زعيم «البوليساريو» أمام القضاء الإسباني اليوم

الرباط ترى أن الاستماع إليه لن يحل أصل المشكلة

إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو (أ.ف.ب)
إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو (أ.ف.ب)
TT
20

زعيم «البوليساريو» أمام القضاء الإسباني اليوم

إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو (أ.ف.ب)
إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو (أ.ف.ب)

يمثل إبراهيم غالي، الأمين العام لجبهة البوليساريو الانفصالية، اليوم، أمام المحكمة العليا الإسبانية، في قضية تتعلق بشكاوى ضده بالاغتصاب وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، رفعها ضده مواطنون إسبان.
يأتي ذلك في سياق الأزمة المتواصلة، التي خلفها دخوله إلى التراب الإسباني بجواز جزائري مزيف، وهوية مزورة تحت اسم «محمد بن بطوش»، الأمر الذي أدى إلى غضب السلطات المغربية.
وقالت وزارة الخارجية المغربية في بيان صحافي لها، أمس، إنها أخذت علماً بمثول غالي أمام المحكمة، معتبرة أن هذه الخطوة تشكل «تطوراً، لكنها لا تشكل جوهر الأزمة بين البلدين الجارين».
واعتبر البيان ذاته أن مثول غالي أمام المحكمة يؤكد صحة ما قاله المغرب، أي أن إسبانيا «استقبلت غالي سراً وبطريقة احتيالية»، رغم أنه متابع أمام القضاء بسبب شكاوى ضده من طرف مواطنين إسبان، بسبب أفعال ارتكب جزء منها فوق التراب الإسباني.
وسجلت الخارجية المغربية مسؤولية إسبانيا «تجاه نفسها»، لأن ضحايا غالي «مواطنون إسبان قبل كل شيء». وعدت مثوله أمام المحكمة «يشكل اعترافاً بالضحايا وبالمسؤولية الجنائية لهذا الشخص».
وبخصوص الأزمة الحالية، قالت «الخارجية» المغربية إنه إذا كانت الأزمة لن تنتهي دون مثول غالي أمام القضاء، فإن «الاستماع إليه لن يحل المشكلة»، لأن «انتظارات المغرب المشروعة هي أبعد من ذلك»، وهي تبدأ من توضيح إسبانيا لاختياراتها ومواقفها وقراراتها «دون ضبابية».
وتقول وزارة الخارجية المغربية إنه بعيداً عن ملف غالي، فإن هذه القضية «تظهر الممارسات العدائية لإسبانيا واستراتيجيتها، التي تستهدف قضية الصحراء المغربية». كما تظهر «تواطؤ الجار الشمالي مع خصوم المملكة للمس بالوحدة الترابية للمغرب»، مضيفة أنه «لا يمكن محاربة الانفصال داخل إسبانيا وتشجيعه عند جارها»، ومشيرة إلى أن المغرب لم يستعمل يوماً الانفصال كأداة في العلاقات الدولية، وضربت قضية انفصال إقليم كاتالونيا في إسبانيا كمثال على ذلك، حيث «لم يختر المغرب الحياد»، بل «سجل موقفه بوضوح وقوة» إلى جانب الوحدة الترابية الإسبانية. وفي هذا السياق تساءلت الخارجية المغربية: «ماذا سيكون رد فعل إسبانيا لو أن المغرب استضاف أحد وجوه الانفصال في كاتالونيا في القصر الملكي المغربي؟».
في سياق ذلك، أشار بيان الخارجية المغربية إلى أن بعض المواطنين الإسبان يشتغلون حتى داخل القصر الملكي، وذلك قبل ولادة العاهل المغربي الملك محمد السادس وشقيقاته الأميرات وأشقائه الأمراء، ما يعني أن المغرب «ملتزم بالحفاظ على متانة العلاقة الإنسانية بين المغرب وإسبانيا».
وكان رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، قد قال صباح أمس، إن تصرفات المغرب خلال الأزمة الحدودية قبل أسبوعين، عندما عبر آلاف الطامحين في الهجرة إلى مدينة سبتة المحتلة «كانت غير مقبولة وهجوماً على الحدود الوطنية».
وأضاف سانشيز للصحافيين أنه «من غير المقبول أن تهاجم إحدى الحكومات الحدود بسبب خلاف في السياسة الخارجية»، وذلك رداً على تصريحات أدلى بها وزير الخارجية المغربي، الذي ربط بين أزمة المهاجرين ومسألة الصحراء.
وكان الآلاف من الراغبين في الهجرة قد اقتحموا معبر سبتة قبل أسبوعين قادمين من المغرب على مدى يومين.
على صعيد ذي صلة، نشرت مواقع إلكترونية مغربية أمس، وثيقة من الأرشيف الإسباني - الجزائري، توثق أن غالي كان مجنداً أيام الجنرال الإسباني فرانسيسكو فرانكو كعميل للشرطة الإقليمية الإسبانية تحت رقم 8360، وببطاقة هوية B-7248055.
ويرى مراقبون أن الوثيقة دليل على أن قضية الصحراء ليست قضية تقرير المصير، وإنما هي «قضية صنعتها المخابرات الإسبانية والجزائرية لتقسيم المغرب وفصل الصحراء عنه».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.