رئيس وزراء إيطاليا يسعى إلى إنقاذ {الجنوب الفقير}

ماريو دراجي أمامه مهمة جعل إيطاليا دولة غير مقسمة اقتصادياً بين شمالها وجنوبها (إ.ب.أ)
ماريو دراجي أمامه مهمة جعل إيطاليا دولة غير مقسمة اقتصادياً بين شمالها وجنوبها (إ.ب.أ)
TT

رئيس وزراء إيطاليا يسعى إلى إنقاذ {الجنوب الفقير}

ماريو دراجي أمامه مهمة جعل إيطاليا دولة غير مقسمة اقتصادياً بين شمالها وجنوبها (إ.ب.أ)
ماريو دراجي أمامه مهمة جعل إيطاليا دولة غير مقسمة اقتصادياً بين شمالها وجنوبها (إ.ب.أ)

يقوم حالياً رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراجي، الرجل الذي يعود إليه الفضل في إنقاذ اليورو منذ ما يقرب من عقد من الزمان، بمهمة سياسية واقتصادية استعصت على مهندسي التوحيد قبل 150 عاماً، ألا وهي جعل إيطاليا دولة متماسكة، بداية من صقلية ووصولاً إلى جبال الألب. وذكرت وكالة «بلومبرغ» أن هذا يعد حجم المهمة: بنية تحتية متهالكة، وفساد، وبطالة مزمنة، وروتين مرعب. ويعِد كل رجل دولة إيطالي بالتعامل مع أزمة الجنوب، حيث يبلغ حجم البطالة هناك نحو ضعف حجمها في الشمال، كما أن نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي يصل بالكاد إلى النصف. وما يقدمه دراجي هو مبلغ غير مسبوق من المال وقدر من الخبرة التي تمكنه من إدارة المشروع بصورة جيدة، حيث إنه يراهن على سمعته كشخصية إصلاحية، لإنجاح الأمر.
يظهر دراجي، في ملصق نصف ممزق، حيث وضع طلاء أحمر دموي على وجهه، وهو يحيي زوار عقار «لا فيلي» السكني المدمر في نابولي، فيما لا يعد رمزاً للغوغائية فحسب، ولكن لليأس والإحباط اللذين أصابا جنوب إيطاليا لأجيال. ويشعر المرء بالتحدي في «لا فيلي»، من خلال هذا الملصق المشوه الذي ينتقص من قدر المصرفيين ويسخر من أشهر تصريحات دراجي، وهو: «مهما تكلف الأمر». وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، أن «مشروع (لا فيلي) (ويعني بالإيطالية (الأشرعة) السكني، استوحي من المهندس المعماري لو كوربوزييه - وهو أحد رواد عمارة الحداثة الفرنسية - وتم بناؤه تقريباً في نفس توقيت بناء مجمع (باربيكان) السكني في مدينة لندن. وفي ظل القدر نفسه من الجمال الملموس، والمثل العليا المشتركة للحياة الحديثة، صار أحدهما مثالاً لانتصار تخطيط المدن، وانحدر الآخر ليتحول إلى حي عشوائي حضري».
وسيطر تجار المخدرات على الممرات والسلالم المشتركة التي كانت تهدف إلى إعادة الحيوية إلى وسط المدينة القديم في نابولي، حيث كانت تلك العصابات هي وحي إلهام تأليف كتاب وفيلم «جومورا». ويقول نائب عمدة مدينة نابولي، كارمين بيسكوبو، بينما يحتسي قهوة الإسبريسو التي أحضرتها امرأة محلية له ولضيوفه: «لم يكن بإمكان أي ممثل عن الدولة الحضور إلى هنا قبل بضعة أعوام». ويتم حالياً هدم مشروع «لا فيلي» السكني الذي يعيش به مئات الأسر الفقيرة، وإعادة بناء المنطقة تحت رعاية دراجي، في إطار خطة رئيسية لإحياء ثروات ما يطلق عليه اسم «ميزوجيورنو»، وهي منطقة كبرى من إيطاليا تمتد في النصف الجنوبي للبلاد، وتبدأ من جنوب نابولي.
وتعد إيطاليا أكبر الدول التي حصلت على مساعدات من الاتحاد الأوروبي لمكافحة تفشي وباء «كورونا»، وقد قام بتخصيص ما يقرب من 40 في المائة من أصل 260 مليار يورو (316 مليار دولار أميركي) من برنامج التعافي للمناطق المهملة. وتعد القضية المهمة حالياً هي عنصر الوقت. فدراجي هو رئيس وزراء تكنوقراط، ورغم أن له ثقله، فإن اتجاه الرياح السياسية قد تعني أن إيطاليا تتجه صوب أحد انتخاباتها المتكررة للغاية خلال العامين المقبلين.
وتشير «بلومبرغ» إلى أن المسؤولين في برلين وفي باريس وفي بروكسل، يراقبون الوضع عن كثب. فقد لاحظوا وجود قفزات في الديون التي سجلتها إيطاليا على مدار السنين، وفشل الجهود المتتالية لتعزيز الاقتصاد، ويخشون من أن المشروع الأوروبي قد يواجه تصفية حساب في يوم ما. وفي الواقع، يعد الزحف التصاعدي لتكاليف الاقتراض الإيطالية خلال الأسابيع الأخيرة، «تطوراً مشؤوماً» يسلط الضوء على مخاطر حدوث أزمة مالية، حسب خبراء «بلومبرغ». وكان دراجي قال أمام مجلس الشيوخ في روما في أبريل (نيسان) الماضي عندما وضع خططه وتولى زمام المشروع، «إنه أمر خطير بالنسبة لمستقبل أوروبا... سنكون، إلى حد ما، مسؤولين عن الفوز أو الخسارة». وإذا نجح دراجي في إعادة وضع إيطاليا على مسار النمو، فسوف يدعم قضية الاتحاد المالي من خلال جعل صندوق الانتعاش ذي التمويل المشترك، دائماً، حسب ما قاله مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي. أما إذا فشل، فإن أي حجة من أجل المزيد من التكامل النقدي ستتبخر.



تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
TT

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة، دون توضيح هوية هذا التنظيم، وإن كان على علاقة بالموقوفين سابقاً في قضايا إرهابية نُسبت إلى فروع جماعتي «داعش» و«القاعدة» في شمال أفريقيا، مثل تنظيم «جند الخلافة» و«خلية عقبة بن نافع».

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

ووصف بلاغ الإدارة العامة للحرس الوطني في صفحته الرسمية الموقوفين الجدد بـ«التكفيريين»، وهي الصيغة التي تُعتمد منذ سنوات في وصف من يوصفون بـ«السلفيين المتشددين» و«أنصار» الجهاديين المسلحين.

من محافظات عدة

وأوضح المصادر أن قوات تابعة للحرس الوطني أوقفت مؤخراً في مدينة طبربة، 20 كلم غرب العاصمة تونس، عنصراً «تكفيرياً» صدرت ضده مناشير تفتيش صادرة عن محكمة الاستئناف بتونس بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، ومحكوم غيابياً بالسجن لمدة 6 أعوام.

كما أعلن بلاغ ثانٍ صادر عن الإدارة العامة عن الحرس الوطني أن قواتها أوقفت مؤخراً في منطقة مدينة «مساكن»، التابعة لمحافظة سوسة الساحلية، 140 كلم جنوب شرقي العاصمة، متهماً بالانتماء إلى تنظيم إرهابي صدرت ضده أحكام غيابية بالسجن.

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

بالتوازي مع ذلك، أعلنت المصادر نفسها أن الحملات الأمنية التي قامت بها قوات النخبة ومصالح وزارة الداخلية مؤخراً براً وبحراً في محافظات عدة أسفرت عن إيقاف مئات المتهمين بالضلوع في جرائم ترويج المخدرات بأنواعها من «الحشيش» إلى «الحبوب» و«الكوكايين».

في السياق نفسه، أعلنت مصادر أمنية عن إيقاف ثلاثة متهمين آخرين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» من محافظة تونس العاصمة وسوسة وبنزرت سبق أن صدرت ضدهم أحكام غيابية بالسجن في سياق «الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة» وتحركات قوات مصالح مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية ووحدات من الحرس الوطني.

المخدرات والتهريب

وفي سياق تحركات خفر السواحل والوحدات الأمنية والعسكرية المختصة في مكافحة تهريب البشر والسلع ورؤوس الأموال، أعلنت المصادر نفسها عن إيقاف عدد كبير من المهربين والمشاركين في تهريب المهاجرين غير النظاميين، وغالبيتهم من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، وحجز عشرات مراكب التهريب ومحركاتها.

كما أسفرت هذه التدخلات عن إنقاذ نحو 83 مهاجراً غير نظامي من الموت بعد غرق مركبهم في السواحل القريبة في تونس؛ ما تسبب في موت 27 ممن كانوا على متنهما.

في الأثناء، استأنفت محاكم تونسية النظر في قضايا عشرات المتهمين في قضايا «فساد إداري ومالي» وفي قضايا أخرى عدّة، بينها «التآمر على أمن الدولة». وشملت هذه القضايا مجموعات من الموقوفين والمحالين في حالة فرار أو في حالة سراح، بينهم من تحمل مسؤوليات مركزية في الدولة خلال الأشهر والأعوام الماضية.

وفي سياق «الإجراءات الأمنية الوقائية» بعد سقوط حكم بشار الأسد في سوريا والمتغيرات المتوقعة في المنطقة، بما في ذلك ترحيل آلاف المساجين المغاربيين المتهمين بالانتماء إلى تنظيمات مسلحة بينها «داعش» و«القاعدة»، تحدثت وسائل الإعلام عن إجراءات «تنظيمية وأمنية جديدة» في المعابر.

في هذا السياق، أعلن عن قرار مبدئي بهبوط كل الرحلات القادمة من تركيا في مطار تونس قرطاج 2، الذي يستقبل غالباً رحلات «الشارتير» و«الحجيج والمعتمرين».

وكانت المصادر نفسها تحدثت قبل أيام عن أن وزارة الدفاع الأميركية أرجعت إلى تونس الاثنين الماضي سجيناً تونسياً كان معتقلاً في غوانتانامو «بعد التشاور مع الحكومة التونسية».

وأوردت وزارة الدفاع الأميركية أن 26 معتقلاً آخرين لا يزالون في غوانتانامو بينهم 14 قد يقع نقلهم، في سياق «تصفية» ملفات المعتقلين خلال العقدين الماضيين في علاقة بحروب أفغانستان والباكستان والصراعات مع التنظيمات التي لديها علاقة بحركات «القاعدة» و«داعش».

حلول أمنية وسياسية

بالتوازي مع ذلك، طالب عدد من الحقوقيين والنشطاء، بينهم المحامي أحمد نجيب الشابي، زعيم جبهة الخلاص الوطني التي تضم مستقلين ونحو 10 أحزاب معارضة، بأن تقوم السلطات بمعالجة الملفات الأمنية في البلاد معالجة سياسية، وأن تستفيد من المتغيرات في المنطقة للقيام بخطوات تكرّس الوحدة الوطنية بين كل الأطراف السياسية والاجتماعية تمهيداً لإصلاحات تساعد الدولة والمجتمع على معالجة الأسباب العميقة للازمات الحالية.