قاضٍ إسباني يستمع إلى زعيم جبهة بوليساريو في خضم أزمة دبلوماسية

زعيم جبهة بوليساريو ابراهيم غالي يتحدث الى الصحافيين بمدينة تندوف الجزائرية بفبراير الماضي (د.ب.أ)
زعيم جبهة بوليساريو ابراهيم غالي يتحدث الى الصحافيين بمدينة تندوف الجزائرية بفبراير الماضي (د.ب.أ)
TT

قاضٍ إسباني يستمع إلى زعيم جبهة بوليساريو في خضم أزمة دبلوماسية

زعيم جبهة بوليساريو ابراهيم غالي يتحدث الى الصحافيين بمدينة تندوف الجزائرية بفبراير الماضي (د.ب.أ)
زعيم جبهة بوليساريو ابراهيم غالي يتحدث الى الصحافيين بمدينة تندوف الجزائرية بفبراير الماضي (د.ب.أ)

يستمع القضاء في إسبانيا، اليوم الثلاثاء إلى زعيم جبهة بوليساريو إبراهيم غالي الذي رُفعت شكويان في حقه بتهمتي «التعذيب» وارتكاب «مجازر إبادة»، بعدما أثار استقباله في هذا البلد بداعي الاستشفاء شرارة أزمة بين الرباط ومدريد.
وأدخل غالي في أبريل (نيسان) إلى المستشفى في لوغرونيو بسبب مضاعفات إصابته بكوفيد - 19، وسيستجوبه عبر الفيديو من مستشفى هذه المدينة الواقعة في شمال إسبانيا أحد قضاة المحكمة الوطنية العليا في مدريد في جلسة مغلقة مقررة عند الساعة 10:30 (الساعة 08:30 ت غ).
ولم يوجه الاتهام إلى غالي في أي من هذين الملفين. وفي ختام التحقيق، سيقرر القاضي السير في ملاحقات قضائية أم لا.
إلا أن هذه الجلسة هي محط اهتمام كبير في مدريد والرباط على حد سواء بعد توتر على أعلى المستويات في الشهر الأخير بلغ ذروته مع وصول نحو عشرة آلاف مهاجر في منتصف مايو (أيار) إلى جيب سبتة.
ويعود هذا الاستجواب إلى شكوى تشمل «الاعتقال غير القانوني والتعذيب وجرائم ضد الإنسانية» رفعها العام 2020 فاضل بريكة المنشق عن جبهة بوليساريو والحاصل على الجنسية الإسبانية الذي يؤكد أنه كان ضحية «تعذيب» في مخيمات اللاجئين الصحراوية في تندوف في الجزائر. وكانت هذه الشكوى قد حُفظت لكن أعيد فتحها مطلع السنة الحالية.
ويعود الملف الثاني إلى العام 2007 وكان قد حفظ أيضا وأعيد فتحه مع وجود زعيم البوليساريو في إسبانيا.
وتقدمت بالشكوى العام 2007 الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان بتهمة ارتكاب «مجازر إبادة» و«اغتيال» و«إرهاب» و«تعذيب» و«إخفاء» في مخيمات تندوف على ما أفادت هذه المنظمة ومقرها في إسبانيا.
ورفض القاضي مصادرة أوراق غالي الثبوتية لمنعه من مغادرة إسبانيا كما يطالب مقدمو الشكوى، مشددا على عدم وجود «مؤشرات واضحة» إلى «مشاركة» زعيم البوليساريو في الأفعال الواردة في الشكوى الثانية.
وكان غالي دعي إلى المثول في إطار هذه الشكوى العام 2016 عندما كان يفترض أن يتجه إلى إسبانيا للمشاركة في مؤتمر دعم "للشعب الصحراوي" لكنه ألغى زيارته في نهاية المطاف.
وكان المغرب اعتبر أمس الاثنين أن الأزمة «لن تحل بالاستماع» إلى غالي فقط، مشددا على أنها «تستوجب من إسبانيا توضيحا صريحا لمواقفها وقراراتها واختياراتها». وشددت وزارة الخارجية على أن القضية تشكل «اختبارا لمصداقية الشراكة» بين البلدين.
ورد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بقوله إن «من غير المقبول» أن «يهاجم المغرب حدود إسبانيا» من خلال السماح لمهاجرين بدخول سبتة بسبب «خلافات على صعيد السياسة الخارجية».
وذكرت صحيفة «إل باييس» الإسبانية أن زعيم بوليساريو وصل إلى إسبانيا و«حياته بخطر» بسرية تامة في 18 أبريل، في طائرة طبية وضعتها في تصرفه الرئاسة الجزائرية حاملا جواز سفر دبلوماسيا.
وأدخل بعد ذلك إلى المستشفى في لوغرونيو تحت اسم مستعار «لأسباب أمنية» ما دفع القاضي إلى إيفاد عناصر من الشرطة مطلع مايو إلى المكان للتحقق من هويته وإبلاغه بالاستدعاء.
وردا على استقبال غالي الذي تعتبره الرباط «مجرم حرب»، فتحت القوات المغربية قبل أسبوعين الحدود مع سبتة ما أثار موجهة هجرة غير مسبوقة.
وتطالب بوليساريو مدعومة من الجزائر بإجراء استفتاء تقرير مصير في الصحراء الغربية أقرته الأمم المتحدة، في حين يقترح المغرب الذي يسيطر على ثلثي هذه المنطقة الصحراوية منحها حكماً ذاتياً تحت سيادته.
وتعتبر الأمم المتحدة الصحراء الغربية البالغة مساحتها 266 ألف كيلومتر مربع من ضمن «الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي» في ظل عدم وجود تسوية نهائية لوضعها.
وكانت الجبهة أعلنت استئناف القتال في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد حوالي ثلاثة عقود من سريان وقف لإطلاق النار، وذلك إثر تنفيذ المغرب عملية عسكرية في منطقة في أقصى جنوب الصحراء الغربية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.