شلل في محاكم الجزائر احتجاجاً على سجن ناشط حقوقي

نشطاء «الحراك» أكدوا سجن أكثر من 200 شخص بتهمة «دعم تنظيم إرهابي» (رويترز)
نشطاء «الحراك» أكدوا سجن أكثر من 200 شخص بتهمة «دعم تنظيم إرهابي» (رويترز)
TT

شلل في محاكم الجزائر احتجاجاً على سجن ناشط حقوقي

نشطاء «الحراك» أكدوا سجن أكثر من 200 شخص بتهمة «دعم تنظيم إرهابي» (رويترز)
نشطاء «الحراك» أكدوا سجن أكثر من 200 شخص بتهمة «دعم تنظيم إرهابي» (رويترز)

طالب مئات المحامين الجزائريين، أمس، بالإفراج عن زميلهم الناشط الحقوقي عبد الرؤوف أرسلان، الموجود بالحبس الاحتياطي منذ 25 من الشهر الماضي، بتهمة الانتماء إلى حركة إسلامية محظورة، صنفتها الحكومة منظمة إرهابية. فيما أحصى ناشطو الحراك أكثر من 200 شخص في السجن على ذمة التحقيق، بعضهم ينتمي لهذا التنظيم، الذي يوجد أغلب قياداته في الخارج.
وقاطع المحامون بكل محاكم البلاد، أمس، النشاط القضائي، وخصوصاً المرافعات ومرافقة المتهمين أثناء التحقيقات، احتجاجاً على إيداع أرسلان السجن بتبسة (600 كلم شرق العاصمة). وخرج الغاضبون إلى الفضاءات المحيطة بالمحاكم، في خطوة لإعلان توقيف نشاطهم ليوم واحد، استجابة لطلب «الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين الجزائريين»، الذي ينتسب له 22 ألفاً من أصحاب الجبة السوداء.
ولوحظ بمحكمة الاستئناف بالعاصمة وجود محامين معروفين في الاحتجاج، أبرزهم أيقونة الحراك الشعبي مصطفى بوشاشي، ومحامي معتقلي الرأي عبد الغني بادي. ووقف العشرات من الغاضبين في صمت مرتدين جبة المرافعات عند مدخل المحكمة. وتكرر نفس المشهد في عشرات المحاكم، وكان الغضب أكثر حدة بمحكمة الاستئناف بتبسة، حيث يرافع السجين أرسلان يومياً منذ سنوات طويلة. وطالب المتظاهرون بإطلاق سراحه «فوراً»، ونددوا بـ«التهم السياسية» التي تلاحقه، مؤكدين أن سجنه «مرتبط بنشاطه السياسي».
وذكر رئيس «اتحاد المحامين»، أحمد ساعي في بيان، أن محضر الجهاز الأمني، الذي اتهم على أساسه قاضي التحقيق أرسلان وسجنه «مبني على مجرد احتمالات، إذ لم يتوصل التحقيق إلى أدنى دليل على علاقة الزميل المحامي، أو انتسابه إلى أي منظمة إرهابية»، وقال إنه «يأسف لـ«القراءة الخاطئة لملف القضية، التي عرضها النائب العام لدى مجلس قضاء تبسة في مؤتمر صحافي (الأسبوع الماضي)، زيادة على أنه تسبب في خرق سرية التحقيق، وضرب مبدأ قرينة البراءة».
وصرح النائب العام للصحافة بأن رجال الدرك عثروا بمكتب المحامي على وثائق تثبت، حسبه، انتماءه لـ«حركة رشاد» الإسلامية، التي وضعتها السلطات على لائحة الإرهاب، ومعها التنظيم الانفصالي «حركة استقلال منطقة القبائل»، المعروفة اختصارا بـ«ماك».
وأكدت النيابة أن المحامي «متابع بأفعال جزائية، وسجنه غير مرتبط بمهنته». مشيرة إلى أن مكتبه «احتضن اجتماعات نشطاء الحراك، ومنه كانوا ينطلقون في مظاهرات أيام الجمعة».
ويجري منع الاحتجاجات الأسبوعية، منذ أربعة أسابيع باستعمال القوة. وأشارت النيابة إلى أن تحقيقات جهاز الأمن «كشف عن وجود اتصالات مع جهات أجنبية مشبوهة». ودافع المحامون عن أرسلان «وحقه في النشاط السياسي»، معتبرين أن لقاءاته مع أعضاء الحراك في مكتبه «لا يمكن أن تشكل تهمة، ولا أساساً للمتابعة». وقال المحامي بادي لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد شك في أن قضية الزميل أرسلان، تحذير لنا جميعاً، هدفه زرع الخوف في نفوس المحامين لإثنائهم عن الدفاع عن نشطاء الحراك المتابعين».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.