لبنان «يرشّد» دخول المرضى إلى المستشفيات

حصر تغطية الضمان الاجتماعي بالحالات الطارئة

داخل أروقة أحد مستشفيات بيروت نهاية الشهر الماضي (رويترز)
داخل أروقة أحد مستشفيات بيروت نهاية الشهر الماضي (رويترز)
TT

لبنان «يرشّد» دخول المرضى إلى المستشفيات

داخل أروقة أحد مستشفيات بيروت نهاية الشهر الماضي (رويترز)
داخل أروقة أحد مستشفيات بيروت نهاية الشهر الماضي (رويترز)

أثار تعميم داخلي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في لبنان تم تسريبه، ويتحدث عن وجوب حصر التغطية التي يؤمّنها بالحالات الطبية الطارئة، هلع لبنانيين كثيرين، إذ يستفيد من تغطيته أكثر من 1.4 مليون شخص كان يمكنهم قبل اندلاع الأزمة المالية من دخول المستشفيات عبر دفع رسوم بسيطة.
وبات المرضى ملزمين بدفع فوارق كبيرة بعد اعتماد معظم المستشفيات تسعيرة الدولار الواحد مقابل 3900 ليرة لبنانية وبقاء الصندوق على التسعيرة الرسمية أي 1500 ليرة للدولار الواحد. وهم يخشون من ألا يتمكنوا من دخول المستشفى على الإطلاق، علما بأن نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون كان قد حذر من أنه في حال استمرار الوضع على حاله فلن يتمكن من دخول المستشفيات إلا الأغنياء. وأكد المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي محمد كركي أنه «لا مشكلة في الدخول المبرر إلى المستشفيات». وأوضح لـ«الوكالة الوطنية للإعلام» أن «الضمان طلب في كتاب وجهه إلى رئيسة الأطباء في الصندوق دراسة معمقة للملفات والمعاملات الاستشفائية المقدمة، بغية ترشيد دخول المضمونين المستشفيات من أجل المحافظة على استمرارية عمل القطاع، وبالتالي حماية أمن المواطنين الصحي وعدم إعطاء أي موافقة استشفائية لأي مضمون لا تستدعي حالته دخول المستشفى».
وكان لبنانيون تداولوا على وسائل التواصل الاجتماعي تعميماً داخلياً صادراً عن مستشفى مار يوسف لراهبات الصليب، تم عبره الطلب فيه من الأطباء والمسؤولين عن إدخال المرضى «أخذ العلم بأن الضمان الاجتماعي قد أصدر تعميماً إلى جميع المسؤولين لديه لوقف إعطاء الموافقات الاستثنائية لجميع الحالات غير الطارئة تحت طائلة الملاحقة القضائية، وأن الطبيب المراقب سيلغي أي فاتورة لمريض دخل المستشفى بحالة غير طارئة ابتداء من الساعة 4 بعد ظهر 7 يونيو (حزيران) 2021».
ويؤمّن الصندوق لمن ينضوون فيه إلى جانب تكاليف المرض والأمومة، التعويضات العائلية وتعويضات نهاية الخدمة. وتساهم الدولة بدعم هذا الصندوق إلا أن ديونها له باتت تتجاوز 4800 مليار ليرة لبنانية، أي 3 مليارات و200 مليون دولار على سعر الصرف الرسمي. وأعلن وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني بعد لقائه مدير الصندوق ورئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، أنه سيعطي توجيهاته لصرف مبلغ 50 إلى 75 مليار ليرة للضمان الاجتماعي، معتبراً أن «حماية ودعم الصندوق أولوية لكونه صمام الأمان للشعب اللبناني». وقالت مصادر وزارة المال لـ«الشرق الأوسط» إن هذا المبلغ لم يصرف بعد لكن ذلك «سيتم قريباً».
وأكد الأسمر لـ«الشرق الأوسط» أن «لا خوف على وضع الصندوق وملاءته كبيرة، إذ تتجاوز أموال نهاية الخدمة فيه 14 مليار ليرة لبنانية، وكل المضمونين حتى الساعة يتمكنون من الحصول على حقوقهم كاملة»، لافتاً إلى أن «ما يحكى عن إفلاس الصندوق عبارة عن إشاعات مغرضة، وقرار حصر دخول المستشفيات بالحالات الطارئة هو للحؤول دون إصرار الكثيرين على دخول المستشفى علما بأن حالاتهم لا تتطلب ذلك بهدف إجراء فحوصات معظمها روتينية على حساب صندوق الضمان، وهذا لم يعد مقبولاً خاصة في الوضع الراهن». وأشار إلى أن الخوف على الصندوق وعلى كل الجهات الضامنة هو في حال تم رفع الدعم عن الدواء.
ويتفق رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي تماماً مع الأسمر، وتحدث إلى «الشرق الأوسط» عن «230 ألف حالة دخلت المستشفيات في العام الماضي في زمن فيروس كورونا، علما بأنه كان يسجل دخول نحو 360 ألفاً في السنوات الماضية، ما يؤكد أن 30 في المائة من الحالات التي كانت تدخل لم يكن وضعها يستلزم ذلك وقد كانت تسعى لإجراء فحوصات على حساب صندوق الضمان». وشدد على أن «تعميم الصندوق الذي يلزم المستشفيات التدقيق بالحالات كان يجب أن يصدر منذ مدة لضبط الفوضى العارمة في هذا المجال والتي يتحمل مسؤوليتها لحد كبير مفتشو الضمان».
من جهته، أكد نقيب المستشفيات الخاصة الدكتور سليمان هارون لـ«الشرق الأوسط» التزام تعميم صندوق الضمان وحصر الحالات التي بتم استقبالها على نفقته بـ«الطارئة»، موضحاً أن «المريض حتى ولو كان مضموناً، بات ملزماً منذ فترة بدفع فوارق أسعار المستلزمات الطبية لأن الوكلاء لم يعودوا يسلموننا إياها على السعر الرسمي». وأضاف هارون: «صحيح أن الصندوق يعطينا سلفات شهرية ولم يعد يتأخر بتسديدها إلا أن لنا بذمته كمستشفيات خاصة نحو 600 مليار ليرة لبنانية».


مقالات ذات صلة

صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

أكد طبيب أميركي أن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في زيادة انتشار «مرض الكبد الدهني» خلال السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الشباب والأطفال الأعلى تفاؤلاً يميلون إلى أن يكونوا أفضل صحة (رويترز)

كيف يؤثر التفاؤل على صحة الأطفال والشباب؟

كشفت دراسة جديدة عن أن صغار السن الأعلى تفاؤلاً بشأن مستقبلهم يميلون في الواقع إلى أن يكونوا أفضل صحة بشكل ملحوظ.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي (رويترز)

الإنجاب في سن صغيرة قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي

كشفت دراسة علمية جديدة أن إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).