رئيس جامعة الأزهر: خادم الحرمين جمع علماء الأمة ليبينوا للعالم الصورة الحقيقية للإسلام

قال لـ«الشرق الأوسط» إن «داعش» صنيعة أعداء الإسلام.. ومؤتمر مكة مقدمة لقوة عربية رادعة في مواجهة أمثاله

الدكتور عبد الحي عزب
الدكتور عبد الحي عزب
TT

رئيس جامعة الأزهر: خادم الحرمين جمع علماء الأمة ليبينوا للعالم الصورة الحقيقية للإسلام

الدكتور عبد الحي عزب
الدكتور عبد الحي عزب

أشاد الدكتور عبد الحي عزب، رئيس جامعة الأزهر، بدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ورعايته الكريمة لإقامة المؤتمر العالمي الإسلام ومحاربة الإرهاب، الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة الأسبوع الماضي.
وقال عزب، لـ«الشرق الأوسط»: «هذه دعوة ورعاية كريمة من قبل خادم الحرمين الشريفين، تبين للعالم وبصوت عال أن الأمة الإسلامية بعلمائها تقول بصوت واحد: الإسلام بريء مما تحاولون إلصاقه به». وأشار الدكتور عزب إلى أن المؤتمر سيكون انطلاقة لتشكيل قوة عربية رادعة في وجه الإرهاب، مبينا أنه «حين يجتمع العلماء على كلمة واحدة معتصمين بحبل الله ولا يتفرقون، فإن هذه مقدمة مهمة لتجمع الشعوب العربية وتشكيل قوة عربية رادعة لتقف في مواجهة هؤلاء اللئام الذين يريدون التهام بلاد العرب وبلاد المسلمين الواحد تلو الآخر». وتطرق إلى توقيت المؤتمر فقال «المؤتمر انعقد في وقت مناسب، لأن هذا الوقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى توحيد كلمة علماء المسلمين وجمعها، ففي هذا الوقت بالذات تتعرض الأمة الإسلامية لتهديدات من بعض من ابتلينا بهم في وقتنا الحالي من أمثال (داعش) وغيره، ومن تلك الفئات التي تمارس الإرهاب وبعد ذلك تأتي وتدعي الإسلام، فهي تقتل باسم الإسلام وتسفك الدماء باسم الإسلام، وتهدم البيوت كذلك باسم الإسلام، فهل الإسلام يبيح مثل هذه الأفعال؟! بالطبع لا، لكن للأسف مثل هذه الأفعال جعلت أعداء الإسلام يلصقون التهم بديننا الحنيف». وأضاف «من هنا جاء هذا المؤتمر في التوقيت المناسب ليخاطب العالم أجمع، وفي تظاهرة علمية، ضمت علماء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، الذين اجتمعوا في هذا الوقت العصيب بجوار بيت الله الحرام وفي البلد الأمين، ليقولوا كلمة الحق، وليعلنوا للدنيا بأسرها أن علماء المسلمين جاءوا إلى مكة المكرمة؛ بدعوة كريمة ورعاية كريمة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حفظه الله، لتُعلن كلمة عالية الصوت، ويُقال للعالم إن الأمة الإسلامية بعلمائها تقول بصوت واحد: الإسلام بريء مما تحاولون الإلصاق به». وتابع عزب «إن الداعشيين أو الإرهابيين ما هم إلا فئة خرجت على الشعوب والأوطان والدول ومجتمعاتها، لتنال منهم وتعتدي على الشريعة الإسلامية ومقاصدها».
وفي ما يتعلق بالحقوق الإنسانية قال «الشرع الحكيم حافظ على المقاصد والكليات الخمس، ولو فصلنا في ذلك لاتضح أن الشرع حافظ على الدين، وهم بعيدون كل البعد عن حفظ الدين. وحفظ الشرع الأنفس، أما هم فوجودهم في الأصل لقتل الأنفس والأرواح. وفي حين أن الشرع يحفظ الأعراض فهم جاءوا لانتهاكها. وهم يستهدفون هلاك النسل، والشرع الحكيم يحافظ على النسل، وينطبق ذلك أيضا على المال أحد الجوانب المهمة، فهم يهدرون المال، في حين أن الشرع يحفظه وينميه، وبعد هذا السرد تتضح الصورة أن (داعش) وأمثاله بعيدون كل البعد عن جوهر الإسلام ومعناه».
وعن «داعش» وما يقوم به من أفعال إرهابية، شدد الدكتور عزب على أن «(داعش) وغيره ومن يمثلون هذا الفكر هم صنيعة أعداء الإسلام، فـ(داعش) لم يصنع نفسه، وإنما صنيعة غيره ومن لهم مصالح في تشويه صورة الإسلام، وهم جاءوا كالذئاب ليعتدوا على مقاصد الشرع الحكيم». واختتم عزب حديثه بالتأكيد على أن «اجتماع مكة هو تظاهرة عالمية لعدد من العلماء، التفوا حول هدف واحد، وحول كلمة سواء، وإنما هو تعبير صادق واعتصام للأمة حول كلمة الحق، وذلك يشير إلى بداية تجمع الأمة في مواجهة هؤلاء الإرهابيين»، مضيفا أن مؤتمر مكة جاء بمحاور عظيمة لينبه المسلمين والعالم أجمع إلى هذا الخطر الداهم الذي يزحف علينا، باستعمار جديد وشكل جديد.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.