الدبيبة يبحث مع سانشيز عودة الشركات الإسبانية للعمل في ليبيا

المنفي وكوبيش أكدا أهمية إخراج «المرتزقة» ودعم الانتخابات

الدبيبة عقب توقيع عدد من مذكرات التفاهم مع نظيره الإسباني في طرابلس أمس (رويترز)
الدبيبة عقب توقيع عدد من مذكرات التفاهم مع نظيره الإسباني في طرابلس أمس (رويترز)
TT

الدبيبة يبحث مع سانشيز عودة الشركات الإسبانية للعمل في ليبيا

الدبيبة عقب توقيع عدد من مذكرات التفاهم مع نظيره الإسباني في طرابلس أمس (رويترز)
الدبيبة عقب توقيع عدد من مذكرات التفاهم مع نظيره الإسباني في طرابلس أمس (رويترز)

وقّع عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية، مع نظيره الإسباني بيدرو سانشيز، الذي زار العاصمة طرابلس أمس، عدداً من مذكرات التفاهم، المتعلقة بمجالات الصحة والاستثمار، علاوة على استئناف السفارة الإسبانية العمل في ليبيا. وفي غضون ذلك اتهم «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، الميليشيات المسلحة بـ«ابتزاز» السلطة الجديدة سياسيا، مقابل إعادة فتح الطريق الساحلي الرابط بين شرق البلاد وغربها.
واجتمع سانشيز، الذي ستشارك بلاده ضمن المراقبين الدوليين المعنيين بمراقبة وقف إطلاق النار في ليبيا، مع الدبيبة وعدد من وزراء حكومته.
وقال الدبيبة في بيان رسمي، وزعه مكتبه، إنه بحث مع سانشيز ووفد رفيع المستوى، ضم وزيري الخارجية والدولة للتجارة ومجموعة من رجال الأعمال ومديري بعض الشركات الإسبانية الكبرى، العلاقات الثنائية، وسبل تعزيز التعاون في الجوانب الاقتصادية بين البلدين.
ورحب الدبيبة في مؤتمر صحافي مشترك مع سانشيز بعودة السفارة الإسبانية للعمل في ليبيا، معلناً الاتفاق مع نظيره الإسباني على تفعيل عودة اللجنة المشتركة بين البلدين للعمل، بعد قرابة 13 عاماً من التوقف عن الانعقاد. كما وقع الدبيبة مع نظيره الإسباني عدداً من مذكرات التفاهم في مجالات الصحة والزراعة والتعليم، والتنمية والاستثمار وحماية الآثار، داعياً الشركات الإسبانية للعمل في ليبيا، والمساهمة في مشاريع جديدة في شتى المجالات الاقتصادية والتجارية.
وبعدما أوضح الدبيبة أن ليبيا «تواجه العديد من التحديات الأمنية، منها وقف إطلاق النار، والهجرة غير المشروعة»، كرر مطالبته برفع الحظر الجوي، وتسهيل منح التأشيرات خاصة للطلبة والمستثمرين.
واعتبر أن بلاده «تشهد مرحلة جديدة من الاستقرار، مشيداً بجهود الاتحاد الأوروبي وإسبانيا في إجراء انتخابات حرة ونزيهة، تؤكد على استقرار ليبيا، ولافتا إلى وجود العديد من ملفات التعاون بين ليبيا وإسبانيا.
من جانبه، تحدث رئيس الوزراء الإسباني عن دعم بلاده للانتخابات الليبية المقبلة، مشيراً إلى أن الشركات الإسبانية مهتمة بالمشاركة في إعادة إعمار ليبيا، والعمل في مشاريع البنى التحتية، والنفط والزراعة والثروة الحيوانية.
في غضون ذلك، أكد محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، لدى اجتماعه أمس في طرابلس مع رئيس بعثة الأمم المتحدة، يان كوبيش، على أهمية سحب «المرتزقة» والمقاتلين والقوات الأجنبية من كامل الأراضي الليبية، ودعم الاستحقاقات القادمة للوصول إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية نهاية العام الجاري.
وقال المنفي إنهما بحثا تطورات الوضع الأمني والسياسي في ليبيا، وسُبل دعم الأمم المتحدة والبعثة للمصالحة الوطنية، وفتح الطريق الساحلي بالتنسيق مع اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، ونقل عن كوبيش إشادته بجهود المنفي في الشروع في عملية مصالحة وطنية شاملة، قائمة على استيفاء الحقوق والعدالة الانتقالية.
وجاء الاجتماع بعد ساعات من إعلان اللواء خالد المحجوب، مسؤول التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني»، أن السلطة التنفيذية الجديدة في البلاد، ممثلة في مجلس المنفي وحكومة الدبيبة، تتعرض لما وصفه بـ«ابتزاز» الميليشيات المسلحة للمساومة على إعادة فتح الطريق الساحلي، بين مدينتي مصراتة وسرت.
وقال المحجوب إن وفد الجيش، الذي شارك مساء أول من أمس في أحدث اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) عبر الدوائر المغلقة بحضور المبعوث الأممي، لا يزال ينتظر نجاح وفد حكومة «الوحدة» في إقناع المجموعات المسلحة التي ترفض فتح الطريق الساحلي.
وبعدما كشف النقاب عن مطالبة هذه المجموعات بمبالغ مالية تعجيزية، اعتبر المحجوب أن هذه الطلبات هي «ابتزاز واضح للحكومة والمجلس الرئاسي، الذين لم يظهر منهما أي عمل جاد» في هذا الاتجاه، يخفف أعباء المواطنين وحاجتهم لفتح الطريق، الذي يؤمن الخدمات للعديد من المناطق، ويتم من خلاله إيصال احتياجاتهم، التي يفترض أن تقدم لهم، لكنها أوقفت بسبب إغلاق هذا الطريق.
وكان مقررا أن يجتمع أمس في المغرب، بشكل مفاجئ، رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، وغريمه خالد المشري، رئيس مجلس الدولة الموالي لحكومة «الوحدة»، في محاولة جديدة لإنهاء الخلافات العالقة بينهما، والتي تحول دون حسم ملف توزيع المناصب السيادية في البلاد.
وقال مقربون من صالح إن الاجتماع الذي تأجل مرتين في السابق، يسبق جلسة مجلس النواب بمقره في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، خلال الأسبوع المقبل، بهدف استئناف مناقشة مصير الميزانية العامة للدولة، التي قدمتها حكومة الوحدة، والتي تم رفض تمريرها مرتين منذ توليها مهام منصبها.
ويؤمل في أن يتوصل صالح والمشري إلى اتفاق لتوزيع منصب محافظ البنك المركزي، ورؤساء ديوان المحاسبة وجهاز الرقابة الإدارية، والمفوضية العليا للانتخابات، وهيئة مكافحة الفساد والمحكمة العليا.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».