استبعاد 20 مرشحاً من الانتخابات البرلمانية في العراق

خريطة سياسية جديدة في المحافظات الغربية

TT

استبعاد 20 مرشحاً من الانتخابات البرلمانية في العراق

في تطور مفاجئ على صعيد مجرى الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق، قررت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات استبعاد 20 مرشحاً من خوض الانتخابات من بينهم قيادي سني بارز هو النائب عن محافظة صلاح الدين أحمد الجبوري المعروف بـ«أبو مازن».
القرار القابل للطعن في غضون ثلاثة أيام يبدو أنه سيمضي بسبب كون عملية الاستبعاد جاءت لوجود قيود جنائية على هؤلاء المرشحين وهو ما يتناقض مع قانون الانتخابات وقانون المفوضية المكونة من قضاة، هذه المرة لم تتمكن بحسب المراقبين الطبقة السياسية من التأثير على القرارات التي اتخذوها حتى الآن والتي بدت مستقلة إلى حد كبير.
ومن أبرز المستبعدين أبو مازن (أحمد عبد الله الجبوري) الذي سبق أن شغل عدة مناصب منها وزير شؤون المحافظات ومحافظ صلاح الدين والآن يتزعم حزب الجماهير الوطنية الذي يحظى بغالبية مقاعد صلاح الدين في البرلمان وبالتالي فإنه في حال مضت عملية استبعاده فإن الخريطة السنية في المحافظات الغربية سوف تشهد تغييراً واضحاً.
وفي هذا السياق يقول النائب في البرلمان العراقي عن «حزب تقدم»، عبد الله الخربيط، لـ«الشرق الأوسط» إن «الخريطة السنية سوف تتغير بشكل واضح بعد الانتخابات القادمة مثلما أن الخريطة الشيعية بالمجمل لن تكون بعيدة عن التغيير». وأضاف الخربيط أن «استبعاد أبو مازن سوف يجعل محافظة صلاح الدين ساحة مفتوحة لكل التغيرات نظراً للأهمية التي يتمتع بها أبو مازن هناك حيث إنه سواء اختلفت معه أم اتفقت فإنه ولسنوات طوال أصبح اسمه رديفاً للمحافظة». ورداً على سؤال عما إذا كان لقرار الاستبعاد بعد سياسي، يقول الخربيط: «أكيد له بعد سياسي لكنه في الوقت نفسه لم يعد باستطاعة كبار الساسة إصدار أحكام فوق أحكام القضاء حيث إن الواقع السياسي تغير».
وأكد الخربيط أنه «في الوقت الذي بات فيه الجميع يهاب القضاء فإن القضاء من جانبه لم يعد يهاب أي شخصية سياسية حيث إن سلطة القضاء أصبحت واضحة وهذا مؤشر جيد»، مبيناً أنه «دخل الكثير من المحكومين الانتخابات من قبل لكن الأمر اختلف اليوم حيث لم يعد ممكناً تخطي قرارات القضاء بإرادة سياسية».
يذكر أن محافظة صلاح الدين التي ينتمي إليها أبو مازن هي أول محافظة ذات غالبية سنية تطالب رسمياً منذ عام 2013 بتحويلها إلى إقليم فيدرالي لكن تلك المحاولات باءت بالفشل برغم السند الدستوري لها. ويتنافس على المحافظات الغربية (نينوى وصلاح الدين والأنبار) ثلاثة تحالفات أو كتل رئيسية وهي «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان، و«عزم» بزعامة خميس الخنجر و«الجماهير الوطنية» بزعامة أحمد الجبوري.
إلى ذلك لا تزال إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها من عدمه تهيمن على الحراك السياسي الحالي في البلاد. وفي الوقت الذي تؤكد الجهات الحكومية الرسمية، مثل رئاسة الوزراء ومفوضية الانتخابات، أن الانتخابات في موعدها وأنه لا يوجد أي مبرر مقنع لتأجيلها فإنه وعقب الخلاف العميق الذي حصل الأربعاء الماضي بين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وأطراف في الحشد الشعبي على خلفية اعتقال القيادي في الحشد قاسم مصلح، بات أصحاب نظرية المؤامرة يروجون لعدم إمكانية إجراء الانتخابات في أكتوبر (تشرين الأول) كما هو مقرر نظراً لاستمرار هذا الخلاف وإمكانية تطوره في المستقبل القريب إلى مواجهة مفتوحة لا سيما بعد التصريحات النارية لوزير الدفاع جمعة عناد.
إلى ذلك كشف مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات عبد الحسين الهنداوي عن وجود عدة محددات تمنع حصول أي حالة تزوير في الانتخابات المقبلة. وقال الهنداوي في إيجاز صحافي إن «قانون الانتخابات نفسه الذي يعد نوعاً جديداً من القوانين والذي يقسم البلد إلى 83 دائرة بدلاً من 18 يحصر إمكانية التلاعب بشكل كبير». وأضاف أن «قضية المراقبة بأشكالها المختلفة سواء كانت من قبل الكيانات السياسية أم الأحزاب المشاركة فضلاً عن شبكات المراقبة تعد من الخطوات الأساسية لمنع التزوير». وتابع الهنداوي أن «هناك وعياً انتخابياً عالياً لدى المواطن وهو أمر مهم على صعيد ضمان عدم التزوير ومصادرة صوت الناخب». وأوضح أن «وجود الفريق الدولي مهم وسيعمل مع المفوضية».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.