الإجراءات التقشفية تطال نحو مليون موظف حكومي

استمرار استعدادات قبائل مأرب القتالية لصد الحوثيين

الإجراءات التقشفية تطال نحو مليون موظف حكومي
TT

الإجراءات التقشفية تطال نحو مليون موظف حكومي

الإجراءات التقشفية تطال نحو مليون موظف حكومي

تسبب الانقلاب الحوثي والأزمة الاقتصادية التي تعيشها اليمن في زيادة معاناة الموظفين الحكوميين، بعد قرار وزارة المالية بوقف صرف أي استحقاقات مالية فيما عدا الرواتب، ضمن إجراءات تقشفية لمؤسسات الدولة. وأوقفت كثير من المؤسسات الحكومية بصنعاء والتي يسيطر عليها الحوثيون، صرف أي استحقاقات مالية خارج إطار البند الأول الخاص بالأجور والمرتبات، والتي تشمل الحوافز والمكافآت والإضافي، والتي كان أغلب الموظفين يعتمدون عليها إلى جانب الراتب في معيشتهم اليومية.
ويبلغ عدد الموظفين في القطاعين المدني والعسكري وفقا لإحصائيات رسمية مليون ومائتي ألف موظف، يستحوذون على أكثر من 9 مليارات دولار، من الميزانية العامة للدولة، التي تعتمد على ما نسبته 65 في المائة من دخلها من عائدات النفط، والتي تراجعت بحسب بيانات مالية حديثة.
وقد طمأن المصرف المركزي في صنعاء جميع موظفي الدولة بقطاعيه المدني، والعسكري، بخصوص صرف مرتبات شهر فبراير (شباط) الحالي، وأكد البنك المركزي اليمني في بيان صحافي: «إن الجهات الحكومية بدأت عمليات التقدم للبنك المركزي بصنعاء، وبعض المحافظات لتسلم شيكات المرتبات على غرار الأشهر السابقة»، مشيرا إلى أن «المرتبات لن يتم المساس بها، وأنه لا وجود لأي إشكالات في هذا الجانب.
ويعتبر رئيس مركز الإعلام الاقتصادي مصطفى نصر عدم قدرة وزارة المالية على دفع المرتبات سيكون أحد العلامات الرئيسية لانهيار الاقتصاد، واستبعد نصر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» اندلاع ثورة للموظفين، وقال: «وزارة المالية أكدت قبل أيام قدرتها على دفع المرتبات خلال الأشهر قليلة القادمة لأنها أوقفت كل النفقات الأخرى في أبواب الموازنة»، مشيرا إلى أن الحوثيين سيسعون بشتى الوسائل للحفاظ على صرف المرتبات، ومنها ما تبقى من صادرات النفط ومن الضرائب والجمارك، متوقعا أنهم قد يضطرون إلى طبع عملة جديدة على المكشوف».
في سياق آخر أعلن زعماء قبائل في محافظة مأرب النفطية عن استمرار الاستعدادات القتالية لمسلحيهم، حيث نفذوا مناورة بالأسلحة المتوسطة، لرفع مستوى الجاهزية للمسلحين، تحسبا لأي هجوم محتمل للحوثيين الذين باتوا يخشون أي عواقب للهجوم على مأرب، حيث منابع النفط والغاز التي تغذي البلاد بأكثر من نصف احتياجاته من المشتقات النفطية والطاقة الكهربائية.
ونفذت القبائل مناورة وتدريبات بالأسلحة الرشاشة والثقيلة في منطقة نخلا الصحراوية شمال المحافظة، حيث يرابط فيها آلاف المقاتلين القبليين منذ أكثر من 6 أشهر، وقال الشيخ سعيد قريح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذه المناورة تأتي في إطار تفقد الجاهزية والاستعدادات لأي طارئ يقترب من المحافظة في ظل الوضع الفوضوي للميليشيات الحوثية، التي تعيث في البلاد الدمار والخراب، وتنهب مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية»، وأضاف قريح وهو من مشايخ آل شبوان قبيلة عبيدة المشهورة: «إن قبائل مأرب والجوف في منطقة نخلا والسحيل، تجري من وقت لآخر مناورات لمقاتليها، لرفع مستوى جاهزيتهم»، مجددا تمسك جميع قبائل مأرب، بشرعية الرئيس هادي، الذي يمثل الشرعية الدستورية المتبقية في البلاد. وكانت قبائل مأرب والجوف رحبت بخروج هادي من صنعاء ووصوله إلى عدن، وطالبته بإعلان الأخيرة عاصمة مؤقتة للبلاد، كون العاصمة السياسية محتلة من قبل ميليشيات الحوثي الخارجة عن النظام والقانون وتعتبر ميليشيات غازية.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.