حال الانتشار المكثف لرجال الأمن في العاصمة الجزائرية أمس، دون تنظيم احتجاجات الأسبوع 120 للحراك الشعبي، في المقابل، شهدت منطقة القبائل مظاهرات كبيرة، صب فيها نشطاء الحراك غضبهم على المرشحين لانتخابات البرلمان، الذي باتت أبوابه مفتوحة على مصراعيها للإسلاميين، في غياب «المنافس العلماني» التقليدي.
وكثف عناصر الأمن الوطني حضورهم في شوارع العاصمة، يوم الجمعة، ونشروا نقاط المراقبة عند مداخل المدينة، لإبعاد الوافدين إليها من غير المقيمين فيها، وذلك للأسبوع الثالث على التوالي، ما يعكس الصرامة التي قررت السلطات التعامل بها مع المتظاهرين، بعد أن ضاقت بهم ذرعاً، لكن الهدف الأساسي من مسعى إنهاء الحراك، بحسب مراقبين، هو توفير ظروف هادئة لإجراء الانتخابات التشريعية.
ولوحظ في شوارع «حسيبة بن بوعلي» و«عسلة حسين» و«ديدوش مراد»، أن رجال أمن يستوقفون المارة لتفتيش أغراضهم بغية التأكد من «شبهة» المشاركة في الاحتجاج.
وفي المساجد، حيث تعود «الحراكيون» على الخروج للتظاهر بكثرة، انتشر العشرات من عناصر الأمن بزي مدني لمراقبة أي حركة غير عادية.
وقال سيد علي بوزياني، وهو موظف في إدارة حكومية، كان في مسجد حي بلوزداد: «جئت من بومرداس (50 كلم شرق العاصمة) للمشاركة في الاحتجاج، رغم علمي بأن العاصمة محاطة بحزام أمني وأن رجال الأمن لن يترددوا في اعتقالي وسجني. اخترت هذه المغامرة لقناعتي بأن خلاصنا في استمرار الحراك».
وتعرضت ناشطات عديدات من الحراك لتفتيش دقيق في الشوارع، على أيدي شرطيات بعضهن ارتدين لباساً مدنياً، ووقعت ملاسنات معهن، بعد أن أصرت الشرطيات على منعهن من المرور في بعض الشوارع المؤدية إلى «ساحات الحراك» التي هجرها مرتادوها منذ ثلاثة أسابيع، تحت طائلة الاعتقال والإحالة إلى النيابة بتهمتين كانتا من «نصيب» المئات من المتظاهرين، وهما «التحريض على مظاهرة غير مرخصة» و«المسُّ بالوحدة الوطنية».
وكتب زكي حناش، الناشط المتخصص في نشر الإحصائيات المتعلقة بالمعتقلين والملاحقين قضائياً، على حسابه في شبكة التواصل الاجتماعي أمس، أن قضاة التحقيق وضعوا 500 متظاهر في الحبس الاحتياطي، من بينهم 11 امرأة، واعتقلت قوات الأمن 15 ألف شخص، وتمت متابعة 1800 شخص قضائياً، منذ بداية الحراك الشعبي في 22 فبراير (شباط) 2019.
ونظراً لظروف التضييق في العاصمة، انتقل المئات من المتظاهرين إلى محافظتي منطقة القبائل تيزي أوزو (100 كلم شرق) وبجاية (250 كلم شرق)، ليل الخميس، للمشاركة في المظاهرتين. ففي المدينتين تتحاشى قوات الأمن المواجهة مع المتظاهرين، تفادياً لإثارة رد فعل محتمل من سكان منطقة القبائل المعروفين بخصومتهم الشديدة للنظام. وباتت منطقة القبائل قبلة للمحتجين من كل مكان، وملاذاً لرفع الشعار الأساسي للحراك المطالب بـ«دولة مدنية لا عسكرية»، والذي أصبح ترداده في العاصمة مغامرة خطرة.
وسار المتظاهرون في أهم شوارع تيزي أوزو وبجاية، منددين بـ«الانتخابات التي تنظمها العصابات»، وعبروا عن عزمهم على «إفشال عرس السلطة»، حسبما جاء في أحد الشعارات، ويقصد بها الانتخابات التشريعية في 12 يونيو (حزيران) الجاري. وكان المتظاهرون في المدينتين يصعِّدون من غضبهم ضد الانتخابات، كلما مروا بمكاتب الحملات الدعائية للمرشحين.
وتنتهي الحملة الانتخابية الثلاثاء المقبل (تدوم 32 أسبوعاً حسب القانون)، وكانت شهدت منذ انطلاقها فتوراً كبيراً من جانب الجزائريين. وتعد «المقاطعة الشاملة» هاجس المرشحين المتحزبين والمستقلين والحكومة أيضاً. ويعتبر الإسلاميون هذه الانتخابات فرصة للدخول بقوة إلى البرلمان، بعد أن أعلنت الأحزاب ذات التوجه اليساري العلماني مقاطعة الموعد، وهم منافسوهم التقليديون.
يشار إلى أن عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في انتخابات الرئاسة التي جرت في نهاية 2019، بلغ 9 ملايين و675 ألفاً و515 من مجموع نحو 24 مليون مسجَّل في اللوائح الانتخابية. وصوَّت 5 ملايين و661 ألفاً و551 ناخباً في استفتاء تعديل الدستور يوم 1 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.
الجزائر: الحراك محظور أمنياً في العاصمة للأسبوع الثالث
أبواب البرلمان مشرعة أمام الإسلاميين بعد انسحاب العلمانيين من سباق «التشريعيات»
الجزائر: الحراك محظور أمنياً في العاصمة للأسبوع الثالث
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة