تفاهم بين أهالي منبج و«الإدارة المدنية» لإلغاء التجنيد الإجباري

تركيا دفعت بمقاتلين في اتجاه المدينة بريف حلب

جنديان أميركيان يتحدثان مع صبية سوريين في شمال شرقي سوريا في 26 مايو (أ.ف.ب)
جنديان أميركيان يتحدثان مع صبية سوريين في شمال شرقي سوريا في 26 مايو (أ.ف.ب)
TT

تفاهم بين أهالي منبج و«الإدارة المدنية» لإلغاء التجنيد الإجباري

جنديان أميركيان يتحدثان مع صبية سوريين في شمال شرقي سوريا في 26 مايو (أ.ف.ب)
جنديان أميركيان يتحدثان مع صبية سوريين في شمال شرقي سوريا في 26 مايو (أ.ف.ب)

تراجعت «الإدارة المدنية» في منبج ومجلسها العسكري عن قانون خاص بالتجنيد الذاتي، وسط استمرار المباحثات بين وجهاء المنطقة وشيوخ العشائر وقادة الحراك المدني مع مسؤولي الإدارة والمجلس العسكري، في سبيل تهدئة الأوضاع، بعد احتجاجات قُتِل فيها خمسة أشخاص.
وقال محمد أبو عادل القائد العام لـ«مجلس منبج العسكري» لـ«الشرق الأوسط»، إنهم عقدوا اجتماعاً أمس مع وجهاء المدينة وشيوخها وأبناء المنطقة، وقرروا إيقاف العمل بحملة واجب الدفاع الذاتي في منبج وريفها وإحالتها إلى الدراسة والنقاش، «على أن يتم إطلاق سراح جميع المعتقلين في الأحداث الأخيرة، وتشكيل لجنة للتحقيق والتقصي في الحيثيات التي تم فيها إطلاق النار، ومحاسبة كل مَن كان متورطاً في تلك التجاوزات»، وأضاف القيادي العسكري أن الإدارة المدنية والعسكرية وشيوخ العشائر، «ونزولاً عند رغبات ومقترحات وجهاء وشيوخ العشائر، وبهدف الحفاظ على أمن واستقرار البلد والسلم الأهلي والتعايش المشترك، وحرصاً على وأد الفتنة وحقن الدماء تم إيقاف العمل بواجب التجنيد الإجباري».
في السياق، أعلن قادة الحراك السلمي، وكبادرة حسن نية لقبول الوساطة، إيقاف جميع الاحتجاجات وإمهال الإدارة ومجلسها العسكري والوجهاء حتى يوم الجمعة، 11 يونيو (حزيران)، ونشرت صفحة «منبج الشعب» مطالب الحراك المدني على أن يتم تنفيذ جميع البنود التي تم الاتفاق عليها في اجتماع الوجهاء مع قيادة «قسد»، أمس، إضافة إلى عقد صلح «بين الإدارة الذاتية مع جميع أهالي الضحايا الذين سقطوا في التظاهرات وتلبية شروطهم ومطالبيهم»، إلى جانب معالجة جرحى الاحتجاجات على نفقة الإدارة، «وتوفير المحروقات والغاز المنزلي والإسمنت بسعر مقبول، وفصل الفاسدين والمفسدين ممن يعطلون شؤون المواطنين، وعدم ملاحقة أو اعتقال أو محاسبة أي شخص شارك أو دعم الاحتجاجات، وفتح المعابر أمام الحركة التجارية».
واتهم رئيس المجلس التشريعي في منبج، محمد علي العبو، «أيادي خبيثة بالسعي إلى خلق الفتنة وضرب الأمن والاستقرار في المدينة». وأشار المسؤول المدني إلى أن سوريا عموماً ومناطق شمال شرقي البلاد خصوصاً تمر بمرحلة صعبة وحرجة من عدم الاستقرار السياسي والحصار من كل الاتجاهات، «نحن جزء من سوريا، ومنبج تحظى بأهمية كبيرة من خلال موقعها الجغرافي، والتجانس الموجود بين أطيافها ومكوناتها وحالة الاستقرار التي وصلت إليها، وهذا الأمر لا يحلو للكثيرين، المتربصين بأمن واستقرار مدينتنا»، منوهاً بخروج عدد من الأهالي للتعبير مطالبهم «وفيما سارت الأمور في مسارها الصحيح، حاولت بعض الأيدي التي لا تريد تحقيق هذه المطالب زرع الفتنة بين الشعب، والتحريض على التخريب والسعي لضرب استقرار المدينة، وخلق فوضى بين أهلها».
وقال ناشط ميداني إنه «شوهد دخول رتل عسكري تابع للقوات الروسية يضم عدداً من السيارات العسكرية والمدرعات برفقة عناصر من قسد إلى مدينة منبج»، في محاولة من الأخيرة الاستعانة بالجانب الروسي لتهدئة الأوضاع في المدينة والقرى المجاورة وعقد مباحثات مع عدد من شيوخ العشائر في مركز مدينة منبج، من بينهم إبراهيم سيلاش، شيخ عشيرة أبو سعيد، والضغط على شيوخ ووجهاء العشائر في المنطقة وفرض سياسة الأمر الواقع.
من جهته، قال الناشط مروان الحلبي إن الفيلق الثالث التابع لـ«الجيش الوطني السوري» المدعوم من تركيا، دفع بتعزيزات عسكرية «آليات عسكرية ومقاتلين» إلى خطوط التماس مع منطقة منبج شمال حلب، لمراقبة تطورات المشهد في المنطقة، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن تجري مفاوضات بين «قسد» والنظام السوري لتسليم الأخير منطقة منبج، ما لم تستطِع «قسد» السيطرة على الموقف.
تتبع مدينة منبج محافظة حلب وتبعد عنها نحو 80 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي، كما تبعد نحو 40 كيلومتراً فقط عن الحدود التركيّة، تحولت بعد 10 سنوات من اندلاع الانتفاضة السورية إلى مسرح للقاء الأطراف الخارجية والداخلية في الحرب الدائرة، بما فيها الجيش الأميركي الذي يدعم مجلسها العسكري، ويفصل بين قوات الأخيرة مع فصائل «الجيش الحر» ومسلحي الجيش الوطني المدعومة من الجيش التركي المنتشرة في شطرها الغربي، وتعد نقطة التقاء القوات الروسية والقوات النظامية الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، وتنتشر في جهتها الغربية الجنوبية، وهذه الجيوش تتصارع للسيطرة على هذه المنطقة الحيوية المطلة على الطريق الدولي السريع (M4)، وتشكل نقطة أتصال بين ثلاثة محافظات، وهي حلب والرقة والحسكة.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».