جهود لتطوير المعابر بين «مناطق النفوذ» لتعزيز الاستقرار... والإيرادات

مركز أبحاث سوري يشير إلى أنها ثابتة منذ بداية 2020 وقد تتغير لأسباب عسكرية

TT

جهود لتطوير المعابر بين «مناطق النفوذ» لتعزيز الاستقرار... والإيرادات

أكد مركز دراسات سوري ظهور العديد من «المعابر» للتبادل التجاري وتنقل المدنيين بين «مناطق النفوذ الثلاث» في سوريا ما عزز الاستقرار فيها، لافتاً إلى أنه رغم أن خطوط التماس بين أطراف النزاع باتت شبه ثابتة منذ بداية 2020 فإنها قابلة للتحول والتبدل؛ إذ إنها تتحرك مع كل عملية تغيير في الحدود ومراكز السيطرة.
وقال «مركز جسور للدراسات» في تقرير أمس، «منذ منتصف 2011 عمد النظام السوري إلى استخدام سياسة حصار الأحياء التي شهدت حراكاً معارضاً في مختلف مناطق سوريا، وترك منفذاً أو أكثر لاتصال هذه الأحياء مع محيطها، وتحكم بالتالي بحركة مرور الأفراد والسلع، ثم مع بداية عام 2012 توسعت سياسة الحصار لتصبح أكثر منهجية وأوسع نطاقاً»، ثم نشأت علاقة تجارية بين المناطق.
وإلى جانب المعابر التي نشأت نتيجة الحصار، ظهرت معابر بين مناطق السيطرة المختلفة، التي انقسمت في البداية بين مناطق النظام والمعارضة، ثم ظهرت بعد ذلك مناطق «داعش» و«وحدات حماية الشعب» الكردية، التي أصبحت مناطق الإدارة الذاتية بحماية «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).

«قسد» ـ دمشق
وانطلقت «الإدارة الذاتية» من فكرة إيجاد حلول دائمة للنزاع تبقى فيها الدولة السورية قائمة مع إمكانية إيجاد حالة من اللامركزية. ولاحظ المركز وجود ما يزيد على 15 معبراً بين مناطق سيطرة «قسد» ومناطق النظام، خمسة منها على الأقل تعد معابر رسمية تتدفق منها السلع بين الطرفين، ويعد معبرا «التايهة» (جنوب غربي مدينة منبج) و«الهورة» (شرق مدينة الطبقة) أبرز المعابر بين الطرفين، وهما معبران حيويان بالنسبة للنظام، إذ تمر قواته من خلالهما إلى مناطق سيطرته داخل مناطق «قسد»، كما يحصل عبرهما على المحروقات، وتتمثل أهميتهما لـ«قسد» من خلال الموارد المتأتية منه، وإمكانية الضغط على النظام من خلاله.
ونتيجة لاتساع الرقعة الجغرافية لخطوط التماس بين مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة «قسد»، قال المركز إن هناك معابر أخرى تستخدم بشكل رئيسي من قبل المدنيين، كما هي الحال في معبر «شنان» الذي يصل محافظة الرقة المسيطر عليها من قبل «قسد» بمناطق سيطرة النظام، ويعد المعبر رئيسياً في نقل السلع والبضائع - خصوصاً الخفيفة منها - التي تكون أشبه بطرود بريدية تعكس احتياجات الطرفين لبعضهما بعضاً.
ومثله معبر «شعيب الذكر» الذي يصل مناطق «قسد» بمناطق سيطرة النظام في حلب، التي تأتي الحاجة له من قبل الأفراد لإجراء عمليات إدارية وتجارية واجتماعية.
وهذه المعابر تفتح أبوابها وتغلقها، حسب الواقع العسكري أو الأمني، أو حسب المزاج السياسي لطرفي النزاع. وقال: «علاوة على المعابر التي يحكمها الطرفان، فإن الحاجة لتمرير سلع بين المنطقتين لا يمكن ضبطها، مما أدى لإنشاء معابر تهريب يخرج ويدخل منها كل من المدنيين والسلع، أبرزها معابر (الشحيل) و(جديد عكيدات)، إضافة لمعابر أخرى تقع على نهر الفرات، ويتم الاستفادة من مياه النهر لنقل السلع والأفراد، وتؤمن هذه المعابر موارد مهمة لشبكات التهريب كما تقوم بتأمين احتياجات أبناء المنطقة من العشائر، ويلاحظ أن (قسد) وقوات النظام تغض الطرف أحياناً عن هذه المعابر لتحقيق مصلحة من نوع ما».
فصائل ـ حكومة
مع احتدام النزاع بشكل أكبر بين مناطق النظام والمعارضة، ونتيجة لتوصيف النظام للمدنيين في مناطق المعارضة بأنهم بيئة حاضنة للمعارضة فإن سيولة الحركة في جانب المدنيين أقل منها مقارنة مع حالة مناطق سيطرة «قسد»، حيث تقتصر حركة المدنيين على الموظفين وبعض الطلاب، وغالباً ما يتعرض بعضهم للاعتقال أو الإهانة، ولكن الحركة التجارية مستمرة في أغلب الأوقات. وقال إن معبر «قلعة المضيق» الذي سيطر عليه النظام في منتصف 2019 كان يسهم في حركة تجارية واسعة، كما حافظت قوات المعارضة وقوات النظام لسنوات طويلة على وجود وسطاء تجاريين بين الطرفين، كما هي الحالة مع أحمد درويش (عضو مجلس الشعب حالياً)، الذي قام بدور كبير - عبر قريته الواقعة على تماس مع قوات المعارضة والنظام - في إقامة علاقات تجارية واسعة.
ولكن مع تمايز هؤلاء الوسطاء وانحيازهم لطرف على حساب الآخر؛ ضعفت الحركة التجارية التي تتدفق أحياناً عبر معابر تهريب أو من خلال فتح مؤقتٍ لكل من معبر «ميزناز» أو معبر «سراقب»، كما يتم استخدام معبر «أبو الزندين» قرب مدينة الباب لاستقبال المهجرين من مناطق النظام في أغلب الأوقات وكذلك لعمليات تجارية غير رسمية، وغالباً ما يتم استخدام المعابر بين مناطق «قسد» ومناطق المعارضة كمعابر وسيطة لتحرك السلع والأفراد من مناطق النظام إلى مناطق المعارضة أو العكس مروراً بمناطق «قسد».

معارضة ـ «قسد»
يعتبر معبر «عون الدادات» قرب جرابلس هو المعبر الرسمي لتدفق السلع والأفراد بين مناطق «قسد» والمعارضة، ويدخل عبر المعبر المحروقات والمواد الغذائية والإلكترونيات وقطع السيارات والملبوسات، وغيرها من السلع المهمة للطرفين، كما توجد معابر تهريب أخرى أقل أهمية وأكثر ضبطاً، كما هو الحال في معبر «أم جلود»، وذلك لحساسية الوضع بين الطرفين، واتهام كل منهما للآخر بزعزعة الأمن في مناطقه.
وتتمتع مناطق «قسد» بأهمية كبيرة للمعارضة لنقل البضائع من وإلى مناطق النظام، وأحياناً لإقامة علاقات تجارية مع العراق. وتتدفق السلع بين هذه المناطق بسهولة غالباً مع وجود «رسوم» عبور يتم فرضها من الطرفين على السلع التجارية، وأحياناً على الأفراد الراغبين بالانتقال بين المناطق المختلفة، بما ينعكس على شكل موارد أفضل للمسيطرين على المعبر وقدرة على التحكم والضبط كذلك.
ولا تتدفق السلع مؤخراً بسهولة بين مناطق سيطرة «هيئة تحرير الشام» ومناطق سيطرة الجيش الوطني، كما يتم فرض بعض القيود على الأفراد مثل التفتيش والتدقيق الأمني، ولكن الحركة سلسة غالباً، والمعابر في هذه الحالة هي معابر لكسب موارد أكثر منها لضبط المنطقة، حيث يتم أخذ رسم على السيارات الداخلة لمناطق كل طرف.
وقال المركز إن «المعابر تعد مورداً مهماً للدخل للجهة المسيطرة عليها، حيث يتم تحصيل رسوم عبور للأفراد والسلع والسيارات، وتميل الجهات المسيطرة دائماً لتطوير هذه المعابر لأسباب تتعلق بالموارد المتحصلة منها».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.