مجلس الأمن يطالب الحوثيين بـ«عدم تأخير» المهمة الأممية لـ«صافر»

حمّلهم المسؤولية عن مخاطر حصول كارثة بيئية وإنسانية في المنطقة

TT

مجلس الأمن يطالب الحوثيين بـ«عدم تأخير» المهمة الأممية لـ«صافر»

عبر أعضاء مجلس الأمن مجدداً عن «قلقهم البالغ» من تردي وضع ناقلة «صافر» قبالة ساحل الحديدة اليمني، مطالبين جماعة الحوثي المدعومة من إيران بأن يسمحوا «من دون تأخير» لفريق خبراء من الأمم المتحدة بأن يتفقّدوا هذا الخزان النفطي المتهالك، تمهيداً لاتخاذ قرار في شأن إصلاحه أو إفراغ محتوياته قبل وقوع كارثة بيئية وإنسانية في المنطقة.
وجاء ذلك بعدما عقد أعضاء مجلس الأمن أول من أمس الخميس جلسة مشاورات بطلب من بريطانيا، واستمعوا خلالها إلى إحاطتين من المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إنغر أندرسن ومديرة العمليات والمناصرة لدى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية رينا غيلاني حول «المخاطر البيئية والإنسانية المتزايدة» التي تشكلها ناقلة النفط الموجودة في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي.
وجدد أعضاء مجلس الأمن «تأكيد مسؤولية الحوثيين عن هذا الوضع»، معبرين عن «قلقهم البالغ حيال تنامي خطر تمزق الناقلة صافر أو انفجارها، ما سيؤدي إلى كارثة بيئية واقتصادية وبحرية وإنسانية لليمن والمنطقة»، علماً بأن «هذا ما يمكن أن يهدد ويزيد الوضع سوءاً في اليمن والمنطقة». وإذ لاحظوا أن «الحوثيين أشاروا إلى موافقتهم على نشر خبراء تقنيين للأمم المتحدة في الناقلة في 5 يوليو (تموز) 2020»، توقعوا أن «يحصل هذا الانتشار في أقرب وقت ممكن». ولفتوا إلى المناقشات الجارية، مشددين على «الحاجة إلى حل القضايا العالقة على وجه السرعة». ودعوا الحوثيين إلى «تسهيل الوصول غير المشروط والآمن لخبراء الأمم المتحدة لإجراء تقييم شامل ونزيه ومهمة إصلاح أولية، من دون مزيد من التأخير، وضمان التعاون الوثيق مع الأمم المتحدة».
وانعقدت هذه الجلسة لمجلس الأمن بعدما أعلنت جماعة الحوثي أن مساعي خبراء الأمم المتحدة لتفقد الناقلة وصلت إلى «طريق مسدود».
وقالت المندوبة البريطانية الدائمة لدى الأمم المتحدة بربارة وودوارد رداً على أسئلة لـ«الشرق الأوسط» إن «عاماً مضى منذ انعقاد آخر جلسة لمجلس الأمن في شأن هذه المسألة ومنذ أن وافق الحوثيون على مهمة تقييم وإصلاح من الأمم المتحدة»، معبرة عن «الأسف الشديد والقلق البالغ لأنه لم يحرز أي تقدم». واتهمت الحوثيين بأنهم «أطالوا المفاوضات»، مضيفة «نريد أن يتحمل الحوثيون المسؤولية وأن يسمحوا لخبراء الأمم المتحدة بالوصول إلى مهمة الإصلاح الأولية». وحذرت من أنه «يمكن أن يتسرب 1.14 مليون برميل من النفط إلى البحر الأحمر إذا لم نتمكن من حل هذا الأمر»، مؤكدة أن هذه «ستكون كارثة بيئية تضاف إلى الكارثة الإنسانية التي يعانيها اليمن أصلاً». وكررت أنه «لا يزال خطر تسرب ناقلة النفط عالياً لكننا لن نعرف مدى ارتفاعه ما لم ننفذ مهمة التقييم». وقالت: «ما من شك في أن هذه كارثة تنتظر». وأوضحت أيضاً أن الخطوة التالية «تقنية للغاية» وتتضمن «البحث تحت المياه عن الأضرار التي لحقت بناقلة النفط لقياس الصدأ».
وخلال الجلسة أبلغت غيلاني أعضاء مجلس الأمن أن بعثة المفتشين «لا تزال على استعداد للذهاب» إلى اليمن لتنفيذ مهمتها، موضحة أن هذه المهمة «ستظل جاهزة ما دام لدينا تمويل من المانحين». لكنها حذرت من أن «بعض هذه الأموال سيبدأ بالنضوب قريباً»، آملة في أن «تبدأ الأمور بالتحرك بسرعة أكبر بكثير».
ومنذ سنوات تحاول الأمم المتحدة تأمين هذه السفينة والحيلولة دون حدوث تسرّب نفطي كارثي، لكنها لم تتمكن من ذلك بسبب رفض الحوثيين الذين يسيطرون على ميناء الحديدة السماح لخبراء الأمم المتحدة بالوصول إلى الناقلة الراسية قبالة الميناء.
وتستخدم «صافر» التي صنعت قبل 45 عاماً كمنصة تخزين عائمة، وهي محمّلة بأكثر من 1.1 مليون برميل من النفط الخام يقدر ثمنها بنحو 40 مليون دولار. ولم تخضع السفينة لأي صيانة منذ 2015 ما أدى إلى تآكل هيكلها وتردي حالها. وقبل عام تسربت المياه إلى غرفة المحرك وهي اليوم مهددة بالانفجار أو الأنشطار في أي لحظة ما سيؤدي إلى تسرب حمولتها في البحر الأحمر. وتحذر الأمم المتحدة من أن حصول ذلك من شأنه أن يدمر النظم البيئية في البحر الأحمر وأن يغلق لستة أشهر على الأقل ميناء الحديدة الذي يُعد شرياناً حيوياً لليمن. وبالإضافة إلى معالجة تآكل الناقلة، تتطلب صيانتها إيجاد حل للغازات القابلة للانفجار.
وتطالب الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بإنفاق أي مبلغ يتأتى من بيع هذا النفط على مشاريع صحية وإنسانية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».