تشديد القيود في جنوب شرقي آسيا بعد انتشار السلالات الجديدة

مركز تطعيم في مدينة كراتشي بباكستان (إ.ب.أ)
مركز تطعيم في مدينة كراتشي بباكستان (إ.ب.أ)
TT

تشديد القيود في جنوب شرقي آسيا بعد انتشار السلالات الجديدة

مركز تطعيم في مدينة كراتشي بباكستان (إ.ب.أ)
مركز تطعيم في مدينة كراتشي بباكستان (إ.ب.أ)

تسببت زيادة حادة في عدد حالات الإصابة بسلالات جديدة من فيروس كورونا في دول بمنطقة جنوب شرقي آسيا، لم تتأثر في السابق بالجائحة مثل غيرها، في فرض قيود جديدة وإغلاق مصانع، ومحاولات لتسريع وتيرة برامج التحصين في أنحاء المنطقة.
وتخطى عدد حالات الإصابة اليومية بـ«كوفيد – 19» في ماليزيا نظيره في الهند على أساس النسبة إلى عدد السكان، بينما زادت الحالات الإجمالية في تايلاند وفيتنام وكمبوديا ولاوس وتيمور الشرقية لأكثر من الضعف خلال الشهر المنصرم. ونالت تايلاند، التي كانت ثاني دولة بعد الصين تسجل إصابات في بداية الجائحة، إشادة لاحتوائها موجة التفشي الأولى، لكن عدد الوفيات بالمرض لديها زاد عشرة أمثال خلال شهرين، رغم أنه لا يزال أعلى بقليل من الألف، وهو معدل منخفض بالمعايير العالمية. وزادت المخاوف بعدما كشف مسؤولون فيتناميون عن عثورهم، مطلع الأسبوع، على سلالة «شديدة الخطورة» من «كوفيد – 19» تجمع بين السلالتين البريطانية والهندية وتنتشر بسرعة عبر الهواء.
وقال ألكسندر ماثيو، مدير منطقة آسيا والهادئ في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، لـ«رويترز»: «معدلات العدوى بكوفيد - 19 مقلقة للغاية في دول في أنحاء جنوب شرقي آسيا». وأضاف أن ظهور «السلالات الأكثر خطورة وفتكاً يسلط الضوء على الحاجة العاجلة لتصنيع وتوفير اللقاحات بشكل أسرع على المستوى العالمي لاحتواء التفشي والمساعدة في تجنب سقوط عدد كبير من الضحايا».
وفي غياب اللقاحات الكافية، تظل إجراءات الاحتواء أولوية. وتمكنت فيتنام من القضاء على موجات التفشي السابقة، وسجلت أقل من 50 وفاة بالمرض بين سكانها البالغ عددهم نحو 98 مليون نسمة، لكن إجراءات تباعد اجتماعي جديدة بدأت في مدينة هو تشي منه التي تعد مركزاً للأعمال، أمس (الاثنين). وفي شمال البلاد، قالت مصادر في قطاع الصناعة إن مصانع تزود شركات تكنولوجيا عالمية مثل أبل وسامسونغ تعمل بطاقة مخفضة بسبب التفشي.
وفي تايلاند، ظهرت آلاف من حالات الإصابة في مصانع ومواقع بناء وسجون. أما ماليزيا فقد أمرت بإجراءات عزل عام شاملة تطبق اعتباراً من اليوم الثلاثاء لكبح التفشي، وقال مسؤولون إن بعض المصانع يمكن أن تظل مفتوحة لكنها ستعمل أيضاً بطاقة مخفضة.
وفي أفغانستان، قال المتحدث باسم وزارة الصحة، داستاجير نزاري، لوكالة الأنباء الألمانية، إن عملية تطعيم أشخاص جدد قد توقفت في البلاد. وتنتظر أفغانستان تسلم شحنات جديدة من لقاحات كورونا، وسط زيادة في الإصابات خلال موجة ثالثة من الوباء. ويقتصر التطعيم فقط حالياً على إعطاء الجرعات الثانية للأشخاص الذين حصلوا على الجرعة الأولى.
وتلقت أفغانستان، التي يقدر عدد سكانها بـ37 مليون نسمة، حتى الآن 500 ألف جرعة من لقاح أسترازينيكا من الهند و468 ألف جرعة أخرى من برنامج مشاركة اللقاحات الدولي «كوفاكس». وتم استخدام الجرعات لتطعيم العاملين في مجال الصحة وأفراد القوات المسلحة والمدرسين والإعلاميين. وقال نزاري إنه من المتوقع أن تتلقى البلاد 700 ألف جرعة أخرى من اللقاحات من الصين «في المستقبل القريب»، لكن لا يوجد موعد محدد للتسليم.
وتسعى أفغانستان جاهدة للحصول على لقاحات تكفي لجميع السكان. ومن المفترض أن تتلقى البلاد لقاحات تكفي 20 في المائة من السكان من برنامج «كوفاكس». وقال نزاري إن كابول لديها ميزانية لشراء اللقاحات التي تكفي لـ28 في المائة آخرين من السكان. وتحاول الحكومة الحصول على اللقاحات في أسرع وقت ممكن. وأضاف أنه مع ذلك فإن أفغانستان، «مثل غالبية البلدان غير المتقدمة» تواجه مشكلة وجود طلب عالمي كبير على اللقاحات.
وشهدت البلاد في الآونة الأخيرة ارتفاعاً في أعداد الإصابات الجديدة بالفيروس. ويشغل المصابون بمرض «كوفيد – 19»، الذي يسببه فيروس كورونا حالياً 72 في المائة من إجمالي 1500 سرير للعناية المركزة في جميع أنحاء البلاد، وفقاً للمسؤول. وسجلت وزارة الصحة، أول من أمس (الأحد)، 929 حالة إصابة جديدة و25 حالة وفاة مرتبطة بالوباء. وتم تسجيل ما مجموعه 71 ألفاً و690 حالة إصابة و2944 حالة وفاة رسمياً في البلاد منذ بداية تفشي الفيروس.
ويُعتقد أن العدد الفعلي للإصابات أعلى بكثير، ولكن يتم تسجيل أعداد أقل بسبب محدودية موارد الصحة العامة وقدرات الفحوص. وتم إجراء 469 ألفاً و99 فحصاً فقط في أفغانستان.


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.