شاشة الناقد

• 1-2 The Eight Hundred
• إخراج: غوان هو | Guan Hu
• الصين | حربي (2020)
• ★★
«الثمانمائة» قائم على فصل فعلي من تاريخ الحرب الصينية - اليابانية في النصف الثاني من الثلاثينات. في عام 1937 دافعت حامية صينية تضم 800 جندي عن جزء من مدينة شنغهاي داخل مبنى كان مخزناً كبيراً مؤلفاً من خمسة أو ستة طوابق. أفلام مثل «دافعوا عن وطنهم» لسيرغي بوندارتشوك (1976) حول حصار ستالينغراد، أو «ستالينغراد» لفيودور بوندارتشوك (ابن سيرغي، 2013) تمر بالبال حين مشاهدة هذه الملحمة. لكن هذين الفيلمين والكثير سواهما من تلك التي صُوّرت دفاعاً مستميتاً لحامية ضد غزاة (يمكن ضم «ألالمو» لجون واين، 1960 إليها)، كان لديها الوقت لتسبر غور المقاتلين لجانب مشاهد القتال. هنا ما يقوم به غوان هو، هو حشد هائل من اللقطات وحركات الكاميرا والأصوات المتضاربة (والزاعقة) والقليل من الوقوف لطرح الإنسان في تلك المعمعة طرحاً ممعناً. نعم نرى البذل والتضحية في مواجهة الخوف والخيانة، والعزيمة الوطنية أمام الهزيمة النفسية، لكنها تمر مثل عناوين الصحف أو موجز النشرات.
يتابع السيناريو الأحداث من وقت وصول حامية صينية (من نحو 400 مقاتل قبل انضمام آخرين) كحضور رمزي للصين في هذا المعقل الأخير من المدينة، إلى إدراك المقاتلين أن الجيش الياباني لن يترك هذه الثغرة (الواقعة قرب قسم من المدينة يتبع وجوداً بريطانياً) وشأنها، تمهيداً للمعارك التي تقع بين الاثنين ولبعض الخطوط الرئيسية الأخرى التي تصب في تصوير البطولة الوطنية من دون أن تخون الواقع والتاريخ. الساعة الأولى من الفيلم تحتوي على ارتياب بعض المحاربين بأهمية الدفاع عن الموقع أمام جحافل يابانية خسرت أمامها فيالق عسكرية صينية أخرى.
لكن الفيلم معجوق وضوضائي والكاميرا (ليو كاو) لا تهدأ إلا في مشاهد محدودة. تمر على التفاصيل والمشاهد الكبيرة بالسرعة ذاتها يصاحبها إيقاع مونتاجي لا يترك للمشاهد فرصة التعامل مع ما وراء اللقطة سوى على نحو يسير. فوق كل ذلك شغلٌ كثيفٌ على المؤثرات البصرية والصوتية إلى حد يهدد الدراما ذاتها بالانزواء إلى صف متأخر. الفيلم هو أول فيلم صيني يُصوَّر بنظام (I‪ - ‬MAX) والتجربة على الشاشة العريضة ممتعة، لكنها تجسد كل ما سبق من دور الكاميرا والأصوات في تشكيل فيلم ينتمي إلى التكنولوجيا أكثر من التاريخ. لا بد من الإشارة إلى أنه مباشرة بعد تلك المعركة قام الصيني يينغ يونواي بإنجاز فيلم عن الموقعة ذاتها بعنوان «ثمانمائة بطل» مستمَّدّ من مشاهد وثائقية.

• Fatima
• إخراج: مارك بونتِكورڤو | Florian Zeller
• ‪البرتغال‬ | دراما (2020)
• ★★★
في شهر أكتوبر (تشرين الأول) سنة 1917 تراءت السيدة مريم لثلاثة أولاد صغار (هم: لوسيا، وجسينتا، وشقيقها فرنشسكو) من بلدة اسمها فاطمة (تقع في وسط البرتغال) بينما كانوا يرعون الغنم في ريف البلدة. الأولاد كانوا دون الثانية عشرة من العمر والقرية لم تصدّق أقوالهم في البداية. بعد حين وجيز آمن أهل البلدة بالرؤية متلمّسين البَرَكة والشفاء والمعجزات. في الثلاثين من ذلك الشهر أشاع أهل البلدة أنهم شاهدوا الشمس وهي ترتفع وتهبط وتتمايل وتقترب من الأرض لمدة عشر دقائق. هذا بعدما ظهرت السيدة مريم ونددت بغير المؤمنين منهم.
مارك بونتِكورڤو (ابن المخرج ‪جيليو بونتِكورڤو‬ صاحب «معركة الجزائر») يمنح مباركته للحكاية من دون أن يحوّل الفيلم إلى عمل ديني (هناك فيلم أميركي، سنة 1952، بعنوان The Miracle of Our Lady Fatima لجون برام التزم بالقصة الدينية دون جدال). ما يفعله بونتِكورڤو هو عدم الوقوف على الحياد المطلق بل توفير معالجة قصصية تميل إلى تصديق احتمال وقوع الحادثة - الرواية وتنتقد الحكومة المحلّية التي وجدت أن الإيمان مبعث خطر على جهود الدولة السياسية كونه جمع الناس حول الدين لا حول سياسة الدولة.
تبدأ الأحداث في زمن معاصر بوصول بروفسور (هارڤي كايتل) يريد مقابلة لوسيا التي باتت راهبة تعمل وتعيش للكنيسة (سونيا براغا). هي مقابلة بين مؤمنة ومرتاب. هي الدين وهو -إلى حد ما- العلم. بعد قليل ينتقل الفيلم بنا إلى العام المذكور وأحداثه والوضع السائد. كانت الحرب العالمية الأولى ما زالت مندلعة والأهالي يرغبون في السلام ليعود شباب البلدة المجنّدون منها. ظهور مريم العذراء يزيدهم دعاء وتضرّعاً. الانتقال عبر زمانين سلس والفيلم بأسره مُعالج بتفاصيل ثرية وبكاميرا تطلب لنفسها دوراً بصرياً مثيراً. المشاهد المصوّرة من علو (كما في المشاهد الأولى ومشهد آخر في منتصف الفيلم) تحتفي بالمكان وأجوائه معاً.
ومع أن الحوار بين البروفسور والراهبة ذكي ويوجز أفكاره جيداً، إلا أن السقطة الأساسية هنا هي أن معظم الوارد لاحقاً ينتمي إلى لغة اليوم وطريقة الحديث وليس إلى ذلك الأمس. كذلك حين تظهر السيّدة نراها بكامل عدة التجميل: أحمر شفاه ومسحوق وجه وكحل عينين.

• Cruella
‫• إخراج: كريغ غليسبي | Craig Gillespie‬
‫• الولايات المتحدة | كوميديا - أكشن (2021)‬
• ★★
في رحى تقديم حكايات ما قبل الحكايات يأتي «كرويللا» كمسبق لأحداث «101 دلميشن» الذي أنتجته «ديزني» سنة 1996 (إخراج ستيفن هَريك وبطولة غلن كلوز). في ذلك الفيلم شاهدنا شخصية كرويللا المبنية على أنها شخصية خبيثة تسرق الكلاب ذات الفرو الأبيض المبقّع بنقط سوداء لكي تصنع من جلودها ما ترتديه. قاسية هي كاسمها لكنها محبوبة لدرجة أن ذلك الفيلم جمع 326 مليون دولار حول العالم.
«كرويللا» يعود إلى بذور تلك الشخصية. إيما ستون هي صاحبة الاسم ونراها تعيش في لندن السبعينات وسط هيجان جيل البوب ميوزك في تلك الفترة. لا تملك كرويللا أي مواهب خاصّة، لكنها تملك الطموح أن تصبح ذات اسم رنّان في عالم الأزياء وتوكِل إلى رجلين (بول وولتر هاوسر وجووَل فراي) مساعدتها عبر سرقة تصاميم تابعة لأشهر مصممات الأزياء حينها المعروفة باسم البارونة (إيما تومسون). اختيارها للبارونة ليس خالياً من هدف آخر وهو الانتقام لأنها اكتشفت أنها المسؤولة عن مقتل والدتها.
الصراع بين إيما ستون وإيما تومسون يتعالى بعد ذلك. يصوغ الشخصية الجديدة لكرويللا التي لم تكن إلا لصّة صغيرة والآن باتت تشكل خطراً على البارونة وعملها. هذه فحوى الحكاية التي، في أي زمن آخر، كان سيعاد كتابتها أكثر من مرّة لكي يفهم المشاهد، على الأقل، العلاقة بين هذه الكرويللا وتلك التي شاهدناها في «101 دلميشن». عوض ذلك سنطالع حكايات كثيرة تدخل وتخرج على خط الحكاية الأساسية كما لو كانت مستعارة من كتابات متناثرة تم جمعها معاً. النهاية بدورها عبارة عن نهايات كلٍّ منها تقترب من ختام الفيلم ولا تبلغه.