حبيبات من الخرز تؤرخ لوصول الإنسان الأول إلى لبنان

تشير أدلة جمعها فريق دولي من الباحثين تابع لجامعة أكسفورد البريطانية إلى تاريخ وصول الإنسان الأول إلى منطقة الشرق الأدنى التي تعرف اليوم باسم الشرق الأوسط. وحدد الفريق من خلال تحليل الكربون المشع عمر الصدف البحري الذي عثروا عليه في موقع كسار عقيل الأثري بمدينة أنطلياس التي تبعد 10 كلم عن بيروت، مما سمح لهم بتقدير أن تاريخ أقدم بقايا لهيكل بشري يعود إلى سلسلة الطبقات الأثرية نفسها وتتراوح ما بين 42 إلى 41.7 ألف سنة، ويتشابه هذا التاريخ مع تاريخ بقايا أوائل أقدم إنسان معاصر في أوروبا.
وتقول الدراسة التي نشرتها مجلة PLOS ONE على صفحاتها الإلكترونية إن الاكتشاف الأخير يلقي الضوء على آفاق جديدة مثيرة للاهتمام عن المسارات التي قد يكون سلكها الإنسان الحديث لدى خروجه من أفريقيا.
حدد فريق البحث من خلال تحليل الكربون المشع تاريخ عشرين صدفة بحرية عثر عليها في الطبقات الأثرية على عمق العشرة أمتار الأولى في أرض كسار عقيل. ووجدت الصدفات مثقوبة مما يدل على أن الإنسان المعاصر استخدمها لتزيين الجسد والثياب. وتجدر الإشارة إلى أن الإنسان البدائي (Neanderthals) الذي سبق ظهور الإنسان المعاصر لم يصنع أو يستخدم هذا النوع من القلادات.
وتؤكد الدراسات أن هذا النوع من الحلي يرتبط فقط بوجود الإنسان المعاصر ويظهر أن عمرها يعود إلى ما بين 41 و35 ألف سنة.
وتعتبر كسار عقيل من أهم المواقع الأثرية التي ترجع إلى العصر الحجري في أوراسيا، وهي تتكون من سلسلة طبقات أثرية عمقها 23 مترا. وبقي هذا الموقع الأثري مخفيا عن الأنظار لآلاف السنين إلى حين مجيء الآباء اليسوعيين وعلى رأسهم الأب جوزيف دوهيرتي إلى لبنان في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي، وبدء حملة التنقيب في مغاور وكهوف كسار عقيل. وكشف آنذاك بقايا لهياكل بشرية ومئات من العقود المصنوعة من الصدف وآلاف من الأدوات الحجرية وعظام حيوانات مكسورة. وهذه البقايا البشرية تعود إلى نفس الحقبة الزمنية لبقايا الآثار الأوروبية.
وقالت الكاتبة والباحثة الدكتورة كاترينا دوكا من قسم الآثار في جامعة أكسفورد إن منطقة الشرق الأوسط، حيث كان الباحثون يتوقعون العثور على أدلة تشير إلى أناس معاصرين يشبهوننا في بنيتهم وسلوكهم، حلوا مكان الإنسان الأول الأوروآسيوي الذي عاش لأكثر من 1500 سنة.
وتظهر الأبحاث أن تاريخ بقايا الآثار في كسار عقيل تعود إلى نفس الحقبة التاريخية التي اكتشفت في كل من رومانيا وبريطانيا وجنوب إيطاليا.