انتقادات لتأكيد «حزب الله» تمسكه بسلاحه

قال إنه سيبقى لـ«حماية لبنان وسنداً لجيشه»

TT

انتقادات لتأكيد «حزب الله» تمسكه بسلاحه

أعاد كلام نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم بأن المقاومة لا ترتبط فقط بتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، إنما ستبقى لحماية لبنان وسنداً لجيشه وجزءاً لا يتجزأ من منظمة تحرير القدس، الحديث عن مصير الاستراتيجية الدفاعية التي طالما رفع شعارها أفرقاء لبنانيون وعقدت لأجلها طاولات حوار من دون أن تصل إلى أي نتيجة.
وأتى كلام قاسم، أول من أمس، في ذكرى «المقاومة والتحرير»، وبعد انتهاء الحرب في غزة بأيام قليلة، فيما اعتبره البعض رسالة شعبوية، إثر تفرجه على ما أصاب غزة، إضافة إلى أنه يعكس واقعاً بات الجميع يدرك أن حلّه ليس في لبنان أو في يد «حزب الله»، بل في طهران.
وعن كلام قاسم يقول المحلل السياسي والأستاذ الجامعي مكرم رباح لـ«الشرق الأوسط»: «أتت تصريحات قاسم بعدما كان (حزب الله) متفرجاً على الحرب في غزة من دون أن يحرك ساكناً، ما أدى إلى ردة فعل سيئة أمام جمهوره وفي صفوفهم». ويرى أيضاً في الوقت نفسه أن كلام قاسم بأن «حزب الله» يدافع عن لبنان هو لتبرير سلاحه الذي يستخدمه في الخارج، ولم يستخدمه على الحدود مع فلسطين المحتلة»، معتبراً أن الأخطر هو قوله إن المقاومة موجودة لمساندة الجيش، واصفاً هذا الأمر بـ«ضرب من الهذيان»، ومؤكداً: «أي سلاح خارج سلاح الجيش هدفه إضعاف السيادة اللبنانية والدولة بشكل عام».
وهذا الأمر عبّر عنه أيضاً مسؤول الإعلام والتواصل في حزب «القوات اللبنانية»، شارل جبور، معتبراً أن كلام نائب أمين عام «حزب الله» يعكس سياسة أمر واقع مرفوضة، وهي التي أوصلت لبنان والدولة إلى الفشل الذي نحن فيه اليوم.
ويقول جبور لـ«الشرق الأوسط»: «سلاح (حزب الله) هذا من المواضيع الخلافية منذ عام 2005، بعدما كان قبلها الخلاف حول الوجود السوري في لبنان، وبين مَن يعتبره شرعياً وضرورياً، ومَن يعتبره احتلالاً»، مضيفاً: «بعد عام 2005 وتحرير جنوب لبنان، انقسم اللبنانيون أيضاً بين مَن يعتبر سلاح الحزب ضرورياً ومَن يعتبر تسليمه للدولة واجباً، وبالتالي موضوع خلافي لا يزال مستمراً، ومن الصعوبة الوصول إلى تفاهم حوله، بدليل أن كل طاولات الحوار التي انعقدت باءت بالفشل، ما يعني أنه لا اتفاق مرتقب لبناني - لبناني في هذه القضية، بانتظار ما يمكن أن تفضي إليه المشاورات الدولية بالعنوان النووي الإيراني ودور طهران على مستوى المنطقة، لأن الجميع يعلم أن قرار (حزب الله) العسكري هو في طهران وليس في الضاحية الجنوبية، وبالتالي هذه المسألة تُحسَم لدى إيران».
ويؤكد جبور: «بالنسبة إلينا كحزب (القوات) لا توجد استراتيجية دفاعية خارج إطار الجيش اللبناني، وعسكرياً خارج إطار قرار الدولة اللبنانية، وكل ما هو خلاف ذلك هو خروج عن (اتفاق الطائف) والدستور، ويعكس سياسة أمر واقع مرفوضة، وهي التي أوصلت لبنان والدولة إلى الفشل الذي نحن فيه اليوم». وإضافة إلى قرار مجلس الأمن «1559» الصادر عام 2004 والقاضي بحلّ الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها، دُعي مرات عدة لحوارات وطنية في لبنان تحت عناوين مختلفة، منها اقتصادية واجتماعية، كانت الاستراتيجية الدفاعية أحد عناوين طاولة الحوار الأولى التي عقدت في لبنان في عام 2006، في عهد رئيس الجمهورية الأسبق إميل لحود حيث عقدت سبع جلسات انتهت بالتوافق على ميثاق شرف لتخفيف الاحتقان السياسي، وعلى نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيّمات، خلال ستة أشهر، فيما وافق قياديو الأحزاب على انتخاب رئيس جديد يحظى بالتوافق، لكن تم تأجيل البحث في الاستراتيجية الدفاعية.
كذلك في عهد رئيس الجمهورية ميشال سليمان عقدت طاولة الحوار الثانية في شهر سبتمبر (أيلول) عام 2008، بهدف بحث ملف الاستراتيجية الدفاعية والسلاح المنتشر على الأراضي اللبنانية، وانتهت بعد جلسات عدة، وتحديداً إثر اندلاع الحرب السورية، بالإعلان عما عُرف بـ«إعلان بعبدا»، في يونيو (حزيران) 2012، حيث كان التشديد على النأي بالنفس وتحييد لبنان، وهو ما لم يُطبق، لا سيما مع دخول «حزب الله» كلاعب أساسي في المعارك السورية.
وفي كلامه بمناسبة ذكرى «التحرير»، قال قاسم، أول من أمس: «لبنان تحرر، وهذا إنجاز كبير ولكن المقاومة يجب أن تبقى مستمرة ليس فقط لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا وإنما لحماية لبنان من التهديدات الإسرائيلية، وهذا ما نسمعه دائماً من الاحتلال؛ أنه يهدد ويرعب، وأيضاً من أجل أن نكون جزءاً لا يتجزأ من منظومة تحرير القدس وفلسطين، في إطار محور المقاومة». واعتبر أنه «لولا ثلاثية (الجيش والشعب والمقاومة) لاحتلت إسرائيل لبنان مجدداً، وقتلت مَن يرفضها، ودمرت البيوت والقرى إرهاباً وعدواناً، لولا قوة ردع المقاومة لما ارتدعت إسرائيل سنة 2006، وهُزمت في معركتها وعدوانها على لبنان».
وأضاف: «ليكن واضحاً؛ المقاومة درع لبنان وسند جيشه الوطني، وليست بديلاً عن الدولة، ولا أطماع لها في استثمار داخلي لقوتها العسكرية، وللقيام بهذا الواجب زادت المقاومة من قوتها أضعافاً مضاعفة، بما لا سابق له، وستراكم المزيد من التسلح والتذخير والتدريب والقوة لتكون دائماً في موقع الردع وعلى أهبة الاستعداد».



القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
TT

القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي هنأ الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، ومحمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، دونالد ترمب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي تبحث عن كيفية التعامل مع ترمب المرحلة المقبلة في ظل وجود مذكرة صادرة من مجلس القضاء الأعلى في العراق بالقبض على ترمب بتهمة اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.

الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد

وقال عضو اللجنة مختار الموسوي في تصريح صحافي إن «ترمب بالنسبة للعراق وحسب القوانين العراقية هو مجرم، لكن العراق سيتعامل معه بشكل طبيعي، فهناك مصلحة للعراق بذلك، ووصول ترمب إلى البيت الأبيض لن يؤثر على العلاقات بين بغداد وواشنطن». ورأى الموسوي، وهو نائب عن «الإطار التنسيقي الشيعي» الحاكم أن «أميركا دولة مؤسسات ولا تتأثر كثيراً برؤساء في التعاملات الخارجية المهمة». وأضاف: «ترمب لا يعترف بالحكومة العراقية ولا يحترم السلطات في العراق»، لافتاً إلى أن «زيارته للعراق أثناء ولايته السابقة اختصرت فقط على زيارة الجنود الأميركان في قاعدة (عين الأسد) بمحافظة الأنبار، لكن العراق سيتعامل مع ترمب بشكل طبيعي».

الجنرال الإيراني قاسم سليماني (أ.ب)

وختم عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية تصريحه قائلاً: «في حال زار ترمب العراق خلال المرحلة المقبلة، فهناك صعوبة في تنفيذ مذكرة القبض بحقه، فهناك مصلحة للدولة العراقية وهي تتقدم على جميع المصالح الأخرى، فهي تمنع أي تنفيذ لتلك المذكرة بشكل حقيقي بحق ترمب».

أبو مهدي المهندس (أ.ف.ب)

يشار إلى أن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان أعلن صدور أوامر قبض بحق ترمب على خلفية أوامر أصدرها لقتل سليماني والمهندس في السابع من يناير (كانون الثاني) عام 2021. وأوضح بيان رسمي، صدر في ذلك الوقت أن «القرار يستند إلى أحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي النافذ»، مؤكداً أن «إجراءات التحقيق لمعرفة المشاركين الآخرين في تنفيذ هذه الجريمة سوف تستمر سواء كانوا من العراقيين أو الأجانب».

القضاء العراقي وأزمة تطبيق القانون

قانونياً، وطبقاً لما أكده الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» فإأن «القضاء العراقي تحرك بناءً على الشكوى المقدمة من الطرف المشتكي، وبالتالي فإن القضاء ملزم وفق القانون باتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي شخص سواء كان في الداخل العراقي أو الخارج العراقي».

وأضاف التميمي: «ولأن الجريمة التي ارتُكبت داخل العراق واستهدفت شخصيات في العراق وأدت إلى مقتلهم؛ فإن الولاية القضائية هنا هي التي تطبق وهي ولاية القضاء العراقي»، مبيناً أن «إصدار أمر قبض بحق ترمب في وقتها وفق مذكرة القبض الصادرة من القضاء العراقي وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي وهي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لكونه شريكاً في هذه العملية؛ ولذلك يعدّ الإجراء من الناحية القانونية صحيحاً».

مركبة محترقة في مطار بغداد أصابها أحد الصواريخ الثلاثة (خلية الإعلام الأمني)

ورداً على سؤال بشأن تنفيذ المذكرة، يقول التميمي إن «التنفيذ يكون عن طريق الإنتربول الدولي بعد تقديم طلب عبر وزارة الخارجية، وهو أمر صعب من الناحية الواقعية، والثانية هي انضمام العراق إلى اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1948 وهي تحاكم الأشخاص بمختلف الجرائم، ومنها جرائم العدوان التي تنطبق على عملية الاغتيال التي نُفذت بأمر ترمب وفقاً للمادة 6 من قانون هذه المحكمة التي تتطلب دخول العراق فيها أولاً». وأوضح التميمي أنه «مع كل هذه الإجراءات القانونية، لكن ترمب في النهاية أصبح رئيس دولة وهو يتمتع بالحصانة وفقاً اتفاقية فيينا».

أول المهنئين لترمب

وفي الوقت الذي تبدو عودة ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية مقلقة لبعض الأوساط العراقية، إلا أن العراق الرسمي كان من أول المهنئين؛ إذ هنأ الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد ترمب، وتطلع إلى أن «تعمل الإدارة الأميركية الجديدة على تعزيز الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه والحوار البنَّاء في المنطقة»، كما هنَّأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دونالد ترمب بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية لولاية جديدة، معرباً عن أمله في «تعزيز العلاقات الثنائية» خلال «المرحلة الجديدة». وكتب السوداني على منصة «إكس»: «نؤكد التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، ونتطلع لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مجالات عدة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين». كما أن رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني كانا أول المهنئين لترمب؛ نظراً للعلاقة الجيدة التي تربط الأكراد مع الجمهوريين. وكتب نيجرفان بارزاني على منصة «إكس» قائلاً: «أتقدم بأحرّ التهاني إلى الرئيس ترمب ونائب الرئيس المنتخب فانس على فوزهما في الانتخابات». وأضاف: «نتطلع إلى العمل معاً لتعزيز شراكتنا وتعميق العلاقات الثنائية بين إقليم كردستان والعراق والولايات المتحدة».

أما رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، فقد عبّر من جهته إلى أهمية «تعميق الشراكة بين إقليم كردستان والولايات المتحدة، والعمل معاً لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة».

اقرأ أيضاً