علماء: التباعد الاجتماعي أضعف مناعة الأطفال

طلاب يجلسون داخل ألواح زجاجية في فصل دراسي بمدرسة هولندية (رويترز)
طلاب يجلسون داخل ألواح زجاجية في فصل دراسي بمدرسة هولندية (رويترز)
TT

علماء: التباعد الاجتماعي أضعف مناعة الأطفال

طلاب يجلسون داخل ألواح زجاجية في فصل دراسي بمدرسة هولندية (رويترز)
طلاب يجلسون داخل ألواح زجاجية في فصل دراسي بمدرسة هولندية (رويترز)

زعم عدد من العلماء أن إجراءات التباعد الاجتماعي، التي تم تطبيقها في معظم دول العالم للوقاية من فيروس كورونا المستجد، أضعفت أجهزة المناعة لدى الأطفال الصغار وقللت قدرتهم على مقاومة الفيروسات والأمراض الشائعة.
وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فعلى مدار الأشهر الـ14 الماضية، لم تقلل القيود على الاختلاط والسفر، جنباً إلى جنب مع ارتداء الأقنعة والتباعد الاجتماعي، من خطر الإصابة بـ«كورونا» فحسب، بل أدت أيضاً إلى تقليل خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة الأخرى، وهو الأمر الذي أبدى علماء الفيروسات قلقهم حياله، مؤكدين على ضرورة عدم تجنب الفيروسات بشكل كامل.
ووفقاً للعلماء، فقد كان الأطفال قبل الوباء يتعرضون بشكل منتظم للعديد من مسببات الأمراض الفيروسية، ورغم أن هذا لا يؤدي دائماً إلى مرضهم، فإن التعرض يساعد في تقوية جهازهم المناعي ضد الفيروسات في حال الإصابة بها في المستقبل.
ويشعر العلماء بالقلق من أنه، إذا بدأت الحياة في العودة إلى طبيعتها، فإن فيروسات الجهاز التنفسي التي تنتشر عادة كل شتاء ستعود بشكل شرس وتشكل تهديداً كبيراً على الصحة والمجتمع قد يفوق تهديد «كورونا».
وحذر العلماء بشكل خاص من «الفيروس المخلوي التنفسي (RSV)»، وهو فيروس يمكن أن يتسبب في التهابات رئوية خطيرة تتطلب دخول المستشفى، وأحياناً الموت، في الأطفال الصغار، ولا توجد لقاحات معتمدة له.
وقالت الدكتورة كاثرين مور، استشارية الصحة العامة في ويلز: «إن فيروس الإنفلونزا خطير بالطبع، ولكن هناك لقاح ضده، أما (الفيروس المخلوي التنفسي) فليس له لقاح حالياً ومن ثم فإن عدم تعرض الأطفال له وتطوير مناعة ضده قد يشكل أزمة صحية مستقبلية». وأضافت: «في حين أن (كورونا) قد تسبب في دخول عدد كبير من البالغين للمستشفيات ووحدات العناية المركزة، فإن الأمر ذاته قد يحدث مع الأطفال بعد عودة الحياة لطبيعتها ولكن هذه المرة بسبب إصابتهم بـ«الفيروس المخلوي التنفسي».
ووفقاً للكلية الملكية للممارسين العامين (RCGB)، فقد تم اكتشاف عدد من حالات الإصابة بـ«الفيروس المخلوي التنفسي» الشهر الماضي في المملكة المتحدة، وهو أمر غير معتاد نظراً لأن الفيروس ينتشر عادة في الشتاء.
وقال دينان بيلاي، أستاذ علم الفيروسات في كلية لندن الجامعية: «الإصابة بـ(الفيروس المخلوي التنفسي) في أواخر مايو (أيار) هو أمر غير معتاد تماماً».
وأضاف بيلاي إن هذا الأمر قد يكون ناتجاً عن كون الأطفال أصبحوا أكثر حساسية تجاه الفيروس مع عدم تطويرهم مناعة ضده في الفترة الماضية، وقد ظهرت هذه الأزمة بوضوح مع بدء تخفيف قيود «كورونا».
من جهته، قال ويليام إيرفينغ، أستاذ علم الفيروسات في جامعة نوتنغهام، إن «هناك الكثير من الأمور المجهولة حالياً ومن الصعب التنبؤ بالضبط بما سيحدث في الشتاء مع الفيروس المخلوي التنفسي ومسببات الأمراض الأخرى». وأضاف: «لم نشهد عدداً كبيراً من الإصابات بالإنفلونزا في الشتاء الماضي، لذا فإنها إذا عادت في الشتاء المقبل، فقد تكون شرسة بشكل خاص».
وعبر العلماء عن قلقهم أيضاً من عدم حصول عدد كبير من الأطفال على اللقاحات الروتينية لعدد من الأمراض المختلفة خلال تفشي الوباء، بسبب الضغط الذي واجهته أنظمة الرعاية الصحية، مؤكدين أن هذا الأمر قد يتسبب في كارثة مستقبلية.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
TT

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)

سادت حالة من الحزن في الوسطين الفني والرسمي المصري، إثر الإعلان عن وفاة الفنان نبيل الحلفاوي، ظهر الأحد، عن عمر ناهز 77 عاماً، بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

وكان الحلفاوي قد نُقل إلى غرفة العناية المركزة في أحد المستشفيات، الثلاثاء الماضي، إثر تعرضه لوعكة صحية مفاجئة، وهو ما أشعل حالة من الدّعم والتضامن معه، عبر جميع منصات التواصل الاجتماعي.

ونعى رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الفنان الراحل، وقال في بيان: «كان الفقيد قامة فنية شامخة؛ إذ قدّم عبر سنوات إبداعه الطويلة أعمالاً فنية جادة، وساهم في تجسيد بطولات وطنية عظيمة، وتخليد شخوص مصرية حقيقية خالصة، وتظلّ أعماله ماثلة في وجدان المُشاهد المصري والعربي».

الفنان الراحل نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

وعبّر عددٌ من الفنانين والمشاهير عن صدمتهم من رحيل الحلفاوي. منهم الفنانة بشرى: «سنفتقدك جداً أيها المحترم المثقف الأستاذ»، مضيفة في منشور عبر «إنستغرام»: «هتوحشنا مواقفك اللي هتفضل محفورة في الذاكرة والتاريخ، الوداع لرجل نادرٍ في هذا الزمان».

وكتبت الفنانة حنان مطاوع: «رحل واحدٌ من أحب وأغلى الناس على قلبي، ربنا يرحمه ويصبّر قلب خالد ووليد وكل محبيه»، مرفقة التعليق بصورة تجمعها به عبر صفحتها على «إنستغرام».

الراحل مع أحفاده (حسابه على «إكس»)

وعدّ الناقد الفني طارق الشناوي الفنان الراحل بأنه «استعاد حضوره المكثف لدى الأجيال الجديدة من خلال منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتاد أن يتصدّر الترند في الكرة والسياسة والفن»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحلفاوي رغم موهبته اللافتة المدهشة وتربيته الفنية الرّاسخة من خلال المعهد العالي للفنون المسرحية، لم يُحقّق نجوميةَ الصف الأول أو البطل المطلق».

وعبر منصة «إكس»، علّق الإعلامي اللبناني نيشان قائلاً: «وداعاً للقدير نبيل الحلفاوي. أثرى الشاشة برقِي ودمَغ في قلوبنا. فقدنا قامة فنية مصرية عربية عظيمة».

ووصف الناقد الفني محمد عبد الرحمن الفنان الراحل بأنه «صاحب بصمة خاصة، عنوانها (السهل الممتنع) عبر أدوار أيقونية عدّة، خصوصاً على مستوى المسلسلات التلفزيونية التي برع في كثير منها»، لافتاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «السينما خسرت الحلفاوي ولم تستفِد من موهبته الفذّة إلا في أعمال قليلة، أبرزها فيلم (الطريق إلى إيلات)».

حنان مطاوع مع الحلفاوي (حسابها على «إنستغرام»)

وُلد نبيل الحلفاوي في حي السيدة زينب الشعبي عام 1947، وفور تخرجه في كلية التجارة التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية الذي تخرج فيه عام 1970، ومن ثَمّ اتجه لاحقاً إلى التلفزيون، وقدّم أول أعماله من خلال المسلسل الديني الشهير «لا إله إلا الله» عام 1980.

ومن أبرز أعمال الحلفاوي «رأفت الهجان» عام 1990 الذي اشتهر فيه بشخصية ضابط المخابرات المصري «نديم قلب الأسد» التي جسدها بأداءٍ يجمع بين النبرة الهادئة والصّرامة والجدية المخيفة، بجانب مسلسل «غوايش» و«الزيني بركات» 1995، و«زيزينيا» 1997، و«دهشة» 2014، و«ونوس» 2016.

مع الراحل سعد أردش (حسابه على «إكس»)

وتُعدّ تجربته في فيلم «الطريق إلى إيلات» إنتاج 1994 الأشهر في مسيرته السينمائية، التي جسّد فيها دور قبطانٍ بحريّ في الجيش المصري «العقيد محمود» إبان «حرب الاستنزاف» بين مصر وإسرائيل.

وبسبب شهرة هذا الدور، أطلق عليه كثيرون لقب «قبطان تويتر» نظراً لنشاطه المكثف عبر موقع «إكس»، الذي عوّض غيابه عن الأضواء في السنوات الأخيرة، وتميّز فيه بدفاعه المستميت عن النادي الأهلي المصري، حتى إن البعض أطلق عليه «كبير مشجعي الأهلاوية».

نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

ووفق الناقد محمود عبد الشكور، فإن «مسيرة الحلفاوي اتّسمت بالجمع بين الموهبة والثقافة، مع دقة الاختيارات، وعدم اللهاث وراءَ أي دور لمجرد وجوده، وهو ما جعله يتميّز في الأدوار الوطنية وأدوار الشّر على حد سواء»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لم يَنل ما يستحق على مستوى التكريم الرسمي، لكن رصيده من المحبة في قلوب الملايين من جميع الأجيال ومن المحيط إلى الخليج هو التعويض الأجمل عن التكريم الرسمي»، وفق تعبيره.