إدانة خالد الفواز بتهمة تفجير سفارتي أميركا لدى كينيا وتنزانيا

المدعي العام الأميركي: نأمل أن يعطي هذا الحكم بعض الراحة لضحايا «القاعدة» في أنحاء العالم

رسم لخالد الفواز بجانب محاميته في محكمة منهاتن الفيدرالية في نيويورك أمس (أ.ب)
رسم لخالد الفواز بجانب محاميته في محكمة منهاتن الفيدرالية في نيويورك أمس (أ.ب)
TT

إدانة خالد الفواز بتهمة تفجير سفارتي أميركا لدى كينيا وتنزانيا

رسم لخالد الفواز بجانب محاميته في محكمة منهاتن الفيدرالية في نيويورك أمس (أ.ب)
رسم لخالد الفواز بجانب محاميته في محكمة منهاتن الفيدرالية في نيويورك أمس (أ.ب)

أدانت هيئة محلفين أميركية أول من أمس السعودي خالد الفواز بالمشاركة في الهجمات التي تعرضت لها سفارتا الولايات المتحدة لدى كينيا وتنزانيا عام 1998. ومثل الفواز، الذي يواجه السجن مدى الحياة، أمام محكمة مدنية في نيويورك، لمشاركته في تفجيري سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام اللذين راح ضحيتهما 224 شخصا، من بينهم 12 مواطنا أميركيا، فضلا عن إصابة الآلاف. وأدين الفواز في جميع التهم الـ29 المنسوبة إليه بما في ذلك 4 تهم بالتآمر لقتل مواطن أميركي. ووفقا لعريضة الاتهام، كان الفواز مساعدا لمؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وأصبح في عام 1994 مسؤولا عن مكتب التنظيم في لندن، حيث كان يتم من خلاله نشر رسائل بن لادن.
كما أدين الفواز بتوفير معدات اتصال لتنظيم القاعدة، بما في ذلك هاتف أقمار اصطناعية استخدمه بن لادن في التحدث مع أعضاء آخرين بالتنظيم. وقال المدعي الأميركي بريت بهارارا في بيان: «من منطلق موقعه ذات مرة في مقدمة قائمة أعضاء (القاعدة)، ينضم الفواز الآن إلى القائمة الطويلة للأعضاء المدانين والإرهابيين المسجونين». وقال المدعي الأميركي بهارارا إن الحكم يمثل الإدانة العاشرة في محاكمة أو من خلال إقرار المتهم بالذنب، التي تربط بينه وبين التفجيرات التي قتل فيها 224 شخصا وأصيب أكثر من 4000.
وقال بهارارا: «نأمل أن يعطي هذا الحكم بعض الراحة لضحايا (القاعدة) في أنحاء العالم». وهذه هي ثالث محاكمة في قضية إرهاب كبرى تجري في محكمة مدنية أميركية، منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 وأثنى بهارارا على الإجراءات المدنية، مشيرا إلى أن كل الإرهابيين الثلاثة قد نالوا «العدالة الكاملة في قاعة محكمة بمانهاتن». ولم يتهم الفواز بالتخطيط للهجمات. وقال الادعاء بأنه «قام بدور مساعد رئيس لابن لادن أثناء إقامته في لندن، ونقل إعلانات الحرب من زعيم (القاعدة) إلى وسائل الإعلام، وأرسل عتادا إلى أعضاء (القاعدة) في أفريقيا». ويتهم الفواز أيضا بإدارة معسكر تدريب لـ«القاعدة» في أفغانستان في أوائل التسعينات والمساعدة في قيادة خلية لـ«القاعدة» في العاصمة الكينية نيروبي قامت في وقت لاحق بتنفيذ عملية استطلاع قبل تفجير السفارة هناك. وقالت محامية الدفاع بوبي ستيرنهايم: «إن الفواز سيطعن على الحكم». وصور محامو الفواز موكلهم على أنه معارض سلمي شارك بن لادن في رغبته في إصلاح بلده السعودية لكنه ابتعد عنه عندما بدأ يدعو للعنف ضد المدنيين الأميركيين. غير أن الادعاء قال: «إن الفواز نفذ كل ما طلب منه لمساعدة (القاعدة) في تحقيق أهدافها». واعتقل الفواز في لندن عام 1998 وتم ترحيله إلى الولايات المتحدة في عام 2012 بعد معركة قانونية طويلة.
وكان المتحدث السابق باسم تنظيم القاعدة سليمان أبو غيث، صهر أسامة بن لادن، قد أدين في عام 2014 من جانب هيئة محلفين في نيويورك بالتآمر على قتل مواطنين أميركيين وتقديم دعم للشبكة الإرهابية. وصدر بحقه حكم بالسجن مدى الحياة. كما صدر حكم بالسجن مدى الحياة على مصطفى كامل مصطفى (أبو حمزة المصري) في التاسع من يناير (كانون الثاني) في 11 تهمة تتعلق بالإرهاب، بما في ذلك محاولة إنشاء مخيم تدريب إرهابي في الولايات المتحدة والتآمر في عملية خطف سائحين باليمن عام 1998. ومثل الفواز للمحاكمة بمفرده بعدما أقر شريكه المدعى عليه عادل عبد الباري بالذنب في اتهامات تتعلق بالتآمر في سبتمبر، وتوفي نزيه عبد الحميد الرقيعي المكنى «أبو أنس الليبي»، إثر إصابته بسرطان الكبد في مطلع يناير. وسلمت بريطانيا الفواز وعبد الباري إلى الولايات المتحدة في عام 2012، وكانت القوات الأميركية قد ألقت القبض على الليبي في غارة بطرابلس عام 2013. يذكر أنه في مايو (أيار) 2001، قبل أشهر فقط من هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، أدانت محكمة اتحادية في نيويورك 4 رجال آخرين في تفجيرات السفارة الأميركية عام 1998 وأصدرت بحقهم عقوبات بالسجن مدى الحياة. وكان ذلك الحكم أول إدانة على الإطلاق في محكمة أميركية لأفراد قتلوا مواطنين أميركيين في الخارج جراء أعمال إرهابية.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.