كيف تضررت الحيوانات في قطاع غزة بسبب الحرب؟

الطفلة ناريمان العقاد وهي تحمل سمكتها (فيسبوك)
الطفلة ناريمان العقاد وهي تحمل سمكتها (فيسبوك)
TT

كيف تضررت الحيوانات في قطاع غزة بسبب الحرب؟

الطفلة ناريمان العقاد وهي تحمل سمكتها (فيسبوك)
الطفلة ناريمان العقاد وهي تحمل سمكتها (فيسبوك)

في ظل الهلع الناجم عن الغارات الإسرائيلية على غزة الشهر الماضي، اضطرت ناريمان إلى ترك عصافيرها وسمكتيها في المنزل... فقد شكّلت معاناة الحيوانات المنزلية خلال الحرب الأخيرة مصدر حزن إضافي لهذه الطفلة على غرار كثيرين من سكان القطاع.
وقد كان للنزاع الأخير الذي استمر أحد عشر يوماً بين إسرائيل وحركة «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة، تبعات مأساوية على الصعيد البشري أوّلاً، فبين العاشر من مايو (أيار) و21 منه، قُتل 254 فلسطينياً في قطاع غزة جراء الغارات الإسرائيلية، بينهم 66 طفلاً وعدد من المقاتلين، وفق السلطات المحلية. كما أسفرت الصواريخ التي أطلقها نشطاء فلسطينيون عن مقتل 12 شخصاً في إسرائيل بينهم طفل وفتاة في سن المراهقة وجندي، وفق الشرطة الإسرائيلية. كذلك جُرح أكثر من 1900 شخص في قطاع غزة.
لكنّ الوضع انعكس سلباً أيضاً على الحيوانات المنزلية التي استحالت مصدر قلق إضافي لأصحابها.
تحمل الطفلة ناريمان العقاد ذات السنوات التسع وعاء زجاجياً تضع فيه سمكتها «حور» التي نجت من قصف إسرائيلي قريب من منزلها في خان يونس جنوب قطاع غزة، على عكس سمكتها الأخرى حورية.
فبعد غارة جوية استهدفت الحي في 13 من مايو الماضي، ذهبت ناريمان مع ابن عمتها محمود إلى البيت وعثرا على السمكة بين الركام والدمار.
وانتشر شريط فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي لأحمد وناريمان يظهرهما فرحين بالعثور على السمكة.
ويقول أحمد في الفيديو مبتسماً وهو يحمل الوعاء: «أنقذناها من البيت»، لترد ناريمان: «وسنذهب الآن لإحضار العصافير».
واضطرت عائلة ناريمان العقاد لإخلاء المنزل بعد أن تلقت اتصالاً تحذيرياً بضرورة المغادرة لأن الطائرات الإسرائيلية ستقصف مقر مصرف مجاور لهم.
وكانت ناريمان قد حصلت على السمكتين الذهبيتين بالإضافة إلى طائرين أزرقين أطلقت عليهما اسم «علوش» و«ملوش»، كهدية من والدها في عيد ميلادها السادس.
وتقول الطفلة: «أصررت على العودة إلى البيت مع والدي بعد توقف القصف لأخذها معي وإحضار ملابس العيد»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وجدت ناريمان الحجارة والركام تغطي ملابسها التي وضعتها على سريرها الذي تكسر، بينما سقطت نافذتا الغرفة. وتتابع: «سمعت زقزقة علوش وملوش تحت الركام، ووجدت حوض السمك قد تكسر».
ويشير والدها بسام العقاد إلى أن ناريمان «أصرت على أخذ السمكتين، ووجدنا حوض الأسماك مكسوراً. ووجدنا القليل من المياه فيه ثم نقلنا السمكة بسرعة إلى الوعاء الصغير وحملت السمكة، وأخذت قفص العصافير».
وفي مركز لرعاية الحيوانات غرب مدينة غزة، تقف أماني أبو شعبان وهي تحتضن قطتها سيلينا في انتظار دورها.
وتوضح: «قطتي خائفة جداً منذ الحرب وترفض الأكل وشعرها يتساقط، صوت رنين الهاتف الجوال بات يرعبها».
ويفحص الطبيب البيطري معتصم قدورة قطتين هزيلتين، موضحاً أن إحداهما بحاجة لعملية جراحية بسبب كسر في عظمة الفخذ بينما تعاني الأخرى من جفاف وسوء تغذية.
ويتردد عشرات أصحاب الحيوانات على العيادة يومياً منذ انتهاء الغارات الإسرائيلية، حسب الطبيب الذي يشكو نقص الإمكانيات.
ويقول: «الوضع الطبي البيطري مأساوي في غزة، نستخدم جهاز الأشعة البشري ومسامير البلاتين المخصّصة لتثبيت عظام الأطفال لعلاج الحيوانات».
وفي المأوى الوحيد للكلاب الضالة جنوب غربي مدينة غزة، أُصيبت الكلبة ساشا بجروح في عينها اليسرى بينما أُصيبت عدة كلاب أخرى بجروح متفاوتة خلال القصف الإسرائيلي، حسب مؤسسه سعيد العر.
ويشير العر الذي تلقى تدريباً في روسيا لتعليم هذه الحيوانات وترويضها، إلى أن «ثلاثة كلاب على الأقل في المأوى بحاجة لتدخل جراحي من بينها عملية بتر لساق أحدها».
ولم يتمكن العر من الوصول للمأوى لأيام عدة خلال القصف الإسرائيلي الكثيف الذي استمر أحد عشر يوماً. ويتابع: «الكلاب التي ظلت في المأوى كانت خائفة وجائعة».
وكان عادل الوادية (30 عاماً) أحد سكان المنطقة الذين حضروا رغم القصف إلى المأوى لإطعام الكلاب.
يروي: «الكلاب كانت تصرخ بصوت عالٍ من الخوف والجوع. وكنت أشعر بالحزن ولهذا كنت أجازف بالذهاب إلى هناك لأضع لها الطعام في أقرب مسافة ممكنة».
وهربت العشرات من الكلاب الضالة من المأوى بسبب شعورها بالخوف.
ويشير العر إلى منطقة قريبة قائلاً: «هناك دفنّا الحمار والحصان، إذ وجدناهما ميتين إثر إصابتهما بالشظايا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».