المشري يتهم «قوى سياسية فاعلة» بمحاولة «تخريب» الانتخابات الليبية

وسط تصاعد الخلافات بين رئيس مجلس النواب ونائبه الأول

خالد المشري رفقة وزير خارجية المغرب خلال زيارته إلى الرباط الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
خالد المشري رفقة وزير خارجية المغرب خلال زيارته إلى الرباط الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

المشري يتهم «قوى سياسية فاعلة» بمحاولة «تخريب» الانتخابات الليبية

خالد المشري رفقة وزير خارجية المغرب خلال زيارته إلى الرباط الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
خالد المشري رفقة وزير خارجية المغرب خلال زيارته إلى الرباط الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

اتهم خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة الموالي لحكومة «الوحدة» الوطنية الليبية، قوى سياسية فاعلة لم يحددها بـ«بذل مساع لمحاولة تخريب الانتخابات المقبلة لأنها مستفيدة».
وأعلن المشري في تصريحات له أمس فتح باب الترشح للمناصب السيادية. وبعدما أكد رفضه إتمام ملف المناصب السيادية من دون تسوية وضع المؤسسة العسكرية، عد المشري القاعدة الدستورية بمثابة خط بديل، حال عرض الدستور على الشعب ورفضه، ورأى أن الاستفتاء على الدستور لا يتعارض مع إجراء الانتخابات في موعدها المحدد.
ومن جهته، قال المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، إنه اجتمع بمقره خارج مدينة بنغازي شرق البلاد مع عدد من أعضاء مجلس النواب.
ولم يفصح حفتر، في بيان وزعه مكتبه، عن فحوى المحادثات التي جرت قبل استئناف المجلس لاجتماعاته بمقره في مدينة طبرق (أقصى الشرق)، بهدف مناقشة الميزانية المقترحة من حكومة الدبيبة للعام الحالي التي تم رفضها مرتين، على خلفية تجاهلها تخصيص ميزانية محددة للجيش، ضمن اعتراضات أخرى.
وجاء الاجتماع في وقت تصاعدت فيه حدة الخلافات بين عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، ونائبه الأول فوزي النويري الذي رد أمس على رسالة وجهها صالح إلى مختلف الجهات الحكومية، يطلب فيها رسمياً عدم الاعتداد بأي قانون أو مراسلة صادرة عن المجلس إلا بتوقيعه.
واحتج النويري، في رسالة سربت إلى وسائل الإعلام المحلية، بأن النظام الداخلي للمجلس ينص على حلوله مكان صالح عند غيابه أو تعذر قيامه بمهامه.
في غضون ذلك، عد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة»، أن الدولة «لن تستطيع وحدها وقف ظاهرة الهجرة غير المشروعة».
وكان مقرراً أن يعقد موسى الكوني، عضو المجلس الرئاسي، أمس، اجتماعاً مع عدد من القادة العسكريين المحليين لدراسة الوضع الأمني على الحدود الليبية، ومتطلبات تعزيز ودعم القوات الأمنية في المناطق الحدودية. وأبلغ الكوني وفد الاتحاد الأوروبي الذي التقاه أول من أمس أن السيطرة الأمنية على الحدود الليبية «ممكنة جداً في حالة الحصول على المساعدة والدعم الدولي والأوروبي، خاصة في المجالات اللوجيستية والتقنية».
وفي سياق ذلك، ناقش اجتماع عقده أمس مسؤولو الأجهزة العسكرية والأمنية التابعة لحكومة «الوحدة» بحث تأمين الشريط الحدودي مع دول الجوار، ومناقشة ظاهرة الهجرة غير المشروعة، تزامناً مع مطالبة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا مجدداً ببدء ما وصفته بـ«عملية توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية الليبية من أجل تعزيز أمن الحدود، والتصدي لخطر الإرهاب والأنشطة الإجرامية».
وعد رئيس البعثة، يان كوبيش، أن حادثة التفجير الذي أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنه، واستهداف نقطة أمنية بسبها الجنوبية «هي تذكير قوي بأن ارتفاع معدل تحركات المجموعات المسلحة والإرهابيين لا يؤدي سوى إلى زيادة مخاطر انعدام الاستقرار والأمن في ليبيا والمنطقة».
وانضمت إيطاليا وفرنسا، أمس، إلى قائمة الدول المنددة بالهجوم، وقدمتا التعازي لعائلات ضباط الأمن «الذين دفعوا أغلى ثمن في أثناء خدمتهم لبلدهم»، بينما قالت فرنسا، عبر سفارتها في ليبيا، إن الأمر «يتطلب مؤسسات أمنية ليبية موحدة، لها سيادة على كامل التراب الوطني للحفاظ عليه». وتعهد البيان بمواصلة الدولة الفرنسية «دعم الليبيين الذين يعملون على بناء ليبيا آمنة سالمة، لا سيما من خلال تنظيم انتخابات في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الموقع العام الماضي، إلى جانب جميع القوات المنخرطة في مكافحة الإرهاب في البلاد وفي منطقة الساحل».
وبدوره، استغل الدبيبة اجتماعه مساء أول من أمس في العاصمة طرابلس مع إيلفا جوهانسون مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية، وخوسيه سباديل سفير الاتحاد الأوروبي، للتأكيد على ضرورة وجود ما وصفه بتعاون جدي في مواجهة ظاهرة الهجرة غير المشروعة من قبل الاتحاد الأوروبي ودول المنشأ، لافتاً إلى أن الاجتماع ناقش السبل الكفيلة لدعم الحكومة في مواجهة هذه الظاهرة، وتهريب البشر والعواقب السلبية الناتجة عنها، كظاهرة الإرهاب وتجارة الأعضاء. واقترح المجتمعون، بحسب بيان وزعه مكتب الدبيبة، قيام شراكة حقيقة وإدارة للأزمة «كون الهجرة مسألة حساسة تحتاج إلى معالجات متنوعة مختلفة، من إنشاء مشاريع تنموية بدول المصدر، ودعم للسلطات الليبية ببرامج تدريبية لعناصر جهاز مكافحة الهجرة، وتطوير قدرات خفر السواحل الليبية».
وطبقاً لما أعلنه خالد مازن، وزير الداخلية بحكومة الدبيبة، فإن عدد الذين تم إنقاذهم من المهاجرين غير الشرعيين في عرض البحر خلال هذا العام بلغ نحو 10 آلاف مهاجر، مقابل نحو 7 آلاف مهاجر خلال العام الماضي.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.