مظاهرات في الخرطوم تنديداً بتحرير أسعار الوقود

أحزاب مشاركة في الحكومة اعتبرت القرار «صادماً للمواطنين»

سودانيون ينتظرون دورهم للتزود بالوقود أمام إحدى محطات الوقود في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
سودانيون ينتظرون دورهم للتزود بالوقود أمام إحدى محطات الوقود في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

مظاهرات في الخرطوم تنديداً بتحرير أسعار الوقود

سودانيون ينتظرون دورهم للتزود بالوقود أمام إحدى محطات الوقود في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
سودانيون ينتظرون دورهم للتزود بالوقود أمام إحدى محطات الوقود في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

شهدت أحياء متفرقة في العاصمة السودانية الخرطوم، أمس، تظاهرات وإغلاقا للطرق احتجاجا على قرار الحكومة الانتقالية تحرير أسعار الوقود، في وقت يتوقع فيه أن يكون للقرار انعكاسات فورية على الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وزيادة كبيرة في جل أسعار السلع والخدمات الضرورية التي يحتاج إليها المواطن بشكل يومي، وهو ما دفع أحزابا مشاركة في الحكومة إلى انتقاد القرار ووصفه بـ«الصادم للمواطنين».
وردد المحتجون هتافات تطالب بالتراجع الفوري عن هذا القرار، فيما رفع آخرون لافتات تطالب بإسقاط الحكومة الانتقالية.
وقفز سعر لتر البنزين من 150 إلى 290 جنيها، فيما ارتفع لتر «الجازولين» من 125 إلى 285 جنيها، وبلغت الزيادات 100 في المائة. وجاءت هذه الخطوة تماشيا مع مطالب المؤسسات المالية الدولية لشطب ديون السودان الخارجية، البالغة 59 مليار دولار، حيث ينتظر أن تتخذ الدول الدائنة في نادي باريس وخارجه القرار، قبيل نهاية يونيو (حزيران) الحالي.
وأقر وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، في مؤتمر صحافي، مساء أول من أمس، هذا القرار معترفا بأن المواطنين «سيعانون كثيراً من هذه السياسات، وستكون هناك جراحة مؤلمة جدا وعميقة»، ومؤكداً في المقابل أن الحكومة ماضية في تطبيق سياسية التحرير لإزالة تشوهات الاقتصاد السوداني، وأنه «قرار لا رجعة فيه».
وأوضح الوزير جبريل أن الدعم «كان يذهب لغير مستحقيه، ولا تستفيد منه الفئات الهشة، لكن الدولة عازمة على المضي في تنفيذ البرامج الدعم الاجتماعي للأسر الفقيرة». مضيفا أن «الحكومة على علم بمعاناة المواطن، والدولة عاجزة عن كبح جماح السوق. لكن بفضل هذه السياسات سنتمكن من ضبط السوق، ومعرفة حاجة البلاد الحقيقية لكل سلعة».
في سياق ذلك، شدد جبريل على أنه «لا يوجد حل للأوضاع الاقتصادية إلا من خلال سياسات رفع الدعم، ولو سقطت هذه الحكومة فإنه لن يكون هناك مخرج للحكومة المقبلة سوى بهذه الإصلاحات، أو ستسقطوها هي الأخرى».
من جانبه، أوضح وزير الطاقة والنفط، جادين علي عبيد، أن استيراد الدولة للبترول تسبب في انخفاض قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية، مشيرا إلى أن دعم الوقود شوه الاقتصاد السوداني، وأن العلاج الناجع هو تحرير أسعار الوقود، ورفع الدعم عنه نهائياً.
وبحسب وزير الطاقة والنفط، فإن فاتورة استيراد الوقود تبلغ 3 مليارات دولار سنويا، تدفع الحكومة نصفها، فيما يهرب الكثير منه إلى دول الجوار.
وبدأت الحكومة السودانية منذ أشهر في تنفيذ برنامج الدعم النقدي للأسر، بقيمة 5 دولارات للفرد شهريا، يستفيد منه حوالي 80 في المائة من سكان البلاد، وذلك بهدف تقليل الانعكاسات السلبية لسياسات الإصلاح الاقتصادي.
ووصف «تحالف قوى الإجماع الوطني»، الذي يضم أحزابا مشاركة في الحكومة الانتقالية، في بيان الزيادات بأنها «صادمة وتفاقم المعاناة، لكنها لن تكون الأخيرة، حيث سيتم مراجعتها دوريا وفق آلية السوق». مضيفا أن إصرار الحكومة على تطبيق سياسات السوق الحر، «أدت إلى الزيادات المستمرة في أسعار السلع والخدمات، وتدهور قيمة العملة الوطنية، وزيادة عجز الموازنة، وتضخم تصاعدي تخطى عمليا 400 في المائة».
كما أشار «التحالف» إلى أن توقيت إعلان الزيادات جاء استجابة ورضوخا من الحكومة لمطالب الدائنين والممولين الدوليين، التي اشترطوها خلال مؤتمر باريس في مايو (أيار) الماضي، وكأحد المطالب لإمكانية التوصل لقرار إعفاء ديون السودان. معلنا أنه سيقاوم هذه السياسات الاقتصادية بجميع وسائل العمل السياسي السلمي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».