حملة إيرانية لتعليم «براعم الفرات» اللغة الفارسية شمال شرقي سوريا

احتجاجات ضد مساعي «الإدارة الذاتية» لتجنيد شباب

رجلان على حصانين أحدهما يحمل العلم الإيراني والآخر السوري بدمشق في أبريل من العام الماضي (أ.ف.ب)
رجلان على حصانين أحدهما يحمل العلم الإيراني والآخر السوري بدمشق في أبريل من العام الماضي (أ.ف.ب)
TT

حملة إيرانية لتعليم «براعم الفرات» اللغة الفارسية شمال شرقي سوريا

رجلان على حصانين أحدهما يحمل العلم الإيراني والآخر السوري بدمشق في أبريل من العام الماضي (أ.ف.ب)
رجلان على حصانين أحدهما يحمل العلم الإيراني والآخر السوري بدمشق في أبريل من العام الماضي (أ.ف.ب)

أفيد، أمس، بأن إيران بدأت تكثيف جهودها لتجنيد أطفال باسم «براعم الفرات» وتعليمهم اللغة الفارسية في مناطق نفوذها، خصوصاً في الميادين التي تسمى بـ«عاصمة إيران» شمال شرقي سوريا.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، إن «إيران لا تدخر جهداً في عملية ترسيخ وجودها في سوريا وتحكمها في القرار وجوانب حياتية كبيرة، محاولة استقطاب السوريين من الرجال والشبان والنساء بأساليب ترغيبية متفرقة، وحتى الأطفال تريد زرع وغرس الأفكار التي تتبناها إيران فيهم»، حيث أفاد نشطاء من مدينة الميادين، عاصمة الإيرانيين وميليشياتها غرب الفرات، بأن «المركز الثقافي الإيراني» افتتح دورة تعليمية لتعليم الأطفال اللغة الفارسية بشكل مجاني، تحت مسمى «براعم الفرات» وهي الثانية من نوعها، حيث كانت الأولى التي تحمل نفس الخصائص في منتصف سبتمبر (أيلول) 2020.
ورصد المركز جائزة قدرها مليون ليرة سورية (الدولار الأميركي يساوي 3100 ليرة)، لمن يتجاوز اختبار اللغة الفارسية في نهاية الدورة بمعدل «ممتاز»، وهو ما فعلته سابقاً في المرة الأولى، كما شهدت الدورة الجديدة التي انطلقت اليوم إقبالاً كبيراً من قبل الأطفال وتوجه عشرات منهم إلى المركز.
وكان المرصد السوري نشر، في الخامس من ديسمبر (كانون الأول)، أن «المركز الثقافي» الإيراني بمدينة دير الزور، أقام رحلة ترفيهية لطلاب المدارس من الأطفال إلى «حديقة الأصدقاء» في منطقة حويجة صكر بالمدينة، يأتي ذلك بهدف غرس الأفكار الإيرانية بين أفراد المجتمع في المناطق التي يوجدون بها في محافظة دير الزور، مستهدفين الأطفال على وجه الخصوص.
ونشر في 22 سبتمبر، أن الإيرانيين في سوريا يعملون على إقامة النشاطات التي تستهدف الأطفال بهدف غرس الأفكار الإيرانية بين شرائح المجتمع، والظهور بصورة حسنة أمام أهالي المناطق التي يوجدون فيها.
وافتتح «المركز الإيراني الثقافي» في مدينة الميادين، في 15 سبتمبر، دورات مجانية مسائية تهدف إلى تعليم الأطفال اللغة الفارسية، وتستهدف طلاب المرحلة الابتدائية، وأبلغ القائمون على العمل في «المركز الثقافي» جميع الطلاب والأهالي بأن مكافأة مالية تقدر بمليون ليرة سورية مخصصة للأطفال الذين يتجاوزون اختبار اللغة الفارسية بمعدل ممتاز.
يذكر أن المركز الثقافي الإيراني أطلق هذا النشاط التعليمي تحت مسمى «براعم الفرات»، في إطار سعي القوات الإيرانية لترسيخ نفوذها داخل المناطق التي تخضع لسيطرتها على الأراضي السورية.
وكان «المرصد» أشار، في يوليو (تموز)، أن «المركز الثقافي الإيراني» في مدينة دير الزور نظم رحلة «ترفيهية» لنحو 30 طفلاً من أبناء المدينة إلى «حديقة الأصدقاء» التي أنشأها «المركز الإيراني» في حويجة صكر.
على صعيد آخر، رصد «المرصد» مظاهرة خرج بها أهالي وسكان مدينة منبج بريف حلب الشمالي الشرقي، احتجاجاً على قرار التجنيد الإلزامي والحملة القائمة الآن، حيث انطلقت من المسجد الكبير في المدينة وجابت شوارعها، كما طالب المتظاهرون بفتح استيراد مادة الإسمنت وزيادة مخصصات منبج من المحروقات. كما سُجل إضراب عام تشهده مدينة منبج الخاضعة لسيطرة قوات مجلس منبج العسكري بريف حلب الشمالي الشرقي، وذلك احتجاجاً على قرار التجنيد الإلزامي، ضمن مناطق الإدارة الذاتية والحملة القائمة الآن، التي جرى خلالها اعتقال وتوقيف المئات من أجل التجنيد في جميع المناطق.
وكان «المرصد» أشار، في 28 مايو (أيار)، إلى أن الشرطة العسكرية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، تواصل حملة التجنيد الإلزامي في صفوفها، تحت مسمى «واجب الدفاع الذاتي»، حيث تستهدف الحملة مواليد 1990 وحتى 2003. وتلاحق الشرطة العسكرية الشبان في منازلهم وتعتقل من لديه قيود وسجلات مدنية صادرة عن مؤسسات «قسد». ورصد نشطاء انتشار الدوريات في عموم مناطق «الإدارة الذاتية»، حيث اعتقلت، خلال الأيام الفائتة، مئات الشبان في كل من الرقة والحسكة ودير الزور، إضافة إلى منبج في حلب شرقاً.
كما تشن الشرطة العسكرية حملات اعتقال عشوائية تطول الشبان في الأسواق والشوارع والأماكن العامة، ما يؤثر سلباً على بعض الأعمال.
ويخضع الشبان بعد توقيفهم لفحص طبي، للتأكد من سلامتهم من الأمراض السارية، أو أي مرض قد تعوق عملهم العسكري، ثم يتم فرزهم إلى مراكز التدريب العسكرية لإجراء دورة عسكرية مدتها 45 يوماً، ومن ثم يتم الفرز النهائي بإحدى القطع التابعة لـ«قسد» والخدمة في مراكز المدن أو الأعمال الإدارية أو على خطوط الجبهات.
ويقضي المجند مدة خدمة 12 شهراً تبدأ من تاريخ الالتحاق ليحصل بعد انقضاء المدة على شهادة تأدية واجب الدفاع الذاتي والتسريح من الخدمة.
وأفاد «المرصد» بريف حلب الشمالي بدخول أكثر من 10 باصات على الأقل إلى مناطق النظام في قريتي حردتين ومسقان، وذلك قبيل ظهر الاثنين، وأكدت مصادر أن الباصات تحمل جنوداً تابعين لقوات النظام بلباسهم المدني للتمويه وخوفاً من الاستهداف. وأشار «المرصد السوري» إلى إصابة عنصرين من قوات النظام، جراء القصف المدفعي من قبل القوات التركية على مناطق تل مضيق وسد الشهباء بريف حلب.
على صعيد متصل، تعرضت قريتا مرعناز والمالكية التابعتان لناحية شرا في ريف عفرين الشرقي لقصف مدفعي مصدره القوات التركية، دون ورود معلومات عن حجم الأضرار والخسائر.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.