السودان يتوقع ضغوطاً أميركية على إثيوبيا في ملف السد

مريم المهدي: موقفنا يحظى بتأييد وطني كبير وتفهم دولي واسع

مريم الصادق المهدي (أ.ف.ب)
مريم الصادق المهدي (أ.ف.ب)
TT

السودان يتوقع ضغوطاً أميركية على إثيوبيا في ملف السد

مريم الصادق المهدي (أ.ف.ب)
مريم الصادق المهدي (أ.ف.ب)

توقعت الحكومة السودانية أن تلعب الولايات المتحدة دوراً بممارسة الضغوط السياسية والدبلوماسية على إثيوبيا، للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم يتعلق بملء «سد النهضة» وتشغيله.
وجددت استعدادها للتفاوض مع إثيوبيا للوصول إلى حل للنزاع بوسائل سلمية، تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، مع الترحيب بدور الشركاء الدوليين كضامنين ومسهلين، استلهاماً للتجارب العالمية والأفريقية في التعامل مع الأنهار العابرة للحدود.
وقالت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي إن بلدها «ما زال يتطلع إلى التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد قبل الملء الثاني» الذي تعتزم إثيوبيا إتمامه الشهر المقبل. وأشارت إلى أن «تلك الرؤية تحظى بتوافق وطني بين مكونات الحكومة الانتقالية والشارع السوداني، وتلقى تفهماً إقليمياً ودولياً واسعاً بسبب معقولية المطلب السوداني وموضوعيته».
وتوقعت أن تلعب واشنطن «دوراً كبيراً، ومتوقعاً ومأمولاً، بممارسة الضغط السياسي والدبلوماسي على إثيوبيا، بما يمكن من الوصول لاتفاق ملزم، وذلك بالإضافة إلى تجاوب السودان مع مبادرة الاتحاد الأفريقي، وأهمية حل القضايا الأفريقية بحلول نابعة من القارة».
وأوضحت المهدي التي كانت تتحدث إلى منتدى خريجي الجامعة الأميركية في القاهرة والأردن الذي استضافها افتراضياً، أن الحكومة السودانية مستعدة للتفاوض من أجل الوصول إلى حل بالوسائل السلمية، وتحت رعاية الاتحاد الأفريقي مع مشاركة الشركاء الدوليين كمسهلين وضامنين.
ودعت إلى «استلهام التجارب العالمية والأفريقية في التعامل مع النزاعات على الأنهار العابرة للحدود، بالتركيز على تجربتي نهري النيجر والسنغال في أفريقيا، والتي أكدت إمكانية التعاون والاستفادة من المنافع المشتركة الناتجة عن الأنهار العابرة للحدود».
وأجابت الوزيرة عن أسئلة المنتدى بشأن التعنت الإثيوبي والمفاوضات والمبادرات المقدمة، بأن الولايات المتحدة «لعبت دوراً مهماً في الوساطة، نتج عنه حسم القضايا الفنية والقانونية المتعلقة بالسد، وتبقت فقط نقاط قليلة تتعلق بالاتفاق القانوني حول الملء والتشغيل، ومسائل فنية وقانونية صغيرة، قبل أن تتراجع إثيوبيا عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه عبر الوساطة الأميركية».
ورغم تمسك إثيوبيا بالملء الثاني من طرف واحد ابتداء من يوليو (تموز) المقبل، نقلت تقارير صحافية أنها غير مستعدة فنياً للملء الثاني الذي قد تؤجله إلى العام المقبل، بعد أن تخلت الدوائر الفنية والهندسية عن رفع الممر الأوسط للسد إلى 573 متراً، بعد أن كانت تخطط لرفعه إلى 595 متراً، وإجراء معالجات هندسية ببوابات السد، ما يرجح تأجيل المل الثاني.
وكانت وزارة الري السودانية قد ذكرت نهاية مايو (أيار) الماضي أن إثيوبيا بدأت فعلياً الملء الثاني للسد ابتداءً من الأسبوع الأول من مايو، على أن تتسارع وتيرة الملء خلال موسم الأمطار بين يوليو وأغسطس (آب) المقبلين.
وأوضح مسؤول سوداني وقتها أن إثيوبيا بدأت بحجز المياه منذ الأسبوع الأول من مايو، بتعلية جدار السد الأوسط، وحجز كميات من المياه، على أن يزيد معدل التخزين خلال ذروة فصل الخريف. وقبلها نقلت تقارير صحافية أن إثيوبيا غير مستعدة فنياً وهندسياً لبدء الملء الثاني بالمعدلات التي أعلنت عنها (13.5 مليون متر مكعب)، وهو ما أكدته التحليلات اللاحقة للوضع الهندسي الذي بلغته العمليات الإنشائية، والتي رجحت أنها لن تستطيع حجز أكثر من 2 مليون متر مكعب.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».