«رسائل غزل» من دمشق إلى السويداء يقابلها وجهاء دروز بقائمة مطالب

لقاء في السويداء بين وجهاء المدينة ومسؤولين سوريين (الشرق الأوسط)
لقاء في السويداء بين وجهاء المدينة ومسؤولين سوريين (الشرق الأوسط)
TT

«رسائل غزل» من دمشق إلى السويداء يقابلها وجهاء دروز بقائمة مطالب

لقاء في السويداء بين وجهاء المدينة ومسؤولين سوريين (الشرق الأوسط)
لقاء في السويداء بين وجهاء المدينة ومسؤولين سوريين (الشرق الأوسط)

بدأت دمشق بإرسال «رسائل غزل» إلى السويداء التي اشترط وجهاء فيها «رفع أيدي أجهزة الأمن عن العصابات»، ذلك بعد ظهور تحركات مناهضة للنظام السوري في المحافظة السويداء جنوب سوريا، كان آخرها قبيل الانتخابات الرئاسية في سوريا، تمثلت بشعارات وعبارات رافضة للانتخابات، إذ زار اللواء حسام لوقا مدير إدارة المخابرات العامة فرع أمن الدولة في السويداء في 24 الشهر الماضي، حيث دعا الأخير مشايخ العقل ووجهاء المحافظة وبعض قادة الفصائل لزيارة الفرع، والعمل لإيجاد حلول للمشكلات العالقة في السويداء.
وسبق زيارة حسام لوقا، رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس، إلى محافظة السويداء، 23 الشهر الماضي، مع فريق حكومي مشكل من ثلاثة عشر وزيراً، وتقديم 5 مليارات ليرة سورية لمشاريع وإصلاح الخدمات في المحافظة، مع وعود بأن المشاكل الأمنية التي ترهق سكان المحافظة، ستكون من أولويات النظام بعد انتهاء مرحلة الانتخابات الرئاسية.
وأعلن الجناح الإعلامي لحركة «رجال الكرامة» أحد أبرز الفصائل المحلية المستقلة في السويداء لـ«الشرق الأوسط» أنه بعد المساعي الأخيرة على محاولة النظام السوري حلحلة الملفات والتقرب من محافظة السويداء، «لا يمكن الحديث عن وجود مفاوضات حقيقية مع النظام لحل ملفات المنطقة حتى الآن. هناك اجتماعات بين الحين والآخر بين مسؤولين من النظام ووجهاء وزعماء ورجال دين من السويداء، يتم خلالها نقاش أوضاع المحافظة والقضايا المعقدة فيها، دون تقديم أي حلول للملفات العالقة في المحافظة»، مضيفاً حتى الآن ورغم مرور سنوات على المشكلات التي تعاني منها السويداء «لم يتم طرح أي حل مجدٍ وفعال من قبل السلطة السورية، ذلك نتيجة تعامي دمشق عن العلاقة بين الأجهزة الأمنية التابعة في السويداء بالعصابات التي أوصلت المحافظة إلى حالة من الانفلات وعدم الاستقرار الأمني، مما أفضى إلى عدم حل ملفات المحافظة المرتبطة ببعضها، على العكس أدى ذلك إلى تعقيد الملف أكثر، إضافة إلى استحالة فصل الملف الأمني عن الوضع المعيشي الخانق الذي يعيشه السوريون في ظل فساد إداري مستشري في السويداء وغيرها من المحافظات السورية». وقال: «حل المشكلات المختلفة في السويداء يحتاج لإرادة حقيقة ونوايا سليمة، وحلول ليست بالبعيدة عن الواقع الهش والمتأزم في المحافظة».

إطلاق معتقلين
واستبعد المصدر أن يطالب النظام السوري أن تكون جميع الفصائل المحلية في السويداء ضمن صفوف قواته وممولة ومجهزة من قبله مع بقائها بعملها وقواتها ضمن السويداء، و«هذا ما ترفضه أيضاً الكثير من الفصائل المحلية، لاعتبارات كثيرة أولها أن هناك فصائل مثل (حركة رجال الكرامة) ترفض الاعتقالات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية لأبناء السويداء، وتساهم بأي طريقة لإطلاق سراح المحتجزين بشكل تعسفي، وباعتبار أن السلطات التنفيذية والعسكرية وأذرعها ما زالت موجودة في السويداء ولا تحتاج لفصائل تساعدها، لأن عملها وأهدافها تبتعد إلى حد ما عن أهداف الفصائل المحلية، وتلجئ بعض الأفرع إلى الاستعانة ببعض الفصائل التي هي بالغالب تابعة لها بشكل غير معلن، وهي تشكيلات معروفه في المحافظة بصلتها مع الأجهزة الأمنية، ولا تشكل قوة حقيقة قادرة على ضبط الأوضاع في المحافظة».
بالنسبة لدور الفصائل المحلية بالسويداء في حل المشكلات الأمنية، أوضحت الحركة أن «الفصائل المحلية لا يمكن أن تأخذ دورها الحقيقي في ظل دعم بعض الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري للعصابات التي أرهت السويداء، وسهلت عملها، إضافة لوجود شروخات عائلية ومناطقية في مجتمع السويداء، تقف حاجزاً أمام الحلول التي تراها الفصائل المحلية، ولكن يبقى السبب الأساسي والحقيقي لتواضع دور الفصائل المحلية هو عدم تعاون حقيقي للسلطة معها».
وتقول «حركة رجال الكرامة» إنها داعمة لأي خطوة فيها توحيد للصفوف والأهداف مع جميع مكونات المجتمع في السويداء دون استثناء، «شرط وجود الأيادي النظيفة والنوايا الصادقة التي تعكسها الأفعال لا الأقوال»، وأنهم لا يقفون «ضد بدء الحلول الأمنية في المحافظة، لكن المشكلات كثيرة ومتكاثرة، إذا بقيت على حالها، وأول خطوة لقبول الحلول، برفع الأجهزة الأمنية الغطاء عن العصابات (عصابات القتل والخطف وإثارة الفتن)، إضافة إلى ضبط ومحاسبة الفساد والمفسدين، وإبعاد يدهم عن الدوائر العسكرية والمدنية في المحافظة، ولا بد أن تكون المحاسبة حقيقة وغير مؤقتة كما يحصل دائماً، حيث جرى عادة أن أفراد هؤلاء العصابات يخرجون من الحبس أو الحجز بعد فترة وجيزة جداً من خلال الأموال أو المحسوبيات، وأنه لا يمكن إغفال ارتباط الوضع المعيشي وتحسينه من أهم المشكلات التي تعانيها السويداء».
وتشكلت الفصائل المحلية في السويداء منذ عام 2011 مع اندلاع الحرب في سوريا، وبقيت هذه الفصائل محافظة على اتخاذ موقف محايد من الأزمة السورية رافضة الانحياز لأي طرف. كما رفضت منذ بدايتها التجنيد الإجباري لشباب المحافظة في جيش النظام السوري، واعتقال شباب السويداء في أفرع النظام، ولم تقف ضد الملتحقين طوعاً بقوات النظام والجيش، وهي تشكيلات غير مسجلة لدى صفوف قوات النظام السوري وغير موجهة من قبله، ولا تتفق مع حالة تشكيلات النظام كاللجان الشعبية والدفاع الوطني وغيرها بالقتال معه في الجبهات على كل الأرض السورية، ويقتصر نشاطها في محافظة السويداء ضد أي تهديد يحيط بها وبأبنائها حتى من النظام نفسه.

غياب روسي
وأكد الناشط ريان معروف المسؤول عن موقع «السويداء 24» الإخباري لـ«الشرق الأوسط» غياب الدور الروسي في المرحلة الأخيرة التي يروج لها النظام السوري بالبدء بحل المشكلات والملفات العالقة بالسويداء، وأنه لا يوجد لهم أي دور جديد فيما يتعلق بالمساعي الأخيرة في المحافظة، لكن كان لهم بعض المبادرات ذات التأثير المحدود في نهاية العام الماضي 2020. لم تتعدَ إجراء تسوية للمطلوبين للأفرع الأمنية والفارين من الخدمة العسكرية وكان تطبيقها جزئي، وتخللها الكثير من الخروقات، موضحاً أن اللواء حسام لوقا التقى بتاريخ 24 مايو (أيار) الماضي مع العديد من الوجهاء ورجال الدين من بينهم مشايخ العقل الثلاثة، والأمير «لؤي الأطرش» والأمير «يحيى عامر»، في السويداء، وأعرب لوقا أنه «مكلف من أعلى المستويات في دمشق بإعداد دراسة عن الملف الأمني في المحافظة واقتراح حلول للمشكلات الأمنية التي تعاني منها المحافظة، وكانت طروحات ممثلي المحافظة متباينة، منها اقتراحات لحل أمني باستخدام القوة ضد ما وصفوهم بالمخربين، ومشكلة السلاح المنفلت، ومنهم من تحدث عن ضرورة إيجاد حلول اقتصادية وأخرى للوضع المعيشي المتردي بالدرجة الأولى قبل التفكير بأي عملية أمنية، وكان هناك اقتراحات كتأجيل إداري لمدة سنة لجميع المتخلفين عن الخدمة على غرار محافظة درعا، والعمل على تسويات حقيقة».
وأشار نشطاء إلى أن النظام «استجاب لمطالب السويداء بتحييد اللواء كفاح الملحم رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية عن ملف السويداء الأمني، بعد أن تكررت الشكاوى من مشيخة عقل الطائفة الدرزية ومسؤولي النظام في المحافظة، ضد المسلحين المحليين الذين أجروا تسويات مع جهاز الأمن العسكري الذي يشرف عليه الملحم، وانضموا بعقود مدنية للمخابرات العسكرية وهم يتبعون لعصابات أو فصائل مسلحة تساهم بشكل كبير بالانفلات الأمني، واتهامه بممارسة دور سلبي؛ أدى لتفاقم المشكلات الأمنية في المحافظة».
واعتبروا أن الحل يجب أن ينبثق من نظر أبناء المحافظة لإيجاد تسوية عامة في مجمل الملفات، وأن «تكون حمايتها بمشاركة أبنائها، خاصة بعد واقعة هجمات (داعش) على السويداء 25 يوليو (تموز) 2018، وما أظهرته من قوة أبناء المحافظة في الدفاع عن أرضهم، وإذا تخلى النظام أو روسيا عن ذلك فحقهم طلب الحماية الدولية، في حال تعرضهم لأعمال إرهابية متكررة، لا سيما مع الاتهامات التي وجّهها زعماء الطائفة حينها للنظام السوري، بتسهيل دخول عناصر التنظيم من جنوب دمشق ونقلهم من حوض اليرموك بدرعا إلى منطقة بادية السويداء».
وحاولت السويداء ذات الغالبية الدرزية خلال سنوات الحرب في سوريا النأي بنفسها خارج دائرة الصراع المعقد؛ لكنها عانت ويلات أخرى من مخلفات الحرب، وتشهد توترات بين فترة وأخرى، بسبب النزاعات المحلية وانتشار السلاح والجرائم وعمليات الخطف بهدف الحصول على فدية. ويتهم الأهالي النظام بـ«السماح بهذا الانفلات وتشجيع الجريمة، بهدف كسر شوكة محافظة السويداء، التي حاول أهلها تجنب الانخراط الكامل في الحرب».



الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
TT

الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)

أعلنت السلطات السورية، الثلاثاء، أن قواتها قتلت زعيم خلية مرتبطة بتنظيم «داعش» واعتقلت 8 آخرين، على خلفية الهجوم الدامي الذي استهدف، الأحد، قوات الأمن بشمال البلاد.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت الوزارة في بيان إن العملية «استهدفت موقع خلية إرهابية تتبع لتنظيم (داعش) الإرهابي»، وأدت العملية إلى «إلقاء القبض على جميع أفراد الخلية وعددهم 8، وحُيّد (قُتل) العنصر التاسع، متزعم الخلية، أثناء المداهمة».

وأفادت الوزارة بعملية أمنية ثانية بناء على المعلومات التي جمعتها من العملية الأولى، وأسفرت العمليتان عن «ضبط أحزمة ناسفة، وكواتم صوت، وصواريخ من نوع ميم-دال، إلى جانب أسلحة رشاشة».

وقالت الداخلية إن المجموعة المستهدفة «مسؤولة عن تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت دوريات أمنية وعسكرية في محافظتي إدلب وحلب».

وتأتي هذه العملية بعد هجوم استهدف، الأحد، دورية لإدارة أمن الطرق في ريف إدلب، ما أسفر عن مقتل أربعة من عناصر قوى الأمن الداخلي وإصابة خامس، حسب وزارة الداخلية السورية.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» بأن مسلحين أطلقوا النار على الدورية أثناء تنفيذ مهامها على طريق معرة النعمان جنوب المحافظة.

وتبنى تنظيم «داعش» لاحقاً الهجوم، وفق ما أورده موقع «سايت» المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية.

ويأتي ذلك بعد أيام من استهداف وفد عسكري مشترك في مدينة تدمر وسط سوريا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أميركيين، بينهم جنديان ومدني يعمل مترجماً، إضافة إلى إصابة عناصر من القوات الأميركية والسورية، حسب واشنطن ودمشق.


تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
TT

تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)

أقرت مصر حزمة واسعة من التسهيلات لمستثمري منطقة طابا ونويبع، الواقعتين على شاطئ البحر الأحمر بجنوب سيناء، بعد تضرر الأنشطة السياحية هناك على مدار العامين الماضيين، نتيجة الحرب في قطاع غزة والتوترات الأمنية المحيطة بالمنطقة.

وبحسب تصريحات إعلامية لرئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإنه تمت الموافقة من جانب إدارة الهيئة على منح المستثمرين عاماً إضافياً لتأجيل سداد المديونيات، مع وقف المطالبة بالسداد لمدة 18 شهراً دون فوائد، لافتاً إلى أن هذه القرارات جاءت استجابة لمطالب المستثمرين وبعد عدة اجتماعات ميدانية وجولات تفقدية للمنطقة.

وتضمنت حزمة التسهيلات المقررة مد فترة الإعفاء من سداد قيمة الأراضي إلى 3 سنوات بدلاً من عامين، إلى جانب تجميد المديونيات لمدة سنة ونصف السنة دون فرض أي أعباء إضافية.

وأوضح أن المنطقة تعرضت لضغوط استثنائية أدت إلى توقّف غالبية المقاصد السياحية، مشيراً إلى أن عدد الفنادق العاملة حالياً لا يتجاوز 6 فنادق من بين 55 فندقاً مسجلة في المنطقة.

حوافز حكومية لمنتجعات جنوب سيناء في مصر لتنشيط السياحة (هيئة تنشيط السياحة)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى «إغلاق نحو 90 في المائة من المنشآت السياحية في مدينتي طابا ونويبع الواقعتين بسيناء على شاطئ البحر الأحمر وتراجع معدل الإشغالات الفندقية في منتجع شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء نتيجة الحرب على غزة».

الدكتور يسري الشرقاوي، مستشار الاستثمار الدولي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، عدّ التسهيلات المالية التي تقدمها الحكومة المصرية لمساندة المشروعات السياحية المتعثرة خطوة مهمة، لكنها لا تمثل حلاً كاملاً في مواجهة تداعيات الظروف الجيوسياسية الراهنة، مشدداً على ضرورة تبني استراتيجية متعددة المحاور.

وقال الشرقاوي، لـ«الشرق الأوسط»: «تُعد السياحة أحد أهم المصادر للعملة الصعبة في مصر، وكان تأثير الظروف الجيوسياسية على مناطق سيناء، خصوصاً المناطق الجنوبية المتضررة جغرافياً، تأثيراً مباشراً وحاداً».

وتابع: «اليوم، تنظر الحكومة المصرية إلى عام 2026 بوصفه عاماً مرتقباً للهدوء النسبي والاستقرار، وهو العام الذي سيأتي أيضاً بعد شهور من الافتتاح الكامل للمتحف المصري الكبير، والتدابير المتخذة تهدف إلى جعل عام 2026 عاماً ذهبياً لقطاع السياحة إذا ما تلاشت التأثيرات الخارجية»، مؤكداً أن الحلول المالية المطروحة حالياً ستسهم في سداد الفواتير الكبيرة المستحقة على أصحاب المشروعات السياحية المتعثرة في سيناء، ومتوقعاً المزيد من المساعدات التدريجية في هذا الصدد.

وبحسب تصريحات رئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإن الهيئة حرصت على جمع مطالب المستثمرين، وإقرار ما يدعم استمرارية النشاط في المنطقة التي تمثل أحد أهم المقاصد في جنوب سيناء.

واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تحققه البلاد في تاريخها. كما أعلنت زيادة أعداد السائحين خلال الربع الأول من العام الحالي 2025 بنسبة 25 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم التحديات الجيوسياسية التي تواجهها المنطقة.

ودعا الشرقاوي إلى ضرورة تدخل أوسع من الحكومة على 3 محاور متزامنة لضمان جذب أعداد أكبر من السائحين؛ أولها المحور الدبلوماسي والسياسي، عبر استمرار الجهد المكثف، ممثلاً في وزارة الخارجية وتحت توجيهات القيادة السياسية، لضمان التحسن التدريجي المستقر في الظروف الجيوسياسية وتلاشي أثرها، إلى جانب الترويج النوعي، من خلال إعداد وزارة السياحة والآثار المصرية برامج ترويجية جاذبة تستهدف إعادة تثبيت الرؤية الآمنة لأسواق السياحة الدولية تدريجياً، خاصة للوافدين إلى سيناء.

وتابع: «كما يجب أن يكون هناك ترويج مدعوم للسياحة الداخلية للحفاظ على نسب الإشغال داخل هذه المنطقة، فلا يمكن لأي منطقة في العالم أن تتجاوز جميع الآثار إلا إذا تضافرت الأيدي الداخلية مع الدعم الخارجي».


«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

في وقت تحدث فيه إعلام إسرائيلي عن زيادة وتيرة التوتر بين مصر وإسرائيل في الفترة الحالية، بسبب ممارسات حكومة بنيامين نتنياهو في قطاع غزة، قال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأجهزة المصرية رصدت ما تقوم به إسرائيل من مخالفات لاتفاق شرم الشيخ، وأعدت به ملفاً وأبلغت به واشنطن للتأكيد على أن القاهرة ملتزمة ومصرة على تنفيذ الاتفاق».

ووفق عسكريين سابقين بمصر، فإن «القاهرة ترى في ممارسات إسرائيل بغزة محاولة للتملص من خطة ترمب المتفق عليها، واللجوء لترسيخ وجود عسكري إسرائيلي دائم فيما يعرف بالخط الأصفر بغزة، مما يهدد الأمن القومي المصري».

و«الخط الأصفر» هو خط تقسيم يفصل قطاع غزة إلى جزأين، وفقاً لخطة السلام الموقعة بشرم الشيخ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي الخطة التي تهدف إلى إنهاء حرب غزة. ويفصل الخط الأصفر 47 في المائة من الأراضي في المنطقة الغربية التي يسيطر عليها الفلسطينيون، عن 53 في المائة من قطاع غزة التي تسيطر عليها إسرائيل، وتقريباً جميع الفلسطينيين في غزة نزحوا إلى المنطقة الغربية من الخط.

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

وكشف تقرير لـ«القناة 14» الإسرائيلية عن نشاط للجيش الإسرائيلي فيما يعرف بـ«الخط الأصفر»، وتعديل التضاريس الجغرافية لقطاع غزة، وهو ما تعدّه القاهرة «تهديداً مباشراً لمصالحها الإقليمية»، وفق القناة، التي ذكرت أن «ذلك أغضب مصر ودفعها للشكوى إلى الولايات المتحدة، متهمة إسرائيل بأنها تعمل على تقسيم قطاع غزة إلى جزأين، وتغيير التركيبة الديموغرافية والتضاريسية للمنطقة».

وحسب التقرير، فإن القاهرة «تنظر بقلق بالغ لما يجري في قطاع غزة، خصوصاً بعد تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي إيل زامير، حول الخط الأصفر، باعتباره خطاً دفاعياً وهجومياً جديداً»، حيث إن نشاط الجيش الإسرائيلي في المنطقة «الصفراء» - الذي يشمل تدمير بنية تحتية للأنفاق وهدم منازل - «يفسر في القاهرة على أنه استعداد لترسيخ وجود عسكري طويل الأمد في غزة، ما دفع مصر إلى التحرك الدبلوماسي العاجل باتجاه واشنطن»، وفق القناة العبرية.

وأكد نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر غاضبة بشدة من محاولات إسرائيل التملص من التزامها بخطة السلام المتفق عليها، وتحركاتها في المنطقة الصفراء توحي برغبتها في تثبيت وجود عسكري دائم في غزة وقرب الحدود المصرية، مما يمثل تهديداً للأمن القومي المصري».

مصادر تتحدث عن اشتراطات مصرية لعقد قمة بين السيسي ونتنياهو (إعلام عبري)

كامل، وهو مستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات العليا والاستراتيجية قال لـ«الشرق الأوسط»: «الموقف المصري واضح ومحدد وثابت في عده قضايا رئيسية تخص الأمن القومي المصري، ويقوم على أن السلام هو الهدف الرئيسي والاستراتيجي للسياسة الخارجية المصرية، واحترام مصر للاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، خصوصاً اتفاقيه السلام الموقعة عام 1979، والملحق العسكري المرفق بالاتفاقية وتعديلاته الخاصة بزيادة أعداد القوات المسلحة المصرية في سيناء، وضرورة احترام إسرائيل للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين».

وأوضح أن «هناك اشتراطات مصرية للتهدئة مع إسرائيل تتعلق بتنفيذ اتفاق غزة طبقاً لمبادرة الرئيس الأميركي ترمب بمراحلها المختلفة، والبدء فوراً في المرحلة الثانية دون عرقلة أو أسباب واهية، مع التأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والتحول إلى مرحلة السلام، وقيام إسرائيل بالتنفيذ الدقيق للاتفاقية ودخول المساعدات الإنسانية بالكميات المتفق عليها، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

ومن الشروط كذلك بحسب كامل، «رفض مصر الهجرة القسرية أو الطوعية لسكان قطاع غزة، وكذلك الإجراءات الإسرائيلية بالضفة الغربية الخاصة بإقامة المستوطنات وضم الضفة الغربية لإسرائيل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل أراضي القطاع بما فيها محور فيلادلفيا والعودة لحدود 7 أكتوبر 2023، والتأكيد أن الوجود الإسرائيلي الحالي هو وضع مؤقت مرهون بتطور تنفيذ مراحل الاتفاق، وأن الخطوط الملونة ومنها الخط الأصفر، هي خطوط وهمية لا يعتد بها».

الشرط الرابع، وفق كامل، متعلق بـ«مدى تجاوب نتنياهو وحكومته مع المطالب العربية الواضحة في المبادرة العربية، والخاصة بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، والشروع والموافقة على حل الدولتين وعدم التهجير للفلسطينيين؛ سواء بغزة أو الضفة، وإبداء النوايا الحسنة الخاصة بحسن الجوار وعدم الاعتداء، والتجاوب مع المطالب الدولية الخاصة بإخلاء المنطقة من التهديد بالسلاح النووي، وانضمام إسرائيل للاتفاقيات الدولية بذات الشأن».

مسلحون من «حماس» يرافقون أعضاء «الصليب الأحمر» نحو منطقة داخل «الخط الأصفر» الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية في مدينة غزة (أرشيفية - رويترز)

ويعتقد أن «مصر لن تتجاوب مع المساعي الأميركية والإسرائيلية الخاصة بعقد اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، دون تقديم إسرائيل مبادرة واضحة ومحددة لرغبتها في السلام واستقرار المنطقة، وتكون قابلة للتنفيذ».

وذكرت التقارير الإسرائيلية أن الولايات المتحدة حاولت فعلياً تنظيم قمة ثلاثية في واشنطن؛ بين السيسي ونتنياهو بحضور ترمب، لكن الفكرة ارتطمت بجدار الشروط المصرية التي وصفها الإعلام العبري بـ«غير المقبولة» من وجهة النظر الإسرائيلية، لكن التقارير ذاتها أشارت إلى أن القاهرة تتوقع أن يمارس ترمب ضغوطاً خلال لقائه المرتقب مع نتنياهو في فلوريدا نهاية الشهر الحالي، لـ«كبحه» والحد من خطواته في غزة.

وقال مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري، اللواء سمير فرج، إن «هناك تعويلاً كبيراً على القمة التي ستعقد بين ترمب ونتنياهو ومخرجاتها، وإن ترمب بالقطع سيضغط على نتنياهو للالتزام بخطة السلام في غزة، التي تحمل اسم ترمب شخصياً».

ونوه فرج في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن مصر ستقيم الموقف في إطار ما ستتمخض عنه قمة ترمب ونتنياهو، ولكن في الوقت ذاته، فإن موقفها واضح وثابت في أنها لا تقبل أبداً بتثبيت الوجود العسكري الإسرائيلي في الخط الأصفر، أو في أي منطقة من غزة، وكل ما تفعله حكومة نتنياهو تدرك القاهرة تماماً أنه محاولة لعرقلة خطة السلام التي تنص على الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من جميع أراضي غزة.