رئيس وزراء فرنسا في تونس لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي

يلتقي خلالها رأسي السلطة التنفيذية ونقابة رجال الأعمال

TT

رئيس وزراء فرنسا في تونس لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي

بدأ رئيس وزراء فرنسا جان كاستيكس، أمس، زيارة رسمية إلى تونس، مصحوباً بوفد وزاري وعدد من رؤساء المؤسسات الاقتصادية الفرنسية، وذلك بمناسبة انعقاد الدورة الثالثة للمجلس الأعلى للتعاون التونسي - الفرنسي، التي تحتضنها العاصمة التونسية، والتي تناقش سبل دعم فرنسا لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في تونس.
وتشمل زيارة المسؤول الفرنسي عقد لقاءات مع رئيس الجمهورية قيس سعيد، ورئيس الحكومة هشام المشيشي، ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (مجمع رجال الأعمال) سمير ماجول، وهي لقاءات تأتي على هامش الدورة الثالثة للمجلس الأعلى للتعاون التونسي - الفرنسي، التي تعقد كل سنتين، والتي تعد أحد أهم المواعيد الاقتصادية التي تجمع كبار المسؤولين من كلا البلدين. وسيشارك الوزير الأول الفرنسي في اللقاء الاقتصادي حول الرقمنة، الذي ينظمه الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، بحضور عدد من رؤساء المؤسسات الاقتصادي، وهو ما قد يمثل للطرفين مجالاً واعداً للاستثمار.
تأتي هذه الزيارة الفرنسية رفيعة المستوى بعد شهرين من إرجاء مثير للجدل لزيارة، كان يفترض أن يجريها الوزير الأول الفرنسي إلى الجزائر، نتيجة خلافات حول الفترة الاستعمارية، وفي ظل خلافات سياسية حادة بين رئيس الدولة التونسية وحزب النهضة الإسلامي، صاحب أقوى تحالف في البرلمان.
وتعتبر هذه الزيارة مناسبة للطرف التونسي لطرح ومناقشة 4 ملفات، لها أولويات كبيرة، أولها الأزمة الصحية، بسبب تسارع وتيرة الإصابات بـ«كورونا» في تونس، وتخوفات من نقص حاد في مادة الأكسجين الضروري لإنقاذ المصابين.
ومن المنتظر أن يتم تقديم مساعدات عينية خاصة لتونس، بعد أن تعهّدت فرنسا إرسال وحدات لتوليد الأكسجين إلى 3 مستشفيات تونسية. كما ستتناول المحادثات ملفات الشراكة الاقتصادية، والدعم المالي الموجه لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الهيكلي، الذي تقوده الحكومة التونسية، وستتخللها توقيع اتفاقيات اقتصادية، علاوة على جولة في ورشة بناء شبكة للقطارات السريعة في تونس، وعقد لقاء حول المجال الرقمي، ينظمه رجال أعمال تونسيون وفرنسيون.
كما يرجح أن تتم مناقشة الأوضاع الطارئة التي تشهدها تونس بسبب التدهور الاقتصادي غير المسبوق، والبحث عن سبل لتمويل مشروعات اقتصادية في تونس. وينتظر أيضاً أن تتوج أعمال اجتماع المجلس الأعلى للتعاون التونسي - الفرنسي في نسخته الثالثة بعدة اتفاقيات، ومذكرات تفاهم في مجالات الاقتصاد والتنمية، والعدل والدفاع والأمن والتعليم العالي والبحث العلمي.
وكانت فرنسا قد تعهدت السنة الماضية بتقديم قرض بقيمة 350 مليون يورو لدعم التحول، الذي تشهده تونس، وصولاً إلى العام 2022. لكن لم يتم تحويل سوى 100 مليون منها حتى الآن.
وطالبت أطراف اجتماعية ومنظمات حقوقية تونسية فرنسا، خلال قمة تمويل الاقتصاديات الأفريقية، بإلغاء الديون التي حان وقت سدادها، أو تأجيل مواعيد سدادها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد.
يذكر أن الاتحاد الأوروبي يجري في الوقت الحالي محادثات مع تونس حول اتفاق لتقديم مساعدات اقتصادية، مقابل تعزيز الجهود لمنع انطلاق المهاجرين من سواحل البلاد نحو الضفة الشمالية للمتوسط.
ويولي الجانب الفرنسي أهمية خاصة لعقد القمة الفرنكوفونية في جزيرة جربة التونسية، مع نهاية السنة المقبلة تحت شعار «التواصل في إطار التنوع الرقمي كمحرك للتنمية والتضامن في الفضاء الفرنكوفوني». ومن المنتظر أن يتلقى تطمينات من أعلى هرم السلطة التونسية، ممثلة في رئيسي الجمهورية والحكومة حول سير الاستعدادات لعقد هذه القمة، خاصة بعد أن اتهم الرئيس قيس سعيد بعض الأطراف السياسية، التي لم يسمّها، بمحاولة إفشال هذه القمة لغايات سياسية، على حد تعبيره.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.