«الشيخ جراح»... من حي في القدس إلى وسم عالمي

الشرطة الإسرائيلية تستخدم العنف تجاه أحد الفلسطينيين خلال المواجهات بحي الشيخ جراح بالقدس الشرقية (أ.ف.ب)
الشرطة الإسرائيلية تستخدم العنف تجاه أحد الفلسطينيين خلال المواجهات بحي الشيخ جراح بالقدس الشرقية (أ.ف.ب)
TT
20

«الشيخ جراح»... من حي في القدس إلى وسم عالمي

الشرطة الإسرائيلية تستخدم العنف تجاه أحد الفلسطينيين خلال المواجهات بحي الشيخ جراح بالقدس الشرقية (أ.ف.ب)
الشرطة الإسرائيلية تستخدم العنف تجاه أحد الفلسطينيين خلال المواجهات بحي الشيخ جراح بالقدس الشرقية (أ.ف.ب)

كان حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة مجرد حي فلسطيني آخر في المدينة قبل أن يصبح قضية ذات صدى عالمي مع الاحتجاجات التي شهدها على خلفية التهديد بإجلاء عائلات فلسطينية من منازلها لصالح الجمعيات الاستيطانية.

قبل أسابيع قليلة، أشعلت المظاهرات في الشيخ جراح حركة احتجاجية انتقلت إلى حرم المسجد الأقصى الذي شهدت باحاته صدامات عنيفة بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية. وشكلت هذه الأحداث شرارة لاندلاع صدامات دامية في البلدات اليهودية العربية في إسرائيل قبل أن تؤدي إلى نشوء حرب خاطفة استمرت 11 يوماً بين «حركة حماس» في قطاع غزة والدولة العبرية.

وخلال مايو (أيار) الماضي، أصبح وسم # أنقذوا_حي - الشيخ _جراح بلغات مختلفة منتشرا بكثافة، بينما سارع نشطاء وشخصيات بارزة بينها مشاهير من جميع أنحاء العالم إلى مشاركته من بينهم لاعب مانشستر سيتي رياض محرز وممثلون مثل الأميركي مارك رافالو وفايولا دافيس.
وتمت إزالة حسابات عن «تويتر» وحجب محتوى على «إنستغرام»، بينما ندّد مستخدمون فلسطينيون للإنترنت بمحاولات لإسكاتهم عبر فرض «رقابة» على مضمون منشوراتهم.

ومن بين هؤلاء الناشط والكاتب الفلسطيني محمد الكرد (23 عاما) الذي يهدد بإخلاء منزل عائلته في الحي.
وقد برز اسمه واسم شقيقته منى عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع استخدامهما لتويتر وإنستغرام للحديث عن قضية الحي.

واعتقلت الشرطة الإسرائيلية اليوم الأحد شقيقته للتحقيق معها على ما أكد والدها نبيل الكرد.
وبرز اسم محمد الكرد خلال إجرائه مقابلات باللغة الإنجليزية عبر وسائل الإعلام العالمية المختلفة ونشاطه عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال الكرد في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، أمام منزل عائلته في الحي: «أعتقد أن ما جعل وسم #أنقذوا_الشيخ_ جراح ينجح هو السردية التي استخدمناها. منذ بدء الحملة كان الخطاب واضحا للغاية. نحن نتحدث عن استعمار واستيطان وليس فقط عن انتهاكات حقوق إنسان».
وبحسب الكرد فإن الشيخ جراح «عينة مصغرة للاستعمار الاستيطاني الصهيوني في القدس وفلسطين بشكل عام».

ويرى الكرد أن قضية الحي «قامت بتبسيط الأمور للناس التي أصبحت مطلعة على موازين القوى. تمكن الجميع من رؤية أننا نناطح قوانين ونظاما قضائيا عنصريا استيطانيا مكتوبا لحماية ولدعم المستوطنين».
للكرد أكثر من نصف مليون متابع على إنستغرام ونحو مائتي ألف متابع على «تويتر».
ويوضح الشاب النحيل أن «هناك تغييرا كبيرا بشكل عام. رأينا تغييرا في الرأي العام العالمي لم نره من قبل، ورأينا أن الناس تلقت تعليما سياسيا في الشهرين الماضيين وأصبح الناس يفهمون قضية الشيخ جراح وعن الاستعمار بشكل عام في القدس».

ويضيف «حتى لو لم نتمكن من إنقاذ البيوت، قمنا بأمر أكبر من ذلك»، مؤكدا أن «قضيتنا لا تتوقف عند إنقاذ البيوت. وإذا أنقذنا بيوت الشيخ جراح فهناك 800 منزل في سلوان بحاجة للإنقاذ، هناك أماكن مهددة بالتهجير في كل مكان»، في إشارة إلى أحياء أخرى في المدينة.
ويخوض نحو 700 فلسطيني في حي بطن الهوى في سلوان الواقعة على تلة إلى الجنوب من البلدة القديمة للقدس معركة مع المستوطنين للبقاء في منازلهم.

وقررت المحكمة العليا الإسرائيلية الشهر الماضي تأجيل جلسة مقررة بشأن طرد العائلات إلى موعد لاحق لم يحدد بعد.
ولا يعول الكرد كثيرا على قرارات المحكمة موضحا «نحن لا نرى أي عدالة أو فرصة للنجاح في القضاء الإسرائيلي. هذا أمر لا أتوقعه».
وكانت المحكمة المركزية في القدس قضت في وقت سابق من العام الجاري بإخلاء أربعة منازل يسكنها فلسطينيون يقولون إن لديهم عقود إيجار معطاة من السلطات الأردنية التي كانت تدير القدس الشرقية بين 1948 و1967 تثبت ملكيتهم للعقارات في الحيّ.
وجاء ذلك دعماً لمطالبة مستوطنين يهود بملكية هذه المنازل بدعوى أنّ عائلات يهودية عاشت هناك وفرّت في حرب عام 1948 عند قيام دولة إسرائيل.

خلال أيام المواجهات، شارك فلسطينيون مقاطع فيديو أو صور عبر حساباتهم على مواقع التواصل، تظهر فيها القوات الإسرائيلية وهي تقمع المتظاهرين بعنف. وتم إزالة حسابات عن «تويتر» وحجب محتوى على «إنستغرام»، فيما قالت الشركتان في وقت لاحق إنها «أخطاء تقنية».
وسجلت منصة «صدى سوشال» الفلسطينية التي تعنى بالدفاع عن الحقوق الرقمية للفلسطينيين، 700 انتهاك ضد المحتوى الفلسطيني خلال شهر مايو الماضي.
ويرى الكرد أن «شركات التواصل الاجتماعي الضخمة لم تكن فقط تقوم بالتضليل على صوتنا وعلى سرديتنا تجاه انتهاكات الاحتلال، بل كان هناك تواطؤ واضح جدا».

وتابع «في فترة من الفترات لم يكن بإمكاننا نشر أي أمر حول الشيخ جراح دون تعرضه للحذف. ووصلتنا إنذارات كثيرة بحذف حساباتنا وتراجعت مشاهداتنا في بعض الأحيان من ربع مليون مشاهد إلى تسعين ألفا أو حتى خمسة آلاف مشاهد».
وبالنسبة للكرد فإن استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي قد يؤدي إلى التغيير موضحا، «كنت من الناس المؤمنين بأن أي منشور أو صورة لن يقوم بتغيير أي أمر على أرض الواقع. لكن اكتشفت أن حربنا الأولى والأخيرة هي حرب الكلمة وحرب سردية وحرب رأي عام».

وبحسب الكرد فإن نجاح الأمر يعود أيضا إلى «عدم وجود استراتيجية للعمل»، موضحا «تمكنا خلال الحملة ليس فقط من تسليط الضوء على الاستيطان في القدس، بل أيضا على حق الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم وحق الفلسطينيين في مقاومة المحتل، وحق الفلسطينيين في سرديتهم بشكل عام».
وتابع «تضاعفت المشاهدات وتضاعف عدد المتابعين بشكل خيالي، ما يدل أن هناك تعطشا للحقيقة الفلسطينية وتعطشا للرواية الفلسطينية».
ويعترف الكرد الذي بدأ منذ أكثر من عشر سنوات نشاطه في تسليط الضوء على قضية الشيخ جراح بأن الأمر ليس سهلا. وقال: «من الممكن أن نمل أو نتعب ولكن الاستسلام أو الاندحار أو الخروج عن هذا العمل ليس خيارا».
وأضاف «لا نملك ترف أن نترك الأمر وننساه، لأنه في اللحظة التي سنرفع فيها يدنا عن الموضوع من الممكن أن تسرق بيوتنا في أي لحظة من اللحظات».



كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
TT
20

كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)

غداة التهديد الحوثي الأخير بعودة الهجمات الحوثية المزعومة ضد إسرائيل، تصاعدت التساؤلات اليمنية عن الطريقة التي ستتخذها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد الجماعة المدعومة من إيران.

ويرى سياسيون يمنيون أن الولايات المتحدة سترد بطريقة أشد ردعاً على هجمات الحوثيين، إذا ما نفَّذت الجماعة تهديدها بالعودة إلى قصف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن؛ حيث تزعم أنها في موقف الدفاع عن الفلسطينيين في غزة.

ويبدو أن زعيم الجماعة المدعومة من إيران، عبد الملك الحوثي، يسعى لاختبار ردة الإدارة الأميركية الجديدة؛ إذ هدد، مساء الجمعة، بأن جماعته ستعود لمهاجمة السفن بعد 4 أيام، إذا لم تسمح إسرائيل بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، ضمن ما نصّت عليه المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.

وكانت إسرائيل وحركة «حماس» توصلتا، بوساطة قطرية ومصرية وأميركية، إلى اتفاق لوقف النار وتبادل الأسرى بدأ سريانه مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي. ومنذ ذلك الحين، توقف الحوثيون عن هجماتهم ضد السفن وباتجاه إسرائيل، مع تهديدهم بالعودة إليها في حال فشل الاتفاق.

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الحوثيين البحرية، وباتجاه إسرائيل، تأتي تنفيذاً لتوجيهات إيرانية، وإنها لم تساعد الفلسطينيين في شيء، أكثر من استدعائها لعسكرة البحر الأحمر وإتاحة الفرصة لإسرائيل لتدمير البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)

ومع توقُّع أن تكون إدارة ترمب أكثر حزماً من سابقتها في التعاطي مع التهديدات الحوثية، كان قد أعاد تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية أجنبية» ضمن أولى قراراته، إذ بدأ سريان القرار قبل أيام بالتوازي مع إدراج 7 من كبار قادة الجماعة على لائحة العقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة.

السيناريوهات المتوقعة

مع تهديد زعيم الجماعة الحوثية بالعودة إلى مهاجمة السفن، يتوقع سياسيون يمنيون أن ردة الفعل الأميركية ستكون أقوى. وقد تصل إلى الدعم العسكري للقوات اليمنية على الأرض. وهذا يعني نهاية المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة بناء على خريطة الطريق التي كانت توسطت فيها السعودية وعمان في نهاية 2023، وتعذر تنفيذها بسبب التصعيد الحوثي البحري والإقليمي.

ويتوقع البراء شيبان، وهو زميل في المعهد الملكي البريطاني لدراسات الدفاع، أن واشنطن سترد هذه المرة، وقد تكون بوتيرة ضربات أعلى، كما ستشدد الرقابة على كل الأفراد والكيانات الذين لا يزالون يقومون بأي تعاملات مالية أو لوجستية مع الحوثيين، بما في ذلك دخول النفط الذي يُعتبَر أحد أبرز الموارد الذي استخدمته الجماعة خلال الفترة الماضية.

صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)
صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)

وفي حال حدوث ذلك، يرى شيبان أن ذلك قد يدفع الحوثيين إلى التصعيد العسكري، وهو ما سيكون له تبعات على خريطة الطريق والمشاورات الذي كانت قد دشنتها الرياض مع الحوثيين منذ عام 2022.

من جهته، يتوقع المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر، رداً أميركياً على أكثر من مسار، ومن ذلك أن يكون هناك رد عسكري جوي وبحري على الأهداف الحوثية، إلى جانب استهداف البنية التحتية للجماعة، مثل الموانئ والمنشآت العسكرية.

ويضيف: «ربما قد نرى المزيد من العقوبات الاقتصادية على الحوثيين، مثل تجميد الأصول وتحديد التجارة، بهدف تقليل قدرتهم على الحصول على الأسلحة والموارد. إلى جانب اللجوء إلى البحث عن شريك عسكري في اليمن، بهدف دعمه عسكرياً وتعزيز قدرته على مواجهة الجماعة».

ويخلص الطاهر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى القول إن «رد واشنطن سيكون معتمداً على سياق الحادثة ونتائجها، بالإضافة إلى التطورات السياسية والاستراتيجية في المنطقة».

وفي سياق التوقعات نفسها، لا يستبعد الباحث السياسي والأكاديمي اليمني فارس البيل أن يقود أي هجوم حوثي ضد السفن الإدارة الأميركية إلى خلق تحالف جديد يضم إسرائيل لتوجيه ضربات أكثر فاعلية ضد الجماعة وقادتها، وربما بالتزامن مع استهداف القدرات النووية لطهران.

مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

ويجزم البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن أميركا تبدو الآن أكثر تصميماً على توجيه ضربات قوية ضد الحوثي في حال أعاد هجماته.

وفي اتجاه آخر، يرى الباحث السياسي اليمني رماح الجبري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تبحث عن أي قصف إسرائيلي أو غربي لمناطق سيطرتها؛ كون ذلك يحقق لها أهدافاً كثيرة. من بينها التصوير لأتباعها أن أي تحرك عسكري يمني أو حرب اقتصادية ضدها انتقام إسرائيلي، وأن الصف الوطني الذي يقوده مجلس القيادة الرئاسي يخدم مصالح تل أبيب.

ويبدو أن الجماعة (بحسب الجبري) تريد أن تستعجل اختبارها لرد الإدارة الأميركية الجديدة، مستغلةً الظروف الحالية التي تتجاذب تنفيذ بقية خطوات اتفاق الهدنة في غزة بين حركة حماس وإسرائيل، دون أن تكترث للرد الأميركي المتوقَّع؛ كونها لا تأبه لأي أضرار يتعرض لها السكان في مناطق سيطرتها.

وعيد أميركي

في أحدث التصريحات الأميركية بشأن الموقف من الجماعة الحوثية، كانت القائمة المؤقتة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفيرة دوروثي شيا، توعدت الحوثيين، خلال إيجاز في مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن.

وقالت إنه تماشياً مع الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترمب بشأن إعادة إدراج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، تتخذ الولايات المتحدة خطوات ملموسة للقضاء على قدرات الحوثيين.

وأضافت أن بلادها ستتخذ خطوات لوقف الدعم الإيراني لأنشطة الحوثيين الإرهابية، وذلك بموجب المذكرة الرئاسية الخاصة بالأمن القومي التي أصدرها الرئيس ترمب، وأعاد من خلالها فرض القدر الأقصى من الضغط على إيران.

ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)
ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)

وتوعدت السفيرة شيا باتخاذ إجراءات ضد الحوثيين، في حال استأنفوا هجماتهم المتهورة في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة وضد إسرائيل.

وقالت إن كل دولة عضو في مجلس الأمن تتحمل مسؤولية الوفاء بالتزاماتها بموجب القرارات الصادرة عن المجلس، بما في ذلك القرارات التي تتعلق بالحظر المفروض على إمداد الحوثيين بالأسلحة والمواد والتدريبات ذات الصلة أو بالمساعدات المالية.

ودعت القائمة المؤقتة بأعمال المندوب الأميركي في الأمم المتحدة إلى التحرك باتجاه تعزيز آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش الخاصة باليمن، وحضت الدول الأعضاء على القيام بدورها وزيادة التمويل للتخطيط طويل الأمد الخاص بالآلية وتوظيفها للأفراد وبنيتها التحتية الحيوية والضرورية لتعزيز القدرة على تفتيش جميع الحاويات غير المكشوفة، وبنسبة مائة في المائة.

ووصفت الحوثيين بأنهم يواصلون سعيهم إلى أخذ مضيق باب المندب والتجارة الدولية كرهينة، ولم يبدوا أي رغبة أو قدرة على التمييز بين أهدافهم، وشددت بالقول: «حري بنا ألا نقبل بأي شكل من الأشكال مزاعمهم بشأن أي أساس مشروع لهجماتهم».

الهجمات والضربات السابقة

يُشار إلى أن الجماعة الحوثية تبنَّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة واحتجاز طاقمها لأكثر من عام ومقتل 4 بحارة.

وتلقت الجماعة نحو ألف غارة نفذتها واشنطن بمشاركة بريطانيا في بعض المرات للحد من قدراتها، في حين شنت إسرائيل 5 موجات انتقامية جوية على موانئ الحديدة ومطار صنعاء، ومحطات كهرباء، رداً على إطلاق الجماعة نحو 200 صاروخ وطائرة مسيرة باتجاه إسرائيل خلال 14 شهراً.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)

وباستثناء إسرائيلي واحد قُتِل جراء انفجار مسيرة حوثية في شقة بتل أبيب في يونيو (حزيران) الماضي، لم تكن لهذه الهجمات أي تأثير قتالي باستثناء بعض الإصابات، والتسبُّب في الضغط على الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

غير أن الضرر الأكبر لهذه الهجمات الحوثية كان على الصعيد الاقتصادي مع تجنُّب كبرى شركات الملاحة المرور عبر باب المندب وسلوكها مساراً أطول عبر طريق الرجاء الصالح، وهو ما أدى إلى تراجع حركة السفن في البحر الأحمر إلى أكثر من 50 في المائة، وأصبحت مصر أكبر الخاسرين لفقدها نحو 7 مليارات دولار من عائدات قنوات السويس.

ومع عدم نجاح هذه الضربات الغربية والإسرائيلية في الحد من قدرات الجماعة الحوثية على شن الهجمات، كان الموقف الرسمي لمجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة التابعة له معارضة هذه الضربات، لجهة أنها غير فاعلة في إنهاء التهديد الحوثي، وأن البديل الأنجع دعم القوات اليمنية الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها ومؤسسات الدولة المختطفة، باعتبار ذلك هو الحل العملي.