القوى المعارضة في حلب ترفض خطة التجميد وتعتبرها «جزئية ومتناقضة مع المقررات الدولية»

تأرجحت مواقف القوى العسكرية والسياسية المعارضة في محافظة حلب، أمس، من خطة المبعوث الدولي إلى سوريا لتجميد القتال في حلب، بعد اجتماع دام يومين في مدينة كيلس التركية الحدودية مع محافظة حلب، ما بين «الموافقة المشروطة على خطة دي ميستورا لتجميد القتال، والرفض المشروط للمبادرة»، حتى رست على الثانية. واستبقت المعارضة لقاءها مع المبعوث الدولي لدى سوريا المرتقب خلال الأيام المقبلة في تركيا، بإعلانها أمس رفض خطته الداعية إلى تجميد القتال في حلب والمطالبة بأن تشمل كل المناطق السورية. وأتى هذا الموقف في وقت أنهى فيه ستيفان دي ميستورا زيارته إلى دمشق حيث التقى عددا من المسؤولين السوريين.
غير أن مكتب دي ميستورا رد على القرار بصورة غير مباشرة عبر رسالة إلكترونية للصحافة، في اعقاب زيارته لدمشق، بتأكيده على أن المبعوث الدولي مستمر في اجتماعاته مع الحكومة السورية، وأنه «سيرسل بعثة من مكتبه إلى حلب لتقييم الوضع على الأرض، وضمان أنه بمجرد الإعلان عن تجميد القتال، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في المساعدات الإنسانية وإعداد الترتيبات اللازمة لمتابعة الانتهاكات التي ستتم في ظل التجميد». ولم يحدد التصريح تأثير قرار المعارضة الرافض والمشروط على المضي بالخطة.
وكانت القوى العسكرية والسياسية المعارضة في محافظة حلب قد رفضت أمس الخطة المتعلقة بتجميد القتال في مدينة حلب، ووصفتها بأنها «جزئية وتتناقض مع المقررات الدولية ومع مطلب رحيل الرئيس السوري بشار الأسد».
وقالت في بيان صادر عن «هيئة قوى الثورة في حلب» التي تضم ممثلين عن المجموعات المقاتلة في محافظة حلب وعن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية والفاعليات في المحافظة: «نعلن رفض اللقاء مع ستافان دي ميستورا إلا على أرضية حل شامل للمأساة السورية يتضمن رحيل الأسد وأركانه ومحاسبة مجرمي الحرب منهم». وطالب بأن تشمل الخطة كل المناطق السورية.
وفي هذا الإطار، قال سمير نشار، عضو الائتلاف الوطني، الذي كان حاضرا الجلسة المغلقة التي عقدت يوم السبت وتابع مجريات الاجتماعات التي استمرت أمس، إن الأولوية بالنسبة إلى المعارضة تبقى للأهمية الإنسانية، متسائلا: «لماذا لا تبدأ الهدنة من منطقتي الغوطة الشرقية والوعر في حمص المحاصرتين، مثلا، على أن تتوسع دائرة تجميد القتال إلى منطقة حلب إذا كان لدى كل من النظام السوري والمبعوث الدولي مصداقية في التعامل مع هذه القضية؟!».
وأوضح نشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن رفض التجاوب مع الخطة سببه بشكل أساسي يعود إلى أن هناك تحفظات وشكوكا في أوساط ممثلي المعارضة السياسية والعسكرية حول نية ومصداقية النظام وسبب اختيار حلب بالتحديد، بينما هناك مناطق عدة أخرى، لا سيما الوعر والغوطة، يفتقد النساء والأطفال فيهما الغذاء والدواء. ولفت إلى أن المعارضة العسكرية كانت قد أبدت استعدادها لتجميد القتال في هاتين المنطقتين، وهو الأمر الذي طرح خلال اجتماع وفد الائتلاف قبل أيام في تركيا مع دي ميستورا، لكن جواب الأخير كان أن أهمية حلب تكمن في رمزيتها التاريخية والثقافية والاقتصادية.
وذكرت «صحيفة الوطن» أمس أن المبعوث الدولي إلى سوريا أجرى خلال زيارة سريعة له إلى دمشق، جلسة مباحثات مطولة في وزارة الخارجية والمغتربين على أن يعود إلى سوريا خلال الأيام المقبلة بعد أن يجري سلسلة مفاوضات مع المعارضة. وأشارت إلى أن نائب رئيس مجلس الوزراء الوزير وليد المعلم استقبل دي ميستورا والوفد المرافق له بحضور نائب الوزير فيصل المقداد والمستشار أحمد عرنوس، وجرى خلال اللقاء متابعة النقاش حول خطة التجميد في حلب، وتم الاتفاق على إرسال بعثة من مكتب المبعوث الأممي بدمشق إلى حلب للاطلاع على الوضع فيها.
وكان دي ميستورا قد أعلن منتصف شهر فبراير (شباط) الماضي، بعد لقائه الرئيس السوري بشار الأسد، أن الأخير مستعد لوقف قصفه الجوي والمدفعي على حلب لمدة 6 أسابيع لإتاحة تنفيذ هدنة مؤقتة في المدينة التي تشهد معارك شبه يومية منذ صيف 2012 تسببت في دمار واسع ومقتل الآلاف.
وقد تشكلت في اجتماعات المعارضة السبت الماضي التي عقدت برئاسة رئيس الائتلاف السوري المعارض خالد خوجة وضمت شخصيات سياسية وعسكرية ومدنية معارضة من حلب للبحث في خطة دي ميستورا، لجنة من 7 أعضاء بينهم مختصون وخبراء في القانون الدولي والسياسة الدولية، مهمتها التعامل سياسيا وإعلاميا مع المبادرة، كما تم تشكيل لجنة استشارية من 15 عضوا مهمتها تقديم الدعم الفني والسياسي والقانوني للجنة المفوضة بمتابعة مبادرة دي ميستورا، إضافة إلى لجنة ثالثة للتشاور والتواصل مع القوى والمؤسسات الثورية في حلب من أجل صياغة مسودة نظام داخلي تمهيدا لتشكيل هيئة قوى الثورة في حلب التي ستكون بمثابة المظلة السياسية والعسكرية لجميع القوى في كامل المحافظة.
وضمت الاجتماعات التي كانت تهدف للبحث في رد موحد باسم مدينة حلب على المبادرات السياسية الدولية، ممثلين عن الائتلاف والحكومة السورية الانتقالية ومجلس محافظة حلب الحرة، و«الجبهة الشامية»، و«حركة أحرار الشام»، و«المحامون الأحرار»، و«اتحاد ثوار حلب»، و«المهندسون الأحرار»، و«الحزب الديمقراطي الكردستاني»، و«الحزب الديمقراطي التقدمي»، و«المجلس التركماني».
ودعا خوجة في كلمة له خلال الاجتماع الأول، الحاضرين إلى «التعامل مع المبادرات ضمن عدة اعتبارات، أولا: أن تكون حلا وطنيا شاملا لكل الأراضي السورية، فأوضاع مدينة حلب كأوضاع حي الوعر في حمص والغوطة في دمشق. ثانيا: السعي لعدم استفادة النظام من أي مبادرة. ثالثا: الحرص على ألا تؤدي المبادرات لخسران الحاضنة الشعبية». وأكد أن الائتلاف «لم يتخل عن هدف إسقاط رأس النظام وكل رموزه، وهو هدف الثورة السورية».
في سياق آخر، وقبل مغادرته البلاد، زار الموفد الدولي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا ديرا قرب دمشق للطائفة الآشورية، للتعبير عن تضامنه مع المسيحيين الآشوريين المخطوفين لدى تنظيم داعش في شمال شرقي البلاد، بحسب ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.
ووصل دي ميستورا إلى دير إبراهيم الخليل في جرمانا جنوب شرقي دمشق، بشكل مفاجئ بعد دقائق على انتهاء قداس أقامه الآشوريون في المنطقة خصص للصلاة من أجل الآشوريين الـ220 الذين خطفهم التنظيم في محافظة الحسكة هذا الأسبوع. وتبادل دي ميستورا الحديث مع الكاهن توما كاكا في باحة الكنيسة وأعرب له «عن تعاطفه مع قضية الآشوريين المخطوفين»، بحسب ما أفاد عضو في وفد المبعوث الدولي رفض الكشف عن اسمه. ثم دخل الكنيسة لمدة 5 دقائق، وغادر المكان مع مرافقيه في سيارتين تابعتين للأمم المتحدة.