حزب صالح يرفض نقل الحوار من صنعاء

نائب أمين عام الحوار اليمني لـ «الشرق الأوسط»: الشعب لن يتخلى عن الشرعية تحت ضغط الحوثيين

يمنيون موالون للرئيس هادي خرجوا في مظاهرات حاشدة تأييدا لبقائه في الحكم وتمسكهم بشرعيته أمس في عدن (رويترز)
يمنيون موالون للرئيس هادي خرجوا في مظاهرات حاشدة تأييدا لبقائه في الحكم وتمسكهم بشرعيته أمس في عدن (رويترز)
TT

حزب صالح يرفض نقل الحوار من صنعاء

يمنيون موالون للرئيس هادي خرجوا في مظاهرات حاشدة تأييدا لبقائه في الحكم وتمسكهم بشرعيته أمس في عدن (رويترز)
يمنيون موالون للرئيس هادي خرجوا في مظاهرات حاشدة تأييدا لبقائه في الحكم وتمسكهم بشرعيته أمس في عدن (رويترز)

يحتدم الجدل في اليمن، هذه الأيام، بخصوص المكان الذي سينقل إليه الحوار بين القوى السياسية والذي ترعاه الأمم المتحدة وتوقف مؤخرا بعد تمكن الرئيس عبد ربه منصور هادي من مغادرة الإقامة الجبرية في صنعاء والتوجه إلى عدن، وفي الوقت الذي يدرس فيه المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بنعمر، تحديد اسم مدينة أخرى غير العاصمة صنعاء لنقل الحوار إليها والتي يرجح أنها مدينة تعز، أعلن حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح رفضه ورفض حلفائه نقل الحوار من العاصمة صنعاء إلى أي مدينة أخرى، وقال مصدر في الحزب إن «موقف المؤتمر الشعبي العام وحلفائه يأتي حرصًا على مشاركة جميع الأطراف والمكونات السياسية في الحوار، ولا سيما أن نقله إلى مكان آخر سيؤدي إلى انقطاع البعض أو تخلفهم عن المشاركة فيه تحت مبررات وحجج مختلفة». ودعا المصدر، في بيان مقتضب صادر عنه «كل القوى السياسية إلى سرعة العودة إلى طاولة الحوار وتغليب مصالح الوطن العليا على ما عداها من المصالح الحزبية الضيقة».
وكان الرئيس هادي طالب بنقل مقر الحوار السياسي إلى مدينة آمنة، بعد تزايد انتهاكات الحوثيين بحق خصومهم السياسيين وفي ظل سيطرتهم الأمنية والعسكرية الكاملة على العاصمة، ويرفض الحوثيون نقل الحوار، وقال مصدر في تكتل أحزاب «اللقاء المشترك» لـ«الشرق الأوسط»، إن «الرفض المشترك للحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي، هو دلالة جديدة على تنسيقهما وتحالفهما في اجتياح العاصمة صنعاء وإسقاط المدن اليمنية في شمال البلاد الواحدة تلو الأخرى»، مؤكدا أن «الطرفين لا يفكران سوى في مصالحهما وتقاسم البلاد ولا يفكران في مستقبلها ومستقبل أكثر من 25 مليون نسمة».
في هذه الأثناء، عقد الرئيس هادي، بعد ظهر أمس، لقاء مع ممثلين عن «إقليم سبأ» في شرق البلاد، حيث استقبلهم هادي في القصر الرئاسي في عدن، وفي مقدمتهم سلطان العرادة، محافظ محافظة مأرب، وقال مصدر حضر اللقاء لـ«الشرق الأوسط»، إن «أهم ما جرى بحثه هو كيفية تأمين محافظات الإقليم، وتحديدا مأرب أمنيا وعسكريا من محاولات الحوثيين اجتياحها وكذا تأمين حقول النفط وتأكيد اللحمة الوطنية داخل معسكرات الجيش في تلك المناطق وعدم السماح بنشر ثقافة التفرقة وتحويل المعسكرات إلى تجمعات حزبية ومذهبية وطائفية ومناطقية»، إضافة إلى أنه «جرى بحث المراحل السابقة وكيفية نكث الحوثيين كل الاتفاقات المبرمة والموقعة وإيجاد المبررات والأعذار». وأشار المصدر إلى أنه «تم الاتفاق على توسيع قاعدة المشاورات مع كل السلطات المحلية في المحافظات الرافضة لانقلاب الحوثيين والتي لم يتسن لهم اجتياحها، حتى اللحظة».
إلى ذلك، دعا ياسر الرعيني، نائب أمين عام مؤتمر الحوار الوطني الشامل في اليمن الذي نصت عليه المبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن، كل القوى السياسية اليمنية إلى تحديد موقف واضح وصريح من ممارسات الحوثيين وإلى أن يقف الجميع في وجه اعتداءاته وانقلابه بكل وضوح. واعتبر الرعيني «التحول الرافض في الشارع اليمني الذي يخرج إلى التظاهر كل يوم، يشكل قوة مجتمعية تحتاج إلى إسناد القوى السياسية مجتمعة والمجتمع الإقليمي والدولي في إيقاف عبث الحوثي وهو ما بدا يتشكل بالفعل»، وأعرب عن أمله في أن «لا تنجر البلد إلى الحرب الأهلية».
وقال الرعيني، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن الوضع في اليمن «سيئ جدًا نتيجة للانقلاب على السلطة والعملية السياسية بقوة السلاح من قبل جماعة الحوثي واستباحتها لمؤسسات الدولة ومقدراتها والانتهاكات الممنهجة والمستمرة التي تمارسها الميليشيات في حق المواطنين والمسؤولين على حد سواء»، وإن لدى الجميع «عملية سياسية توافق عليها الجميع بناء على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني ومؤسساتها، ينبغي على الجميع الالتزام بها، لأن ذلك هو الطريق الوحيد والآمن لاستكمال إنجاز استحقاقات المرحلة الانتقالية وما سواها فهو باطل لا يمكن أن يفضي إلا إلى الفوضى والدمار وهو ما لا يمكن القبول به». وتوقع الرعيني أن تشهد «الأيام المقبلة تحولات كبيرة في الساحة الوطنية تعيد الوضع إلى مساره الصحيح». وحول تغيير مكان الحوار بين القوى السياسية برعاية الأمم المتحدة والمتوقع أن ينتقل إلى محافظة تعز، قال الرعيني، إن «المشكلة أن القاعدة التي بنى عليها الحوار غير سليمة ولذلك لا يصلون إلى حل وإن اتفقوا على أمر ما فلا ينفذ إذ لا يمكن أن يتم الحوار تحت التهديد والقوة وفي ظل عدم التزام الحوثي بأي اتفاق سابق وعدم الالتزام بإيقاف تحركاته وممارساته اليومية التي أصبحت تسبق ما يطرح على طاولة الحوار». وأشار إلى أن المشكلة الأخرى «تكمن في ضمانات تنفيذ ما يتم الإنفاق عليه في ظل هذا الوضع الانقلابي والتوسع اليومي للحوثي بقوة السلاح، وسواء تم نقل الحوار إلى خارج صنعاء أو لا، الأهم هو ما مدى التزام الحوثي بإيقاف الاعتداء والتوسع والسيطرة على مؤسسات الدولة وتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه».
وفي ظل سلطة الأمر الواقع التي فرضها الحوثيون، وإن كان اليمنيون والمجتمع الإقليمي والدولي يتوقعون حوارا بين الأطراف اليمنية والحوثيين حول مناطق نفوذ في ظل حالة الاستقواء الحوثية، يقول نائب أمين عام مؤتمر الحوار الوطني، إن «الحوار هو بين القوى السياسية والحوثي، أما السلطة من رئيس وحكومة فليسوا طرفا في هذا الحوار ومواضيع الحوار تتركز حول الالتزام بالعملية السياسية واستكمال استحقاقاتها من عدمه». وردا على ما يطرح بأن المعادلة السياسية تغيرت وأن هناك دعما لسلطة هادي في عدن والجنوب وبعض المناطق حتى وإن لم يعلن بهذه الصيغة وبات هادي طرفا رئيسيا، يقول الرعيني، إن «هادي رئيس على الجميع والقوى السياسية والمجتمع الإقليمي والدولي أكد على شرعيته بناء على مرجعيات المرحلة، كما أن الشارع اليمني في كافة محافظات الجمهورية مع هذه الشرعية ولا يمكن أن يسلم الشعب وقواه السياسية لضغط القوة أو يتخلى عن الشرعية».
في هذه الأثناء، تستمر المظاهرات في العاصمة صنعاء وتعز وإب والحديدة والرافضة لانقلاب الحوثيين على السلطة في صنعاء، وتتواصل هذه المظاهرات منذ أسابيع وتواجه بأعمال قمع منقطع النظير من قبل ميليشيا الحوثيين، وتفيد منظمات حقوقية يمنية أن العشرات من النشطاء في الأحزاب والمنظمات التي شكلت حديثا لرفض انقلاب الحوثيين، يخضعون للاعتقال في أماكن سرية في العاصمة صنعاء وبعضهم يجري نقلهم إلى محافظة صعدة واحتجازهم في كهوف بداخل جبال المحافظة. وقال مصدر حقوقي يمني لـ«الشرق الأوسط»، إن على الحوثيين «الإعلان هوية كل المعتقلين لديهم وأماكن احتجازهم وإطلاق سراحهم فورا، أو إحالتهم إلى القضاء». وأشار المصدر إلى أن معظم المعتقلين لدى جماعة الحوثي «يؤخذون من المظاهرات، وبالتالي تحديد هوياتهم، في الغالب تكون صعبة، إلى حد ما».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.