تحيز معلمي المرحلة الابتدائية يثني الفتيات عن الرياضيات والعلوم

نسبة الإناث في شركات التقنيات الكبرى لا تتجاوز 5 %

سلوك معلمي المرحلة الابتدائية بحسب النوع قد يؤثر على توجهات الطلاب (نيويورك تايمز)
سلوك معلمي المرحلة الابتدائية بحسب النوع قد يؤثر على توجهات الطلاب (نيويورك تايمز)
TT

تحيز معلمي المرحلة الابتدائية يثني الفتيات عن الرياضيات والعلوم

سلوك معلمي المرحلة الابتدائية بحسب النوع قد يؤثر على توجهات الطلاب (نيويورك تايمز)
سلوك معلمي المرحلة الابتدائية بحسب النوع قد يؤثر على توجهات الطلاب (نيويورك تايمز)

نعلم أن تمثيل المرأة في وظائف الرياضيات والعلوم لا يزال تمثيلا منقوصا؛ ولكن ما لا نعلمه هو السبب وراء ذلك.
وهناك الكثير من النظريات، وبعض منها يركز على مرحلة الطفولة. وتشير تلك النظريات إلى أن الآباء وصناع الألعاب يثبطون الفتيات من دراسة الرياضيات والعلوم، وكذلك يفعل المعلمون. وبالتالي تفتقر الفتيات إلى القدوة الجيدة في تلك المجالات الدراسية، ويكبرن إثر اعتقادهن أن أداءهن لن يكون على المستوى المطلوب منهن.
تلعب كل هذه العوامل بكل تأكيد دورا ما في الأمر؛ حيث تشير دراسة أجريت مؤخرا إلى تأثير تحيزات اللاوعي لدى المعلمين، ولكنها تسلط الضوء كذلك على القوة التي يوفرها القليل من التشجيع. وللخبرات التعليمية المبكرة تأثيرها القابل للقياس على دورات الرياضيات والعلوم التي يختارها الطلاب لاحقا، وعلى الوظائف التي يحصلون عليها في نهاية المطاف والأجور التي يتقاضونها كذلك.
ويبلغ ذلك التأثير قدره في العائلات التي يكون الأب فيها أفضل تعليما من الأم، وبالنسبة للفتيات من العائلات ذات الدخل المنخفض، وفقا للدراسة التي نُشرت حديثا بواسطة مكتب الأبحاث الاقتصادية.
ويضيق مجال دخول النساء إلى مهن الرياضيات والعلوم عند نقاط معينة ما بين مرحلة رياض الأطفال وفترة تخير المسار المهني، ولكن يبدو أن المدارس الابتدائية تعتبر من المنعطفات الحرجة، حيث يمكن لعكس التحيزات بين المعلمين أن يزيد من عدد النساء اللواتي يلتحقن بمجالات وظيفية مثل علوم الحاسب والهندسة، التي تعد من بين أسرع المجالات نموا وأعلاها أجرا.
ويقول فيكتور لافي، وهو خبير اقتصادي لدى جامعة وارويك الإنجليزية ومؤلف مشارك في الدراسة المشار إليها: «علينا أن نقطع شوطا طويلا قبل التأكيد على أن السبب لا يعزى إلى الطلاب أو إلى المنزل، ولكنه سلوك معلم الفصل الذي يفسر جانبا من الاختلافات بمرور الوقت فيما بين الصبيان والفتيات».
وخلصت دراسات سابقة إلى وجود تمييز ضد العالمات من النساء بواسطة أساتذة الجامعات والموظفين فيها. ولكنه ليس أمرا مستغربا أن يبدأ ذلك التمييز قبل ذلك بسنوات.
وفي علوم الحاسوب بالولايات المتحدة، على سبيل المثال، هناك نسبة تقدر بـ18.5 في المائة من طلاب المدارس الثانوية الأميركية ممن يتقدمون لاختبار المستويات الرفيعة هم من الإناث. وفي الجامعة، تحتفظ الفتيات بنسبة 12 في المائة فقط من درجات علوم الحاسوب.
ذلك هو السبب الكامن وراء إعلان شركات التقنيات أنها توظف عددا قليلا جدا من النساء.
خلال العام الماضي، أعلنت شركات «غوغل»، و«آبل»، و«فيسبوك»، من بين شركات أخرى، أن نسبة أقل من 5 الموظفين التقنيين لديها هم من النساء.
ويقول السيد لافي، الذي أجرى الدراسة مع إديث ساند من جامعة تل أبيب: «إن أكثر النتائج أهمية وإثارة للدهشة في الدراسة أن المعلم المتحيز يؤثر على خيارات الوظائف التي يخرج بها الطلاب، سواء من حيث دراسة الرياضيات والعلوم من عدمه خلال الأعوام التالية».
وأجرى الباحثون دراستهم، بداية من عام 2002، على 3 مجموعات من الطلاب من الصف السادس وحتى نهاية التعليم الثانوي. وتقدم الطلاب لاختبارين، أحدهما يجري تصحيحه على يد غرباء لا يعرفون هوياتهم الشخصية، والاختبار الثاني يجري تصحيحه على يد المعلمين الذين يعرفون أسماءهم.
في الرياضيات، تفوقت الفتيات على الفتيان في الاختبار الذي يصححه المجهولون، غير أن الفتيان تفوقوا على الفتيات في الاختبار الذي يصححه المعلمون الذين يعرفون أسماء الطلاب. ولم يكن التأثير واحدا في الاختبارات التي أجريت على مواد دراسية أخرى، مثل اللغة الإنجليزية. خلص الباحثون إلى أنه في مواد الرياضيات والعلوم، يبالغ المعلمون في تقدير إمكانيات الطلاب الذكور ويقللون من إمكانيات الفتيات، ولتلك النتيجة تأثير طويل الأجل على توجهات الطلاب حيال تلك المواد الدراسية.
وعلى سبيل المثال، عند وصول الطالب نفسه إلى المرحلة الإعدادية والثانوية، يُحلل خبراء الاقتصاد أداءهم من واقع الامتحانات الوطنية؛ فالفتيان الذين جرى تشجيعهم حينما كانوا أصغر سنا خرجوا بمعدلات أداء ممتازة.
وتتبع الباحثون كذلك دورات الرياضيات والعلوم التي يختار الطلاب الالتحاق بها في المرحلة الثانوية. وبعد ضبط العوامل الأخرى التي قد تؤثر على اختيارهم، خلص الباحثون إلى أن الفتيات اللائي تعرضن للإحباط على يد المعلمين في المرحلة الابتدائية كن أقل احتمالا بكثير من الفتيان الذين التحقوا فعليا بالدورات المتقدمة.
ويقول السيد لافي إن هناك دراسات مماثلة أجريت في عدة بلدان أوروبية، وإنه يعتقد أن النتائج جميعها يُعمل بها في الولايات المتحدة؛ فقد توصل الباحثون كذلك إلى أن الإحباط من جانب المعلمين في الرياضيات أو العلوم قد يؤدي لإضعاف ثقة الطلاب في مواد دراسية أخرى في المدرسة، مما يبين مجددا قوة التأثير المحتملة للإيماءات والتشجيع.

* خدمة «نيويورك تايمز»



«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».