القاهرة توسع الحشد الدولي لمفاوضات فلسطينية ـ إسرائيلية

مشاورات مصرية مع وزراء خارجية الأردن وماليزيا وكندا

لقاء رئيس المخابرات المصرية عباس كامل في غزة مع وفد «حماس» الأحد الماضي (أ.ب)
لقاء رئيس المخابرات المصرية عباس كامل في غزة مع وفد «حماس» الأحد الماضي (أ.ب)
TT

القاهرة توسع الحشد الدولي لمفاوضات فلسطينية ـ إسرائيلية

لقاء رئيس المخابرات المصرية عباس كامل في غزة مع وفد «حماس» الأحد الماضي (أ.ب)
لقاء رئيس المخابرات المصرية عباس كامل في غزة مع وفد «حماس» الأحد الماضي (أ.ب)

عززت القاهرة مساعيها الرامية لإطلاق مفاوضات «جادة وعاجلة» بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وسرّعت من الحشد الدولي الداعم المسار نفسه عبر مشاورات مع وزراء خارجية الأردن وكندا وماليزيا، تطرقت لمناقشة «وجود أفق سياسي يسمح باستئناف المسار التفاوضي وفق مقررات الشرعية الدولية ذات الصلة، وعلى أساس حل الدولتين، وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 عاصمتها القدس الشرقية».
وتسعى مصر عبر مسارات أمنية وسياسية إلى «تثبيت الهدنة» في فلسطين، وأوفدت مسؤولين بارزين على رأسهم رئيس المخابرات العامة، اللواء عباس كامل، إلى كل من رام الله وغزة وتل أبيب، وتضمنت المباحثات «عملية إعادة إعمار قطاع غزة»، وبحث إمكانية «تنفيذ صفقة تبادل للأسرى»، فضلاً عن المضي بمسار «المصالحة الوطنية الفلسطينية».
وفي إطار التنسيق المصري - الأردني، أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري، اتصالاً مع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، تم «خلاله التطرق إلى التحركات الدبلوماسية المكثفة التي تجريها مصر بهدف تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة». كما تناول الوزيران، بحسب بيان مصري، «الأفكار المطروحة بشأن عملية إعادة إعمار غزة»، وتوافق الوزيران، على «استمرار التواصل بين البلدين في هذا الصدد بالتنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية، وأهمية مواصلة مساعي البلدين الرامية إلى دعم السلطة، وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك بالتعاون مع الشركاء الدوليين».
وقبل يومين استقبل شكري، نظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي، ودعا الوزير المصري إلى «إطلاق مفاوضات جادة وبناءة (بين الفلسطينيين والإسرائيليين) بشكل عاجل، مع الامتناع عن أي إجراءات تعرقل الجهود المبذولة في هذا الصدد». وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية، السفير أحمد حافظ، إن شكري والصفدي، بحثا أهمية وجود أفق سياسي يسمح باستئناف المسار التفاوضي وفق مقررات الشرعية الدولية ذات الصلة، وعلى أساس حل الدولتين، وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 عاصمتها القدس الشرقية.
وتلقى وزير الخارجية المصري، كذلك اتصالاً من نظيره الكندي مارك جارنو، الذي «أبدى اهتماماً بالاستماع إلى الرؤية المصرية إزاء مجمل الأوضاع بمنطقة الشرق الأوسط، خاصة التطورات الأخيرة على الساحة الفلسطينية»، وفق بيان مصري. واستعرض شكري التحركات والاتصالات المصرية الرامية إلى تثبيت وقف إطلاق النار بين إسرائيل وقطاع غزة، مشيراً إلى «ضرورة التحرك وبشكل عاجل خلال المرحلة المقبلة، لإحياء المسار السياسي المنشود وإطلاق مفاوضات جادة بين الطرفين، لا سيما أن تطورات الأسابيع الأخيرة أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك، أنه لم يعد بالإمكان تجاهل القضية الفلسطينية وتركها دون حل».
هذا، وكان الرئيس الأميركي جو بايدن، قد أجرى اتصالاً هاتفياً بنظيره المصري عبد الفتاح السيسي، في الرابع والعشرين من مايو (أيار) الماضي، وناقشا «سبل إحياء عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين».
وفي السياق ذاته جاءت مباحثات مصرية - ماليزية بين وزيري خارجية البلدين عبر (الفيديو كونفرانس)، التي تناولت العلاقات الثنائية والتعاون بين الجانبين، وتطرقت كذلك إلى «تطورات القضية الفلسطينية وجهود تحقيق السلام في الشرق الأوسط»، حيث أشار شكري إلى ما قامت به مصر من تحركات لوقف التصعيد وتحقيق التهدئة المرجوة في قطاع غزة، وكذلك الجهود الحالية للبناء على وقف إطلاق النار بين الجانبين، فضلاً عن المساعي المبذولة من أجل إعادة إطلاق مسار المفاوضات بشكل عاجل، وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة عاصمتها القدس الشرقية».
ولليوم السابع عشر على التوالي، واصلت السلطات المصرية، فتح معبر رفح البري، استثنائياً، لاستقبال الجرحى والمصابين والحالات الحرجة، ولإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، علاوة على عبور العالقين من الجانبين. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية المصرية، عن مصادر مسؤولة في المعبر، تأكيدها «استمرار فتحه، وتواجد الأطقم الإدارية والطبية لتيسير دخول الجرحى والمصابين ومرافقيهم، وعبور العالقين، وكذا توفير عدد من سيارات الإسعاف المجهزة لنقل الجرحى والمصابين بعد تصنيف حالاتهم الصحية إلى المستشفيات المصرية لتلقي العلاج، وأن هناك استعدادات تامة لاستقبال أي عدد من الجرحى والمصابين وتيسير نقلهم للعلاج».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».