي محمد عبد الرحمن، أن غوبالاند انتقلت من ولاية إقليمية إلى دولة، في تصعيد للتوتر السياسي القائم بينها وبين الحكومة الفيدرالية التي تصف الإدارة الحاكمة حالياً في غوبالاند بأنها غير شرعية بعد إجرائها انتخابات أحادية الجانب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 أعادت رئيسها أحمد مدوبي الذي يحكم غوبالاند منذ عام 2012 إلى السلطة.

توتر واحتقان

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، علي محمود كلني، أن المؤتمر ينعقد في توقيت بالغ الحساسية، وسط احتقان سياسي متصاعد وخلافات مزمنة بين الحكومة الفيدرالية في مقديشو وبعض الإدارات الإقليمية.

وتأتي أعمال المؤتمر، بحسب كلني، في ظل قطيعة طويلة بين إدارة غوبالاند والحكومة الفيدرالية؛ وهي قطيعة هيمنت على المشهد السياسي طوال معظم فترة رئاسة حسن شيخ محمود، مشيراً إلى أن العلاقة بين الرئيس الفيدرالي ورئيس غوبالاند أحمد محمد إسلام (مدوبي) اتسمت بتوتر حاد وصل في بعض المراحل إلى مستوى المواجهة السياسية المفتوحة، ما أفقد أي مسعى للتنسيق أو الشراكة معناها العملي.

وعن التحديات التي تواجه مخرجات المؤتمر، لفت كلني إلى التباين الواضح في مواقف القوى المشاركة في المؤتمر، سواء بشأن شكل نظام الحكم، أو آليات إدارة الدولة، أو مستقبل العملية الديمقراطية في البلاد، مشيراً إلى أن هذا التباين يقلّص فرص الخروج برؤية سياسية موحدة، ويجعل من الصعب تحويل المؤتمر إلى منصة ضغط فعالة في مواجهة الحكومة الفيدرالية.

وتأتي تلك التحركات المعارضة، بينما يشتد منذ عام الجدل بشأن الانتخابات الرئاسية المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968، بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي اعتمدت بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، وجرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة أربع عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية على نحو لافت، وكانت العودة لاستكمال الدستور المؤقت الذي يعود إلى 2012 هي الشرارة الأبرز لتفاقم الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وغوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

هل من مخرجات ملموسة؟

كانت الخلافات بين الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والمعارضة قد اشتدت بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

وفي ضوء هذه المعطيات والخلافات المتصاعدة، يرى خبير الشؤون الأفريقية كلني أن تأثير مؤتمر كيسمايو سيظل محدوداً على مشروع الانتخابات المباشرة الذي تعمل حكومة حسن شيخ محمود على الإعداد له.

وتبقى القيمة السياسية للمؤتمر مرهونة بما قد يصدر عنه من مخرجات ملموسة، وبمدى قدرة المشاركين على توحيد مواقفهم حيال القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها استكمال جهود تحرير البلاد من الجماعات المسلحة، ومسار الانتخابات العامة وإعادة تصميمها على أسس توافقية، وإدارة الخلافات السياسية القائمة والسعي إلى مواءمتها ضمن إطار وطني جامع.

وفي النهاية، يؤكد كلني أن التحدي الحقيقي لا يكمن في عقد المؤتمرات بحد ذاتها، بل في القدرة على تحويلها إلى أدوات فاعلة لإنتاج حلول سياسية قابلة للحياة.


مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعم بلاده لاستقرار جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد التوقيع على اتفاقيات سلام تهدف إلى إنهاء التوتر القائم في منطقة «شرق الكونغو»، معرباً عن استعداد بلاده لبذل «كل جهد ممكن لمساندة مسار التسوية».

وتلقى السيسي اتصالاً هاتفياً، الأربعاء، من نظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي، تناول مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين وتطرق إلى مستجدات الأوضاع في شرق الكونغو الديمقراطية، وفق بيان صادر عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية.

ورحب السيسي خلال الاتصال بالتوقيع على اتفاق «الدوحة للسلام» الشامل بين حكومة الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو (حركة 23 مارس)، كما أعرب عن دعم مصر الكامل لاتفاق السلام الموقع في واشنطن ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مؤكداً أنه يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو إنهاء حالة التوتر وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى.

وأكد الرئيس المصري «استعداد بلاده لبذل كل جهد ممكن، بما في ذلك توفير المحافل اللازمة للأطراف المعنية، دعماً لمسار تسوية النزاع»، وفقاً لبيان الرئاسة المصرية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مراسم توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا بول كاغامي والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

من جانبه، نقل البيان المصري عن الرئيس الكونغولي «تقديره لمساندة مصر لجهود السلام والاستقرار في بلاده وفي المنطقة، واتفق الرئيسان على ضرورة تكثيف الجهود لتذليل أي عقبات قد تواجه تنفيذ اتفاقيات السلام».

ووقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسا رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن مطلع الشهر الحالي، اتفاقاً يعزز فرص السلام والتعاون الاقتصادي بتلك المنطقة الأفريقية التي تخوض نزاعاً منذ عقود.

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو ثلاثة عقود. وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين.

ويعد الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن هو الأحدث ضمن سلسلة تفاهمات بإطار أُبرمت في يونيو (حزيران) الماضي بواشنطن، إضافة إلى إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) في قطر، استكمالاً لاتفاق في 19 يوليو (تموز) الماضي.

وأشار المتحدث باسم الرئاسة المصرية إلى أن الرئيسين اتفقا خلال اتصال، الأربعاء، على أهمية تعزيز التشاور والتعاون الثنائي في القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يسهم في تحقيق الاستقرار والسلام والتنمية في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وأكد السيسي تطلعه لاستضافه نظيره الكونغولي لمواصلة تعزيز التعاون بين البلدين، فيما ثمَّن تشيسكيدي الزخم الذي تشهده العلاقات مع مصر، مُعبراً عن تقديره للدعم الذي تقدمه لبلاده في مختلف القطاعات.

وفي مطلع هذا الأسبوع، قالت الخارجية المصرية إنها «تتابع بقلق بالغ التطورات المتسارعة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وما تشهده بعض المناطق من تدهور في الأوضاع الإنسانية الذي يفرض تحديات عاجلة على المدنيين»، مؤكدة دعمها المستمر لوحدة وسلامة وسيادة الأراضي الكونغولية.

وشددت مصر، وفق بيان للخارجية، السبت، على أهمية التهدئة ووقف أي تصعيد ميداني بما يسهم في خلق بيئة مواتية للحوار واستعادة الاستقرار؛ مؤكدة الالتزام باتفاق واشنطن للسلام بوصفه إطاراً أساسياً لبناء الثقة وتخفيف التوتر.

كما أكدت مصر ضرورة وقف الأعمال العدائية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، مشددة على الحاجة إلى دعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحسين الوضع الإنساني ومنع مزيد من التدهور.


«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
TT

«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل

استبقت حكومة الوحدة الليبية المؤقتة نتائج الحوار الأممي المهيكل بالتأكيد على «أولوية الاستفتاء على الدستور»، معلنة إجراء تعديلات وزارية قريبة، تزامناً مع تأكيد عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، دعم فرنسا للانتخابات.

وقالت حكومة الوحدة المؤقتة، التي رحبت بانطلاق الحوار المهيكل، إنها ستُعلن خلال الأيام القريبة المقبلة عن تعديلات حكومية إصلاحية، تشمل سدّ الشواغر الوزارية، وتهدف إلى رفع مستوى الكفاءة، وتعزيز الأداء المؤسسي، وتوسيع دائرة التوافق بما يدعم متطلبات المرحلة المقبلة.

وأكدت «الوحدة» في بيان لها، مساء الثلاثاء، أن جوهر المرحلة لا يرتبط بتعدد المسارات أو تسمياتها، بقدر ما ينصرف إلى تحقيق الهدف الوطني، المتمثل في إجراء الانتخابات، بوصفها الاستحقاق الذي ينتظره الليبيون لتجديد الشرعية، ووضع حد لحالة عدم اليقين السياسي، مشدّدةً على أن توجهها الأساسي يتمثل في الاستفتاء على مشروع الدستور أولاً، ومؤكدة أنها تتعاطى بإيجابية مع الاختراق، الذي طرأ على حالة الجمود السابقة، وعبّر عن ذلك شخصيات فاعلة، الأمر الذي يفضي إلى الذهاب المباشر نحو الانتخابات التي أصبحت اليوم محل إقرار من مختلف الأطراف، بعد أن ظلت لفترة موضع نقاش، بما يعكس تحولاً واضحاً في مقاربة الحل السياسي.

وعدّت «الوحدة» أن استمرار الخلاف حول القوانين الانتخابية، إن لم يُحسم، فإنه يكرّس الحاجة إلى الاحتكام إلى أسس دستورية واضحة، تُبنى عليها العملية الانتخابية، وتضمن قابليتها للتطبيق، وهو ما أكدت عليه المفوضية العليا للانتخابات بإعلان جاهزيتها متى توفرت هذه الأطر القانونية السليمة.

كما جدّدت الحكومة التزامها بدعم كل ما من شأنه الدفع نحو الانتخابات ضمن مسار وطني مسؤول، يحفظ وحدة الدولة، ويعكس الإرادة الشعبية، ويجنب البلاد الدخول في مراحل انتقالية إضافية.

في سياق ذلك، أوضح وزير الدولة للاتصال بحكومة الوحدة، وليد اللافي، أن التعديلات الوزارية المرتقبة ستركز على اختيار وزراء أكفاء، وتراعي المناطق الجغرافية دون استثناء، مشيراً إلى أنها ستشمل وزارات سيادية وخدمية، وتمثيلاً أكبر للشباب.

في غضون ذلك، أظهر تقرير أممي تفضيلاً واسعاً بين الليبيين لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة. وطبقاً للتقرير، الذي نشرته بعثة الأمم المتحدة في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، حول نتائج المشاورات العامة للحوار المهيكل، فقد أكد 86 في المائة ممن شاركوا في استطلاع عبر الإنترنت جاهزيتهم للتصويت فوراً، فيما أكد أكثر من 70في المائة أن مشاركتهم تؤثر فعلياً.

ووصف التقرير الأزمة الجوهرية في ليبيا، بأنها أزمة سياسية ناجمة، عما وصفه بانقسام مؤسسي وجهوي عميق، وسلطات متنافسة، وغياب سلطة تنفيذية واحدة ذات شرعية وطنية، ما ينعكس سلباً على الاقتصاد والأمن والحوكمة.

وعدّ انتشار السلاح عقبة أساسية أمام الانتخابات والسلام الدائم، وحدّد الأولويات الأساسية في القطاع الأمني بنزع سلاح التشكيلات المسلحة، وإعادة إدماجها، وإنشاء جيش ومؤسسات أمنية موحدة، مع تأكيد السيطرة المدنية، وتحقيق أمن مرتكز على الحقوق وفي خدمة المواطن.

كما تحدث التقرير عن «سلطة سياسية شرعية واحدة، تسيطر فعلياً على الجيش والأمن»، بالإضافة إلى «أطر قانونية ومعايير مهنية واضحة تُطبق بعدالة، وحوافز مالية وضوابط مشفوعة بعقوبات لتشجيع الاندماج والالتزام».

وكانت البعثة الأممية قد أصدرت وثيقة «الإطار المرجعي» الرسمي للحوار، الذي يحدد منصة شاملة تضم 120 إلى 124 مشاركاً ليبياً، يمثلون تنوعاً جغرافياً واجتماعياً، مع نسبة لا تقل عن 35 في المائة للنساء، بالإضافة إلى مشاركة الشباب وذوي الإعاقة.

ويركز الحوار على أربعة مسارات رئيسية هي: الحوكمة، والاقتصاد، والأمن، والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان، مع دمج حقوق المرأة بوصفه موضوعاً مشتركاً.

ويعتمد على مبادئ الملكية الليبية، والشمول، والشفافية، وبناء التوافق، ويستمر لمدة 4 إلى 6 أشهر، بهدف إصدار توصيات توافقية ملموسة لمعالجة جذور النزاع، وتهيئة الانتخابات.

اجتماع صالح ورئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية (مجلس النواب)

وتعهد أعضاء الحوار المهيكل، وفقاً لمدونة قواعد السلوك، التي أصدرتها البعثة الأممية أيضاً بوضع المصلحة الوطنية أولاً، والنزاهة، ورفض الضغوط أو المزايا المادية، واحترام الآراء، وتجنب التمييز أو المضايقة، والحفاظ على سرية المداولات.

في المقابل، أكد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، الذي بدأ زيارة مفاجئة إلى العاصمة الفرنسية باريس، لم يسبق الإعلان عنها، في لقائه، مساء الثلاثاء، مع رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية يائيل بيفيه، أن حل الأزمة الليبية يتطلب تضافر الجهود الدولية لمساعدة الشعب الليبي في التعبير عن إرادته الحرة في انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة، وحذّر من أن قيام البعثة الأممية بفتح مسارات إضافية «سيعقد هذا المسار، ولن يكون لها أثر فعلي إيجابي على ملف التسوية السياسية».

ونقل صالح عن يائيل التزام فرنسا بدعم ومساندة الشعب الليبي في تحقيق رغبته في بناء دولة ديمقراطية مستقرة.

وكان صالح نقل عن رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، جيرارد لاروشيه، في اجتماعهما تأييده لمقترحاته بشأن حل الأزمة الليبية من خلال الوقوف مع الشعب الليبي، وحقه في اختيار رئيسه وبرلمانه عن طريق الانتخابات المباشرة، لافتاً إلى قيام مجلس النواب بواجباته كاملة في إصدار قانوني انتخاب الرئيس ومجلس الأمة، وتقديم لجنة (6 + 6) المشتركة مع مجلس الدولة، نتائج أعمالها، التي قال وفقاً لعبد الله بليحق، الناطق باسم صالح، إنها نالت رضا مختلف الأطراف، ودعم مجلس الأمن الدولي.

كما أكد صالح، خلال لقائه مع بول سولير، المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي، دعم فرنسا لمجلس النواب الليبي ومساعيه لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة، مشيداً بمخرجات لجنة (6 + 6) بوصفها خطوة توافقية مهمة بشأن القوانين الانتخابية، مشيراً إلى ضرورة استمرار اللجنة في مهامها.