أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس انطلاق عمليات عسكرية {لتحرير} محافظة صلاح الدين، لا سيما مركزها مدينة تكريت التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية، مؤكدا ان {الاولوية} هي لحماية المدنيين.
وبحسب العبادي، تشارك في العمليات العسكرية قوات من الجيش والشرطة العراقية، اضافة الى بعض العشائر السنية، وقوات من {الحشد الشعبي}. وبدت تصريحات العبادي التي ادلى بها من مدينة سامراء جنوب تكريت حيث قال انه انتقل للإشراف على العملية، اشبه بمحاولة لتبديد مخاوف من حصول عمليات انتقام ضد أهالي تكريت والمناطق المحيطة بها، والذين تتهم بعض عشائرهم بحمل السلاح الى جانب تنظيم الدولة الاسلامية، او على الاقل عدم القتال ضده.
وقال العبادي :{وجودنا هنا في محافظة صلاح الدين من اجل اطلاق العمليات العسكرية في محافظة صلاح الدين لتحرير اهالي}. وأضاف: {الاولوية التي اعطيناها للقوات المسلحة وجميع القوات التي تشارك معها ان ترعى وتحافظ على أمن المواطنين وان ترعى المواطنين، لأن همنا الاول والاخير هو حماية المواطنين وتوفير الامن} لهم.
وقبل ادلاء العبادي بتصريحاته عبر صفحاته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي مساء أمس، تضاربت الأنباء حول ساعة الصفر لبدء العملية العسكرية.
ونفى قائد عسكري ميداني الأنباء التي تحدثت عن انطلاق عملية تحرير محافظة صلاح الدين بالكامل بدءا من مدينة تكريت التي يحتلها تنظيم داعش منذ 12 يونيو (حزيران) 2014.
وقال القائد العسكري العراقي الذي يحمل رتبة عميد ركن ويشارك في عمليات صلاح الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» شريطة عدم الإشارة إلى اسمه، إن «التحشدات اكتملت بالفعل، وبدأت عمليات عسكرية هنا وهناك في بعض مناطق المحافظة، وأستطيع القول إننا بهذه الحشود من القوات العسكرية والشرطة الاتحادية وقوات الحشد الشعبي وأبناء العشائر فضلا عن طيران الجيش والغطاء الجوي من قبل التحالف الدولي، نستطيع تطهير مناطق واسعة من المحافظة»، موضحا أنه «من الناحية العسكرية لم تحدد ساعة الصفر بعد، وهذا من اختصاص القائد العام للقوات المسلحة وقيادة القوات المشتركة».
وردا على سؤال بشأن القصف المدفعي الذي بدأته القوات العراقية منذ أول من أمس والذي بدا وكأنه تمهيد لبدء المعركة البرية، قال القائد العسكري الميداني إن «القصف كان يستهدف مواقع لتنظيم داعش في مناطق مختلفة لا سيما تجمعاتهم ومخازن عتادهم وخطوط إمداداتهم، لكن ما يعوق القصف المدفعي حتى الآن هم المواطنون الآمنون الذين لا يزالون في مناطقهم والذين يحاول هذا التنظيم الإرهابي إجبارهم على عدم المغادرة من أماكنهم حتى يستخدمهم دروعا بشرية في حال بدأت المعارك ولكي يتحصن بينهم، مما يجعل من الصعوبة استمرار القصف المدفعي الذي قد يذهب ضحيته مواطنون أبرياء نرى أن الكثير منهم محتجزون لديه».
بدوره، قال شيخ قبائل الجبور ورئيس مجلس شيوخ محافظة صلاح الدين خميس ال جبارة لـ«الشرق الأوسط» إن «من بين الأسباب التي تحول دون مغادرة أعداد كبيرة من الأهالي بيوتهم في مدن تكريت والعلم والدور وغيرها من الأقضية والنواحي، أنهم في حال خرجوا ليس أمامهم طريق مفتوح سوى طريق كركوك، لكنهم حين يصلون إلى المدينة سيواجهون قضية أصعب، وهي تدبير مساكن للسكن، وبسبب أزمة النازحين، فإن أقل منزل للسكن لا يقل إيجاره عن مليون دينار (نحو 800 دولار أميركي) مما يجعل المواطنين يفضلون البقاء في بيوتهم والموت فيها».
وبشأن التهديدات التي أطلقها قائد الحشد الشعبي ورئيس منظمة بدر، هادي العامري، لبعض عشائر صلاح الدين وفي المقدمة منهم البوعجيل إما بالوقوف إلى جانب الحكومة أو البقاء مع «داعش»، قال الشيخ الجبارة: «من غير المعقول اتهام عشيرة بكاملها بالإرهاب، لكن هناك مجرمون في كل عشيرة، وهذا أمر طبيعي، ولكن دعني أقل لك إن هناك عشائر انضم كثير من أبنائها إلى (داعش)، وبالتالي أصبحت العشيرة متهمة، ولكننا نرى أن الأمر ليس كذلك».
وبخصوص رؤية أهالي تكريت لطبيعة المعركة قال الجبارة إن «من الواضح أن هناك تحشدات مائة في المائة من القوات الأمنية والجيش والحشد الشعبي والطيران والعشائر، لكن العملية لم تبدأ بعد رغم أنها يمكن أن تبدأ في أي لحظة، والأهم من ذلك أنه لم يعد هناك مجال للتراجع بعد أن استكملت كل التحضيرات».
من جهته، أكد القيادي بالحشد الشعبي يزن الجبوري لـ«الشرق الأوسط» أن «عملية تحرير تكريت بدأت بالفعل من عدة محاور، منها محور باتجاه العلم والبوعجيل وتكريت، ومحور آخر غرب النهر باتجاه الفتحة وبيجي التي لم يتم تأمينها بالكامل خلال العمليات السابقة بسبب وصول إمدادات عبر النهر لتنظيم داعش، لكن الأمر اختلف الآن؛ إذ تم غلق هذا الخط، وبالتالي صار ممكنا الآن تطهير بيجي بالكامل». وأشار الجبوري إلى أن «الهدف الآن هو تأمين هذه المناطق ومن ثم مسك الأرض حتى لا تحصل أي انتكاسة في المستقبل، ثم تبدأ المرحلة الأخرى من العمليات، وهي الوصول إلى قضاء الشرقاط، وبالتالي يكون تحرير كل محافظة صلاح الدين قد اكتمل»، موضحا أن «عملية تحرير المناطق المحاذية لتكريت قد لا تستغرق أكثر من 7 أيام».
من ناحية ثانية، قال العقيد محمد إبراهيم، مدير إعلام الشرطة الاتحادية في صلاح الدين، لـ«الشرق الأوسط» إن تشكيلات عسكرية معززة بالدبابات والمدرعات وآليات أخرى مختلفة تحركت من سامراء شمالا باتجاه تكريت، موضحا أن هذه القوة «سميت (قوة تحرير العراق)، وقد تدربت في مناطق مشابهة تمامًا لمناطق تكريت وبقية مدن محافظة صلاح الدين». وأضاف إبراهيم: «سبق لـ(قوة تحرير العراق) أن شاركت في معارك تحرير مناطق جرف الصخر (جنوب غربي بغداد) وفي مناطق محافظة ديالى مثل جلولاء والسعدية، وفي سلسلة جبال حمرين، وكذلك اشتركت في تحرير مناطق في محافظة صلاح الدين مثل بلد والضلوعية جنبًا إلى جنب مع قوات الحشد الشعبي ومقاتلي العشائر».
بدوره، كشف عضو مجلس محافظة صلاح الدين، أحمد ناظم، لـ«الشرق الأوسط» أنه «قبل شهرين تقريبا جمعنا لقاء بمسؤولين ومستشارين عسكريين في التحالف الدولي وأبلغونا بأنهم لن يوفروا الإسناد والغطاء الجوي في المحافظة بسبب وجود الحشد الشعبي، وأنه إذا كنا نرغب بغطاء جوي من قبلهم، فإن علينا إخراج الحشد وإسناد مهام التحرير لقوات الجيش والشرطة حصرا»، لافتا إلى أن «التحالف الدولي سواء وفر الغطاء الجوي لعمليات التحرير ومحيطها أم لم يوفره، فإن العمليات العسكرية بدأت فعلا وبغطاء جوي عراقي».
وفي تطور لاحق أمس، قالت مصادر أمنية عراقية لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الجيش والحشد الشعبي حققتا تقدما كبيرا في ناحية الدور (25 كلم جنوب تكريت) واستعادت السيطرة على أجزاء واسعة من الناحية بعد ساعات من بدء معركة التحرير، مؤكدة سقوط عشرات القتلى في صفوف تنظيم داعش. وتوقع عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة صلاح الدين، علي الدجيلي، تحرير ناحية الدور (25 كلم جنوب تكريت مركز محافظة صلاح الدين) وأن القوات العراقية ستنتهي من تحرير ناحية الدور بالكامل خلال ساعات.
رئيس الوزراء العراقي يعلن اطلاق عملية {تحرير} محافظة صلاح الدين من {داعش}
قائد عسكري عراقي لـ«الشرق الأوسط»: بدأنا عمليات لكن ننتظر تحديد ساعة الصفر
رئيس الوزراء العراقي يعلن اطلاق عملية {تحرير} محافظة صلاح الدين من {داعش}
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة