ماكينزي: نواجه ضغوطاً من «الميليشيات» في العراق للخروج النهائي

أكد أن حكومة الكاظمي تتحمل مسؤولية حماية الجنود الأجانب

الجنرال كينيث ماكينزي (أ.ب)
الجنرال كينيث ماكينزي (أ.ب)
TT

ماكينزي: نواجه ضغوطاً من «الميليشيات» في العراق للخروج النهائي

الجنرال كينيث ماكينزي (أ.ب)
الجنرال كينيث ماكينزي (أ.ب)

كشفت الولايات المتحدة أن قواتها في العراق تتعرض لضغوط من قبل الميليشيات التابعة لإيران للخروج من العراق، لكنها أكدت أن قرار الخروج هو بيد الحكومة العراقية، وليس قرار الميليشيات المسلحة، وأن الوجود الأميركي هناك جاء بناءً على طلب من الحكومة.
وقال الجنرال كينيث ماكينزي، قائد القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط، إن «الجماعات المسلحة التابعة لإيران، التي تريد إخراج القوات الأميركية من العراق، باتت تستخدم أنظمة جوية صغيرة بدون طيار (درونز)، بعضها صغير جداً، يمكن أن تكون مميتة للغاية، وذلك لدفعنا خارج البلاد».
واعتبر ماكينزي خلال حديثه في إحاطة هاتفية، أن تلك الميليشيات تلجأ إلى هذا الأسلوب لأنها لم تتمكن من إجبار حكومة العراق على طلب رحيل القوات الأميركية، وأن ضغوطها السياسية لم تنجح، «لذا هم الآن يتجهون إلى النهج الحركي الهجومي»، مؤكداً أنه أمر مقلق للغاية بالنسبة لأميركا أن تُستهدف قواتها العسكرية، وأن الأميركيين لن يتهاونوا في اتخاذ ما يناسب للدفاع عن أنفسهم.
وأضاف: «لدينا مجموعة متنوعة من الإجراءات التي يمكننا اللجوء إليها، وكما هو الحال في أفغانستان أيضاً، فإن المسؤولية الأساسية للدفاع عن قواتنا وشركائنا في الناتو وكل من يوجد هناك، هي مسؤولية الحكومة المحلية الأساسية في العراق وأفغانستان، وتم الحديث عن هذا الأمر مع حكومة العراق». وأضاف: «وجودنا هناك هو بناءً على دعوة من الحكومة».
وأشار ماكينزي إلى أنه سافر أخيراً إلى العراق وسوريا، والتقى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، واصفاً اللقاء بأنه «كان رائعاً»، وأنهم ناقشوا موضوع تنظيم «داعش» الإرهابي، وتنفيذ إصلاحات في قطاع الأمن، وديناميكيات أخرى تؤثر على الاستقرار الإقليمي، مشدداً في الوقت ذاته على أن دعم القوات العراقية الأمنية سيظل مستمراً، مع توسيع قدراتها على التخطيط للعمليات، وتنفيذها بشكل مستقل.
وأفاد ماكينزي بأن القوات الأميركية لديها بصمة صغيرة نسبياً في العراق، في مجالات تقديم المشورة والتجهيز ومساعدة قوات الأمن العراقية، ويبقى الآن التركيز على استكمال التدمير النهائي لـ«داعش»، مبيناً أن قوات الأمن العراقية في تطور مستمر، وتنضج وتتحسن.
وجددت الولايات المتحدة قلقها من لجوء الفصائل المسلحة الموالية لإيران إلى استخدام الطائرات المسيرة الصغيرة في هجماتها ضد المصالح والقواعد العراقية التي توجد فيها قوات أميركية.
وقال قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكنزي، في تصريح له أمس، إن «هجمات الجماعات المسلحة تهدف إلى الضغط على القوات الأميركية وإخراجها من البلاد، لكن قواتنا ستتخذ الإجراءات اللازمة للدفاع عن نفسها»، مؤكداً أن «القوات الأميركية موجودة في العراق بدعوة من الحكومة العراقية».
ويأتي إعلان ماكينزي بشأن المخاوف من الطائرات المسيرة وتذكيره بأن وجود قواته هو بدعوة من الحكومة العراقية، بعد يومين من تعرض قاعدتي فكتوريا، قرب مطار بغداد الدولي، وعين الأسد في محافظة الأنبار، غربي العراق، إلى هجمات بالطائرات المسيرة، كما يأتي أيضاً بعد أيام قلائل من إعلان كل من واشنطن وبغداد عن بدء المفاوضات الفنية بين قيادتي البلدين العسكرية حول إعادة انتشار قوات التحالف الدولي خارج العراق، كجزء من مخرجات الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة الأميركية.
وكانت القواعد العسكرية التي توجد فيها قوات أميركية أو قوات التحالف الدولي في العراق قد تعرضت إلى هجمات بالصواريخ مرات عدة.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».