موسكو تودع المعارض نيمتسوف.. واستونيا تعيد انتخاب برلمانها قلقا على أمنها

دعا قبل ساعات من اغتياله لمظاهرة ضد «عنف بوتين»

موسكو تودع المعارض نيمتسوف.. واستونيا تعيد انتخاب برلمانها قلقا على أمنها
TT

موسكو تودع المعارض نيمتسوف.. واستونيا تعيد انتخاب برلمانها قلقا على أمنها

موسكو تودع المعارض نيمتسوف.. واستونيا تعيد انتخاب برلمانها قلقا على أمنها

تنظم مسيرة في وسط موسكو اليوم تكريما لذكرى المعارض والنائب الأسبق لرئيس الوزراء بوريس نيمتسوف الذي اغتيل بالقرب من الكرملين ليل الجمعة السبت ويتواصل التحقيق للعثور على الجناة.
وتعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس بأن يبذل كل الجهود لمعاقبة قتلة نيمتسوف الذي سبب قتله صدمة لدى القادة الغربيين والمعارضة الروسية بينما رأى فيه حلفاء الكرملين «عملا استفزازيا» يهدف إلى «زعزعة استقرار» البلاد.
وقال بوتين في رسالة وجهها إلى والدة نيمتسوف ببذل كل الجهود اللازمة «لينال مخططو ومنفذو هذه الجريمة البشعة العقاب الذي يستحقونه». وأكد أن مقتل المعارض الشهير خسارة لا تعوض، مشيرا إلى أنه «ترك بصماته على تاريخ روسيا، في الحياة السياسية والعامة».
وأضاف أن نيمتسوف الذي عمل نائبا لرئيس الوزراء خلال رئاسة بوريس يلتسين في التسعينات «تولى مناصب مهمة خلال فترة انتقالية صعبة لبلادنا». ولفت إلى أنه «عبر دائما عن مواقفه بكل صراحة ونزاهة، ودافع عن وجهة نظره».
وقبل ساعات من اغتياله، دعا نيمتسوف الروس عبر إذاعة «صدى موسكو» إلى التظاهر اليوم ضد ما وصفه «بعدوان فلاديمير بوتين» في أوكرانيا. وهذه المظاهرة ألغيت لتنظيم مسيرة تكريما لذكرى المعارض.
وقال مسؤول في بلدية مدينة موسكو الكسي مايوروف لوكالة الأنباء الروسية ريا نوفوستي «وافقنا على هذا الحدث». وقد سمحت السلطات بمسيرة يمكن أن يشارك فيها خمسون ألف شخص.
وعلى صعيد متصل، يتوجه الاستونيون اليوم إلى صناديق الاقتراع لانتخاب برلمانهم في أجواء من القلق على أمن البلاد من موسكو فيما يتوقع أن يحقق حزب الوسط الموالي لروسيا نتيجة جيدة لكنه لن يتمكن مع ذلك من تشكيل حكومة.
فضم شبه جزيرة القرم والتحركات الروسية في أوكرانيا تتابع عن كثب في هذه الجمهورية السوفياتية السابقة التي تعد 1.3 مليون نسمة ربعهم من الناطقين بالروسية والتي انفصلت عن الاتحاد السوفياتي في 1991.
وجاءت التدريبات العسكرية الروسية على الحدود الاستونية قبل بضعة أيام من الاقتراع لتعزز المخاوف لدى أولئك الذين يعتقدون أن الكرملين يبيت النية في زعزعة الاستقرار في جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا.
وأعطى استطلاع للرأي أجرته «تي أن إس ايموري» ونشر السبت، نحو 22 في المائة من نوايا التصويت لحزب الوسط ليأتي مباشرة خلف حزب الإصلاح (26 في المائة) والاشتراكيين الديمقراطيين (19 في المائة)، علما بأن هذين الحزبين الأخيرين يشاركان في الحكم حاليا.
ويفسر النجاح المتوقع للوسط بالدعم الذي يحظى به الحزب من الأقلية الناطقة بالروسية في هذا البلد المزدهر نسبيا والعضو في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو.
وكانت استطلاعات رأي سابقة وضعت حزب الوسط في الطليعة في السباق الانتخابي، لكن المحللين يعتبرون أن هذا الحزب يفتقر لحلفاء لتشكيل غالبية في البرلمان المؤلف من 101 مقعد، وبالتالي يتوقع أن يبقى الائتلاف الحالي في الحكم مدعوما من المحافظين في حزب الاتحاد من أجل الوطن والجمهورية (أي أر إل).
إلا أن شعبية زعيم الوسط ادغار سافيسار سجلت تراجعا العام الماضي بعد زيارته المثيرة للجدل إلى موسكو حيث قال: إنه يؤيد ضم روسيا للقرم. ويتولى سافيسار الذي كان أول رئيس حكومة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، منذ العام 2007 منصب رئيس بلدية تالين.
وقال رئيس الوزراء من حزب الإصلاح تافي رويفاس محذرا من «أن الوضع الأمني الحالي سيستمر فترة طويلة»، وذلك في إشارة إلى التوترات الإقليمية. واعتبر «أنه ليس وقتا سيئا بل هو تغيير في الأجواء».
وضم أصغر رئيس حكومة في الاتحاد الأوروبي (يبلغ الخامسة والثلاثين عاما) صوته إلى صوتي نظيريه اللاتفي والليتواني للمطالبة بحضور متزايد للحلف الأطلسي خصوصا في الجو للرد على وجود الجيش الروسي قرب حدودهم.
وفي هذا الإطار، أعلن الحلف الأطلسي «الناتو» إنشاء قوة «رأس حربة» قوامها خمسة آلاف رجل وستة مراكز قيادة في المنطقة أحدها في استونيا.
وتفتح مراكز التصويت في الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلي (الثامنة بتوقيت غرينتش)، علما بأن ثلث الناخبين أي ما يقرب من 177 ألف شخص قد صوتوا عبر الإنترنت. ويتوقع صدور النتائج الكاملة للاقتراع نحو الساعة 21:00 ت غ.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».