الممثلون الباكستانيون يغزون السينما الهندية

على الرغم من حقيقة أن العلاقات الهندية - الباكستانية تتميز بأنها علاقات عاصفة على جانبي الحدود بين البلدين، فإن الفن لا يعرف حدودا حيث يشق كثير من الفنانين الباكستانيين طريقهم داخل صناعة الترفيه في بوليوود الهندية.
في الآونة الأخيرة، صنع الممثل الباكستاني فؤاد خان التاريخ لفوزه، قبل أي ممثل باكستاني آخر، بجائزة مهرجان الأفلام السينمائية (هي من أقدم وأرقى الجوائز السينمائية الهندية التي تعود إلى عام 1954 وتعادل الجائزة الوطنية للأفلام السينمائية) عن أدائه الفائق كممثل أول في فيلم بوليوود الشهير «خوبسورات».
قضى فؤاد خان، المولود في مدينة لاهور الباكستانية، معظم سنوات طفولته بين اليونان والمملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة. والصعود الفائق لفؤاد خان بعد دوره في فيلم واحد في صناعة الأفلام الهندية، يعتبر لا نظير له من قبل أي ممثل باكستاني آخر وحتى يومنا هذا.
وقد وقع بالفعل على عقد لاثنين من المشاريع السينمائية الضخمة في بوليوود، وتشاركه البطولة في إحداها الممثلة الهندية إيشواريا راي باتشان.
عقب إطلاق قناة «زينداغي» الفضائية في الهند، التي تعرض الأعمال الدرامية والقصصية من باكستان، يزداد اعتراف المشاهد الهندي بمواهب الممثلين الدراميين الباكستانيين، وكثير من الممثلين الباكستانيين الذكور لديهم متابعون ومعجبون صاروا محل حسد من الممثلات الهنديات.
يشعر الموزع السينمائي الهندي راجيش ثاداني بأن ذلك الاتجاه سوف يصب في مصلحة تعزيز الأعمال الدرامية بين الجانبين. ويقول: «يحب الناس أن يشاهدوا وجوها جديدة، ولقد قدم أولئك الممثلون كثيرا من الأعمال الجيدة في برامجهم التلفزيونية، التي هي بالمناسبة تعرض على شاشات التلفاز هنا أيضا. لذا، المشاهدون هنا متحمسون لرؤية الممثلين على الشاشات السينمائية الكبيرة جنبا إلى جنب مع ممثلي بوليوود المحبوبين». يقول الناقد السينمائي كومال ناهتا إن المفتاح هنا أن يفي الأمر بالغرض منه: «على سبيل المثال، على الرغم من أنه فيلم واحد فقط حتى الآن، فإن الممثل فؤاد أصبح من النجوم البارزين هنا. وهناك الكثير من الفضول حول شخصيته».
بعد الوصول السلس لفؤاد خان إلى بوليوود، فإن الشاب الساخط على الدراما الباكستانية، فيضان خواجة، يستعد هو الآخر للبدء في رحلته إلى بوليوود هذا العام.
فيضان خواجة ممثلا باكستانيا من مواليد الولايات المتحدة الأميركية بالأساس وقد درس صناعة الأفلام والمسرح في معهد ويسلينغ وودز الدولي في مومباي بالهند. وبدأ حياته الفنية من التلفزيون في عام 2009 عقب هجمات مومباي التي حالت دون بقائه في المدينة الهندية للعمل. وليس ذلك الممثل الشاب غريبا عن الهند حيث تلقى التدريب في التمثيل المتخصص تحت إشراف الممثل الهندي المخضرم نصير الدين شاه وغيره من الممثلين الهنود المشهورين. يأتي بعد ذلك الممثل الشاب شهروز سابزواري، الذي ينتظر خروج أول أعماله الفنية في صناعة السينما الهندية من خلال فيلم بعنوان «لاف ستوري».
تستعد المجموعة الجديدة من الممثلين الباكستانيين في بوليوود للعمل مع كبار شركائنا الفنيين في بعض الأفلام السينمائية الكبيرة.
عمران عباس، وهو من الأسماء المعروفة في الأعمال التلفزيونية الباكستانية ولديه فيلم سينمائي وحيد مع بوليوود الهندية، وعلى الرغم من أن فيلمه الأول لم يلق النجاح المنتظر، فإنه وقع عقدا لفيلم تاريخي جديد تعود قصته إلى القرن الثامن عشر وهو من إخراج المخرج الهندي المعروف مظفر علي.
يستمتع الممثلون بذلك أيضا. حيث يقول ميكال ذو الفقار، الذي اشترك مع الممثل الهندي البارز أكشاي كومار في فيلم «بيبي»: «إنه عمل كبير يجري في الهند. ولا أريد لحياتي المهنية أن تتأثر بسبب الحالة السياسية المضطربة بين البلدين». على الرغم من أن ذو الفقار قدم مجموعة من الأعمال الفنية في بوليوود، فإنه لا يخطط لأن يكون من بين الفنانين الهنود الكبار. يشرح ذو الفقار موقفه في مقابلة أجرتها معه إحدى وسائل الإعلام الهندية: «تتشارك الهند وباكستان في تاريخ مؤسف وتميلان دوما إلى النظر إلى السنوات الـ66 الماضية من العلاقات السيئة، وليس إلى 5 آلاف عام من الحياة المشتركة بصرف النظر عن الدين وبالتالي، من المخاطرة الكبيرة على الممثل الباكستاني أن ينخرط بالعمل لدى بوليوود الهندية. فإن كوني ممثلا باكستانيا في الهند له ما له من التبعات والعواقب».
يعزو ذو الفقار ممانعته لمواصلة العمل في بوليوود إلى طبيعة المشاهدين والمناخ السياسي دائم التقلب بين البلدين. وأضاف: «في عام 2008، وبعد أول أفلامي في بوليوود كنت عاقد العزم على الاستمرار في مشاريع بوليوود الفنية، ولكن بعد الصدمة القوية التي تلقتها العلاقات بين البلدين إثر هجمات مومباي الإرهابية تقطعت بي السبل هناك وبدأت في تلقي عروض العمل في موطني باكستان. إضافة إلى ذلك، يتميز الجمهور الهندي بالجرأة على عكس الجمهور الباكستاني الذي يتميز بالحساسية. لذلك، لا أريد أن أقدم أي عمل يثير حفيظة الجماهير في بلادي».
وقدم الممثل إنعام الحق فيلمين لبوليوود الهندية وأثبت مهاراته الفنية من خلال توقيعه على عقد الفيلم الجديد «تشيدايا».
وعلى الرغم من عمل بعض الممثلين الباكستانيين في بوليوود وإحجام البعض الآخر عن ذلك، فإن علي ظفار، الموسيقي الشاب الذي تحول إلى مهنة التمثيل، قد أصبح من القوى الفاعلة في صناعة السينما الهندية. حيث أنتج له 5 أفلام حتى الآن، وعمل مع كبار المنتجين والممثلين الهنود، ويستمر ظفار في العمل هناك بمنتهى الجدية والعزيمة.
يرى الممثل الهندي المخضرم أنوبام خير أن تدفق المواهب الفنية الباكستانية إلى صناعة السينما الهندية كإشارة طيبة وموضع ترحيب. حيث يقول «يعد ذلك اعترافا بالموهبة الفنية الباكستانية من قبل الجمهور الهندي. وأود لو أن هذا الجهد يستمر من كلا الطرفين»، معربا عن حرصه على زيارة باكستان كما يقول: «أود فعلا زيارة لاهور وإسلام أباد. ولقد كانت زوجتي الممثلة كيرون أوفر مني حظا حين عملت في الفيلم الباكستاني (خاموش باني)».
لم يقتصر الحضور الفني الباكستاني في السينما الهندية على الممثلين الذكور فحسب، بل كان للممثلات النساء وجودهن أيضا. حيث يتوقع اشتراك الممثلة الباكستانية الكبيرة ماهيرا خان، وهي من أصحاب الأسماء البارزة في صناعة الترفيه الباكستانية، مع نظيرتها الهندية شاروخان في فيلم جديد يحمل اسم «الأغنياء».
أصبح اسم ماهيرا معروفا بين عشية وضحاها في الهند نظرا لبرنامجها التلفزيوني ذائع الصيت «هومسافار» الذي عرض خلال العام الماضي على قناة «زينداغي» الفضائية في الهند. ولقد سافرت إلى الهند في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للاختبار على دورها في الفيلم الجديد أمام الممثلة الهندية شاروخان، وسوف يبدأ العمل في الفيلم قريبا.
تسعى ممثلتان باكستانيتان، هما سارة لورين وحميمة مالك، إلى ترك بصمة لهما من خلال الأعمال الفنية مع بوليوود الهندية.
قدمت سارة لورين بالفعل فيلمين للسينما الهندية، ولم يبليا البلاء الحسن على شباك التذاكر هناك، ورغم ذلك وقعت الممثلة 3 عقود لأفلام جديدة وتشعر بالتفاؤل حول أعمالها المستقبلية هناك. أما حميمة مالك، وبعد النجاح الساحق لأول أفلامها في الهند تتجه إلى التوقيع على عقود لـ3 أفلام أخرى مع مؤسسة الإنتاج السينمائي الهندية الكبيرة «فيدو فينود».
تقول حميمة إن هويتها باكستانية وأولى أولوياتها هي المحافظة على سمعة بلادها في الخارج. والعمل خارج الحدود أو في داخل الوطن لا يشكل فارقا كبيرا بالنسبة للممثل/ الممثلة، لكن الأمر الوحيد المهم هو هل أداء الممثل/ الممثلة كان جيدا أم لا.
ولقد حالف الحظ الممثلين الباكستانيين الذكور أكثر من الإناث من حيث العمل في صناعة الأفلام الهندية. وعلى الرغم من محاولة الممثلات الباكستانيات ترك بصمتهن هناك، فإن النجاح لم يحالف أيهن حتى الآن. ونذكر من بينهن بعض الأسماء: سلمى أغا، وذيبا بختيار، وسومي علي، وميرا، وفينا مالك.
يعرف على المخرج ماهيش بهات مجهوده في تقديم المواهب الجديدة القادمة من باكستان، ومن بينها: عاطف أسلم، وراحات فاتح علي، وميرا، ويعتقد أن الوصول إلى السينما الهندية وشهرتها العالمية هو السبب وراء انتقال الممثلين والممثلات من الجانب الآخر من الحدود إلى الهند.
ويقول المخرج بهات لوكالة أنباء «بي تي آي» الهندية المعروفة: «أعتقد أن السينما الهندية صارت تتمتع بقوة يحسب لها حساب. لقد بدأت في العمل قبل 15 عاما. وبدأت عملي بفلسفة أساسية تدعو لإيجاد جو من السلام. وإنني سعيد أن الناس تلقت ذلك بترحيب كبير للمواهب الجديدة القادمة من باكستان. إن تصور الهنود على الشعب الباكستاني يتغير باستمرار».