المغرب: عرض تقرير عن «النموذج التنموي الجديد» أمام غرفتي البرلمان

يقوم على أساس «دولة قوية مقابل مجتمع قوي»

TT

المغرب: عرض تقرير عن «النموذج التنموي الجديد» أمام غرفتي البرلمان

قال شكيب بنموسى، رئيس اللجنة الملكية المغربية التي أعدت تقريراً حول النموذج التنموي الجديد في المغرب في أفق 2035، أمس، في عرض قدمه في اجتماع خاص أمام البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إن التقرير الجديد يعتمد رؤية تنموية «تقوم على أساس بناء دولة قوية ومجتمع قوي».
واعتبر بنموسى أن الدولة تكون قوية «بالمؤسسات»، وتهتم بالجوانب الاستراتيجية وبالتقنين، وحماية المواطنين، وتفتح الباب للمساعدة وتحرير الطاقات، مضيفاً أن ذلك «لا يعني أن الدولة تقوم بكل الأدوار، بل دورها الحفاظ على الجانب الاستراتيجي والتنظيمي»، على أساس أن تلعب كل الأطراف والمؤسسات الأخرى دورها «بكل مسؤولية».
أما بخصوص «المجتمع القوي» الذي ينشده النموذج التنموي، فإنه يقوم، حسب بنموسى، على أساس «تكافؤ الفرص وتطوير القدرات». وقال إنه «إذا استطعنا رفع الكفاءات، فإننا يمكن أن نساعد المجتمع على خلق مبادرة لتحقيق توازن بين قوة الدولة وقوة المجتمع»، موضحاً أن اللجنة اقترحت في تقريرها ترجمة ذلك في «مبادئ عملية»، بجعل الإنسان في صلب عملية التنمية، وقياس ذلك من خلال «دراسة الأثر على المواطن في كل سياسة عمومية» يتم تنفيذها.
كما شدد بنموسى على دور ومكانة كل الفاعلين في إنجاح النموذج التنموي، بقوله: «إذا لم يكن كل الفاعلين منخرطين بكل مسؤولية ولهم هامش للعمل فإنه لا يمكن تحقيق تقدم لتحقيق الأهداف»، مشيراً إلى دور القطاع العام والأحزاب والمؤسسات والحكومة، والقطاع الخاص، وما سماه «القطاع الثالث»، الذي ليس همه الربح، مثل التعاضديات والمقاولات ذات الأنشطة المجتمعية والتنموية.
من جهة أخرى، أوضح بنموسى أهمية «ترسيخ الثقة والمسؤولية، وتخليق الحياة العامة، الحكامة الاقتصادية، وضمان المشاركة الواسعة للمواطنين، وتعزيز مكانة العدالة لتكون «حامية للحريات»، مشيراً إلى أن التقرير حول النموذج التنموي الذي سلمه للملك محمد السادس «يشكل فرصة للدفع بالمشروع المجتمعي»، والدفع بالشعور «بالانتماء للأمة»، وتكريس «الهوية التاريخية المغربية المتعددة بتنوعها»، وموضحاً أن التقرير جاء نتيجة لعقد عدة لقاءات مع المواطنين الذين لهم انتظارات كثيرة، منها ما له علاقة «بالثقة»، وما له علاقة بـ«تعطل آليات الارتقاء الاجتماعي»، ومشاكل جودة الخدمات العمومية، وتكافؤ الفرص، وتوفير فرص الشغل، والشعور بـ«ضعف الحماية القضائية»، نتيجة البيروقراطية، وعدم حماية القوانين.
واعتبر بنموسى أن «كل الأطراف والفاعلين لهم قناعة بوجود حاجة للانتقال سريعاً نحو نموذج جديد، يفتح طموحاً للبلاد، كهدف مشترك لكل المغاربة».
ولخص بنموسى هذا الطموح في الوصول إلى «مغرب مزدهر»، فيه «توزيع عادل للثروات»، ويطور الكفاءات ويؤهلها، مغرب «دامج لكل الفئات»، في إطار مبادئ العدالة الاجتماعية والإنصاف، واستدامة الموارد الطبيعية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.