لبنان: أزمة الوقود مستمرة حتى رفع الدعم

طابور سيارات أمام إحدى المحطات في لبنان (الوكالة الوطنية)
طابور سيارات أمام إحدى المحطات في لبنان (الوكالة الوطنية)
TT

لبنان: أزمة الوقود مستمرة حتى رفع الدعم

طابور سيارات أمام إحدى المحطات في لبنان (الوكالة الوطنية)
طابور سيارات أمام إحدى المحطات في لبنان (الوكالة الوطنية)

تتواصل أزمة المحروقات في لبنان بسبب عدم تسليم الموزعين محطات الوقود الكميات الكافية لحاجة السوق وتأخر مصرف لبنان بفتح اعتمادات استيراد البنزين والمازوت، فيما يتوقع أن تستمر حتى رفع الدعم.
وشهدت محطات الوقود خلال الأيام الماضية زحمة كبيرة إذ اصطفت أمامها عشرات السيّارات لتعبئة صفيحة بنزين واحدة وهي الكميّة التي تسمح بها محطات الوقود كحد أقصى عند كلّ أزمة محروقات، فيما عمدت محطات أخرى، لا سيّما في الجنوب والشمال، إلى إقفال أبوابها ورفع الخراطيم بسبب نفاد المخزون لديها.
وأكّد ممثّل موزّعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا أن الكميات التي تتسلّمها محطات الوقود لا تكفي حاجة السوق وهي بـ«القطارة»، مضيفاً أنّ هذا الأمر لم يعد يناسب الموزعين ولا محطات الوقود ولا المواطن.
وإذ وصف أبو شقرا الوضع بـ«الصعب»، أشار إلى أنّ سلسلة اتصالات واجتماعات تُجرى مع الشركات المستوردة والمديرية العامة للنفط على أمل حلحلة الأمور.
وكان رئيس تجمّع الشركات المستوردة للنفط جورج فياض أوضح أنّ الكميات المتوافرة من البنزين تكفي ما بين 6 و7 أيّام استهلاك، وأنّه من المرتقب أن يشهد الأسبوع الحالي حلحلة على صعيد فتح الاعتمادات من قبل مصرف لبنان، ووصول بواخر البنزين، الأمر الذي من شأنه حلّ المشكلة لفترة 15 يوماً.
واعتبر فياض أنّ المطلوب إيجاد حل مستدام وأنه في حال رُفع الدعم عن المحروقات يصبح هناك حرية أوسع على صعيد الاستيراد بحيث لا يضطر المستوردون الانتظار للحصول على الدولارات المدعومة.
ويُشار إلى أنّ مصرف لبنان كان أعلن في أكثر من بيان أنّه لم يعد قادراً على الاستمرار بآلية دعم المواد الأساسية التي أطلقها نهاية عام 2019 مع بداية انهيار سعر الصرف ويمنح المصرف وفق هذه الآلية 85 في المائة من دولار الاستيراد مقابل السعر الرسمي لمستوردي القمح والأدوية والمحروقات، بالإضافة إلى سلة غذائية عبر اعتمادات مصرفية خاصة.
ويشكو مستورد المحروقات منذ أشهر من تأخر المصرف بفتح هذه الاعتمادات ما ينعكس شحاً في مادتي البنزين والمازوت في السوق ولا سيما مع استمرار تهريب هاتين المادتين عبر الحدود اللبنانية السورية وتخزينها من قبل التجار في لبنان بهدف بيعها بسعر مضاعف بعد رفع الدعم.
وكانت نقابة أصحاب المحطات في لبنان استنكرت الاعتداءات المتواصلة على محطات المحروقات على مختلف الأراضي اللبنانية ولا سيما الجنوب والشمال، مشيرة إلى أنه لا علاقة للمحطات بأزمة المحروقات وأنّ أصحاب هذه المحطات يقومون ببيع كامل الكمية الأسبوعية المسلمة من قبل الشركات المستوردة.
وأوضحت نقابة المحطات في بيان أول من أمس (الأحد) أن سبب الأزمة يعود إلى عدم قدرة مصرف لبنان على فتح اعتمادات مصرفية كافية للشركات النفطية المستوردة لتغطية الاستهلاك المحلي للسوق من مادتي الديزل والبنزين، وذلك بسبب أزمة الدولار ما ينعكس سلباً على توفر هذه المواد في لبنان كافة ويؤدي إلى شح فيها.
وكان عدد من الأشخاص اعتدوا أول من أمس على إحدى محطات المحروقات في صور (جنوب لبنان)، على خلفية رفض عامل المحطة التعبئة لهم لتجاوزهم الدور فما كان من هؤلاء إلا أن قاموا بتكسير وتحطيم ماكينات تعبئة الوقود أمام أعين الناس.
كما كانت شهدت الأسابيع الماضية إشكالات عدّة في أكثر من منطقة وصلت إلى حد إطلاق النار كما حصل في إحدى محطات المحروقات في منطقة ببنين في عكار (شمال لبنان) حيث قتل ابن صاحب المحطة على خلفية تعبئة بنزين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.