«وكلاء» إيران في العراق يهددون الولايات المتحدة بأسلحة متطورة

نفذوا أكثر من 300 هجوم ضد المصالح الأميركية

TT

«وكلاء» إيران في العراق يهددون الولايات المتحدة بأسلحة متطورة

تشتبه السلطات الأمنية الأميركية في ضلوع الميليشيات العراقية المدعومة من إيران في شن عدة هجمات بالطائرات المسيرة ضد أهداف أميركية ذات حساسية داخل العراق، في محاولة منها لتفادي الدفاعات الأميركية، حسب تقرير لصحيفة {نيويورك تايمز}.
وتتعامل الولايات المتحدة مع التهديدات سريعة التطور من قبل وكلاء الحكومة الإيرانية في العراق بعد قيام الميليشيات المتخصصة في تشغيل أكثر الأسلحة تطوراً، بما في ذلك الطائرات المسيرة المسلحة، بتوجيه الهجمات ضد عدد من أكثر الأهداف الأميركية حساسية في العراق، فراراً من مواجهة الدفاعات الأميركية.
وكانت تلك الميليشيات، عبر 3 مرات على الأقل خلال الشهرين الماضيين، قد استعانت بالطائرات المسيرة صغيرة الحجم المحملة بالمتفجرات التي تنطلق ضد الأهداف وتصطدم بها، في هجمات يجري تنفيذها في أوقات متأخرة من الليل على القواعد الأميركية في العراق، بما في ذلك القواعد التي تستخدمها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وقيادة وحدات العمليات الخاصة، وفقاً لتصريحات مسؤولين أميركيين نقلتها «نيويورك تايمز».
- هجمات انتقامية مضادة
وتستعين الحكومة الإيرانية التي أنهكتها سنوات طويلة من العقوبات الاقتصادية الأميركية القاسية بالميليشيات الموالية لها في العراق في تصعيد الهجمات، وتكثيف الضغوط الممارسة على الولايات المتحدة، وعلى القوى الدولية الأخرى، بُغية التفاوض بشأن التخفيف من تلك العقوبات، في جزء من محاولات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015. ويقول المسؤولون العراقيون والأميركيون إن إيران قد صممت هجمات الطائرات المسيرة المسلحة للإقلال من الخسائر التي ربما تدفع الحكومة الأميركية إلى تنفيذ هجمات انتقامية مضادة.
وصرح الجنرال كينيث ماكنزي جونيور، القائد الأعلى للقوات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، لوكالة «أسوشيتد برس» الإخبارية، الشهر الماضي، بأن الطائرات المسيرة المسلحة تشكل تهديداً خطيراً، وأن القوات الأميركية تعمل على قدم وساق من أجل ابتكار الوسائل المناسبة لمكافحة تلك الهجمات الجديدة. وقال مايكل مولوري، الضابط الأسبق لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية كبير مسؤولي سياسات الشرق الأوسط في وزارة الدفاع الأميركية، إنه من خلال التقنيات التي يوفرها «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني، وهو الذراع الخارجية المعنية داخل أجهزة الأمن والاستخبارات الإيرانية، صارت الطائرات المسيرة المسلحة أكثر تطوراً، وذات تكلفة منخفضة نسبياً. وأضاف مولوري أن «الطائرات المسيرة من المشكلات الكبيرة، وهي من أخطر التهديدات التي تواجه الجنود الأميركيين في العراق الآن».
وصرح مسؤول كبير في الأمن القومي العراقي بأن الطائرات الإيرانية المسيرة تمثل تحدياً كبيراً حالياً، غير أنها ليست سوى أداة من الأدوات، وليست هي جوهر المشكلة. وأضاف المسؤول الذي تحدث شريطة حجب هويته: «إنها إحدى وسائل ممارسة الضغوط. الحكومة الإيرانية في حالة إنهاك اقتصادي كبيرة. وكلما زادت المعاناة، ارتفعت حدة هذه الهجمات. ويكمن جوهر المشكلة في حالة الصراع الدائر بين الولايات المتحدة والحكومة الإيرانية».
- 300 هجوم
كانت إيران قد استخدمت الميليشيات الموالية لها في العراق منذ عام 2003 في التأثير على السياسات العراقية، وتوجيه التهديدات ضد الولايات المتحدة الأميركية خارج حدودها. ومنذ أواخر عام 2019، كانت الميليشيات العراقية المدعومة من إيران قد نفذت أكثر من 300 هجوم مختلف ضد المصالح الأميركية في العراق، الأمر الذي أسفر عن سقوط 4 أميركيين، ونحو 25 مواطناً آخرين، أغلبهم من العراقيين، وذلك وفقاً لتقدير الموقف الصادر عن وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية في أبريل (نيسان) من العام الحالي. وعلى مدار العام الماضي، لوحظ انتشار جديد للجماعات المسلحة التي لم تكن معروفة من قبل، مع إعلان بعض منها مسؤوليته عن الهجمات الصاروخية على الأهداف الأميركية في العراق.
وتعكس الدقة الملحوظة في استخدام الطائرات المسيرة المسلحة في الهجمات المنفذة خلال العام الحالي حالة من التصعيد العسكري من مستوى هجمات صواريخ الكاتيوشا الأكثر شيوعاً التي صنفها المسؤولون الأميركيون تحت فئة المضايقات. وكانت تلك الهجمات الصاروخية التي تنطلق من منصات الإطلاق المتحركة تستهدف مقر السفارة الأميركية داخل المنطقة الخضراء في بغداد، فضلاً عن القوات العسكرية الأميركية التي تضم أكثر من 2500 جندي أميركي، رفقة الآلاف الآخرين من المتعاقدين العسكريين الأميركيين.
وعلى صعيد منفصل، يقول بعض المحللين الأميركيين إن الميليشيات الإيرانية المسلحة تستهدف حالياً المواقع العسكرية دون غيرها، حتى أنها لا توجه الهجمات ضد مستودعات الطائرات الأميركية التي تتمركز فيها الطائرات المسيرة الأميركية المتطورة من طراز «كيو 9 ريبر»، وطائرات المراقبة المروحية التي تشغلها الجهات المتعاقدة مع جيش الولايات المتحدة، وذلك في محاولة لتعطيل أو تحييد قدرات الاستطلاع الأميركية الحاسمة المهمة في مراقبة التهديدات العسكرية في العراق.
وكانت الولايات المتحدة قد استعانت بالطائرات المسيرة من طراز «ريبر» في توجيه أكثر ضرباتها العسكرية حساسية، بما في ذلك عملية اغتيال قاسم سليماني، القائد المهم في أجهزة الأمن والاستخبارات الإيرانية، رفقة أبو مهدي المهندس، المسؤول الكبير في الحكومة العراقية قائد إحدى الميليشيات الشيعية الموالية لإيران، في بغداد في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي.
- تحليق منخفض
وأفاد مسؤولون آخرون بأنه في حين شرعت الحكومة الأميركية في إقامة الدفاعات المعنية بمواجهة الصواريخ والمدفعية وأنظمة قذائف الهاون في منشأتها داخل العراق، كانت الطائرات الإيرانية المسيرة تواصل التحليق على ارتفاعات منخفضة للغاية لا تستطيع الدفاعات الأميركية الحديثة اكتشافها. وقبيل منتصف الليل من مساء 14 أبريل (نيسان) الماضي، استهدفت غارة إيرانية بالطائرات المسيرة موقعاً تابعاً لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في مدينة أربيل في شمال العراق، وذلك وفقاً لإفادة 3 مسؤولين أميركيين من المطلعين على مجريات الأمور، ووقع الهجوم داخل مجمع المطار في أربيل.
ولم ترد أي أنباء عن وقوع إصابات جراء ذلك الهجوم، غير أنه أثار حالة كبيرة من القلق في أوساط وزارة الدفاع والبيت الأبيض بسبب الطبيعة السرية للمنشأة الأميركية، فضلاً عن التطور المصاحب لتنفيذ تلك العملية. هذا وقد أثار هجوم مماثل بالطائرات المسلحة المسيرة، جرى تنفيذه خلال الساعات الأولى من صباح يوم 8 مايو (أيار) الماضي ضد قاعدة عين الأسد الجوية مترامية الأطراف في محافظة الأنبار الغربية العراقية، حيث تحتفظ الولايات المتحدة بطائرات «ريبر» المسيرة الخاصة بها، قلق ومخاوف القادة الأميركيين من التكتيكات المتغيرة لدى الميليشيات الشيعية العراقية الموالية لإيران.
ولم يسفر الهجوم عن وقوع ضحايا بين أفراد القوات، غير أنه ألحق بعض الأضرار بمستودع من مستودعات الطائرات الأميركية، تماماً كما أفاد العقيد واين ماروتو، الناطق الرسمي باسم التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، في العراق. وبعد مرور 3 أيام على ذلك الهجوم، شهد مطار عسكري آخر في منطقة الحرير شمال مدينة أربيل، تستخدمه قيادة العمليات الخاصة المشتركة فائقة السرية في الجيش الأميركي، هجوماً آخر بالطائرات الإيرانية المسيرة. وقال مسؤولو التحالف إن الطائرة المسيرة المحملة بالمتفجرات قد سقطت وتحطمت، ولم تتسبب في وقوع إصابات أو إلحاق الأضرار، غير أنها رفعت من وتيرة المخاوف ذات الصلة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.