مطالبات في الكونغرس بتعزيز «القبة الحديدية» ومساعدات لإسرائيل

وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أمام مجسم للقبة الحديدية بتل أبيب مع نظيره الأميركي السابق مارك اسبر عام 2020 (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أمام مجسم للقبة الحديدية بتل أبيب مع نظيره الأميركي السابق مارك اسبر عام 2020 (أ.ف.ب)
TT

مطالبات في الكونغرس بتعزيز «القبة الحديدية» ومساعدات لإسرائيل

وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أمام مجسم للقبة الحديدية بتل أبيب مع نظيره الأميركي السابق مارك اسبر عام 2020 (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أمام مجسم للقبة الحديدية بتل أبيب مع نظيره الأميركي السابق مارك اسبر عام 2020 (أ.ف.ب)

يزور وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، واشنطن، في زيارة سريعة تبدأ وتنتهي الخميس، سيجتمع خلالها مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، ومع مستشار الأمن القومي جيك ساليفان.
وذكر بيان صادر عن مكتب غانتس أنه «سيقوم بإجراء مباحثات استراتيجية حول الاتفاق الذي يتشكل مع إيران، والحفاظ على التفوق الأمني الإسرائيلي والاستقرار في الشرق الأوسط. كما من المتوقع أن يناقش غانتس مع مسؤولين في الإدارة الأميركية، الخطة الأمنية التي قام بإعدادها لهدوء طويل المدى في قطاع غزة وإعادة البناء، مع تقوية التحالف مع السلطة الفلسطينية». والتقى غانتس، قبل سفره، أمس، المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، وعرض عليه الخطة التي صاغها لإحلال هدوء طويل الأمد في قطاع غزة وإعادة الأسرى، بالتوازي، مع إعادة إعمار غزة، وتعزيز دور السلطة الفلسطينية، بحسب بيان عن مكتبه.
وفي واشنطن، أكد المتحدث باسم «البنتاغون» جون كيربي، أن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، سيلتقي نظيره الإسرائيلي بيني غانتس اليوم (الخميس)، في واشنطن، تلبية لدعوة سابقة وجهها له خلال زيارته إلى إسرائيل.
وأضاف كيربي خلال مؤتمره الصحافي اليومي في مبنى «البنتاغون»، أن من بين الأمور التي سيناقشها الوزيران، قضايا الأمن الإقليمي، وعلى رأسها بالتأكيد ملف إيران وسلوكها السيئ في المنطقة. وأضاف أن هذه ليست المرة الأولى التي يلتقي فيها الوزير أوستن مع غانتس أو يتحدثان معاً، فقد أجريا العديد من المكالمات الهاتفية، خصوصاً في الأسبوعين الماضيين، وبالطبع خلال الزيارة التي قام بها الوزير أوستن قبل أكثر من شهر لإسرائيل. وقال: «لذلك، نتوقع أن يكون اجتماع الخميس استمراراً لتلك المناقشات، ولكن من الواضح أن قضايا الأمن الإقليمي ستكون على رأس القائمة».
وشدد كيربي على أن الزيارة لا علاقة لها بالتصريحات التي صدرت عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حول إيران والعلاقة مع واشنطن، قائلاً إنه جرى التخطيط لها منذ أشهر عدة، وهي تأتي تلبية للدعوة التي وجهها أوستن لغانتس.
بالتزامن، تعالت أصوات ديمقراطية وجمهورية في الكونغرس، تطالب بزيادة الدعم الأميركي لبرنامج الدرع الصاروخي. فبالتوازي مع الدعم غير المشروط الذي أعرب عنه السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام وزميله بيل هاغرتي، في زيارتهما الأخيرة إلى إسرائيل، كتبت مجموعة من 45 نائباً من الحزبين رسالة إلى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، يعربون فيها عن «دعمهم القوي لالتزام إدارة بايدن الحاسم بالحفاظ على أمن وسلامة إسرائيل، بما فيه تجديد مخزون إسرائيل من الصواريخ الاعتراضية التي تشكل جزءاً من منظومة القبة الحديدية وغيرها».
وحذر المشرعون من خطر نفاد مخزون إسرائيل من الصواريخ الاعتراضية، في حال شنت حركة «حماس» المزيد من الهجمات الصاروخية.
وقالوا في الرسالة الموجهة إلى أوستن: «إذا طلبت إسرائيل مساعدات إضافية، نرجو أن تعمل عن قرب مع الكونغرس لتنفيذ هذا الطلب بسرعة. كما نتطلع إلى الحصول على رد منك، يشرح تقييمك للحاجة إلى تجديد مخزون القبة الحديدية وتعاونك ومع إسرائيل في هذا المجال، وذلك لتسهيل عملية الموافقة».
وأشار المشرعون، وهم من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، إلى أن الولايات المتحدة قدمت في عام 2014 مساعدات طارئة إلى إسرائيل بلغت قيمتها 225 مليون دولار، وأن مذكرة التفاهم التي وقع عليها البلدان في عام 2016 تنص على احتمال الموافقة على مساعدات عسكرية إضافية، في حال حصول مواجهات مسلحة بارزة، وذلك بالإضافة إلى المساعدات العسكرية السنوية التي تبلغ قيمتها نحو 4 مليارات دولار.
يأتي هذا فيما حثّ عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، على الضغط على إسرائيل للسماح بإدخال المواد اللازمة لإعادة إعمار قطاع غزة وإيصال المساعدات الإنسانية إلى هناك. وكتب هؤلاء، وعددهم 17 سيناتوراً، رسالة إلى بلينكن يدعونه فيها إلى الدعم الفوري لمرور المساعدات الطارئة والإنسانية إلى القطاع، إضافة إلى إعادة الوجود الدبلوماسي الأميركي.
ودعا المشرعون بلينكن إلى الطلب من إسرائيل رفع القيود عن حركة الفلسطينيين في القطاع، ممن يحتاجون إلى رعاية طبية، أو يودون زيارة أقاربهم، إضافة إلى فتح معبري بيت حانون وكرم سالم للسماح بمرور المساعدات الإنسانية.
وطالبت المجموعة نفسها، التي يتصدرها السيناتور كريس فان هولان، إدارة بايدن، بإعادة تمويل وكالة «الأونروا» إلى المستويات السابقة التي بلغت 360 مليون دولار، إضافة إلى تعزيز الوجود الدبلوماسي من خلال ملء عدد من المناصب الشاغرة، أبرزها منصب السفير الأميركي إلى إسرائيل، والقنصل الأميركي ورئيس بعثة مكتب وكالة التنمية الدولية.
وتقول الرسالة إن «هذه المناصب ضرورية للانخراط الدبلوماسي مع الإسرائيليين والفلسطينيين، لإدارة برامج المساعدات الإنسانية والتنموية، ويجب تعيين أشخاص ثابتين لشغلها بسرعة». وختم الديمقراطيون الرسالة بالتشديد على أنه وبهدف الحفاظ على وقف إطلاق النار وتجنب دوامة عنف جديدة، فإنه من الضروري أن تحسن الولايات المتحدة من الظروف الرهيبة في غزة «التي تؤدي إلى اليأس، وتحفز على التشدد».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.