تركيا تستأنف جسرها الجوي العسكري إلى الوطية

مينينديز: أنقرة تمارس دوراً شريراً في الأراضي الليبية

الرئيس التركي أكد في أكثر من مناسبة استمرار دعم بلاده لحكومة «الوحدة» الليبية (د.ب.أ)
الرئيس التركي أكد في أكثر من مناسبة استمرار دعم بلاده لحكومة «الوحدة» الليبية (د.ب.أ)
TT
20

تركيا تستأنف جسرها الجوي العسكري إلى الوطية

الرئيس التركي أكد في أكثر من مناسبة استمرار دعم بلاده لحكومة «الوحدة» الليبية (د.ب.أ)
الرئيس التركي أكد في أكثر من مناسبة استمرار دعم بلاده لحكومة «الوحدة» الليبية (د.ب.أ)

بينما تواصل تركيا اتصالاتها بشأن مؤتمر «برلين 2»، المقرر عقده بالعاصمة الألمانية في 23 من يونيو (حزيران) الحالي لبحث المرحلة الانتقالية وإرساء الاستقرار في ليبيا، استأنفت إرسال طائرات الشحن العسكري إلى قاعدة الوطية الجوية، التي تسيطر عليها في غرب ليبيا.
وأكد موقع «فلايت رادار» السويدي، المتخصص في رصد حركة الطيران، أن طائرة شحن عسكرية تركية من طراز «إيرباص إيه 400 إم - 180» هبطت في قاعدة الوطية، بعد أن انطلقت أول من أمس من قاعدة عسكرية في أنقرة. مشيراً إلى أن تركيا لم توقف الجسر الجوي مع قواعدها في غرب ليبيا عبر طائرات الشحن العسكرية.
وقبل أيام أكد وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، أن بلاده ستواصل دعم ليبيا، على الرغم مما سماه بـ«استفزازات عملية إيريني» الأوروبية لمنع وصول الأسلحة إلى ليبيا، متهماً العملية بفرض حصار على حكومة الوحدة الوطنية الليبية فقط.
وتسيطر تركيا على قاعدتي «الوطية» الجوية، و«مصراتة» البحرية، كما أرسلت نحو 20 ألفاً من المرتزقة السوريين من الفصائل المسلحة المتشددة الموالية لها في شمال سوريا، أعيد أغلبهم بعد انتهاء عقودهم عقب توقيع اتفاق إطلاق النار في ليبيا، بينما بقي هناك نحو 7 آلاف تتمسك تركيا ببقائهم، بدعوى حماية وجودها العسكري في البلاد، وذلك على الرغم من المطالب المتصاعدة من جانب الأمم المتحدة والحكومة الليبية بإنهاء الوجود الأجنبي في البلاد.
في الوقت ذاته، واصلت تركيا اتصالاتها الرامية للإعداد لمؤتمر «برلين 2» حول ليبيا. فبعد لقاء غير رسمي بين وزيري خارجية البلدين في أنقرة، بحث السفير التركي في طرابلس، كنان يلماظ، مع رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبية خالد المشري القضايا المتوقع طرحها في مؤتمر «برلين 2».
وبحسب مصادر تركية، فقد ناقش الجانبان العلاقات بين أنقرة وطرابلس، وسبل تعزيز التعاون بينهما في جميع المجالات، بما يخدم المصالح المشتركة. كما تطرقا إلى رؤية المجلس الأعلى للدولة الليبية للقضايا، المتوقع طرحها في مؤتمر «برلين 2».
في السياق ذاته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن الخلافات بين بلاده وفرنسا بشأن ليبيا «تراجعت بعد تشكيل الحكومة الليبية الجديدة»، لافتاً إلى أن العلاقات بين الدولتين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) «باتت على مسار إيجابي»، بعد توترها لفترة طويلة.
وأضاف جاويش أوغلو في مقابلة تلفزيونية ليل الأربعاء - الخميس، أن فرنسا تريد التعاون مع تركيا في ليبيا وأفريقيا، موضحاً أن العلاقات بينهما «ستخضع لبحث مفصل» خلال لقاء بين الرئيسين رجب طيب إردوغان وإيمانويل ماكرون، على هامش قمة قادة دول الناتو، التي تنطلق في بروكسل الاثنين المقبل.
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن التطورات في ليبيا وشرق المتوسط ستكون على أجندة لقاء الرئيس جو بايدن مع إردوغان على هامش قمة الناتو في بروكسل.
واستمعت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، ليل الأربعاء، إلى إفادة بلينكن بشأن الأوضاع في ليبيا. ورد بلينكن على سؤال السيناتور الديمقراطي، بوب مينينديز، حول أنشطة تركيا ورئيسها رجب طيب إردوغان «الاستفزازية» في شرق البحر الأبيض المتوسط بالقول، إن هذه الأنشطة «مزعجة للغاية للولايات المتحدة، التي يعرف الجميع حجم خلافاتها العميقة مع تركيا».
بدوره، أشار مينينديز إلى الانتهاك المستمر للقانون الدولي من قبل تركيا، عبر إعلان منطقة اقتصادية خالصة عير معترف بها على الإطلاق، متجهة نحو ليبيا. فضلاً عن تدخلاتها المستمرة في الشؤون الداخلية لها، مؤكداً أن تركيا «تمارس دوراً شريراً في الأراضي الليبية».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.