حاكم مصرف لبنان يعد المودعين بسحب 50 ألف دولار بالتقسيط قريباً

استئناف مبادلة سحوبات الدولار بسعر 3900 ليرة

الرئيس ميشال عون مترئساً أمس الاجتماع المالي القضائي (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مترئساً أمس الاجتماع المالي القضائي (دالاتي ونهرا)
TT

حاكم مصرف لبنان يعد المودعين بسحب 50 ألف دولار بالتقسيط قريباً

الرئيس ميشال عون مترئساً أمس الاجتماع المالي القضائي (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مترئساً أمس الاجتماع المالي القضائي (دالاتي ونهرا)

أفضى الاجتماع المالي القضائي الذي دعا إليه الرئيس اللبناني ميشال عون، بمشاركة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس مجلس شورى الدولة فادي إلياس، إلى مخرج توافقي لإعادة العمل بتعميم يسمح للمودعين بالدولار مجددا أن يسحبوا بعضا من أموالهم بسعر يفوق السعر الرسمي بأكثر من مرتين، لكنه يقل بنحو ثلاث مرات عن سعر السوق السوداء.
وعاودت المصارف العمل بنظام لسحوبات الدولار المحلي للمودعين بسعر 3900 ليرة وفقا للآلية السابقة، رغم قرار القضاء الإداري بوقفه.
واستند المخرج القانوني إلى أن البنك المركزي قد تقدم بمراجعة لدى مجلس شورى الدولة «تضمنت عناصر إضافية جديدة لم تكن واردة في الملف».
وفي توضيح لحيثيات المخرج، قال سلامة بعد الاجتماع، «نحن اتخذنا التدابير التي اتخذ قرار بشأنها. وقد شرح لنا الرئيس أن هناك إمكانية عدم تطبيق القرار فورا، وذلك لأنه لم يكن هناك تبليغ مختوم، وإذا نحن تقدمنا بمراجعة، فهذا يمنحنا وقتا قبل التنفيذ».
وعن الجدل المستمر حول تبخر أموال اللبنانيين، أكد سلامة البدء قريبا بإعادة أموال للمودعين من خلال تعميم سيصدره قريبا، كما أن «مصرف لبنان ليس مفلسا، وأموال اللبنانيين موجودة في المصارف وليس لدى البنك المركزي. والمصارف لديها أموال من الدولة وأموال دينتها للقطاع الخاص، وأموال خاصة مودعة في الخارج».
ووفق معلومات لـ«الشرق الأوسط»، تم التداول بتقدم المشاورات بين البنك المركزي والجهاز المصرفي، والهادفة إلى تمكين نحو مليون مودع، جلهم من أصحاب الودائع الصغيرة والمتوسطة، من سحب ما يصل إلى 50 ألف دولار بالتقسيط التدريجي الذي يمتد مبدئيا لثلاث سنوات، وموزعة مناصفة بين الدولار النقدي والاستبدال بسعر 12 ألف ليرة للدولار وهو السعر المعتمد في المنصة المستحدثة التي أنشأها البنك المركزي بمشاركة المصارف وشركات الصرافة.
ويؤمل أن تنطلق عمليات الصرف الفعلي للأقساط الشهرية بالدولار النقدي وبالليرة، بدءا من أول شهر يوليو (تموز) المقبل، بحيث سيتم صرف 25 ألف دولار نقدا و25 ألف بالليرة اللبنانية، وهذا الموضوع، وفقا لسلامة، «سيحل أمورا للمودعين الصغار وعددهم يتعدى المليون و30 ألف حساب، وهذا يؤكد أن العمل الذي يقوم به المصرف المركزي عمل صامت إلا أنه يقوم بالعمل اللازم لإعادة الثقة بالقطاع واستقطاب العملات النقدية الموجودة في البيوت (يتردد أن نحو 10 مليارات دولار تم سحبها من قبل المواطنين قبل الأزمة النقدية)».
وكان القرار الصادر عن مجلس شورى الدولة، والقاضي بوقف تنفيذ التعميم الأساسي الصادر عن حاكم مصرف لبنان الذي يتيح للمصارف شراء الدولار من المودعين بسعر 3900 ليرة عوضا عن السعر الرسمي البالغ 1515 ليرة، قد تسبب بتأجيج عوامل الفوضى وعدم اليقين التي تسود أسواق صرف العملات المتعددة في البلاد، وبعودة المحتجين إلى التظاهر ليل الأربعاء وإقفال عدد من الشوارع الرئيسية في العاصمة والمناطق. في حين استعاد الدولار النقدي زخم الصعود إلى مستوى 13.2 ألف ليرة في الأسواق الموازية، ربطا بالمستجدات النقدية وبتعثر الملف الحكومي.
تجدر الإشارة إلى أن «الإجراءات الاستثنائية حول السحوبات النقدية من الحسابات»، لجأ إليها البنك المركزي بداية في ربيع العام، ومدد العمل بها قبل أسابيع حتى نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل. ومكّنت المودعين من تنفيذ عمليات مبادلة بالليرة من خلال ردهات المصارف، وبما يوازي نحو 60 في المائة من القيمة الفعلية للدولار في فترة الأشهر الأولى. ثم تقلصت النسبة تدريجيا لتصل إلى نحو 30 في المائة حاليا، بسبب التدهور الدراماتيكي المتواصل للعملة الوطنية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».