كيان حكومي للتطوير والابتكار تعزيزاً للاقتصاد المعرفي في السعودية

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: قواعد العاملين ستحفظ الحقوق وتنعكس إيجاباً على تحضيرهم لمرحلة التخصيص

السعودية تقرّ تأسيس هيئة مختصة بالتطوير والابتكار (أ.ف.ب)
السعودية تقرّ تأسيس هيئة مختصة بالتطوير والابتكار (أ.ف.ب)
TT

كيان حكومي للتطوير والابتكار تعزيزاً للاقتصاد المعرفي في السعودية

السعودية تقرّ تأسيس هيئة مختصة بالتطوير والابتكار (أ.ف.ب)
السعودية تقرّ تأسيس هيئة مختصة بالتطوير والابتكار (أ.ف.ب)

في وقت قطعت فيه السعودية شوطاً كبيراً في تعزيز تنافسيتها العالمية ورقمنة الاقتصاد المعرفي، يرى مختصون أن التوجه السعودي لإنشاء هيئة لتنمية البحث والتطوير والابتكار، سيسرع الخطى نحو تحقيق برامج «رؤية 2030»، مع الاستعانة بإيجابيات الترتيبات الخاصة بكيفية معاملة الموظفين والعمال في القطاعات المستهدفة بالتحول والتخصيص. وتمثل قرارات مجلس الوزراء السعودي، أول من أمس، بإقرار إنشاء هيئة مختصة بالتطوير والابتكار، والموافقة على القواعد والترتيبات الخاصة بكيفية معاملة الموظفين والعمال في القطاعات المستهدفة بالتحول والتخصيص، خطوة «متقدمة جداً»، على حد وصف المختصين؛ إذ سيترتب عليها رفع مكانة السعودية دولياً، باعتبار أن البحث والابتكار والتطوير تعدّ من أهم الاستثمارات التي ترتكز عليها الدول المتقدمة والدول الصناعية، وكذلك تتسق مع خطة التحول والنهوض بسوق العمل والكفاءات والموارد البشرية.

- العاملون والخصخصة
يقول لـ«الشرق الأوسط» الدكتور صالح الحميدان، ممثل السعودية لدى منظمة العمل الدولية، إن الحكومة كانت واضحة فيما يتعلق بالترتيبات الخاصة بكيفية معاملة الموظفين والعمال في القطاعات المستهدفة بالتحول والتخصيص، حيث أعلنت أخيراً عن استهدافها 60 جهة للتخصيص، بمجالات عديدة بعضها لم يكن متوقعاً كبعض القطاعات في وزارة الداخلية، مشيراً إلى أن هذا التوجه يستلزم تحول العديد من العاملين فيها إلى القطاع الخاص.
واستطرد الحميدان «هذا يعني ضرورة وضع قواعد واضحة جداً لحفظ حقوق العاملين، وحقوق الجهات المشغلة التي يتم تخصيصها»، مؤكداً أن «ذلك مطلب ضروري جاء في وقته، قبل انطلاق التخصيص لوضع القواعد والترتيبات المطلوبة».
وشدد ممثل السعودية لدى منظمة العمل الدولية، على أن وضع القواعد والترتيبات الخاصة بالعاملين عند التخصيص، سيؤثر بشكل إيجابي وكبير على سوق العمل، وتنافسية المنتجات المعنية بالتخصيص؛ لأن أهم ما يشغل المستثمرين سبل حفظ حقوق موظفيهم عند التخصيص والقدرة التنافسية؛ ما يحتاج إلى مراجعة بعد فترة من التطبيق، غير أنه من المؤمل أن تنطلق بشكل جيّد.
ويرى الدكتور الحميدان، أن الهيئة التي أعلن عنها أمس، بمثابة نقطة الانطلاق لزيادة الإنفاق على البحث والتطوير والابتكار، مشدداً على ضرورة أن تتعاون هذه الهيئة مع الجامعات والمراكز البحثية، مستشهداً بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن التي أنشأت وادي الظهران للتقنية، حيث قفزت براءات الاختراع أكثر من 150 اختراعاً في مجال الابتكار بالتعاون مع شركات عالمية.
من ناحيته، قال الأكاديمي والمحلل الاقتصادي الدكتور محمد بن دليم القحطاني، أستاذ الإدارة الدولية بجامعة الملك فيصل، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك حاجة ماسة إلى تعظيم البحث والابتكار من أجل التطوير، لخلق خطوط إنتاج وجلب تقنيات جديدة تعتمد على الفكر والتدريب؛ فينهض القطاعات بشكل عام وأولها الصناعي، وتنهض معه الوظائف وهمم الشباب من الجنسين لتعزيز الفكر الإبداعي الصناعي الحقيقي».
ويرى القحطاني، بأن تكون هذه الهيئة أداة مغذية لجميع ادارات ومؤسسات الدولة لتعزيز في المشاريع التنموية بما فيها مجالات الطاقة والطاقة المتجددة والصناعات والابتكارات السياحية؛ إذ إن الاقتصاد السعودي الحديث اقتصاد جريء يعتمد على المبادرات والمساهمات النوعية، مستطرداً «هذا بطبيعة الحال يتطلب بحث وابتكار وتطوير وخلق تحالفات مع شركات عملاقة لها باع كبير في هذا الشأن».
من جهته، قال الدكتور أسامة بن غانم العبيدي، المستشار وأستاذ القانون بمعهد الإدارة العامة بالرياض، إن الهيئة المزمعة ستجود بأفكار الأنشطة والصناعات التقنية والتكنولوجية، وبالتالي ولادة عشرات الآلاف من الفرص الوظيفية النوعية بحلول عام 2030 وتعزيز الناتج الإجمالي المحلي للسعودية، الذي يقدر أثره بما لا يقل عن 4 مليارات دولار.
وتوقع العبيد، أن ترسخ الهيئة تنافسية السعودية وتحسن ترتيبها في المؤشرات الدولية المتعلقة بالبحث والابتكار والتنافسية وتحولها نحو اقتصاد قائم على الابتكار، وتحسين نوعية المنتجات والخدمات وتنويعها وتنويع الصادرات وتجويدها، وبالتالي زيادة تنافسية الصادرات السعودية في الأسواق العالمية؛ ما سيؤدي إلى تشجيع الباحثين والمبتكرين في شتى المجالات العلمية والتقنية، مشدداً على أهمية الإنفاق على البحث العلمي ورصد ميزانيات كبيرة للتطوير.

- نقلة نوعية
وبرأي العبيدي، التخصيص سيؤدي إلى نقلة نوعية وتنافس في تقديم الخدمات وجودتها لتحقيق «رؤية السعودية 2030»، ولتقليل الدعم الحكومي وتخفيف العبء عن الحكومة، ورفع مستوى الخدمات المقدمة وسرعة تقديمها، وتوفير فرص العمل للمواطنين، وتبسيط الإجراءات والقضاء على البيروقراطية، وتوفير مصادر دخل جديدة، والتخلص من القطاعات الخاسرة وجذب الاستثمارات الأجنبية. ولفت إلى أن استمرار المزايا والمنافع التي كان يحصل عليها الموظف قبل التخصيص بعد خضوعه لأحكام نظام العمل والتأمينات الاجتماعية بعد التخصيص، تماشياً مع «رؤية السعودية» بزيادة مشاركة القطاع الخاص من 40 في المائة إلى 65 في المائة بحلول عام 2030، مع تخفيض النفقات وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وزيادة إيرادات الدولة وزيادة الاستثمارات الأجنبية والمحلية وخلق بيئة تنظيمية واستثمارية جاذبة للمستثمرين وتحسين وتجويد ورفع مستوى الخدمات المقدمة.
في هذا السياق، يرى الأكاديمي الدكتور سالم باعجاجة، أستاذ المحاسبة بالجامعات السعودية، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن إنشاء هيئة تنمية الأبحاث والتطوير والابتكار دليل على اهتمام الحكومة على ترسيخ مركزها الريادي والتنافسي والتحول نحو على الاقتصاد المعرفي القائم على الابتكار. ويعتقد باعجاجة، أن هذا التوجه، سيحفز السعوديين الباحثين والمبتكرين في مجالات التقنية والعلوم والفضاء كأحد أهم أولويات المملكة بدعمهم وتشجيعهم في ظل وجود آلية محفزة تتمثل في وضع قواعد وترتيبات خاصة بكيفية معاملة الموظفين والموظفين والعمال في القطاعات المستهدفة بالتحول والتخصيص؛ لأن ذلك سيساعد تعزيز الاقتصاد دخول مستثمرين جدد إلى السوق السعودي ويزيد من التنافسية.


مقالات ذات صلة

الخريف: نتوقع إصدار 1100 رخصة صناعية في السعودية بنهاية 2024

الاقتصاد جانب من الجلسة الحوارية في «ملتقى ميزانية 2025» بالرياض (الشرق الأوسط)

الخريف: نتوقع إصدار 1100 رخصة صناعية في السعودية بنهاية 2024

قال وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، إنه خلال العام الحالي، من المتوقع أن يتم إصدار 1100 رخصة صناعية، فيما دخل 900 مصنع حيز الإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير المالية السعودي محمد الجدعان (الشرق الأوسط) play-circle 01:31

وزير المالية: ميزانية السعودية 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الإستراتيجي

أكد وزير المالية السعودي محمد الجدعان، أن ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الإستراتيجي على المشاريع التنموية وفق الإستراتيجيات القطاعية>

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير المالية متحدثاً في ملتقى «الميزانية السعودية 2025» (الشرق الأوسط)

الجدعان في ملتقى الميزانية: «رؤية 2030» هدفت إلى المحافظة على مالية مستدامة

قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان، إن النمو المستدام يعتمد على مالية مستدامة، وأن «رؤية 2030» هدفت للمحافظة على مالية عامة مستدامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)

الميزانية السعودية... استدامة مالية واستمرار في الإصلاحات

أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أمس (الثلاثاء)، ميزانية عام 2025 بإيرادات متوقعة عند 1.184 تريليون ريال.

مساعد الزياني (الرياض) عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد ولي العهد مترئساً جلسة مجلس الوزراء المخصصة لإقرار ميزانية عام 2025 (واس) play-circle 00:51

الميزانية السعودية 2025... نمو مستدام مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية

جاء إعلان السعودية عن ميزانية العام المالي 2025 التي أقرّها مجلس الوزراء السعودي ليظهر مدى توسع الاقتصاد السعودي.

مساعد الزياني (الرياض) عبير حمدي (الرياض)

وزير المالية: ميزانية السعودية 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الإستراتيجي

TT

وزير المالية: ميزانية السعودية 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الإستراتيجي

وزير المالية السعودي محمد الجدعان (الشرق الأوسط)
وزير المالية السعودي محمد الجدعان (الشرق الأوسط)

أكد وزير المالية السعودي محمد الجدعان، أن ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الإستراتيجي على المشاريع التنموية وفق الإستراتيجيات القطاعية وبرامج "رؤية 2030"، واستمرار تنفيذ البرامج والمشاريع ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المستدام، وتطوير بيئة الأعمال لتعزيز جاذبيتها، والمساهمة في تحسين الميزان التجاري للمملكة، وزيادة حجم ونوع الاستثمارات المحلية والأجنبية.

وقال أن الحكومة من خلال هذه الميزانية وما سبقها من ميزانيات مستمرة في الاهتمام بالمواطن واحتياجاته الأساسية، إذ يستمر الإنفاق على قطاعات التعليم، والصحة، والخدمات الاجتماعية، وتواصل جهود تعزيز جودة الخدمات والمرافق الحكومية وتطوير البنية التحتية في مختلف مناطق المملكة، مما يسهم في رفع مستوى جودة الحياة فيها، مع التركيز الدائم على تحسين منظومة الدعم والإعانات الاجتماعية وزيادة فعاليتها.

وبحسب الجدعان العجز يأتي ضمن التخطيط المالي للميزانية، والمملكة تهدف إلى الاستمرار في عمليات التمويل المحلية والدولية بهدف تغطية العجز المتوقع في ميزانية 2025، وسداد أصل الدين المستحق خلال العام القادم وعلى المدى المتوسط، واغتنام الفرص المتاحة حسب ظروف الأسواق المالية لتنفيذ عمليات التمويل الحكومي البديل التي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي مثل الإنفاق الموجّه على الإستراتيجيات والمشاريع الكبرى وبرامج "رؤية 2030".

وتوقع أن يبلــغ رصيد الديـــن العـــام نحو 1,300 مليار ريال (ما يعادل 29.9% من الناتج المحلي الإجمالي) للعام 2025 مقارنــة بـحوالي 1,199 مليار ريال في العام 2024 (ما يعادل 29.3% من الناتج المحلي الإجمالي).

وطبقًا للجدعان، ميزانية 2025 تهدف إلى المحافظة على المركز المالي للمملكة وتحقيق الاستدامة المالية من خلال الحفاظ على مستويات مستدامة من الدين العام واحتياطيات حكومية معتبرة؛ لتعزيز قدرة البلاد على التعامل مع الصدمات الخارجية، إذ يتوقع أن استمرار الحفاظ على رصيد الاحتياطيات الحكومية لدى البنك المركزي السعودي (ساما) بنهاية العام المقبل عند المستوى نفسه للعام الجاري، إذ سيبلغ حوالي 390 مليار ريال.

وأضاف الجدعان، أن الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي شهدها الاقتصاد السعودي نتج عنها تحسن في المؤشرات، وقطع مرحلة مهمة في مسيرة التنويع الاقتصادي والاستقرار المالي، و التقديرات الأولية في العام الحالي، تشير إلى استمرار دور الأنشطة غير النفطية في تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي؛ نتيجة استمرار المبادرات والإصلاحات الهادفة لرفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي وتمكينه ليصبح المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي.

وتابع وزير المالية، أن جهود الحكومة المتواصلة لتطوير سوق العمل أسهمت في تراجع معدل البطالة بين السعوديين إلى أدنى مستوى تاريخي له، إذ وصل إلى 7.1 في المائة بنهاية الربع الثاني من 2024.

كما بلغ معدل مشاركة المرأة في سوق العمل 35.4 في المائة، متجاوزًا بذلك مستهدف الرؤية عند 30 في المائة، وفق الجدعان.

وأشار إلى أن هذه الأرقام الإيجابية تأتي نتيجة إنجازات تنويع الاقتصاد من خلال تعزيز القطاعات الواعدة وتمكين القطاع الخاص وتنفيذ المشاريع التنموية ضمن رؤية المملكة 2030، وتمكين المزيد من فئات المجتمع لدخول سوق العمل من خلال أنماط العمل الجديدة.

وقال الوزير السعودي، إن الاقتصاد العالمي يشهد تحسنًا على الرغم من استمرار الصراعات الجيوسياسية المتصاعدة التي يمكن أن تخلق تحديات جديدة على المدى القريب، ومع ذلك حافظت المملكة على مركزها المالي القوي، واستمرت في تنفيذ مشاريعها وخططها التنموية، ولم تتأثر بشكل كبير؛ نظرًا للسياسات المالية الفعّالة التي وضعتها الحكومة لتضمن جاهزيتها لجميع التحديات الاقتصادية المحلية والعالمية.