ترميم الثقة المفقودة بين عون والحريري مهمة صعبة يحكمها «الدستور»

TT

ترميم الثقة المفقودة بين عون والحريري مهمة صعبة يحكمها «الدستور»

تكاد تتفوق «أزمة الثقة المفقودة» بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل من جهة، ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من جهة أخرى، على أي عقدة أخرى تعرقل تأليف الحكومة ما يطرح السؤال عن كيفية جمع الطرفين في الحكم على طاولة واحدة، لا سيما أنه مع إقرارهما بهذا الواقع ورمي كل منهما المسؤولية على الآخر، لا يزالان متمسكين بشروطهما حيال تأليف الحكومة ما يوحي بصعوبة ترميم الثقة ما لم يحصل أمر مفاجئ.
وهذه الأزمة التي تتعمّق يوما بعد يوم، بدأت تتفاقم منذ ما قبل الانتفاضة الشعبية في لبنان في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 لتبرز بشكل أساسي مع استقالة الحريري على وقع تحركات الشارع لتتصاعد مع المستجدات السياسية في لبنان وصولا إلى إعلان الحريري استعداده للعودة إلى رئاسة الحكومة وهو ما لاقى رفضا «علنيا وضمنيا» من التيار الوطني الحر ورئاسة الجمهورية، حتى أن قياديين في «المستقبل» يذكرون بشكل دائم بموقف رئيس الجمهورية عشية الاستشارات النيابية الذي بدا وكأنه يدعو لعدم تسمية الحريري، حيث توجه إلى النواب بالقول: «أنتم مدعوون باسم المصلحة اللبنانية العليا لتحكيم ضميركم الوطني وحس المسؤولية لديكم تجاه شعبكم ووطنكم... أنتم المسؤولون عن الرقابة والمحاسبة البرلمانيّة باسم الشعب الذي تمثّلون...»، وسأل «فهل سيلتزم من يقع عليه وزر التكليف والتأليف بمعالجة مكامن الفساد وإطلاق ورشة الإصلاح؟».
ومنذ بدء مسار مشاورات التأليف برز غياب الثقة بين الطرفين في أكثر من محطة، في موازاة الخلافات الأخرى، من السباق على الحصص الوزارية إلى الخلاف حول تفسير الدستور وتبادل الاتهامات بخرقه والتعدي على الصلاحيات، ولا سيما منها صلاحيات الرئيس المكلف وصولا إلى الرسالة التي بعث بها عون إلى البرلمان حول التأخر في تأليف الحكومة ورأى فيها «المستقبل» محاولة للحث على سحب التكليف من الحريري، وهو ما يلفت إليه النائب في «تيار المستقبل» محمد الحجار، معتبرا أن الاحتكام والعودة إلى الدستور من شأنه أن يصوّب كل الأمور إذا أراد فريق العهد ذلك.
ويقول الحجار لـ«الشرق الأوسط» «ممارسات فريق العهد وتحديدا عبر المحاولات الدائمة لضرب الدستور هي التي أوصلت العلاقة بين الطرفين إلى هذه المرحلة وأدت إلى انعدام الثقة بينهما»، مضيفا «كل ما يقوم به هذا الفريق يدل على أنه يحاول إخراج الحريري أو دفعه إلى الاعتذار ضاربا بعرض الحائط إرادة البرلمان الذي كان له الكلمة في تكليفه وعاد وأكد على هذا الأمر في جلسته الأخيرة خلال قراءة رسالة رئيس الجمهورية». ويلفت الحجار كذلك إلى «محاولة فرض أعراف جديدة في عملية التأليف في وقت ينص الدستور بشكل صريح على أن اختيار الوزراء بجميع طوائفهم وفئاتهم هو من مهمة الرئيس المكلف على أن تصدر مراسيم الحكومة بالتوافق مع رئيس الجمهورية، على عكس ما يحاول فريق العهد فرضه وتحويل المشكلة إلى طائفية كما عادته»، من هنا يعود ويشدد على أن «الدستور هو العلاج والحل لإعادة بناء الثقة التي فقدت بين الطرفين وليس التصرف بطريقة عنصرية طائفية كما يفعل (التيار) في وقت لا نزال نصر ونؤكد على رفض الانزلاق إلى لغتهم».
ومع إقرار الحجار بالكيمياء المفقودة بين عون والحريري، يعتبر أنه اليوم هناك فرصة مهمة متمثلة برغبة المجتمع الدولي بإنقاذ لبنان، وبالتالي لو كانت هناك حرب بين الطرفين على الجميع الترفع عن المشاكل والسبيل إلى ذلك أيضا، وأيضا الاحتكام إلى الدستور وليس محاولة فرض أعراف جديدة.
في المقابل، ومع تشديدها على ضرورة احترام شروط أو معايير معينة وضعها عون لتأليف الحكومة، تعتبر مصادر في «التيار الوطني الحر» مقربة من رئاسة الجمهورية أنه «في السياسة ليست هناك عداوة دائمة ولا صداقة دائمة والخلافات والمناكفات قد تقع لكن لا بد أن تتم المصالح». وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «انعدام الثقة نتج عن وقائع وممارسات حسية من قبل الحريري أدت إلى تراجع الثقة وصولا إلى انعدامها»، موضحة «من الخلافات على طريقة إدارة الأمور في الدولة واستقالة الحريري من دون أن يتشاور مع الرئيس عون ومن ثم تحميله لرئيس الجمهورية مسؤولية أمور لا علاقة له بها وتحامله على فريق العهد وخير دليل على ذلك كلامه الأخير في جلسة البرلمان»، لكنها في الوقت عينه ترى أن استعادة هذه الثقة ممكن بالممارسة إذا كانت هناك رغبة من الطرفين في ذلك، وأن يسير الحريري بحكومة يراعي فيها المواصفات التي حددها الرئيس والتي يعرفها تماما». من هنا تشدد المصادر على أن «إمكانية عودة التلاقي واردة بين الطرفين لا سيما أن لا دم فيما بينهما بل على العكس من ذلك، «المستقبل» يلتقي مع فريق العهد أكثر من أي فريق آخر لأنهما لم يخوضا حربا فيما بينهما خاصة في الحرب الأهلية على خلاف الأحزاب الأخرى التي شاركت في الحرب، وبالتالي إذا حصل التفاهم السياسي فلا بد أن تعود الأمور إلى طبيعتها».



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.