المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية لعرض 20 ألف قطعة أثرية

تواصل السلطات المصرية أعمال ترميم وتطوير المتحف اليوناني الروماني بمدينة الإسكندرية (شمال مصر)، تمهيداً لافتتاحه خلال الأشهر المقبلة وذلك بعد الوصول إلى نسبة تنفيذ الأعمال بالمشروع إلى 85 في المائة.
ويستعد المتحف الذي بدأ ترميمه في شهر فبراير (شباط) عام 2018، لعرض نحو 20 ألف قطعة أثرية فريدة تعود للعصور اليونانية والرومانية حسب مؤمن عثمان، رئيس قطاع المتاحف في وزارة السياحة والآثار المصرية، الذي يقول في بيان الوزارة مساء أول من أمس، إن «المتحف اليوناني الروماني يعد من أهم وأقدم المعالم السياحية والأثرية المتخصصة في الحضارة اليونانية الرومانية في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط».
وتفقد الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار المصري أعمال مشروع ترميم وتطوير المتحف اليوناني الروماني، مساء أول من أمس، وطالب بإجراء بعض التعديلات على سيناريو العرض المتحفي، مؤكداً «ضرورة الالتزام بالجدول الزمني المقرر للانتهاء من المشروع الذي ينتظره أهالي الإسكندرية؛ ويعد عنصر جذب أساسياً للسياحة الداخلية والخارجية للمدينة».
مشروع تطوير وترميم المتحف يجري بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة طبقاً لبروتوكول التعاون الموقع بين وزارة السياحة والآثار والهيئة في شهر أبريل (نيسان) عام 2017، الذي يهدف إلى تطوير وترميم 8 مواقع أثرية من بينها المتحف اليوناني الروماني.
ووفق العميد مهندس هشام سمير مساعد وزير السياحة والآثار للشؤون الهندسية والمشرف العام على القاهرة التاريخية، فإنه تم الانتهاء بالكامل من التدعيم الإنشائي لمبنى المتحف والهيكل المعدني، بالإضافة إلى أعمال تدعيم العناصر الإنشائية للدور الأرضي، وأعمال التشطيبات المعمارية للمبنى الإداري الملحق بالمتحف.
وتسعى إدارة المتحف إلى تحويله لمركز علمي وثقافي لحضارات البحر المتوسط، حيث سيتضمن قاعات للعرض المتحفي، وحديقة متحفية، ومركزاً لحفظ وترميم الآثار، ومركزاً آخر لبحوث العملة، ومركز للبحث العلمي، بجانب تدشين قاعات للدراسة والمؤتمرات ومكتبة وورشة طباعة، وقاعات وسائط متعددة فضلاً عن مدرسة للتربية المتحفية لتنمية الوعي الأثري للأطفال.
ويؤكد المسؤولون المصريون أنه سيُحتفظ بواجهة المتحف الأصلية الكلاسيكية للتعبير عن الفترة اليونانية المليئة باتجاهات فكرية مختلفة.
ويسلط سيناريو العرض المتحفي الضوء على الدولة الحاكمة والحياة السياسية في مصر خلال العصر البطلمي والروماني، كما يتطرق لعرض فكرة الديانة والعبادات في العصرين اليوناني والروماني.
ويرى خبراء آثار، من بينهم الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف مكتبة الإسكندرية أن المتحف اليوناني الروماني الذي أُغلق عام 2004، يعد أحد أهم معالم مدينة الإسكندرية، ويقول عبد البصير لـ«الشرق الأوسط»: «رغم وجود عدد من المتاحف الأخرى داخل المدينة الساحلية، على غرار متحف الإسكندرية القومي، ومتحف مكتبة الإسكندرية، فإنها لا تغني عن وجود هذا المتحف الاستثنائي الذي يعد أحد أقدم المتاحف المصرية على الإطلاق»، مشيراً إلى أن «المهتمين بالآثار المصرية القديمة بشكل عام والحضارة اليونانية الرومانية بشكل خاص يتساءلون باستمرار عن موعد افتتاحه مثل المتحف المصري الكبير».
وحسب عبد البصير فإن المتحف اليوناني الروماني يسلط الضوء على فترة تاريخية مهملة في مصر تبلغ نحو ألف عام وهي الفترة التي تمتد من حكم اليونان والرومان لمصر وحتى الفتح الإسلامي، فقد كانت مدينة الإسكندرية مدينة عادية قبل عصر الإسكندر الأكبر الذي جعل منها مركزاً حضارياً علمياً يفوق مدن أوروبا في ذلك الوقت».
ويتضمن سيناريو العرض الجديد التركيز على المعرفة والعلوم الفكرية، بجانب إبراز التطور العقائدي الجنائزي في العصرين اليوناني والروماني من خلال التوابيت والمومياوات والأواني الكانوبية وشواهد القبور الجنائزية وبورتريهات الفيوم، والتمائم التي ترجع إلى العصور التاريخية المختلفة، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الفن البيزنطي والفن القبطي من خلال البقايا المعمارية المميزة به على غرار الأفاريز، زخارف السقوف، قواعد الأعمدة، التيجان، المعموديات، النسيج، العملات، مجموعة الراعي الصالح، جداريات، منحوتات ومسارج وقنينات.
يشار إلى أن المتحف اليوناني الروماني افتتح لأول مرة في عام 1893، وذلك في مبنى صغير على طريق الحرية في مدينة الإسكندرية، وفي 26 سبتمبر (أيلول) عام 1895 نُقل إلى المبنى الحالي، في شارع المسلة بالقرب من محطة الرمل (وسط المدينة)، وافتتحه الخديوي عباس حلمي الثاني، ليعرض العديد من القطع الأثرية التي عُثر عليها في محافظة الإسكندرية والتي يرجع معظمها إلى العصور البطلمية والرومانية.
وشهدت مدينة الإسكندرية خلال الآونة الأخيرة افتتاح عدد من المشروعات السياحية والأثرية على غرار مشروع تخفيض منسوب المياه الجوفية في منطقة كوم الشقافة، والمعبد اليهودي «إلياهو هنابي».