السودان: القاعدة الروسية رهن تلبية شروطنا

الخرطوم توقف التفاهمات مؤقتاً مع موسكو

سفينة حربية روسية بميناء بورتسودان في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
سفينة حربية روسية بميناء بورتسودان في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
TT
20

السودان: القاعدة الروسية رهن تلبية شروطنا

سفينة حربية روسية بميناء بورتسودان في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
سفينة حربية روسية بميناء بورتسودان في أبريل الماضي (أ.ف.ب)

أبلغ مسؤول رفيع في الحكومة السودانية «الشرق الأوسط» أن بلاده لم تلغ أو تنسحب من الاتفاق مع روسيا في إقامة قاعدة عسكرية بالقرب من الميناء الرئيسي بورتسودان في البحر الأحمر، في تعليق للسودان على حديث نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغداندف، أن السودان لم ينسحب من اتفاق مع روسيا بشأن إقامة القاعدة.
وذكر المسؤول السوداني الذي فضل حجب اسمه، أن القرار صدر عن مجلس السيادة الانتقالي بوقف التفاهمات والنقاش مع الجانب الروسي في هذه المسألة لعدم وفائه بما تم الاتفاق عليه من شروط بين البلدين، ورفض المسؤول الكشف عن المزيد من التفاصيل لحساسية المعلومات.
وأضاف المسؤول أنه متى ما أوفت روسيا بالشروط سنعود للنقاش مرة أخرى حول الاتفاقيات العسكرية بشأن القاعدة، مشيراً إلى أن حديث رئيس هيئة أركان الجيش السوداني، محمد عثمان الحسين، في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي، بالنظر في مراجعة محتملة للاتفاقية مع روسيا، يتسق تماماً مع الموقف الرسمي للحكومة. وأوضح المسؤول أن «ما تم هو تجميد النقاش وليس الانسحاب من الاتفاقية كما يذهب البعض».
وكان رئيس هيئة الأركان السوداني، أشار إلى أن الاتفاق تم التوقيع عليه في عهد حكومة الرئيس المعزول عمر البشير، ولم يتم المصادقة عليه من قبل البرلمان الحالي بعد التغيير الكبير الذي حدث في البلاد. وقال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أول من أمس: «أعتقد أنه يمكن دائماً التوصل إلى حل وسط». وأكدا أن السودانيين «لم ينسحبوا من الاتفاق ولم يسحبوا توقيعهم... لديهم بعض الأسئلة التي استجدّت». ويرى مقدم متقاعد في البحرية السودانية، عمر أرباب، أن هنالك حلقة مفقودة في الأمر، وأنه قبل الانتهاء من الإجراءات لاعتماد الاتفاقية من الجانب السوداني وفقاً للإجراءات المتعارف عليها بالمصادقة في أجهزة الدولة الرسمية أصبح الوجود الروسي في البحر الأحمر أمراً واقعاً.
وأشار إلى أنه في فبراير (شباط) الماضي بدأت روسيا فعلياً في الوجود في قاعدة «فلامنجو» بوصول قوات عسكرية، ورسو بعض القطع الحربية للجيش الروسي للقاعدة خلال الأشهر الماضية.
وأضاف أن هناك قفزاً في المراحل التي تتطلب أن تكون هناك لجان فنية مشتركة من الجانبين تعمل على بروتوكول الاتفاق، ومن ثم إجازة الاتفاق في البرلمان، والمصادقة عليه في مجلس السيادة. ولا يستبعد أرباب أن يكون هناك تواصل تم بين البلدين في هذا الجانب، إذ لا يمكن قانونياً إنشاء قاعدة روسية قبل استكمال المراحل المعروفة في الاتفاقيات الدولية.
وزار نائب وزير الدفاع لروسيا إسكندر فومين يرافقه وفد عسكري رفيع، في مايو (أيار) الماضي، الخرطوم، وأجرى مباحثات مع رئيس هيئة أركان الجيش السوداني، محمد عثمان الحسين ناقشت مسارات الاتفاقية. وقال الحسين بحثنا مع الوفد إعادة النظر في الاتفاقية لتحقيق مصالح السودان، وما دامت الاتفاقية لم تُعرض على المجلس التشريعي ولم يتم التصديق عليها فهي غير مُلزمة بالنسبة لنا.
وكانت المتحدثة باسم القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا «أفريكوم»، سيندي كينغ، أكدت لوسائل إعلام أول من أمس، أنه لا وجود لاتفاق بين السودان وروسيا على إنشاء قاعدة عسكرية روسية في السودان على البحر الأحمر. وأشارت إلى أن الخرطوم لم تُوقع أي اتفاق، وبالتالي لا يمكن الحكم مسبقاً على أي سياسة رسمية أو قرار في هذا الإطار. وأوضحت ينبغي سؤال سلطات الخرطوم عن مسألة السماح لروسيا بإنشاء قاعدة عسكرية داخل السودان.
وتلقى المجلس العسكري الانتقالي (المنحل) في السودان، الذي يمثله القادة العسكريون في مجلس السيادة، دعماً كبيراً من روسيا، إذ وافق فور توليه إدارة شؤون البلاد بعد سقوط البشير في أبريل (نيسان) 2019 على الإبقاء على العقود الروسية في قطاعات الدفاع والتعدين والطاقة في البلاد، وخططها مع حكومة البشير المعزولة لبناء قاعدة على البحر الأحمر.
وكان الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، طلب خلال زيارته روسيا عام 2017 من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إنشاء قاعدة عسكرية في البحر الأحمر، بسبب مخاوفه من أي تدخلات أميركية مناوئة في الشؤون الداخلية السودانية.
وتذهب التحليلات إلى أن روسيا قابلت العرض السوداني بحماس زائد لتعزز من وجودها في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي، وبناء قاعدة عسكرية للتمهيد لتغلغلها في القارة الأفريقية.



مصر ترفض «حكومة موازية» في السودان... وتستعد لـ«إعادة الإعمار»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره السوداني علي يوسف في القاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره السوداني علي يوسف في القاهرة (الخارجية المصرية)
TT
20

مصر ترفض «حكومة موازية» في السودان... وتستعد لـ«إعادة الإعمار»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره السوداني علي يوسف في القاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره السوداني علي يوسف في القاهرة (الخارجية المصرية)

في أول موقف مصري رسمي من تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، أكد وزير الخارجية بدر عبد العاطي، الأحد، رفض بلاده لأي دعوات تشكيل أطر موازية، للإطار القائم حالياً في السودان، فيما أعلن الاتفاق مع نظيره السوداني علي يوسف، على تشكيل فريق عمل مشترك للتركيز على إعادة الإعمار في السودان بمساهمة من الشركات المصرية.

وجاءت تأكيدات عبد العاطي، عقب جولة مشاورات سياسية جمعته مع نظيره السوداني، علي يوسف الشريف، في القاهرة، شدد خلالها على أن السلامة الإقليمية للسودان «خط أحمر» بالنسبة لبلاده، لا يمكن التهاون فيه.

ووفق تقارير إعلامية، وقعت «قوات الدعم السريع»، وتحالف مؤلف من جماعات سياسية ومسلحة، في العاصمة الكينية نيروبي، «وثيقة إعلان سياسي ودستور مؤقت، لتشكيل حكومة موازية، في مناطق سيطرة (قوات الدعم السريع)»، في مواجهة الحكومة السودانية التي تتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها حالياً.

مشاورات سياسية برئاسة وزيري خارجية مصر والسودان في القاهرة (الخارجية المصرية)
مشاورات سياسية برئاسة وزيري خارجية مصر والسودان في القاهرة (الخارجية المصرية)

واستضافت القاهرة آلية التشاور السياسي بين مصر والسودان، برئاسة وزيري خارجية البلدين، الأحد، وحسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، أكدت المشاورات «أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة السودان، واستقلاله، واحترام سيادته وكل مؤسساته الوطنية، بما في ذلك الجيش السوداني»، على وقع الحرب الداخلية في السودان.

ويشهد السودان حرباً داخلية اندلعت منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، وتسببت في نزوح آلاف السودانيين داخل البلاد وخارجها، بينهم نحو مليون و200 ألف إلى مصر، حسب إحصاءات رسمية.

وشدد البيان المشترك لآلية المشاورات السياسية، على «رفض التدخل في الشأن الداخلي السوداني تحت أي ذريعة»، إلى جانب «رفض أي خطوات من شأنها المساس بسيادة السودان»، وأشار البيان إلى أن «حل أزمة الحرب الداخلية حق أصيل للشعب السوداني، دون إملاءات خارجية».

وفي مؤتمر صحافي مشترك، أعقب المشاورات، أكد وزير الخارجية المصري على أن «بلاده ترفض أي دعاوى لتشكيل أطر موازية للإطار القائم حالياً في السودان»، وأن «السلامة الإقليمية للسودان خط أحمر لمصر».

بدوره، شدد وزير الخارجية السوداني على أن «بلاده لا تقبل قيام أي دولة أخرى بإقامة حكومة موازية للسودان»، وقال إن «الحرب ستنتهي في بلاده بانتصار الجيش والمقاومة الشعبية على ميليشيا (الدعم السريع)»، ودعا إلى «ضرورة تقديم كل الدعم للجيش للحفاظ على وحدة ووضع السودان».

واستعاد الجيش السوداني، أخيراً، عدداً من المناطق الرئيسية كانت تسيطر عليها «قوات الدعم السريع»، خصوصاً في العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة، غير أن هذا التقدم تزامن مع تحركات تشكيل «حكومة موازية» جديدة.

ويأتي الموقف المصري الرافض لأي تحركات لتشكيل حكومة موازية بالسودان، دعماً لوحدة واستقرار السودان الداخلي، وفق رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير محمد العرابي، مشيراً إلى أن «موقف القاهرة ثابت ويستهدف الحفاظ على السيادة السودانية».

وباعتقاد العرابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، تحركات بعض الأطراف لتشكيل حكومة موازية، «ستزيد من حالة الانقسام السياسي الداخلي، وتعمق الخلاف بين الأطراف المختلفة»، مشيراً إلى أن «الحل السياسي يجب أن يصدر من الشعب السوداني نفسه، وأن يكون موقفاً سودانياً خالصاً دون إملاءات من أطراف خارجية».

وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني (الخارجية المصرية)

وفي تقدير مدير وحدة العلاقات الدولية بالمركز السوداني للفكر والدراسات الاستراتيجية، مكي المغربي، فإن تحركات تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، «لم تنجح، بفضل الرفض الإقليمي والدولي لها»، مشيراً إلى أن «مساعي القوى والأطراف السودانية الساعية لتشكيل هذه السلطة لن تتعدى مرحلة توقيع ميثاق سياسي مشترك».

ولم تحظ تحركات تشكيل حكومة موازية في السودان بأي تفاعل إقليمي أو دولي. وأوضح المغربي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشاورات المصرية السودانية متواصلة ولا تنقطع طوال فترة الحرب، بحكم ارتباط الأمن القومي للبلدين»، منوهاً إلى أن «خطوة تشكيل فريق مشترك لبحث ملف إعادة الإعمار، تأتي ضمن مسار التكامل بين البلدين»، عادا الشركات المصرية «الأقرب للعمل داخل السودان».

وأشار وزير الخارجية المصري إلى أن «بلاده على ثقة كاملة في أن السودان سيتعافى، وسيكون لمصر دور رئيسي ومباشر للمساهمة في بناء السودان الجديد»، وقال إنه «تم الاتفاق على تشكيل فريق مشترك من البلدين لدراسة عملية إعادة الإعمار، مع وضع التصور للبدء في عملية إعادة الإعمار والجدول الزمني».

وعلى صعيد الأمن المائي، أكدت مصر والسودان «العمل المشترك لحماية حقوقهما المائية كاملة»، وحسب البيان المشترك لآلية التشاور السياسي، شدد البلدان على «رفض التحركات الأحادية بدول حوض النيل»، كما أكدا «ضرورة استعادة التوافق وإعادة مبادرة حوض النيل، والحفاظ عليها باعتبارها آلية التعاون الشاملة الوحيدة التي تضم جميع دول الحوض، وتمثل ركيزة التعاون المائي لجميع الدول».وأكد المغربي «أهمية التنسيق المشترك بين البلدين فيما يتعلق بملف الأمن المائي»، وقال إن «القاهرة والخرطوم، لن تقبلا بأي إجراءات تضر بمصالحهما المائية».

وكشف وزير الخارجية المصري عن انعقاد اجتماع «2+2» لوزراء الخارجية والري في البلدين بالقاهرة، الاثنين، بهدف «تعميق التنسيق بين البلدين».